الفصل الثامن
قالوا عن التعدد
** يرى المفكر الفرنسي الكبير جوستاف لوبون أن نظام التعدد الذي أقَرَّه الإسلام هو أفضلُ حلٍّ ممكن لضبط العلاقات بين الجنسين. وذكر لوبون أن ": التعدد كان موجودًا قبل الإسلام, وأن أحوال المسلمات أفضل كثيرًا من أحوال الأوروبيات" انتهى. (68)
** وقال المفكر الانجليزى لايتنر: " التعدد يقلل قطعًا من أعداد البغايا والمواليد غير الشرعيين وتندر معه الأمراض الجنسية المنتشرة فى الغرب".انتهى.
**ويتحدث المفكر الفرنسي الكبير أتيين دينيه عن مشاكل حظر تعدد الزوجات في الغرب قائلا:
تبلغ نسبة الأطفال غير الشرعيين- حسب الإحصاءات الرسمية الغربية- الملايين من ثمرات الزنا !! والأرقام الحقيقية تكون عادة أضعاف الأرقام الرسمية التي تذكرها الحكومات .. وما خفي كان أعظم "!!ويتساءل الكاتب الشهير: هل حظر تعدد الزوجات له فائدة أخلاقية ؟! ويجيب بنفسه" : إن هذا الأمر مشكوك فيه .. لأن الدعارة النادرة في أكثر الأقطار الإسلامية سوف تتفشى بآثارها المخرّبة ، وكذلك سوف تنتشر عزوبة النساء بآثارها المفّسدة ، على غرار البلاد التي تحظر التعدد"انتهى(69)
** الراهبة البريطانية سابقا والكاتبة الشهيرة حاليا كارين أرمسترونج بلغ من انبهارها الشديد بالنبي صلى الله عليه وسلم حدّا جعلها تؤلف كتابا عنوانه" محمد نبي لزماننا " كان مما قالته فيه:
" جاء نظام تعدد الزوجات - طبقًا للقرآن - بمثابة قانون اجتماعي، ليس بغرض مكافأة الشهية الجنسية للرجال، ولكن لرفع الظلم عن الأرامل واليتامى، وبصفة عامة عن النساء اللاتي كن مُعَرَّضات للظلم. كثيرًا ما يستحوذ بعض الأنانيين على كل شيء على حساب الضعفاء. كذلك كان كثير من النساء يتعرَّضن للاعتداء الجنسي ممن يُفترض أن يكونوا حماتهن من الوارثين الذكور، أو حتى يتحوَّلن إلى أملاك تباع في سوق العبيد. كان المنافق "ابن أُبّى" على سبيل المثال، يجبر إماءه على الدعارة لحسابه، ورفض القرآن ذلك بحسم، وضمن للمرأة الكرامة والاحترام .
و كان الهدف من تعدد الزوجات ضمان حماية المرأة لتتزوج بكرامة، وحدّد التعدد الذي كان مفتوحًا سائبًا بأربع زوجات، مع وجوب معاملتهن بالعدل، وفرض الإسلام على الرجال التعفّف عن سلبهن ممتلكاتهن". انتهى (70)
** الكاتبة الألمانية الشهيرة زجريد هونكة صاحبة المؤلفات والدراسات الرائعة عن الإسلام قالت : " قَدَّس الإسلام الزواج، وطالب بالعدل بين الزوجتين أو الثلاث أو الأربع في المعاملة "فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" من الآية الثالثة من سورة النساء.
أليس هذا نصًّا صريحًا يطلب فيه من المؤمنين ألا يتزوجوا بأكثر من واحدة إلا إذا كان في استطاعتهم تحقيق العدل بين النساء؟"انتهى.(71)
** وتقول الكاتبة الإيطالية التي اعتنقت الإسلام" لورا فيليشيا فاجليرى": فيما يتصل بالزواج لا تطالب السُّنَّة الإسلامية بأكثر من حياة أمينة يسلك فيها المرء منتصف الطريق، متذكِّرًا الله من ناحية، ومحترمًا حقوق الجسد والأسرة والمجتمع من ناحية ثانية.
ولم يَقُم الدليل حتى الآن بأية طريقة - مطلقا- على أن تعدُّد الزوجات هو بالضرورة شرّ اجتماعي أوعقبة في طريق التقدم. ولكنا نؤثر ألا نناقش المسألة على هذا النحو . وفى استطاعتنا أيضًا أن نصرَّ على أنه ضروري في بعض مراحل التطور الاجتماعي عندما تنشأ أحوال خاصة بعينها، كأن يقتل عدد كبير من الذكور إلى حد استثنائي في الحرب مثلاً، فيصبح تعدد الزوجات ضرورة اجتماعية.
والحق أن الشريعة الإسلامية التي تبدو اليوم وكأنها حافلة بضروب التساهل في هذا الموضوع إنما قيّدت تعدد الزوجات بشروط مشدَّدة ، مثل ضرورة العدل وعدم الزيادة على أربع. وكان هذا التعدد حرًّا قبل الإسلام مُطلقًا من كل قيد. لقد حظر الإسلام بعض أشكال الزواج المشروط والمؤقت التي كانت في الواقع أشكالاً مختلفة للتسرّي ، و المعاشرة من غير زواج ، وفوق هذا منح الإسلام المرأة حقوقًا لم تكن معروفة قط من قبل".
** فضيلة الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق – رحمه الله- دعا الشباب القادر إلى الزواج بأكثر من واحدة .. ففي العهد الذي تولى فيه "شلتوت" قيادة الأزهر الشريف كانت نسبة الفتيات في سن الزواج تعادل ثلاثة أمثال نسبة الذكور القادرين على النكاح ..ولهذا رأى الشيخ شلتوت أنه يجب على كل شاب أن يتزوج ثلاث فتيات ، وبذلك تستطيع مصر أن تقضى على مشكلة العنوسة نهائيا .وبطبيعة الحال ثارت ضجة كبرى في ذلك الوقت ، وهاج أنصار التغريب على العالم الجليل ،لكنه ثبت كالجبل الأشمّ ، ولم ينحن أبدا للعاصفة كما يفعل آخرون في أيامنا العصيبة !!
**الدكتور أحمد شلبي – أستاذ الحضارة والتاريخ الإسلامي في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة :
( المستشرقون يصرخون بأن تعدد الزوجات في الإسلام غير مقبول ، ولكن من الذي جعل هؤلاء مقياسا نأخذ به ؟ ! إن هذا الغرب أباح تعدد الخليلات !! وتعدد العشيقات معناه ملايين من الأطفال غير الشرعيين .!!. ولا شك أن تعدد الزوجات أسمى وأطهر من تعدد الخليلات .. فالخليلة لا حقوق لها ولا لأطفالها ..
وتعدد الزوجات يخدم جنس النساء أكثر مما يضرّهن. ويمكن لهن منع التعدد إذا اتفقن جميعا على ألا تتزوج إحداهن برجل متزوج .. ولكنهن يقدمن على ذلك لحاجتهن إليه ، فهو أفضل من العنوسة ) انتهى(72).
**الدكتورة فتحية النبراوى الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر تقول :
(المسلمة لا يمكن أن ترفض التعدد أو تكرهه ، فهذا يدل على سوء تربية وضعف في الإيمان . إن المسلمات لم يعترضن على التعدد في عصر النبوة. صحيح أن المرأة بطبيعتها تنفر من التعدد ، حتى نساء النبي ( ) كانت بينهن غيرة ، ولكن استقر الوضع وقبل المجتمع هذا التعدد ، لأنه من الدين الذي هو من عند الله . ولا يمكن للمرأة أن تعترض علي التعدد طالما كان زوجها قادرا على الإنفاق عليها وعلى أولادها ، وحمايتهم والعدل بينها وبين الزوجة الجديدة ، و هل من الأفضل أن يكون الزواج علنيّا وحلالا ، أم نسد هذا الطريق أمام الرجال ونجبرهم على الحرام ؟ إننا يجب أن نحترم الرجل الذي يلجأ إلى التعدد لأنه مسلم يخاف الله ..
ولكن ما أخذه على كثير من الرجال الذين تزوّجوا بثانية ، هو أنهم يجعلون هذا الأمر في السر ، على الرغم من أن زواجهم كان شرعيّا ، ويتحرّجون من ذلك أمام الناس !! والسبب في ذلك أن التنشئة والتربية في مجتمعنا تصف الزوجة الثانية بأنها ( ضرّة ) وكارثة ومصيبة !! وساعد على ذلك وسائل الإعلام وغلبة بعض الأنماط الفكرية المستوردة من الخارج ..وتضيف : ( إنني أعرف أن بعض زميلاتي تزوّجن كزوجة ثانية وثالثة ، وقبلن من البداية هذا المبدأ ، ولكنهن بعد الزواج أردن الاستحواذ على الأزواج ، ومنهن من طلبت من زوجها أن يطلق زوجته الأولى !! فهل هذا منطقي ، وهل هذا معقول ؟!! إن مجتمعنا – للأسف الشديد – يعانى من اضطرابات كثيرة قد تكون واضحة في موضوع كالتعدد ، لكنني أؤكد أنها موجودة في مختلف مجالات حياتنا ) .
**أما د. نادية هاشم – أستاذ الفقه بجامعة الأزهر – فتقول :
( إنني أنظر لهذا الموضوع من الوجهة الشرعية ، فهل المقصود من الآية الكريمة : ( فانكحوا ما طاب لكم من
النساء مثنى وثلاث ورباع ) الإباحة العامة أم أن الأمر مقيّد بقيود شرعية ؟
فالفقهاء الذين قالوا بالإباحة العامة للتعدد ، قالوا أن هذا مباح حتى ولو لم تكن هناك ضرورة تدعو إليه . إلا أن من الفقهاء من قال أن هذه الإباحة مقيّدة بوجود حاجة أو ضرورة : كأن تكون الزوجة مريضة أو عاقرا أو أن الرجل لا تكفيه امرأة واحدة . وقد تكون الضرورة هي زيادة عدد الإناث على عدد الذكور في المجتمع . وبعض الإحصاءات تؤكد أن في مصر ثلاثة عشر مليون فتاة في سن الزواج ، وأن منهن أربعة ملايين فتاة فوق سن الثلاثين . وفى رأيي أن هذه ضرورة تدعو إلى التعدد بلا شك ، فإذا لم يعدّد الرجال في هذه الحالة فمعنى ذلك هو أن نصف
بنات المجتمع سوف يكن بلا زواج ، ومعرضات للفتنة.. وتضيف د. نادبة هاشم : أن من حق الرجل أن يتزّوج ، رضيت زوجته الأولى أم لم ترض ، لأن العقد يملكه الرجل ، فله الحق في أن يتصرّف كما يشاء ، إن لم تكن الزوجة قد اشترطت عليه ألا يتزوج عليها .وتعرب د. نادية هاشم عن أسفها لأن النساء في مجتمعاتنا الآن أصبحن يرفضن التعدد سواء كن متعلّمات وغير متعلّمات ، غنيّات وفقيرات ، حضريّات وريفيات ، متدينات وغير متدينات !! والسبب في ذلك هو رسوخ الأعراف الفاسدة ، وضعف الوازع الديني وغلبة الأفكار الغربية . فالعرف في مجتمعنا يرفض التعدد ، ويعتبره ظلما للمرأة .
و الشرع يقول إن العرف الذي يصطدم مع الدين هو عرف فاسد ، ولا يجب أن يؤخذ في الحسبان.. كما أن ضعف الوازع الديني هو الذي يجعل المرأة لا تطيق التعدد . ولو كانت مسلمة تعرف دينها لأيقنت أن زوجها طالما كان قائما بحقوقها فإنها لا تملك أن تمنعه من الزواج ، لكن سيادة الأفكار العلمانية –مثل ما يسمى "بتحرير المرأة"- جعلت المجتمع يظن أن التعدد فيه إهدار لكرامة النساء ، و هذا خطأ كبير ).انتهى. (73)
** فضيلة الشيخ محمد الغزالي رحمه الله :
( للحياة قوانين عمرانية واقتصادية ثابتة ، تفرض نفسها على الناس حتما ، عرفوها فاستعدوا لمواجهتها ، أم جهلوها فظهرت بينهم آثارها. .وصلة الرجل الفرد بعدد من النساء من الأمور التي تبت فيها الأحوال الاجتماعية ، ويعتبر تجاهلها مقاومة عابثة للأمر الواقع ، وذلك أن النسبة بين عدد الرجال والنساء ، إما أم تكون متساوية ، وإما أن تكون راجحة في أحد الجانبين..فإذا كانت متساوية ، أو كان عدد النساء اقل ، فإن تعدد الزوجات لا بد أن يختفي من تلقاء نفسه ، وستفرض الطبيعة توزيعها العادل قسرا ، ويكتفي كل امرئ – طوعا أو كرها – بما عنده .
أما إذا كان عدد النساء أربى من عدد الرجال ، فنحن أمام واحد من ثلاثة حلول :
1 - إما أن نقضى على بعضهن بالحرمان حتى الموت .
2 - وإما أن نبيح اتخاذ الخليلات ، ونقر جريمة الزنا .
3 - وإما أن نسمح بتعدد الزوجات .
ونظن أن المرأة – قبل الرجل – تأبى حياة الحرمان ، وتأبى فراش الجريمة و العصيان .
فلم يبق أمامها إلا أن تشرك غيرها في رجل يحتضنها ، وينتسب إليه أولادها ، ولا مناص بعدئذ من الاعتراف بمبدأ التعدد الذي صرّح به الإسلام ..ثم إن هناك اختلافا كبيرا بين أنصبة الرجل من الحساسية الجنسية ، فهناك رجال رزقوا حظّا من كمال الصحّة ويقظة الغريزة ونعومة العيش لم يؤته غيرهم ، والمساواة بين رجل بارد المشاعر منذ نشأته ، وآخر قريب الاستثارة واسع الطاقة ، أمر بعيد عن العدالة . ألسنا نبيح لذوى الشهية المتطلّعة مقادير من الطعام لا نبيحها للمرضي و الضعفاء ؟ فهذه بتلك..
ثم هناك حكمة أخرى : فقد تكون الزوجة على حال من الضعف أو المرض أو العقم أو تأخر السن ، فلماذا تترك لهذه الأعذار ؟!
إن من حق العشرة القديمة أن تبقى الزوجة الأولى في كنف الرجل ، وأن تأتى إلى جانبها امرأة أخرى تؤدى وظيفة الزوجة أداء كاملا .
ومع المبررات الكثيرة للتعدد ، فإن الإسلام الذي أباحه رفض رفضا باتا أن يجعله امتدادا لشهوات بعض الرجال وميلهم إلى المزيد من التمتع و التسلّط ، فالغرم على قدر الغنم ، والمتع الميّسرة تتبعها حقوق ثقيلة .
ومن ثم فلا بد – عند التعدد – من تيقن العدالة التي تحرسه .أما إذا ظلم الرجل نفسه أو أولاده أو زوجاته ، فلا تعدد هناك .الذي يعدّد يجب أن يكون قادرا على النفقة اللازمة . وإذا كان الشارع يعتبر العجز عن النفقة عذرا عن الاقتران بواحدة ، فهو – من باب أولى – مانع من الزواج بما فوقها .
إن الشارع يوصى الشباب الأعزب بالصيام ما دام لا يستطيع الزواج ، و يأمر العاجز عن الواحدة بالاستعفاف .
) وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ). سورة النور من الآية 33 .
فكيف الحال بمن عنده واحدة ؟ إنه بالصبر أحق ، وبالاستعفاف أولى .. وكثرة الأولاد تتبع – عادة – كثرة الزوجات ، والإسلام يوجب رعاية العدل مع الأولاد في التربية ، والتكريم ، ووسائل المعيشة ، مهما اختلفت أمهاتهم ، فعلى الأب المكثر أن يحذر عقبى الميل مع الهوى ، وكذلك يوجب الإسلام العدل مع الزوجات .
ولئن كان الميل القلبي أعصى من أن يتحكم فيه إنسان ، فإن هناك من الأعمال و الأحوال ما يستطيع كل زوج فيه أن يرعى الحدود المشروعة ، وأن يزن تصرفه بالقسط ، وأن يخشى الله فيما استرعاه من أهل ومال .
تلك حدود العدل الذي قرنه الله بالتعدد ، فمن استطاع النهوض بأعبائها فليتزوج مثنى وثلاث ورباع ، وإلا فليكتف بقرينته الواحدة ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ) من الآية 3 من سورة النساء.
وقرأت لبعض الصحفيين يعترض على مبدأ التعدد : لماذا يعدّد الرجال الزوجات ولا تعدّد النساء الأزواج ؟!! ولقد نظرت إلى هؤلاء المتسائلين فوجدت جمهورهم بين داعر أو ديوث أو قوّاد ، وعجبت لأنهم يعيشون في عالم من الزنا ، ويكرهون أشد الكره إقامة أمر الأسرة على العفاف ..
والجواب على هذا التساؤل المريض أن الهدف الأعلى من التواصل الجنسي هو إنشاء الأسرة ، وتربية الأولاد في جو من الحضانة النظيفة . وهذا لن يكون في بيت امرأة يطرقها نفر من الناس ..يتصارعون للاستحواذ عليها ، ولا يعرف لأيهم ولد منها ..
ثم إن دور المرأة في هذه الناحية دور القابل من الفاعل ، والمقود المحمول من القائد الحامل .. وإنك لتتصور قاطرة تجر أربعة عربات ، ولا تتصور عربة تشد أربعة قاطرات ، ومن الكفر بطبائع الأشياء المماراة في أن "الرجال قوّامون على النساء" .
على أنه من المؤسف حقا ، أن يهدر العوام هذه الحدود ، وأن يتجهوا إلى التعديد دون وعي لمعنى العدل المفروض ، بل تلبية لنداء الشهوة ، ولو أدى إلى الظلم الصارخ .
فالرجل قد يعجز عن نفقة نفسه ، ثم هو يسعى إلى الزواج . وقد يعجز عن رعاية واحدة ، ثم هو يبحث عن غيرها !!
وقد يحيف على بعض أولاده في التعليم ، وفى توزيع الثروة تمشيا مع هواه ، وقد يتزوّج الأخرى ليهجر الأولى ويذرها كالمعلّقة .
وربما تجد الرجل يستطيع البناء بأربع ، والإنفاق على ما ينجبن من بنين وبنات ، ومع ذلك الاقتدار ، فهو يحيا على التسول الجنسي والتقلب في أحضان الساقطات ، فما دواء هذه الفوضى ؟ هل منع التعدد يشفى الأمّة من هذه الأدواء ؟ كلا ، إن تقييد المباح ليس حلا . إلا أن مبدأ التعدد لو سكت الدين عن إبداء الرأي فيه ، لوجب أن نبدى – نحن – الرأي فيه ونقول بإباحته ، صيانة للمصلحة العامة التي أوضحناها في صدر هذا الكلام .
ولكن إقرار القاعدة شئ ، وسوء تطبيقها شئ آخر ..
وعندما يجئ دور التشريع في إصلاح مجتمعنا وإقامة عوجه – من هذه الناحية – فلتتجه همة الباحثين إلى ضبط وسائل العدل و مظاهره إن أرادوا .
أما الخبط في مبدأ التعدد نفسه ، ومحاولة النيل منه ، فهو عبث .
وأستطيع أن أقول أنه أثر من آثار الغزو الصليبي الحديث لبلاد الإسلام .
وفى طبقات كثيرة الآن ينظر إلى التعدد على أنه منكر ! وإلى الزنا على أنه مسلاة تافهة ! أي أن المشكلة الآن مشكلة الدين كله , والأخلاق كلها ..
وتقييد التعدد – والحالة هذه – محاولة سمجة لتلويث المجتمع على حساب الإسلام وباسم القانون .
إن جمهورا كبيرا من النبيّين والصالحين تزوج بواحدة وأكثر من واحدة ، ولم يخدش ذلك تقواه ، وفى صحف العهد القديم الموجودة الآن ما يؤيد ذلك .
والإسلام لا يرى التبتل عن النساء عبادة – كما يفعل الرهبان – ولا الزواج بأربع معصية كما ينسب إلى النصرانية ( أوضحنا من قبل أنه لا يوجد نص في الإنجيل بتحريم التعدد ) .
إنما المعصية ترك الغريزة الجنسية تعربد كيف تشاء ، أو في كبتها لتتسرب هباء ، كما تتسرب المياه الجوفية تحت أديم الغبراء) انتهى . (74) .
-------------------------------------------------------------------
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . .