قوله : اعلم : هذه الكلمة قلنا فيما سبق أنها كلمة يؤتى بها للاهتمام بما بعدها ومعناها : تعلم وافهم وتيقن . قوله : رحمك الله : هذا دعاء لك بالرحمة ، وهذا أيضًا كما سبق في أن المعلم ينبغي أن يتلطف مع المتعلم ، وأن يدعو له ويرغبه فإن هذا من أعظم وسائل التعليم ، ولا ينبغي له أن يقابل المتعلم بالقسوة والشدة والغلظة ؛ لأن هذا ينفر عن العلم ، ثم هذا أيضًا يدل على النصح من الشيخ - رحمه الله - وأنه يريد النصيحة والمنفعة والتوجيه السديد . قوله : أنه يجب: الوجوب معروف عند الأصوليين والواجب هو الشيء الذي لا بد منه ، وقد عرفه الأصوليون بأنه ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه ، وأصل الوجوب في اللغة : الثبوت والاستقرار يقال : وجب كذا أي ثبت واستقر قال تعالى في البدن : فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا أي سقطت على الأرض واستقرت ميتة بعد ذكائها فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا . فقوله : يجب ، علينا يدل على أن الأمر ليس من باب الاستحباب ، من شاء فعل ومن شاء ترك ، بل الأمر من باب الإلزام من الله - سبحانه وتعالى - ليس هذا الإيجاب من قبل الشيخ ، وإنما هو من قبل الله - عز وجل - فيما أنزل في الكتاب والسنة من إلزام العباد بهذه المسائل . قوله : يجب على كل مسلم ومسلمة : أي يجب على كل ذكر وأنثى من المسلمين سواء كانوا أحرارًا أو عبيدًا أو ذكورًا أو إناثًا ، لأن المرأة تشارك الرجل في كثير من الواجبات إلا ما خصه الدليل بالرجال ، فإنه يختص بهم مثل وجوب صلاة الجماعة في المساجد ، وصلاة الجمعة ومثل زيارة القبور فإنها خاصة بالرجال ، ومثل الجهاد في سبيل الله فإنه خاص بالرجال . فما دل الدليل على اختصاصه بالرجال فإنه يختص بهم ، وإلا فإن الأصل أن الرجال والنساء سواء في الواجبات وتجنب المحرمات وسائر التكاليف ، ومن ذلك أن تعلم العلم واجب على الرجال والنساء لأنه لا يمكن عبادة الله - جل وعلا - التي خلقنا من أجلها إلا بتعلم العلم الذي نعرف به عبادة ربنا ، فهذا واجب على الرجال والنساء أن يتعلموا أمور دينهم لا سيما أمور العقيدة . قوله : ثلاث مسائل : التعلم هنا معناه : التلقي عن العلماء والحفظ والفهم والإدراك ، هذا هو التعلم ، ليس المراد مجرد قراءة أو مطالعة حرة كما يسمونها هذا ليس تعلما إنما التعلم هو : التلقي عن أهل العلم مع حفظ ذلك وفهمه وإدراكه تمامًا ، هذا هو التعلم الصحيح ، أما مجرد القراءة والمطالعة فإنها لا تكفي في التعلم وإن كانت مطلوبة ، وفيها فائدة لكنها لا تكفي ، ولا يكفي الاقتصار عليها . ولا يجوز التتلمذ على الكتب كما هو الواقع في هذا الوقت ، لأن التتلمذ على الكتب خطير جدا يحصل منه مفاسد وتعالم أضر من الجهل ، لأن الجاهل يعرف أنه جاهل ويقف عند حده ، لكن المتعالم يرى أنه عالم فيحل ما حرم الله ، ويحرم ما أحل الله ، ويتكلم ويقول على الله بلا علم فالمسألة خطيرة جدا . فالعلم لا يؤخذ من الكتب مباشرة إنما الكتب وسائل ، أما حقيقة العلم فإنها تؤخذ عن العلماء جيلًا بعد جيل والكتب إنما هي وسائل لطلب العلم . يتبع إن شاء الله