منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - طلباتكم اوامر لأي بحث تريدونه بقدر المستطاع
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-14, 14:54   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

الفــصل الثاني: تقييم النظرية النقدية الاجتماعيـــة.

المبحـث الأول: مـــزايا التحليل النقدي:
الحقيقة أن دراستنا للنظرية النقدية الاجتماعية من خلال ما سبق جعلتنا نقف على بعض مزايا التحليل النقدي على المستويين المنهجي والعلمي ، والتي قــد لا تتناسب - في حدود تصورنا- مع نعتها بالتهديميــة
Deconstrivism ; إذا كان أصحاب هـذا الطرح يعنون به أنها تؤدي الى القطيعة المطلقة مع النظريات التفسـيرية ، التي ( القطيعة) لا تتناسب والطبيعة التراكمية للمعرفة النظرية في الحقل ، ما يعني في نهاية الأمر أن أزمة التنظير في العلاقات الدولية قــد ولت خطوات الى الخلف بدل التقدم الى الأمام ، مع أن أغلب الكتابات المتخصصة على أن المحاورة التفسـيرية - التكوينية- (بما في ذلك النظرية النقدية) هي المدخل الملائم لبناء نظرية عامـــة في العلاقات الدولية.
ولعل أهـم المزايا المنهجية و العملية التي جاءتنا بها هــذه النظرية تكمن فيما يلي:
1- أول ما يحسب للنظرية النقدية وللمنظرين النقديين عموما ، هو الاعتراف بالانحراف الحاصل للفلسفة التنويرية اللبرالية على المستوييـن الفكري التنظيري والواقعي التطبيقي على السواء، ومحاولة إيجاد البديل الملائــم على المستويين.
2- إن وقوفنا على أبرز مفكري هــذا الاتجاه، كشف لنا على أن أغلبهم وأبرزهم ليسوا بأمريكيين ما يشكل – في رأينا- محاولة جادة للخروج بحقل التنظير في العلاقات الدولية من الهيمنةشبه الكلية للأبحاث والباحثين الأمريكيين مقابل التمثيل الضيق للباحثين خارج الولايات المتحدة الأمريكية ، ما يؤيد فعلا الطرح النقدي حول مدى استقلالية البحوث من المصالح المادية، خاصة إذا ما علمنا أن الميزانية المخصصة للأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية تفوق الى حــد بعيد ميزانية دول أخرى.
3- ادخالها للبعــد العمودي للسلطة في التحليل، إضافة الى البعد الأفقي المتعلق بالصراع بين الدول، الذي يعد الإنشغال الوحيد للمقترب الواقعي والمهم لللبراليين، واستطرادا من ذلك تصبح القوى الإجتماعية بما تتضمنه من صراعات متغيرا مهما لفهـم ، تفسير والتنبؤ في الواقع الدولي.
















المبحـــث الثاني: الحــدود المنهجية للنظرية النقديــة.
لقــد ارتكزت مجمل الانتقادات التي وجهت للنظرية النقدية بصدد اختياراتها المنهجية في لغتها الإصطلاحية ، وهنا كان النقد الواقعي لاذعا، فإذا ما قرأنا مقالات حديثة لروبرت جرفيس وجون هيرشايمر سنشعر بأنهم يفهمون على الأقل ما يريد أن يقوله المؤسساتيون اللبراليون ، إلا أن هــذا ليس هو الحال دائما ;
فلقد كانت التعقيدات المصطلحية في لغة النظرية النقدية واحدة من أهم مشكلاتها ، والتي جعلت الكثير يتحولون عن أدبيــــاتها.
بــعد قراءة نقـد " ريتشارد آشلي" دون اثنين من أبـرز الواقعيين وهما " والتز" و " جيلبين" مشكلاتهما في هذا النقـد ، فقـد اعتقــد والتـز- حسب قوله- أنه" دخل في متاهة بحث لم يعرف أين هو وكيف يخرج منها"، فالمهم ليس في مدى سمو ، مصداقية وثراء العمل عندما لا يستطيع أن يحرك الكثير من الناس الذين لا يستطيعون فهم لغة هذا العمل ، أو لا يتمكنون بحق من إدراك أفكاره الأساسية ، فإذا ما كان الهدف امن الإتيان بالنظريات هو تبسيط الحقيقة المستخلصة منها ، فلن تكون إذا ذات جدوى، إذا ما كانت النظرية معقدة مـــثل العالم الواقعي أو أكثر1 .

إن النظرية النقديـة كانت أكثر براعة في الإشارة الى ما تم حــذفه من النظرية الواقعية ، على أن تقــدم بدائل خاصة بها ذات محتوى غير مسبوق ، لـهذا لم يتوان البعض في اعتبار R. Cox مجرد صاحب توجه جديد لتقديم نظرية ماركسية في العلاقات الدولية ، بل أن المفكر N.J. Rengger يذهب أكثر من ذلك في تصنيفه لنظرية Cox وLinklater ضمن النظريات التقليدية الوضعية ،وما يحمله على نقــد هذا المقترب
والشك في قدرته على الإنعتاق ; أنه لا يمكن أن يوجد انعتاق عموما ، ما دامت الفواعل الإجتماعية لأكثر رغبة في الإنعتاق موجودة دائما ضمن سياق اجتماعي مبني على هامش من الحركية المحدودة 2.
لقــد ذكر " ماكس بلانك" أن الحقيقة العملية الجديدة لا تنتصر بإقناع خصومها وإنارة الطريق لهم ، ولكن السبب الأقوى لانتصارها هو أن خصومها يموتون في النهاية ، وهكذا يولد جيل جديد يستطيع التكيف مع الجديد ;وبهذا الصدد وجهت احدى أكثر الإنتقادات سخرية للنقديين; فعلى أتباعها أن ينتظروا حتى يموت جميع الواقعيين على أمل أن يتقبل الجيل الجديد النظرية ، أو بإمكانهم محاولة تبسيط نظرياتهم ليقللوا من المصطلحات التي لا حاجة إليها مقدمين في النهاية أفكار متماسكة ومتناغمــة 3 .
أما بالنسبة لمفهوم المادية التاريخية ، فإن البعض يرى فيها مجرد وجهة نظر تاريخية أو اجتماعية تحاول أن تفسر تطور المجتمع ، وقد يشاركها فيها غيرها من وجهات النظر ، فليست وحدها في الميدان ، ما ينزل بها من محاولة إضفاء العملية عليها والتي يحاول الماركسيون الارتفاع بها ليجعلوها الوحيدة دون الاعتراف بغيرها 4 .
أما عن مشروع النقــد في حــد ذاته فإن N.J. Rengger يعتقد أن" النظرية النقدية في السياسة العالمية لا يجب أن تربط مع مدرسة خاصة للأفكار، فلا يجب ربطها مبدئيا بالذين تأثروا بأفكار مدرسة فرانكفورت" النظرية النقدية ليست مرادفا لهابرماس، بل هي أكثر توسعا فيما أسماه Rengger "مشروع النقـــــد".
إن مشروع النقـد يجب أن يتساءل أولا عن العناصر التي يتكون منها هــذا النقد وفحص الطرق التي يمكن أن تخدم أهداف النقد ، إضافة الى فتح إمكانية التغيير5.







لــقد وضع Calhoun بهـذا الصدد الخطوط العريضة من أجل أن تكون نظرية ما نقدية وهي:
1- التزام نقدي مع الواقع الاجتماعي الحالي للنظرية ، مع الاعتراف أن هـذا الواقع لا ينفي كل الإحتمالات وتقد يم مضامين وضعية للحركات الإجتماعية.
2- وصف نقدي للشروط الثقافية والتاريخية للجماعة والفرد.
3- اعادة فحص نقدي متواصل للمفاهيم والأعمال التنظيرية.
4- التزام نقدي مع أعمال اجتماعية تفسيرية أخرى.
ويشير Colhoun الى أن النظرية النقدية التي تدعي هـذه المواصفات فشلت في أهماها وهذا ما تحاول مدرسة كامبريدجCambridj الوصول الى تطبيقه،أو مايعرف عادة بالمدرسة الإنجليزيةEnglish School 1.


المبحـــث الثالث: الحــدود العملية للنظرية النقدية .
بحسب عديد التحليلات في العلاقات الدولية في ظل النظام الدولي الحالي ، فإنه مع مرور الزمن يجب توخي الحذر من التحليلات النقدية ; فمنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 توجد النظرية النقدية في موقف ضعف وحدود الممكن التي كانت تتمناها أصبحت جــد محصورة ; إنها توجد في سياق لم يكن من المفروض أن تكون فيه ; سياق يتميز بزيادة عدد النزاعات ، وهنا يجب على النظرية النقدية أن تفسر لنا كيف تشكلت تاريخيا النزاعات الحالية على المستوى العالمي الوطني والمحلي، وأن توضح من المستفيد ، وكيف أن التناقضات الإقتصادية والسياسية اليوم تعكس نظام عالمي خاص هــذا من جهة. من جهــة أخرى سياق جـديد يتميز بزيادة استقطاب الحوارات حول الهيمنة الأمريكية ، سياق فكري يجب أن تثبت النظرية النقدية وجودها فيه، ما دام لها حرية الإنتقاء بين انتفاد مشروع الهيمنة الأمريكية والذي يخدم هـدفها الإنعتاقي، وبين أن تعكس المشاريع السياسية للمحافظين 2 .
إن ما يشكل حقيقة عجز النظرية النقدية على التفسير هو فشل الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية في أوربا في مقاومة المحافظين الجدد، والذين نجحوا خلال العشرين سنة الماضية خاصة في الدول ذات النظام الحزبي الثنائي ، هذه الأحزاب تدافع عن قاعدة ثقافية جــد محافظة ، وتضم فصائل من الشعوب المخلصة تقليديا لليسار في الانتخابات ، أما في الجنوب فإن إقصاء قوى المعارضة الاجتماعية أفضى في الدول العربية مثلا الى صعود التيار الإسلامي في بؤر المقاومة ضد الو م أ ، لأجل كل هــذا فإن التغيير الذي يمكن حصوله ليس منتظرا من القوى الاجتماعية بقدر ما قد يكون من أقليات معارضة للوضع القائم ، مثل ما هو حاصل مع المجموعات الإسلامية التي توسم عادة بالتنظيمات الإرهابية .
وهــكذا فإن ظهور هــذه القوى المحافظة الجديدة ذات التوجه المواجهي الصدامي في الشمال ( التبرير الإرهابي يؤيد برنامج القوى الاجتماعية للمحافظين الجدد ; رفع الميزانية العسكرية ، منع الهجرة ...إلخ )،
والجنوب ( بسبب النفاق الأمريكي الذي يحارب الإرهاب تارة ومحكمة الجزاء الدولية CPI تارة أخرى )، لا يشجع بتاتا القوى الاجتماعية الراغبة في تأسيس دولة عالمية للحقوق 3 .
ولعله من احدى أكثر وأهم الأسئلة التي تطرح على النقديين هو حول الطبقة المحركة للتغيير في ظل العولمة، فمن احدى نتائج عولمة الإنتاج أنه لا يمكن اليوم الحديث بصفة جدية عن الطبقة العاملة كقوة جماعية





موحدة على المستوى الوطني وبصفة أقل على المستوى الدولي،فهذه الطبقة اليــوم ليس لها وعي مشترك بالتحديات، ففي النظام الاجتماعي الجديد تعرف الأصناف بالجنس، الهوية، الدين، المنطقة، ما يعرقل قيام كتلة جماعية متماسكة ضد الكتلة المهيمنة1 .
أما عن المفهوم الإنساني والعالمي للأمن الذي تدافع عنه النظرية النقدية، فهو يلوح أقل طمأنة مقارنة بما قدمه الواقعيون واللبراليون، وذلك لأن هذه النظرية لا تزعم تقديم الحقيقة لمجموعة من التحركات المناسبة، وهنا يجب على النظرية النقدية أن تواصل تعديل مفاهيمها قبل أن تستطيع فهم وشرح حقيقة خاصة مبنية اجتماعيا وتاريخيا. فرغم أن النظرية النقدية تقدم أسس مفاهيمية وفلسفية جديدة للأمن ، فإنها لم تصل بعد الى تقد يم نموذج تطبيقي لهــذه المفاهيم 2.
وفيما يخص مفهوم المجتمع المدني العالمي، وبالرغم من الحديث المتقدم عنه وما يحدثه من فعل سياسي وثقافي على الدولة القومية، تبقى هــذه الأخيرة تلعب دورها ولها من يدافع عنها، وحتى لو تجسدت بعض السمات الكونية، فإن التحكم فيها يكون بواسطة الدولة.
وحتىDaniele Archibugi الذي يدافع بشدة عن الديمقراطية السياسية الكونية يعترف بأن مستودعات القوة والنفوذ الكبرى في العالم ما زالت هي الدول القومية 3.
وربما يكون من الأجدى أن نختم بذلك السؤال المشروع الذي طرحه كل من ٌR.Keohan و J. Nye
" على عكس بعض وجهات النظر النبوئية، فالدولة القومية لا توشك أن تستبدل، لأنها الآلة الأساسية للحكم المحلي والعالمي ... إن الدولة القومية هي الممثل الأكثر أهمية على مسرح السياسة العالمية لكنها ليست الممثل المهم الوحيد . إن السؤال الرئيسي للحكم العالمي هو : من نكون نحن الناس عندما لا يكون هناك إحساس بالهوية السياسية والجماعية" 4 .










رد مع اقتباس