(1/620)
________________________________________
- هل كان على السادات -ليعجب هيكل- أن يترك العفن الذي تركه له عبد الناصر ليأتي على الأخضر واليابس؟ (1).
- يا عرّاب الناصرية الكادح إلى حتفه كدحًا، أما أن لك أيها السكران بخمر الناصرية الأثيم أن تفيق .. إن حديث الغرائز كان عليه أن يتوقف يوم 28 سبتمبر سنة 1970 بذهاب سيدك إلى ربه -
لو جمعت أكاذيبك عن الإسلاميين لملأت مجلدات ولكن كيف تجترئ الكذب على الله فتقول في "خريف الغضب" (ص 289):
"وكانت لكتابات سيد قطب تأثيراتها، ولقد ساعد على انتشار هذه التأثيرات أن الإخوان المسلمين لم يقبلوا مجمل الأفكار الرئيسية التي جاءت بها الثورة المصرية، كانت أفكار الثورة عن المساواة وتذويب الفوارق بين الطبقات تبدو متعارضة مع قول القرآن (وجعلنا بعضكم فوق بعض طبقات) هذا كلام هيكل وليس كلام الله، ومن يكذب على الله، فليس بمستغرب عليه أن يكذب على الناس.
إِن كان يقصد ما يقول فآثم ... أو كان يجهل فالجهالة عار (2)
- تقول صافيناز كاظم في كتابها "الخديعة الناصرية" عن التيار الثوري الانتهازي أنه يتكلم بلغة الثوار، ويستخدم اصطلاحاتهم ويصفق للاشتراكية، وكان هذا التيار بانتهازيته يجمع مكاسب مادية هائلة، يسوغها لنفسه بمقولة: "الاشتراكية لا تعني الفقر .. الاشتراكية من أجل حياة أفضل"! وكانت وظيفته الأساسية أن يزوّر حقيقة عبد الناصر، ويجعل منه وثنًا معبودًا له خوار، ويفلسف كل أخطائه ويبررها، ويدافع عنها أمام الرأي العام العربي
__________
(1) المصدر السابق (ص 120 - 121).
(2) المصدر السابق (ص 122 - 123).
(1/621)
________________________________________
والعالمي، ويقوم بدور تشويه وسحق مجموعة المثقفين الشرفاء من الحركة الإسلامية ويتهمهم بالتطرف والطفولة الثورية والإرهاب والشغب كان هذا التيار يُهندسه ويقوده محمد حسنين هيكل ومن تحت إبطه لطفي الخولي -قبل أن يغدر به- ومحمود أمين العالم من جانب آخر،
بالإضافة إلى ثقلين ثقافيين رئيسيين هما: توفيق الحكيم (1)، ونجيب محفوظ (هاتان الشخصيتان الزئبقيتان اللتان أثبتتا قدرة شيطانية رهيبة في القفز واللعب على حبال كل التيارات بحيث أمكن لها الامتداد والاستمرار في مكانتهما الراسخة العالية لدى كل سلطة مهما تغيرت الأقنعة واللغة واللهجة والصوت والصيحات سبحان الله!! )
، وكان كل اسم من هؤلاء يحتكم تحت إمرته وحمايته طابورًا من أسماء عديدة - "معظمها ناصرية وماركسية وتوليفة الماركسية الناصرية والناصرية الماركسية" (2)
* الهزيمة النكراء التي سماها هيكل النكسة:
كيف استطاع هيكل أن يزور التاريخ وهو يكتب في أكبر صحيفة وهي الأهرام عن أيام 5 يونيو - كيف كتب عن أعمق مأساة في تاريخنا، مأساة توقف عندها التاريخ .. لم تجف لها دموع الملايين على مئات الألوف من الأبرياء، كيف استطاع عبد الناصر وهيكل أن يخدعا شعبًا ويضللا أمة؟ وكيف أننا ما نزال نهز آذاننا ونفرك عيوننا ونرى الموّال الذي لا ينتهي عن "كلنا بنحبك .. ناصر".
__________
(1) أول من عمل على إحياء نتاج الإباحيين من كتاب "الأدب الغربي المكشوف" هو توفيق الحكيم، لقد افتتح توفيق هذا الاتجاه بكتابه "الرباط المقدس"، وظهرت في مدرسة القوميين السوريين كتابات غادة السمان وليلى بعلبكي.
(2) "الخديعة الناصرية" لصافيناز كاظم (ص 35 - 36) - القارئ العربي.
(1/622)
________________________________________
- إن احتيال الدجال هيكل وزمرته قد أطال بقاء الوثن في الحكم، بزعم أنه تجاوز عمره الافتراضي في مايو 1967 م يوم أعلن أنه لن يحارب .. لن يهاجم .. لن يبدأ، ثم حشد مئات الألوف من الجنود بلا استعداد، بلا خطة، وجعلهم عراة في الصحراء، وكأنه "رومولوس" آخر ملوك الإمبراطورية الرومانية، عندما قرّر أن يصفي الإمبراطورية لأنها كبرت وشاخت، فقبل أن تحاكمه وتحكم عليه، حاكمها وحكم عليها، وأدانها ونفّذ فيها حكم الإعدام في صبيحة الخامس من يونيو عام 1967 م.
- وظهرت براعة عبد الناصر وهيكل في التمثيل يوم النكسة وما بعدها، فقد قررّ عبد الناصر أن يتنحَّى ظهرًا ويعود ليلاً، وأعد له خطاب التنحي الممثل البارع محمد حسنين هيكل، ورُسِمت الأدوار بواسطة الدّجالين .. يترك ناصر الحكم لوزير الحربية المهزوم شمس بدران ثم يعدل عنه إلى زكريا محيي الدين وهو كريه عند الشعب المصري، وكأنه يتنحَّى من ناحية ويدفع الناس إلى التمسك به، ودُبِّرت مظاهرات العدول عن التنحي، وكانت الصورة التي يجب أن نخجل لها حتى آخر الزمان .. صورة "أعضاء مجلس الأمة، وهم يرقصون طربًا؛ لأن عبد الناصر قد قررّ العودة، أوْ قل: فرقة الفنون الشعبية التابعة لمجلس الأمة .. رقص الناس طربًا وفرحًا للرجل الذي مسح بهم الأرض من المحيط إلى الخليج .. للرجل الذي كان سببًا في سفك دماء الآلاف الذين ذبحوا على رمال سيناء .. للرجل الذي أدخل اليهود في مصر وسوريا والأردن والقدس في ست ساعات".
- أية شعوب هذه التي تهلل وتكبر للزعيم الذي جلب لها هزيمة نكراء لا مثيل لها في التاريخ القديم والحديث، ومع هذا يعلن هيكل أننا انتصرنا لبقاء عبد الناصر في الحكم وإن ضاعت سيناء برملها، ولسوف يُسأل هيكل عن دجله أمام محكمة التاريخ، وأمام الأجيال القادمة ... وسيسأل أمام الله
(1/623)
________________________________________
عز وجل في الآخرة عما فعل بأمته.
- ومن يوم هزيمته في 5/ 6/1967 حتى هلاكه في 28/ 9/1970
عاش عبد الناصر ثلاث سنوات وثلاثة أشهر و23 يومًا ظهر دجل حاوي الناصرية وفيلسوفها محمد حسنين هيكل.
* "بصراحة" لمحمد حسنين هيكل بعد النكسة .. بجريدة الأهرام:
كان محمد حسنين هيكل يخرج لنا كل جمعة بأفيون صراحته، يغالط في ضوء الشمس كل الحقائق الصارخة، ويقول: إننا لا نستطيع أن نحارب مثل فيتنام؛ لأن فيتنام دولة فقيرة وشعبها بدائي وليس لديه ما يخسره، أما شعب مصر فشعب عريق، لديه السد العالي، والأهرامات ولا يجب أن يعرضهم للدمار والنسف بدخولها حربًا مثل حرب فيتنام (انظر مقالات هيكل بالأهرام ما بين 6/ 1967 إلى 12/ 67) واستمر هيكل يركز على الحل السلمي وفقًا لقرار 242 المعترف بإسرائيل، وأن الحرب الوحيدة الممكنة هي حروب استنزاف لفرض الحل السلمي، وكان يقدم منطقًا تعجيزيًا يوهن من عزيمة الشعب المصري بقوله: إنه لا يمكن الحرب ضد إسرائيل؛ لأن الحرب معها تعني الحرب مع أمريكا، ونحن لا يمكن أن نناطح أمريكا، واختراع خرافة اسمها "تحييد أمريكا! ".
كانت مقالات هيكل السامة دائبة السعي لإنهاك معنويات الشعب المصري وسحقها، وكان يبدو في مقالاته ديناصورًا ساديًا كريهًا، لكنه كان يُرضي بمقالاته وروحه هذه الكثير من شرائح المثقفين المهزومين والثوريين مع وقف التنفيذ، وكانت هذه الشرائح بطبيعة ذاتية أنانية - تبحث وسط الخراب عن المكسب الذاتي والمصالح الشخصية، وكانت ترى في راية الكفاح الشعبي ومواصلة الاستعداد للدفاع من أجل استعادة كل الأراضي المحتلة بالقوة،
(1/624)
________________________________________
كانت ترى في هذه الراية ما يهدد استقرارها وراحتها لذلك قامت هذه الشرائح بتبني مقولات هيكل، وصوّرته في هيئة الرجل العاقل الواعي غير المتهور، إذ وجدت في صراحته الكاذبة صياغة لما يجول في ضمائرها ويخدم أهدافها.
- (كان أهم ما أبدع فيه هيكل هو إعلانه أننا انتصرنا في الحقيقة -رغم خسارة الرجال وضياع الأرض- ونصرنا هو: إن نظام عبد الناصر لم يسقط وبالفعل صرنا نحتفل بعيد النصر رغم الهزيمة! ) (1).
* برغم عداوتي وكرهي الشديد للعامية:
برغم عداوتي وكرهي الشديد للكتابة بالعامية إلاَّ أني أستميح القارئ عذرًا في إيراد هاتين القصيدتين قصيدة عن الأستاذ ميكي (أي محمد حسنين هيكل) وقصيدة عن نكسة 5 يونيو وعبد الجبار (يعني عبد الناصر) لأحمد فؤاد نجم رغم أنني أخالفه في انتمائه الفكري وسلوكه الشخصي من الألف إلى الياء يصدق فيه قول رسولنا - صلى الله عليه وسلم -: "صدقك وهو كذوب".
- قصيدة تدحض مغالطات هيكل وسيده ناصر .. ومقالاته الكاذبة في جريدة الأهرام تحت عنوان "بصراحة":
"بصراحة يا أستاذ ميكي .. (المقصود هيكل)
إنك رجعي وتشكيكي
بصراحة لا أنت معايا
ولا طالل من شبابيكي
وبلادنا لسه جريحة
__________
(1) "الخديعة الناصرية" (ص 52 - 53).
(1/625)
________________________________________
وبتصرخ بالأفريكي
لو بات التار يا ولادي
حيبات الذل شريكي
"بصراحة" يا أستاذ ميكي
إنك رجعي وتشكيكي
قاعد لا مؤاخنة تهلفط
وكلامك رومانتيكي
ولا ناوي تبطَّل تكتب
بصراحة كلام بولوتيكي
عن دور الحل السلمي
واستعماله التكتيكي
فـ الوقت اللي إحنا صراحة
دايخين دوخة البلجيكي
وبلدنا لسه جريحة
وبتصرخ بالأفريكي
لو بات التار يا ولادي
حيبات الذل شريكي
والشعب يقول يا بلادي
بالروح والدم أفديكي
وحاجات "بصراحة" بتحصل
في بلدنا يا أستاذ ميكي
"بصراحة" لا أنت معايا
(1/626)
________________________________________
ولا طالل من شبابيكي
وكأنك مثلاً موميا
للسلطان الأنتيكي
أحياها لاستعمالها
لستعمار الأمريكي
رجعت على هيئة
ميكي!! "
يوم أُعلنت الهزيمة باسم النكسة في يونيو 1967 وجد أحمد فؤاد نجم نفسه يتقيأ دمًا، ومع هذه الحالة الجسمانية المفاجئة جلس ليكتب قصيدته الشهيرة التي كلّفته قرارًا بالاعتقال مدى الحياة عام 1968:
الحمد لله خبّطنا تحت باططنا
يا محلى رجعة ظبّاطنا من خط النار!
يا أهل مصر المحمية بالحراميةْ
الفول كثير والطعمية
والبرّ عَمَار
والعيشة معدن وآهي ماشيةْ
آخر آشية
ما دام جنابُهْ والحاشية
بكروش وكتارْ
ها تقوللي سينا وما سيناشي
ما تدويشناشي
ما ستميت أتوبيس ماشي
(1/627)
________________________________________
شاحنين أنفار
إيه يعني لما يموت مليون
أو كل الكون
العمر أصلاً مش مضمون
والناس أعمار
إيه يعني في العقبة جرينا
والاّ في سينا
هيّ الهزيمة تنَسِّينا
إننا أحرار
إيه يعني شعب في ليل ذله
ضايع كله
دي كفاية بسّ أمّا تقول لُّه
إحنا الثوار
وكفاية أسيادنا البعدا
عايشين سُعدا
بفضل ناس تملا المعدة
وتقول أشعار
أشعار تمجدْ وتماين
حتى الخاين
إن شاء الله يخربها مداين
عبد الجبار!!
***