منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الإنسان ذو البعد الواحد
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-05-13, 17:45   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
syrus
محظور
 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










افتراضي

حسب الإحصائيات في الولايات المتحدة , زادت نسبة الإنفاق على الرعاية الصحية في الخمسين سنة الأخيرة لأكثر من ضعفين . ففي الوقت الذي كان الأسرة الأمريكية تنفق 5% من دخلها على الصحة سنة 1960 صارت تنفق 17% في سنة 2010 . و يعود السبب الرئيسي إلى نمط الغذاء الذي تروج له كبرى شركات الصناعة الغذائية . كما تبين الإحصاءات إن معدل السمنة ارتفع بشكل خطير ليمس واحد من كل أربع أطفال في الولايات المتحدة , كما سجلت منظمة الصحة العالمية ارتفاع صاروخي للسمنة و أمراض السكري و الضغط الدموي و السرطان في البلدان التي تحولت إلى النمط الغذائي الغربي ... في الولايات المتحدة الأمريكية و هي من أكثر الدول ليبرالية يموت سنويا ما يزيد عن 100.000 شخص بسبب الآثار الجانبية للأدوية . و هو معدل يزيد بأربعة أضعاف عنه في أوروبا بسبب التقنين الصارم ضد إشهار الأدوية في أوروبا في حين تضغط شركات صناعة الأدوية بشدة من اجل منع أي قيود على نشاطها الاشهاري . و هو ما يدفع الناس إلى الإفراط في استهلاك الادوية , و يعتبر لوبي شركات الأدوية و الرعاية الصحية الأقوى في الولايات المتحدة و ينفق سنويا ما تنفقه جماعات الضغط المالية و شركات التامين و أرباب قطاع العقارات من اجل التأثير على التشريعات القانونية ... و يشبه الضغط الذي يمارسه لوبي الصناعات الصيدلانية الضغط الذي تمارسه شركات صناعة الأسلحة داخل الولايات المتحدة لمنع إصدار أي قانون يحد من حرية اقتناء الأسلحة للأفراد ... كذلك يعتبر الإشهار التلفزيوني من أهم عوامل التنشئة الثقافية للأطفال فهو يشكل تصوراتهم عن الحياة و عن ما هو جميل و مهم فيها و يقوم ببرمجتهم في غفلة عن أبائهم لتبني نمط حياة استهلاكي منذ الصغر و يقوم بتعزيز نفس القيم بشكل مستمر عبر عدة سنوات ... و هكذا تحاول الشركات الكبرى التأثير على سلوك المستهلكين و خلق أسواق جديدة معتمدة على مختصين في علم النفس و علم الاجتماع لتطوير مختلف تقنيات الدعاية و التأثير ... و هو ما يؤدي في نهاية الأمر إلى جعل الاستهلاك الغاية الأساسية من الوجود و السبيل الوحيد لتحقيق السعادة ... و لان الاستهلاك و تزايد الرغبات يستلزم حصول الفرد على دخل متزايد فإن الفرد يجد نفسه مضطر للعمل لفترات أطول من اجل ضمان دخل يتناسب مع احتياجاته الذي تمليها عليه الثقافة التي تصنعها الرأسمالية الحديثة و هو ما يؤدي إلى زيادة ضغط العمل و القلق و الإجهاد النفسي الذي تفرضه التنافسية الراسمالية و ساعات العمل الطويلة و هذا في حد ذاته مسالة تستحق أن نفرد لها موضوعا منفصلا ... و خلاصة الأمر هي أن مجتمعاتنا التي لا تستفيد بشكل كبير من التنمية الاقتصادية للرأسمالية آخذة في التحول إلى مجتمعات استهلاكية بسبب ميلنا لتبني نمط حياة استهلاكي و سينتج عن ذلك الكثير من المشكلات ... و من المهم أن ندرك خطورة الأمر حتى نقلب المعادلة , أي أن نستفيد أكثر من التحولات الهيكلية في الاقتصاد العالمي من اجل زيادة معدلات التنمية مع ترشيد السلوك الاستهلاكي لدينا لتفادي الإضرار الخطيرة للثقافة الاستهلاكية السائدة حاليا .