2011-05-06, 20:57
|
رقم المشاركة : 5
|
معلومات
العضو |
|
إحصائية
العضو |
|
|
الفصل الثالث : تحليل القنصل ووصفه للجزائر (الجغرافية)
الفصل الثالث : تحليل وتوصيف القنصل وليام شالر للجزائر بلدا حكومة وشعبا 1) بين يدي تحليل شالر : تحليل القنصل وليام شالر عبارة عن وصف دقيق لجميع مناحي حياة المجتمع الجزائري خلال تلك الفترة من الزمن ... نعم لا يخلو هذا الوصف من كثير من الأحكام الذوقية والاستعلائية غير الموضوعية التي لا تخفى على متأمّل والتي سنفرد لها مبحثا خاصّاً ...لكن مع ذلك كلّه فإنّ تحليله للمجتمع الجزائري ووصفه الدقيق والعميق يبقى ذا فائدة عظيمة ومصدرا مهمّاً للوقوف على أوضاع الجزائر وحالتها في بداية القرن التاسع عشر ...
وإذا كانت معلومات الكاتب وتوصيفه للجزائر جاء متفرقاً في بطون فصول الكتاب السبعة وفي لواحقه ...بشكل يحتاج إلى كثير من التنظيم والترتيب فهو كثيرا ما يشرع في موضوع محدّد كحديثه عن الطوائف السكانية والبنية الاجتماعية للجزائر ثمّ ينصرف عنه إلى موضوع آخر ليعود إلى ذات الموضوع الأوّل في فصل آخر غير الفصل المخصّص له ... ولعلّ المتأمّل في أسباب استطرادات الكاتب وعدم ترتيب وتنظيم معلوماته يتأكّد أنّ هدفه الاستعماري وكيده بالجزائر وبغضه لنظامها وحكومتها هو السبب الأوّل والأهمّ لهذه الفوضى الموجودة في الكتاب... فهو كما تراه في مواطن عدّة من كتابه يشرع في موضوع اجتماعي أو اقتصادي أو لغوي ... ولكن بمجرد أن ترِدَ منه إشارة للأسطول الجزائري أو لجيشها أو لحكومة الداي إلاّ وانساق وراءها يسبّ ويشتم ويخطط ويدعو ...ويكتبُ كلّ ما يجول في خاطره ممّا تمليه عليه عقيدته الصليبية وعقليته الاستعمارية .
لهذا السبب سنعيد عرض تحليله للجزائر وتوصيفه لها في شكل فصول ومباحث جديدة من شأنها أن تسهّل علينا الإلمام بنظرة القنصل للأمة الجزائرية ...
2) الجانب الجغرافي : المقصود به حدود الجزائر طبوغرافيتها تضاريسها مناخها أقاليمها ومدنها كما يراها القنصل الأمريكي :
أ. حدود الجزائر [1]:
يبدو أنّ القنصل بحكم احترافه للبحرية كان ذا دراية واسعة بالجانب الفلكي والطبوغرافي فهو في كتابه هذا يعطي معلومات في غاية الدقّة والتحقيق لا تختلف كثيرا عن المعلومات المعاصرة إلاّ شيئا بسيطا لا يؤثر في مصداقيتها وأهمّيتها... والملاحظات التي يمكننا تسجيلها فيما يخصّ حدود الجزائر قوله أنّ الصحراء الكبرى هي التي تحدّها من جهة الجنوب , يستفاد من قوله هذا أنّ الحكم العثماني لم يشمل المناطق الصحراوية الداخلية بل كانت مستقلة تمام الاستقلال وقد صرّح له بذلك بعض من لقيهم من بني ميزاب وقالوا أنّهم لم يخضعوا أبدا طوال تاريخهم لأيّ دولة من الدول بل ولم يدخلوا في نزاع خارجي قطّ[2] كما يستفاد من عدم تحديده الدقيق لهذه الحدود كما فعل مع الجهة الغربية والشرقية والشمالية أنّها غير مستقرة فهي تتغير بتغير ولاءات القبائل الداخلية كما أنّ جهل القنصل بطبيعة هذه المناطق الداخلية جعله يطلق هذا الحكم العام غير المفصّل ... وفي هذا الشأن يقول الكاتب[3] :«... ومع ذلك , يمكننا أن نلاحظ أنّ الحدود الصحراوية لا تتجه في خطّ مستقيم , حيث أنّ هذه الحدود التي تتخلّلها جبال ومستنقعات وسهول خصبة , هي التي تسمى على خرائط إفريقيا ببلاد الجريد , وهذه الأراضي يحيط بها الغموض ولا يمكن الحديث عنها قبل أن تستكشف يصورة أفضل. لقد قمت بتحقيق في الموضوع مع عدد من الأهالي المسافرين جعلني أفترض أنّ باد الجريد واسعة , ولكنه نظرا لأنّ حدودها لم ترسم بوضوح , فأنا لا أريد أن أدخل في نقاش وأعرض نتائج تتعارض مع ما ذكره المسافرون والرحالون الموثوق بهم .» الملاحظة الثانية أنّ الحدود الغربية والشرقية كانت أوسع ممّا هي عليه اليوم «...فهي تقع عند مكان يسمى (طونت) على مسافة نحو أربعين ميلا من نهر ملوية الكبير , 16 دقيقة من خطّ طول غربي خطّ طول غرينتش ... »[4] أما من جهة الشرق فهي تمتد إلى مدينة طبرقة فالزعم أنّ فرنسا قد وسّعت من حدود الجزائر وأخذت شيئا من الأراضي التونسية والمغربية غير صحيح بل الصواب أنّ حدود الجزائر تقلّصت خلال فترة الاستعمار الفرنسي...
أ. مساحة الجزائر : استعان الكاتب في تحديد مساحة الجزائر إضافة لمعلوماته الخاصة بما ذكره الدكتور شاو حيث يقول[5]: «... والدكتور شاو الذي يعرف هذا الموضوع أكثر من أيّ جغرافي آخر , يعتقد أنّ عرض المملكة في ناحية[6] تلمسان لا يتجاوز 40 ميلا[7] ومن مدينة الجزائر لا يتجاوز 60 ميلا وأنّ متوسط 60 ميلا[8] يمثل عرض المملكة انطلاقا من البحر الأبيض المتوسط حتى الصحراء , وهذا الامتداد يمثل ما يسميه العرب بالتلّ أو الأراضي القابلة للزراعة التي لا تقطعها الصحراء... » ويقول أيضا عن المسافة بين غرب الجزائر وشرقه في الشمال[9] : «ومن هنا [أي من منطقة طونت 16 دقيقة غرب غرينتش ما يمثل الحدود الغربية للجزائر] فإنّ المسافة حتى طبرقة التي تقع عند مصب نهر صغير عند 90 درجة و16 دقيقة طول شرقي تبلغ حوالي 500 ميل[10]» ثمّ يقول مستنتجا «وطبقا لهذه المعلومات , إذاً , تبلغ مساحة مملكة الجزائر حوالي 30 ألف ميل مربّع[11]...» والمقصود هنا مساحة شمال الجزائر فقط ...
ب. تضاريس الجزائر : لم يتوسع كثيرا في بيان ووصف تضاريس الجزائر ولعلّ السبب يرجع إلى كون القنصل شالر رغم طول مدّة مكوثه في الجزائر إلاّ أنّه لم يكن يتنقل خارج الجزائر العاصمة ولم يزر المناطق الداخلية ... يقول عن هذه التضاريس:[12] «...والبلاد جبلية حيث تخترقها سلسلة جبال الأطلس التي تمتدّ من الغرب إلى الشرق , والتي تشكّل ألوانا مختلفة من التشكيلات الجبلية والأودية , والأهالي يؤكدون أنّ جميع هذه الجبال تعلوها الغابات وأنّ قممها مأهولة بالسكان من (القبائل) الذين يجدون فيها مراتع وافية تكفي لرعي قطعانهم وأراضي وراعية محدودة تفي بحاجاتهم ...» وعن الأنهار والوديان يقول [13]: «... وإذا كانت مملكة الجزائر تحتوي على ينابيع وجداول وفيرة للمياه الغزيرة و فإنّها لا تملك أنهارا ذات أهمية تذكر. ونهر الشلف هو أعظم أنهار البلد , ومنابعه تقع في الصحراء في جنوب ولاية تيطري ومجرى النهر يقترب من مدينة الجزائر حتى يمر على مسافة نحو خمسين ميلا منها , ثم يعرج في اتجاه الغرب ليجري في اتجاه ليجري في اتجاه شبه مواز لخط الشاطئ وينصب في البحر الأبيض المتوسط عند درجة 1,20 من الطول الشرقي على مسافة نحو ثلاثين ميلا غربي رأس تنس . وهذا النهر يرجح أن يكون قابلا للملاحة في بعض المناطق في أعاليه وفي مواسم الأمطار ترتفع مياه شلف وتطغى على جنباته لتغرق مساحات معتبرة من الأراضي المجاورة ويصبح عقبة كبيرة في طريق المواصلات بين الجزائر ووهران. وفيما عدا نهر شلف لا يوجد نهر يستحق الذكر , ولو أنه توجد أنهار صغيرة وجداول من الطول بحيث أنها تبلغ البحر .»
ج. مناخ الجزائر : يقول واصفا مناخ الجزائر[14] : «والمناطق المأهولة من هذه البلاد الممتازة تمتد بين الدرجة الرابعة والثلاثين والدرجة السابعة والثلاثين عرض شمالي , وتتمتع بجو صحي ومناخ معتدل مريح , ليس بشديد الحرارة في الصيف ولا بقارس البرد في الشتاء . على أنه تستثنى من هذه القاعدة الرياح الجنوبية التي تهبّ بين الحين والحين وتدوم أحيانا أربعة أو خمسة أيام في منتصف الصيف , وحينئذ ترتفع درجة الحرارة لتبلغ الأوقات 108 درجة فهرنهايت[15] . وفي غضون الفترة بين شهري أبريل وسبتمبر تهبّ الرياح عادة في اتجاه الشرق وهي تكون مثقلة بالرطوبة ولكنها لا تحمل أمطارا وفي غضون الفترة الباقية من السنة تهب الرياح عادة في اتجاه الغرب. وموسم الأمطار في المملكة يمتدّ من نوفمبر حتى أبريل ويحدث أن تكون الأمطار غزيرة في شهري نوفمبر وديسمبر وفي يناير وفبراير ويكون الطقس جميلا معظم الوقت . وأما كميات الأمطار التي تنزل سنويا فهي تتراوح بين 24 و 28 بوصة [16]» الينابيع والمياه المعدنية : خصّ لها جزءا من كتابه حيث يقول:[17] «...وكذلك يوجد في الجزائر عدد من ينابيع المياه المعدنية والينابيع الملحة . » ثمّ ساق وصفا عجيبا لحمام ريغة نقله عن الرحالة الدكتور شاو: «...يقع بين الشلف والبحر على مسافة نحو 60 ميلا في غرب الجزائر . وهذا الحوض الذي يكثر الإقبال عليه , يمتد على 12 قدما مربع [18] ويبلغ عمقه أربعة أقدام , ولمياهه درجة من الحرارة محتملة , وبعدما تخرج هذه المياه من الحوض الأوّل , تجري لتملأ الحوض الثاني الذي هو أصغر من الأوّل , وفي هذا الحوض الصغير يستحم اليهود الذين لا يحقّ لهم الاختلاط بالمسلمين . وفي العهد الغابر كان يقف مبنى أنيق يرتفع فوق الحمام ويمتد ممرات مفروشة بالحجر حول الحمام نفسه . ولكن الحمام في الوقت الحاضر يقع في الهواء الطلق , وفي الوقت الذي زرته فيه كان مغطى بالإحجار والفضلات . وفي فصل الربيع الذي هو الفصل الذي يقصد فيه الناس الحمامات المعدنية يأتي جمهور غفير إلى الحمام ويقال إنّ مياهه تشفي من الروماتيزم البرقان وغير ذلك من الأمراض المزمنة »[1] المرجع السابق ص 27 ـ 28
[2] المرجع نفسه ص 111
[3] المرجع السابق ص 28
[4] المرجع نفسه 27
[5] المرجع نفسه 27 ـ 28
[6] في الترجمة العربية (في اتجاه تلمسان) ما يوحي أنّ هذه المسافة يقصد بها ما بين تلمسان والجزائر العاصمة والقصد المساحة الداخلية للجزائر في جهة الجنوب
[7] أي ما يعادل 64,37 كلم
[8] أي ما يعادل 96,56 كلم
[9] المرجع السابق ص27
[10] أي ما يعادل 804,672 كلم
[11] أي ما يعادل 48280,30 كلم2
[12] المرجع السابق ص28
[13] المرجع نفسه ص 31
[14] المرجع السابق ص 28 ـ 29
[15] ما يعادل 42,2 على المقياس المئوي
[16] ما يعادل 609,6 إلى 711,2
[17] المرجع السابق ص 31
[18] أي ما يعادل 3,65 م2 وعمقه حوالي : 1,21 م
|
|
|