منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - دفع فرية التعصب عن السلفيين
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-11-25, 16:50   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الرابعة :قولهم ان السلفيين متعصبون لأنهم يغتابون ويسبون الدعاة

أقول : هذه فرية ما فيها مرية ، و مناقشة هذه الفرية من وجهين :
الوجه الأول : ما المقصود بالغيبة و السب؟

فإن كان مقصودكم بالسب و الغيبة أنهم يبينون أخطاء من أخطأ في الشرع و أحدث بدعا ما أنزل الله بها من سلطان فنقول : نعم هم كذلك ، و لكن هذا العمل منهم لا يسمى سبًّا و لا غيبة محرمة ، بل هو نصيحة و بيان و من الغيبة الجائزة التي استثناها أهل العلم من الغيبة المحرمة، بل يعد ذلك علما من علوم الشريعة المطهرة، ألا و هو علم الجرح و التعديل ، الذي به حفظ الله لهذه الأمة دينها قال تعالى : ( إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ) (الحجر : 9).
لكن ماذا يقال عن أناس يقلبون حقائق الأمور و كأنَّهم لم يسمعوا إلى قوله تعالى : (وَ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الأيَتِ وَ لِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ) (الأنعام : 55).

و ما ثبت عند مسلم من حديث تميم الداري رضي الله عنه أن النَّبي صلى الله عليه و على آله و سلم قال :" الدين النصيحة ، قلنا لمن يا رَسُول الله ؟ قال : لله و لكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامتهم".(2).
و ما ثبت عند البخاري و مسلم و اللفظ للبخاري من حديث جرير بن عبد الله قال : بايعت النَّبي صلى الله عليه و على آله و سلم على السمع و الطاعة ، فلقنني : "فيما استطعت، و النصح لكل مسلم"(3).
و قد أخذ أهل العلم بجواز التكلم في الشخص بغير حضرته للمصلحة واستدلوا بأدلة منها :

ما جاء في الصحيحين و اللفظ للبخاري من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رجلا استأذن على النَّبي صلى الله عليه و على آله و سلم فلما رآه قال : "بئس أخو العشيرة و بئس ابن العشيرة "" فلما جلس تَطَلَّقَ النَّبي صلى الله عليه و على آله و سلم في وجهه و انبسط إليه، فلما انطلق الرجل قالت عائشة : يا رسول الله ، حين رأيت الرجل قلت له : كذا و كذا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ في وجهه و انبسطت إليه فقال صلى الله عليه و على آله و سلم :"يا عائشة مَتَى عهدتني فاحشاً، إن شر الناس عند الله منْزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره "(4)."

و في رواية "اتقاء فحشه ". (5)
قال الخطيب البغدادي : "ففي قول النَّبي صلى الله عليه و على آله و سلم للرجل " بئس رجل العشيرة" دليل على أن اخبار المخبر بما يكون في الرجل من العيب على ما يوجب العلم و الدين من النصيحة للسائل ليس بغيبة؛ إذ لو كان غيبة لما أطلقه النَّبي صلى الله عليه و على آله و سلم"(6)

قال ابن حجر : " قال العلماء : تباح الغيبة في كل غرض صحيح شرعاً حيث يتعين طريقا إلى الوصول إليه بها : كالتظلم و الاستعانة على تغيير المنكر و الاستفتاء و المحاكمة و التحذير من الشر ، و يدخل فيه تجريح الرواة و الشهود و إعلام من له و لاية عامة بسير من هو تحت يده، و جواب الاستشارة في نكاح أو عقد من العقود، و كذا من رأى متفقهاً يتردد إلى مبتدع أو فاسق و يخاف عليه الاقتداء به، و ممن تجوز غيبتهم من يتجاهر بالفسق ، أو الظلم أو البدعة ". (7)

ثبت في مسلم من حديث فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة فقال النَّبي صلى الله عليه و على آله و سلم : ""فإذا أحللت فآذنيني". قالت فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان و أبا جهم خطباني، فقال رَسولُ الله صلى الله عليه و على آله و سلم :" أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، و أما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد".(11)"
قال النووي : " و علم أن في حديث فاطمة بنت قيس فوائد كثيرة ."
التاسعة : جواز ذكر الغائب بما فيه من العيوب الَّتي يكرهها إذا كان للنصيحة و لا يكون حينئذ غيبة محرمة ".(12)"

ثانيا إن كان مقصودكم بالسب و الشتم المحرم و الغيبة المحرمة الَّتي وردت النصوص بالنهي عنها و ذمها فَهذا يتنزه عنه أهل السنة السلفيون، لأن ذلك ليس من أخلاق الإسلام أصلأً. فهم بحمد الله متبعون لَما في الكتاب العزيز و السنة المطهرة اللذين حرما ذلك، كما في قوله تعالى : (وَ لاَ يَغْتَب بَعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أحَدُكُم أَن يَأكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) (الحجرات: 12).

و ما ثبت في صحيح مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه أن رَسُول الله صلى الله عليه و على آله و سلم قال : " أتدرون ما الغيبة؟ قالوا : الله و رسوله أعلم، قال : ذكرك أخاك بِما يكره، قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، و إن لَم يكن فيه فقد بَهَتَّهُ".(39)

و ثبت في الصحيحين و اللفظ للبخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رَسُول الله صلى الله عليه و على آله و سلم قال في حجة الوداع و فيه :"فإن دماءكم و أموالكم و أعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا".(
40)

و ثبت في مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رَسُول الله صلى الله عليه و على آله و سلم و فيه : ""كل المسلم على المسلم حرام : دمه،و ماله، و عرضه".(41)"

و ثبت عند أبي داود من حديث سعيد بن زيد أن رَسُول الله صلى الله عليه و على آله و سلم قال : ""إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق".(42)"

و ثبت ايضاً عند أبي داود من حديث أنس أن رَسُول الله صلى الله عليه و على آله و سلم قال : "لَمَّا عرج بي مررت بقوم لَهم أظفار من نحاس يخمشون و جوههم و صدروهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل؟ ! قال ": هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس و يقعون في أعراضهم(43 )"."


قلت : فهذه النصوص و غيرها مِمَّا تدل على تحريم الغيبة و لكن الذي قال هذه الأحاديث هو الذي قال الأحاديث المتقدمة الَّتي تبين جواز غيبة الشخص للحاجة، فلا منافاة، و الجمع على ما ذكر أولى و مقدم على إبطال أحد الدليلين مع العلم بأن ذلك موافق لِما أجمع عليه السلف.(1)
الوجه الثاني من يستحق لفظ العلماء1-القاعدة في تعريف العلماء هي كالآتي
إنّ من يستحق أن يطلق عليه لفظ العالم في هذا الزمن -وأقولها بكل صراحة- قليل جداًًََََّ، ولا نبالغ إن قلنا نادر، وذلك أنّ للعالم صفات قد لا ينطبق كثيرٌ منها على أكثر من ينتسب إلى العلم اليوم.
فليس العالم من كان فصيحا بليغا، بليغا في خطبه، بليغا في محاضراته، ونحو ذلك، وليس العالم من ألف كتابا، أو نشر مؤلفا، أو حقق مخطوطة أو أخرجها؛ لأن وزْن العالم بهذه الأمور فحسب هو المترسب وللأسف في كثير من أذهان العامة، وبذلك انخدع العامة بالكثير من الفصحاء والكتاب غير العلماء، فأصبحوا محل إعجابهم، فتري العامّي إذا أسمع المتعالم من هؤلاء يُجيش بتعالمه الكذّاب يضرب بيمينه على شماله تعجبا من علمه وطَرَبَه، بينما العالمون يضربون بأيمانهم على شمائلهم حُزنا وأسفا لانفتاح قبح الفتنة. فالعالم حقا من تَوَلَّعَ بالعلم الشرعي، وألَمَّ بمجمل أحكام الكتاب والسنة، عارفا بالناسخ والمنسوخ، بالمطلق والمقيد، بالمجمل والمفسر، واطلع أيضا على أقاويل السلف فيما أجمعوا عليه واختلفوا فيه، فقد عقد ابن عبد البر رحمه الله تعالى في ”جامع بيان العلم وفضله“ بابا فيمن يستحق أن يسمى فقيها أو عالما، فليرجع إليه في الجزء (2) ص (43).
ولا ريب أن تحصيلهم لهذه الأحكام الشرعية قد استغرق وقتا طويلا، واستفرغ جهدا كبيرا، وأضافوا إلى ذلك أيضا عدم الانقطاع عن التعلم، وقد ورد في بعض الآثار أن موسى سأل ربه أي عبادك أعلم؟ قال: الذي لا يشبع من العلم. فمن كان هذا حاله فهو العالم الذي يستحق هذا اللفظ الجليل، إذْ هو المبلغ لشرع الله تعالى, المُوَقِّع عنه سبحانه وتعالى, القائم لله عز وجل بالحجة على خلقه ولو قَلَّ كلامه ونَدُر، أو عُدِم تأليفه.(2)
--------------------------------------
(1)كتاب إرشاد البرية بتصرف يسير
(2)كتاب من هم العلماء للشيخ عبد السلام برجس