[align=justify]جزاك الله أخي الحبيب على نقل القصة وعلى الفائدة ولكن لي وقفة على أمر جاء أثناء سردها ألا وهو قول صحاب القصة أنه رأى شعلة من نور يأمره بأن يبحث عن أقوام يلبسون ثيابا بيض معممين ثم قيل له أنه النبي –صلى الله عليه وسلم- وهذا الأمر مخالف غير مسلم به وقد يقول قائل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث من رآني في المنام فقد رآني فان الشيطان لا يتمثل بصورتي" فكيف تقول هذا الكلام ؟
والجواب أن هذا المعنى الذي ذكره صاحب القصة غير صحيح بل هو مخالف لما عليه أئمة السنة رحمهم الله تعالى قديما وحديثا من أنه ينبغي لمن رأى النبي عليه الصلاة والسلام أن يراه بصورته التي كان عليها صلوات ربي وسلامه عليه لا ما يحكيه الكثير من يدعون رؤية النبي عليه الصلاة والسلام في المنام وأنه نور أو أنه شاب أمرد أو أنه شيخ كبير عليه نور أو نحو ذلك مما يذكر لذا قد ذكر أهل العلم رحمهم الله تعالى ضابط للرؤية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ألا وهي أن تكون المواصفات التي رأى عليها النبي صلى الله عليه وسلم هي التي كان عليها النبي وذكرها أهل الحديث وأصحاب السير وفيما يلي نقل لكلام العلماء حول ما بينت لك والله الموفق وعليه التكلان :
يقول الشيخ الألباني رحمه الله في سلسة الأحاديث الصحيحة (6/513)( فائدة ) : في هذه الأحاديث أنه من الممكن أن يرى الرائي النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ، و لو لم يكن معاصرا له ، لكن بشرط أن يراه على صورته التي كان عليها صلى الله عليه وسلم في برهة من حياته ، و إلى هذا ذهب جماعة من العلماء كما في " فتح الباري " ( 12 / 384 ) ، و هو قول ابن عباس في رواية يزيد الفارسي و كليب والد عاصم ، و كذا البراء كما تقدم ، و علقه البخاري
عن محمد بن سيرين إمام المعبرين ، و قد وصله القاضي بسنده الصحيح عن أيوب قال : " كان ابن سيرين إذا قص عليه رجل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال : صف لي الذي رأيته ، فإن وصف له صفة لا يعرفها قال : لم تره " . و به قال العلامة ابن رشد ، فقال كما في " الاعتصام " للإمام الشاطبي ( 1 / 355 ) : " و ليس معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " من رآني فقد رآني حقا " أن كل من رأى في منامه أنه رآه ، فقد رآه حقيقة ، بدليل أن الرائي قد يراه مرات على صور مختلفة ، و يراه الرائي على صفة ، و غيره على صفة أخرى ، و لا يجوز أن تختلف صور النبي صلى الله عليه وسلم ، و لا صفاته ، و إنما معنى الحديث : من رآني على صورتي التي خلقت عليها فقد رآني ، إذ لا يتمثل الشيطان بي ، إذ لم يقل صلى الله عليه وسلم : من رأى أنه رآني فقد رآني ، و إنما قال : " من رآني فقد رآني " ، و أنى لهذا الرائي الذي رأى أنه رآه على صورته الحقيقية أنه رآه عليها ، و إن ظن أنه رآه ما لم يعلم أن تلك الصورة صورته بعينها ، و هذا ما لا طريق لأحد إلى معرفته "اهـ
وهذا كلام الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى في إجابة على سؤال طرح عليه في لقاء الباب المفتوح هذا نصه: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام على خلاف أوصافه
السؤال
سائل يسأل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من رآني في المنام فقد رآني؛ فإن الشيطان لا يتمثل بي ) فهناك من يرى رجلاً ويقول: أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون مخالفاً لما ثبت فيه، وقد يكون متلبساً بكبيرة، ويقول: أنا رسول الله، فكيف الجمع بين الحديث وبين هذه الرؤيا؟
الجواب
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من رآني في المنام فقد رآني حقاً؛ فإن الشيطان لا يتمثل بي )، وبناءً على ذلك: إذا رأى الإنسان شخصاً في منامه وانقدح في ذهنه أنه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو سمع من يقول: إن هذا رسول الله فإنه يجب أن يطبق ما رآه على ما علمه من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم الخلقية، فإن طابق فهو هو، وإن خالف فليس إياه، فمثلاً: إذا رأى شخصاً ولم تتبين له صورته فليس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن تبينت وجب أن يطبقها على ما يعلم من صفته، فإن طابق الصفة فهو رسول الله، وإن لم يطابق فليس رسول الله ."
وهذا كلام الشيخ بن باز رحمه الله تعالى في فتاوى نور على الدرب :
السؤال :
يقول السائل: ادعى بعض الناس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وأنه عليه الصلاة والسلام قال له: إنه خجلان في قبره؛ لأن الحرب لم تتوقف بين إيران والعراق. وقال آخر: إنه رآه عليه الصلاة والسلام وقال له: سوف تستمر الحرب ستة وثلاثين شهراً وها قد مضى على الحرب الآن أربع سنوات فما حكم الشرع في مثل هذه الرؤى التي فيها ما يخالف الواقع؟
الجواب :
كثير من الناس يدعي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو إما كاذب، وإما أنه لم يعرف الرسول صلى الله عليه وسلم، وظن أنه الرسول وليس هو الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي))، فمن رآه في صورته فقد رآه، وهو صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق.
لكن هذه المرائي تعرض على ما علم من الشرع، فإن وافقت ما علم من الشرع فهي حق، وإلا فهي تلبيس على صاحبها، وأن صاحبها لم ير الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما خيل له وظن أنه الرسول وليس هو الرسول، فقد يراه بعض الناس في صورة شاب أمرد، وقد يراه بعض الناس شيبة قد ابيض شعره، وقد يراه بعض الناس في صورة إنسان قصير، وقد يراه بعض الناس في صورة إنسان طويل، وقد يراه بعض الناس في صورة إنسان أسود اللون، وقد يراه بعض الناس في صور أخرى، وهذا ليس هو الرسول صلى الله عليه وسلم.
الرسول ربعة من الرجال، أبيض اللون، مشرب بحمرة عليه الصلاة والسلام، من أجمل الرجال عليه الصلاة والسلام، شعره أسود ليس فيه إلا بياض قليل، شعرات قليلة من الشيب.
فلا بد في الرائي أن يكون رآه على صورته المعروفة في كتب الحديث والسيرة، وأن يكون ثقة معروفاً بالصدق والأمانة والعدالة، وإلا فإنه لا يعتمد على قوله؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي)) ولم يقل لا يتمثل بي، بل قال: ((في صورتي))، فدل ذلك على أنه إذا رآه الإنسان في غير صورته فليس هو النبي عليه الصلاة والسلام، ثم إذا رآه فلا بد أن يعرض ما رآه على ما جاء به الشرع إن كانت تتعلق بالأحكام والعبادات فتعرض على الشرع، فإن خالفت الشرع فليس هو النبي عليه الصلاة والسلام. ثم قوله: خجلان ليس من لغة النبي صلى الله عليه وسلم، بل هذه من لغة العصر، فهذا دليل على أنه لم ير الرسول عليه الصلاة والسلام وإنما رأى شيطاناً، ثم الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، والوحي قد انقطع، فهو لا يعلم الغيب في حياته إنما يعلم ما أوحى الله إليه وبينه له سبحانه وتعالى، وما لم يأت به الوحي لا يعلمه عليه الصلاة والسلام من أمور الغيب، فهو لا يعلم شأن الحرب التي بين العراق وبين إيران، والوحي قد انقطع بوفاته عليه الصلاة والسلام، وهذا من أوضح الدلالة على أن هذه الرؤيا مكذوبة وليست من النبي صلى الله عليه وسلم، بل هي من بعض الشياطين الذين تراءوا للرجل القائل، أو أنه كاذب في رؤياه ولم ير شيئاً.
موقع الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى
من هنا[/align]