بسم الله الرحمن الرحيم
المستغرب أن بعض المتفيقهين من المسلمين يريدون أن يسوقوا لنا أيضاً هذه الديمقراطية، فيقزمون الموضوع إلى درجة تصوير الديمقراطية؛ أنها مجرد الحرية في اختيار الحاكم من خلال صناديق الاقتراع.
والحقيقة؛ أنها فكرة ناتجة عن تصور كلي للحياة والكون والإنسان، ناجم عن حضارة تختلف اختلافاً جذرياً مع حضارة الإسلام.
فالحضارة الغربية تقوم على مبدأ فصل الدين عن الدولة، وإذا فُصل الدين عن الدولة، فمن الذي ينظم المجتمع والدولة بالأنظمة والأحكام والقوانين؟ إنه الشعب حسب ادعاء هذا المبدأ.
بينما في الإسلام الحاكم والمشرع هو الله سبحانه وتعالى، والأمة هي صاحبة السلطان فقط، فقد أعطاها الشارع الكريم الحق في اختيار الحاكم؛ ولذلك كان عقد الخلافة عقد رضا واختيار، والخليفة نائب عن الأمة في تطبيق الإسلام، فلا الأمة، ولا الحاكم، ولا مجلس الأمة، له الحق فضلاً عن أن يملك القدرة على التشريع.
وأشير هنا الى انه ينبغي الفصل بين أمرين : المطالبة بإسقاط النظام والمطالبة بتطبيق الديمقراطية فالأول مشروع والثاني ممنوع .
فينبغي المساهمة في المشروع و الكف عن المشاركة في الممنوع .
وليس مطلوبا ممن يريدون اسقاط النظم الطاغوتية الكف عن المساهمة في إسقاط النظام الحاكم حتى لا يكون لهم دور في المساهمة في تطبيق النظام الديمقراطي .
فكما أن سقوط النظام ضروري لمن يطالب بالديمقراطية فهو أيضا ضروري لمن يطالب بتطبيق الشرع ‘ فاتحد الهدف واختلفت النية ‘ ومن ثم اختلف الحكم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) .
فمظاهرات اليوم صحيح فهي لا تؤدي إلى الخلافة ولا إلى شرع الله بصفة مباشرة وإنما تهيء لظروف يمكن من خلالها العمل من أجل نشر الدين والسعي إلى تطبيق شرع الله خاصة اننا اليوم ليس لدينا من القوة ما يمكننا من إسقاط النظام فلا مفر من دعم هذه الهبة الشعبية والانخراط في صفوف المتظاهرين .. وأهم ما في هذه المظاهرات انها تجند الشعب كله ضد النظام .
وشكرا على الموضوع بارك الله فيك