فهتك عرض المسلم والجناية عليه عظيم عند الله ورسوله والمؤمنين، وهو من كبائر الذنوب ومن التشبه بالمنافقين، وأعظم منه غمس الألسنة والأقلام في أهل العلم ومحاولة إسقاط قدرهم بأوهام من هنا وهناك، والإيغال بالدخول في نياتهم ومقاصدهم والصد عن سبيلهم والاستخفاف بحقوقهم.
قال الإمـام عبـد الله بن المبارك رحمـه الله: "مـن استخف بالعلماء ذهبت آخرته" (17).
وقال الإمام الطحاوي في عقيدته: "وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثـر وأهـل الـفقه والنظر – لا يذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير سبيل" (18) .
وقال الحافظ ابن عساكر: "واعلم يا أخي - وفقنا الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته - أن لحوم العـلماء - رحمة الله عليهم - مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة؛ لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم، والاختلاق على من اختاره الله منهم لنعش العلم خلق ذميم" (19).
قال الشيخ بكر أبو زيد-حفظه الله تعالى-في كتابه "تصنيف الناس بين الظن"(20): قال أبو زرعة الرازي - رحمه الله تعالى - : "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا؛ ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة".
وقد أجرى العلماء هذا الحكم بمن قدح في أحد من حملة الشرع المطهر، علماء الأمة العاملين؛ لأن القدح بالحامل يفضي إلى القدح بما يحمله من رسالة البلاغ لدين الله وشرعه؛ ولهذا أطبق العلماء - رحمهم الله تعالى - على أن من أسباب الإلحاد: "القدح بالعلماء".
قال الدورقي - رحمه الله تعالى - : "من سمعته يذكر أحمد بن حنبل بسوء فاتهمه على الإسلام".
وقالها أحمد - رحمه الله تعالى - في حق يحيى بن معين، وقيلت في حق أبي زرعة، وعكرمة - رحم الله الجميع - .