السلام عليكم
مجموع فتاوى ومقالات للشيخ ابن باز 6 / 126
يريد نفع والده الميت
دفعت مالاً بالنيابة عن والدي (المتوفى) ، أريد أن أنفع والدي وهو ميت فهل هناك شيء آخر يمكن أن أقوم به غير الإطعام في رمضان ؟ .
الحمد لله
الصدقة عن الميت تنفعه ويصل ثوابها إليه بإجماع المسلمين .
روى مسلم (1630) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ
مَالا وَلَمْ يُوصِ ، فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
وروى مسلم أيضاً (1004) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ
أُمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا ( أي : ماتت فجأة ) ، وَإِنِّي أَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ ، فَلِي أَجْرٌ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا ؟ قَالَ :
نَعَمْ .
قال النووي رحمه الله :
وَفِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز الصَّدَقَة عَنْ الْمَيِّت وَاسْتِحْبَابهَا , وَأَنَّ ثَوَابهَا يَصِلهُ وَيَنْفَعهُ , وَيَنْفَع
الْمُتَصَدِّق أَيْضًا , وَهَذَا كُلّه أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ اهـ
وإطعام الطعام من أعمال البر التي رغب فيها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاسيما تفطير الصائم .
وكذلك من أحسن الأشياء التي تنفع بها والدك وتبره بها الدعاء ، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا مَاتَ
الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو
لَهُ ) رواه مسلم (1631) .
فعليك أن تكثر من الدعاء له في صلاتك وغيرها أن يغفر الله له ، ويدخله الجنة ، وينجيه من النار
حكم قراءة القرآن لآخر حيا أو ميتا
لي والدة لا تقرأ وأحب أن أبرها وكثيرا ما أقرأ القرآن وأجعل ثوابه لها ، ولما سمعت أنه لا يجوز عدلت عن ذلك وأخذت أتصدق
عنها بدراهم ، وهي الآن حية على قيد الحياة ، فهل يصل ثواب الصدقة من مال وغيره إليها سواء كانت حية أو ميتة
، أم لا يصل إلا الدعاء ، حيث لم يرد إلا ذلك كما في الحديث : ( إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث وذكر : ولد صالح يدعو له ) ،
وهل الإنسان إذا كان كثير الدعاء لوالديه في الصلاة وغيرها قائما وقاعدا يشهد له الحديث
في بأنه صالح ويرجى له خير عند الله ؟ أرجو الإفادة ولكم من الله الثواب الجزيل.
الحمد لله
أما قراءة القرآن فقد اختلف العلماء في وصول ثوابها
إلى الميت على قولين لأهل العلم ، والأرجح أنها لا تصل لعدم الدليل . لأن الرسول
صلى الله عليه وسلم لم يفعلها لأمواته من المسلمين كبناته اللاتي ، متن في حياته
عليه الصلاة والسلام ، ولم يفعلها الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فيما علمنا
، فالأولى للمؤمن أن يترك ذلك ولا يقرأ للموتى ولا للأحياء ولا يصلي لهم ، وهكذا
التطوع بالصوم عنهم . لأن ذلك كله لا دليل عليه ، والأصل في العبادات التوقيف
إلا ما ثبت عن الله سبحانه أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم شرعيته .
أما الصدقة فتنفع الحي والميت بإجماع المسلمين
، وهكذا الدعاء ينفع الحي والميت بإجماع المسلمين ، وإنما جاء الحديث بما يتعلق
بالميت . لأنه هو محل الإشكال : هل يلحقه أم لا يلحقه فلهذا جاء الحديث عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية
أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) لما كان من المعلوم أن الموت تنقطع به
الأعمال بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن هذا لا ينقطع ، وأما الحي فلا شك
أنه ينتفع بالصدقة منه ومن غيره وينتفع بالدعاء ، فالذي يدعو لوالديه وهم أحياء
ينتفعون بدعائه ، وهكذا الصدقة عنهم وهم أحياء تنفعهم .
والله اعلم