الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبينا المصطفى وبعد:
اقتباس:
أخرج أبو داود والتِّرمذيُّ وحسَّنَهُ والنَّسائيُّ والبيهقي في (شعب الإيمان) عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ سَكَنَ البادية جفا، ومن اتَّبع الصَّيْدَ غَفَل، ومن أتى أبواب السَّلاطين افتتن).
* وأخرج أبوداود، والبيهقي، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ بدا فقد جفا، ومن اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَل، ومن أتى أبوابَ السَّلاطين افتتن، وما ازداد عبدٌ من السُّلطان دُنُوًّا إلا ازْدادَ مِنَ اللهِ بُعْدًا).
* وأخرج أحمد في (مسنده)، والبيهقي بسند صحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ بدا جفا، ومن اتَّبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد أحدٌ من السُّلطانِ قُرْباً، إلا ازداد من الله بعداً).
* ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء 6/262 عن هشام بن عباد قال سمعت جعفر بن محمد يقول : الفقهاء أمناء الرسل ، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا إلى السلاطين فاتهموهم .
|
الدخول على السلاطين ليس محرم بإطلاق ولا مباح بإطلاق فهناك نصوص فيها جواز الدخول وهناك نصوص فيها النهي عن مخالطتهم.
لذلك يجب الجمع بين هذه النصوص كما فعل الإمام الشوكاني في كتابه"رفع الأساطين في حكم الإتصال بالسلاطين"
وكذلك ابن الجوزي في كتابه(("عطف العلماء على الأمراء والأمراء على العلماء" )).
وملخص كلامهم هو أن:
الأصل في دخول العلماء على الامراء الجواز وقد يكون مستحبا أما الحكم التفصيلي فقد يختلف من حالة لأخرى
فهناك بين الدخول للأمراء من اجل إعانتهم عل الباطل وبين الدخول إلى الأمراء من اجل معاونتهم في الخير والصلاح.
روى الإمام أحمد عَنْ مُعَاذٍ قَالَ عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَمْسٍ مَنْ فَعَلَ مِنْهُنَّ كَانَ ضَامِنًا عَلَى اللَّهِ مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ خَرَجَ مَعَ جَنَازَةٍ أَوْ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ دَخَلَ عَلَى إِمَامٍ يُرِيدُ بِذَلِكَ تَعْزِيرَهُ وَتَوْقِيرَهُ أَوْ قَعَدَ فِي بَيْتِهِ فَيَسْلَمُ النَّاسُ مِنْهُ وَيَسْلَمُ
وعن سَمِعْتُ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَسَائِلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذَا سُلْطَانٍ أَوْ يَسْأَلَ فِي الْأَمْرِ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا قَالَ فَحَدَّثْتُ بِهِ الْحَجَّاجَ فَقَالَ سَلْنِي فَإِنِّي ذُو سُلْطَانٍ
قال العلامة ابن الوزير في كتابه "العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم" : (( فهذا عام في سلاطين العدل والجور ، وليس يمكنه السؤال إلا بضرب من المخالطة . اهـ ))
وقد عوتب أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي على تقبيل يد السلطان ، فقال ، أرأيتم لو قبلت يد والدي ، أكان خطأ أم واقعا موقعه ؟ قالوا : بلى ، قال : فالأب يربي ولده تربية خاصة ، والسلطان يربي العالم تربية عامة ، فهو بالإكرام أولى (بدائع الفوائد لابن القيم 2/ 176).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية"وأهل السنة لا يأمرون بموافقة ولاة الأمور إلا في طاعة الله,لا في معصيته ولا ضرر على من وافق رجلا في طاعة الله إذا انفرد ذلك عنه بمعصية لا يشاركه فيها كما الرجل إذا حج مع الناس فوقف معه وطاف,لم يضره كون بعض الحجاج له مظالم وذنوب ينفرد بها,.(إلى أن قال) فولاة الأمور بمنزلة غيرهم يشاركون فيما يفعلون في طاعة الله ولا يشاركون فيما يفعلون من معصية الله
وقال رحمه الله: فالقول في يزيد كالقول في أشباهه من الخلفاء والملوك,من وافقهم في طاعة الله تعالى كالصلاة والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود كان مأجورا على مافعله من طاعة الله ورسوله وكذلك كان صالحو المؤمنين يفعلون كعبد الله بن عمر وأمثاله ومن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم كان من المعنيين على الإثم والعدوان المستحقين للذم والعقاب
تفضل كتاب رفع الأساطين في حكم الإتصال بالسلاطين للشوكاني بتعليق العثيمين فقد فصل فيها تفصيلا جيدا
https://www.kabah.info/uploaders/ta3lykat.pdf
ورحم الله سهل بن عبد الله التستري حينما قال :
(( لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء، فإن عظموا هذين : أصلح الله دنياهم وأخراهم، وإن استخفوا بهذين : أفسدوا دنياهم وأخراهم )) تفسير القرطبي