11- روى ابن أبي شيبة في مصنفه 5/289 عن زيد بن ظبيان ، يرفعه إلى أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة يحبهم الله ، فذكر أحدهم كرجل كان في سرية فلقوا العدو فهزموا قأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له ) ورواه الحاكم وقال صحيح الإسناد ، ورواه ابن المبارك في كتاب الجهاد 1/84 إلا أنه قال ( رجل كان في فئة أو سرية فانكشف أصحابه فنصب نفسه ونحره حتى قتل أو يفتح له ) .
12- وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من خير معاش الناس لهم ، رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله ، يطير على متنه ، كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه ، يبتغي القتل ، أو الموت مظانه ) .
وهذا وما بعده دليلان على أن ابتغاء القتل والبحث عن الشهادة أمر مشروع وممدوح منفرداً .
13- ورواه أبو عوانة في مسنده 5/59 بلفظ ( يأتي على الناس زمان أحسن الناس فيهم ، رجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله ، كلما سمع بهيعة استوى على متنه ، ثم طلب الموت مظانه ) .
14- وروى مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال : انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر ، وجاء المشركون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه ) فدنا المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض ) فقال عمير بن الحمام : يارسول الله جنة عرضها السماوات والأرض ؟ قال ( نعم ) قال : بخ بخ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما يحملك على قولك بخ بخ ؟ قال : لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها ، قال : ( فإنك من أهلها ) فأخرج تمرات من قرنه ، فجعل يأكل منهن ثم قال : إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة ، فرمى بما كان معه من التمر ، ثم قاتلهم حتى قتل رضي الله عنه .
ووجه الدلالة في هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة ألا يقاتلوا في بدر إلا صفاً وكان يسوي صدورهم بالرمح حتى لا يتقدم أحد على الصف ، فلما سمع عمير ما سمع من فضل انطلق من الصف واقتحم على العدو وحده ، فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك رغم أن الموت كان نتيجة فعله أمر محقق .
15- وفي الصحيحين أيضاً عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر ، فقال : يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين ، لئن أشهدني قتال المشركين ، ليرين الله ما أصنع ، فلما كان يوم أحد ، وانكشف المسلمون ، فقال اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء – يعني أصحابه – وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء – يعني المشركين – ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ ، فقال : ياسعد بن معاذ الجنة ورب النضر ، إني أجد ريحها دون أحد ، قال سعد : فما استطعت يا رسول الله ما صنع ، قال أنس : فوجدنا به ، بضعاً وثمانين ضربة بالسيف ، أو طعنة برمح ، أو رمية بسهم ، ووجدناه قد قتل ، وقد مثل به المشركون ، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه ، فقال أنس : كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه ، وفي أشباهه { مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23) } ، هذا لفظ البخاري .