الجبهة الإسلامية القومية.
اسم أُطلق على الحركة الإسلامية الحديثة في السودان عقب انتفاضة الشعب السوداني على حكم الرئيس الأسبق جعفر نميري عام 1985م، وذلك بعد مؤتمر جامع دعيت له كل الفعاليات الإسلامية والقومية حيث تم تأسيس الجبهة رسميًا. تُعد الجبهة الإسلامية القومية امتدادًا للحركة الإسلامية الحديثة في السودان التي بدأت في أواخر الخمسينيات تحت اسم الإخوان المسلمين، ثم جبهة الميثاق الإسلامي عقب ثورة أكتوبر 1964م التي اشترك في إشعالها كافة قطاعات الشعب السوداني وأحزابه.
تكون هيكل التنظيم المركزي للجبهة الإسلامية القومية من الأجهزة التالية: أ- المؤتمر العام. ب- هيئة الشورى ج- القيادة التنفيذية. د- الأمين العام.
طرحت الجبهة الإسلامية القومية عند تكوينها كثيرًا من الأهداف مثل الدعوة إلى سيادة الإسلام عقيدة وشريعة، وتأكيد قوامة المجتمع على نظام الاقتصاد توجيهًا ومراقبة، وبث روح الدين وشعائره وآدابه لتطهير أعراف التدين من البدع السيئة في أنماط السلوك والأوضاع الاجتماعية ولإزالة الدواعي النفسية والاجتماعية للشقاق والعصبية. كما دعت الجبهة إلى رفع مكانة العلم وحملته في المجتمع وإلى نشر الثقافة وبسط العلم.
تقول أدبيات الجبهة إنها تتوسل بولاية السلطة السياسية والاشتراك في مؤسسات الحكم المختلفة، وباتخاذ القوانين والسياسات وسائر تدابير الحكم لتنفيذ تلك الأهداف.
برز الدور المتعاظم للجبهة الإسلامية القومية عقب الانتخابات التي أُجريت عام 1986م، حيث فازت في 54 دائرة انتخابية، وأصبحت بذلك الحزب الثالث من حيث القوة الانتخابية بعد أكبر حزبين في البلاد. وبرزت في تلك الانتخابات سيطرتها على دوائر المثقفين، ودوائر العاصمة السودانية. واستطاعت نتيجة لهذه القوة الانتخابية الاشتراك في حكومة ائتلافية مع حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي بعد أن فشل الائتلاف بينهما.
تميزت الجبهة الإسلامية القومية بالتركيز على أهدافها الاستراتيجية؛ ولذلك فهي ـ حسب طرحها ـ لا ترى غضاضة في الاشتراك في أي نظام سياسي يحقق أهدافها ويتيح فرصة التمكين للمشروع الإسلامي؛ ومن هذا المنطلق تصالحت مع نظام جعفر نميري ودخلت في ائتلاف مع الأحزاب إبَّان فترة الديمقراطية الثالثة، وتحالفت مع حكومة الإنقاذ بقيادة الفريق البشير الذي استولى على السلطة عام 1989م لطرحه الإسلامي الذي يتوافق مع ما تدعو الجبهة له داخليًا وخارجيًا. فنجد أنه رغم حل الجبهة رسميًا كبقية الأحزاب فإن معظم أعضائها ـ بمن فيهم مؤسسها حسن عبدالله الترابي ـ قد انخرطوا في المشاركة في نظام الفريق البشير بفعالية سواء من خلال إدارة الحكم، أو القيام بالمهام الطوعية والدعوية والجهادية واتخذت اسمًا جديدًا هو المؤتمر الوطني.
للجبهة الإسلامية القومية وجود فعّال في الوسط الطلابي والشبابي، وكذلك في الوسط النسائي، والنقابي، والعمل الطوعي والإغاثي. أدى الخلاف الذي نشأ بين البشير والترابي إلى انشقاق المؤتمر الوطني وتكوين المؤتمر الشعبي بزعامة الترابي عام 2000م.
جبهة الجنوب.
تجمع سياسي نشأ في جنوب السودان، وكان يضم أكثر الأحزاب الجنوبية السياسية التي لم تكن تتفق مع حزب (سانو) أي حزب الاتحاد الوطني الإفريقي السوداني جناح وليم دينق. وكانت جبهة الجنوب تدعو إلى فصل جنوب السودان كما تدعو إلى استفتاء عام في الجنوب لتحقيق ذلك الانفصال. ولكن الأحزاب السودانية الشمالية وحزب سانو فرع وليم دينق كانت تعارض هذه السياسة، أي سياسة الانفصال.
وبالرغم من المحاولة الجادة التي قامت بها أحزاب الشمال للوصول إلى تفاهم مع جبهة الجنوب عام 1965م إلا أن ذلك لم يتم، وظلت مشكلة التمرد في جنوب السودان قائمة، كما ظلت مشكلة الجنوب بلا حل حتى أُعلن عن توقف حركة الأنانيا في 12 مارس 1972م.
الجبهة الوطنية.
أسستها طائفة الختمية 1949م ورفعت شعارات طالبت فيها أن يكوِّن السودان "دومنيون" مع مصر، إلا أنه سرعان ما انفصل عنها عدد من الزعماء القبليين وأسسوا الحزب الجمهوري الاشتراكي الذي اتسم بعدائه الشديد لحزب الأمة، متهمًا إياه بالعمل لفرض مَلَكيَّة مهدية على السودان.
الحركة الشعبية لتحرير السودان.
حركة يرأسها جون قرنق. وبالإضافة إلى رئاسته للحركة فهو أيضًا رئيس قيادتها العسكرية العليا، وجناح الحركة العسكري يسمى الجيش الشعبي لتحرير السودان. ومعظم أعضاء هذه الحركة هم قادتها العسكريون رغم أن فيهم بعض الأعضاء المدنيين. وقد قامت الحركة بتعيين بعض أعضائها ضباط اتصال في بعض الأقطار الأوروبية والإفريقية. وتحت ستار جمع المعونات للجنوبيين المتضررين واللاجئين، فإنها تجمع العون للحركة، وتذيع بعض البيانات. وللحركة إذاعة تذيع منها البيانات الحربية، والأخبار اليومية خصوصًا أخبار انتصاراتها إضافة إلى الترفيه عن اللاجئين الجنوبيين وغيرهم من السكان مع شحذ الهمم، وبث الحماس في النفوس.
بدأت الحركة الشعبية لتحرير السودان نشاطها القتالي ضد حكومة المشير جعفر محمد نميري في سبتمبر عام 1983م. ولم تفد محاولات الحكم العسكري الانتقالي في إبرام معاهدة سلام معها إذ لم تكن شروطها مقبولة لأحد رغم أن هناك انتخابات حرة كانت ستجرى كما كانت ستعود الديمقراطية إلى البلاد.
واستطاع راعي الحزب الاتحادي التوصل مع الحركة إلى اتفاق مبدئي عام 1989م (اتفاقية كوكادام)، ولكن لم يقبل به حزب الأمة ولا الجبهة الإسلامية القومية. وفي الثلاثين من يونيو 1989م، حدث انقلاب عسكري في السودان أطاح بالحكومة الديمقراطية وتولى الحكم الفريق عمر البشير الذي مازال يحاول أن يحسم الموقف عسكريًا مع قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان. فرغم توقيع بعض الفصائل الجنوبية اتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997م، إلا أن جون قرنق رفضها جملة وتفصيلاً. وتعثرت جولات المفاوضات التي عقدت بين الحكومة والحركة رغم تدخل بعض القادة الأفارقة مثل الرئيس نيلسون مانديلا.
حزب الاتحاد الوطني السوداني الإفريقي (سانو).
حزب سياسي من أحزاب جنوب السودان، وترمز كلمة سانو إلى الحروف الأولى من اسم الحزب باللغة الإنجليزية. تكوّن هذا الحزب أول مرة خارج السودان عام 1958م. وكان يهدف إلى تطبيق النظام الفيدرالي بين الشمال والجنوب، كما كان يطالب باعتبار الدين النصراني كالدين الإسلامي في نظر الدولة، واعتبار اللغة الإنجليزية كاللغة العربية تمامًا. وبالإضافة إلى ذلك، فقد كان ينادي بنظام خدمة مدنية في الجنوب مستقل عن ذلك الذي في شمال السودان، وكذلك الأمر في مجال التعليم. وكان أكثر أعضاء الحزب من المثقفين الجنوبيين. وذهب الحزب إلى المطالبة بجيش مستقل عن الجيش الشمالي.
عندما تشكل الحزب كان يرأسه في الخارج جوزيف أودوهو، كما كان وليم دينق السكرتير العام.
حاول هذا الحزب أن يفصل جنوب السودان عن شماله، فكتب في عام 1963م رسالة إلى منظمة الأمم المتحدة بهذا المعنى، كما أرسل رسالة مماثلة لمنظمة الدول الإفريقية مطالبًا لجنوب السودان بالاستقلال عن جمهورية السودان.
كان الحزب يزعم بأنه إنما يبحث عن حل لقضية جنوب السودان بالطرق السلمية، ولكن ظهر أنه كان له جناح عسكري فيما بعد هو حركة الأنانيا التي كانت تثير حرب عصابات دموية في جنوب السودان حتى أمكن التوصل معها آخر الأمر إلى تفاهم.
حزب الأحرار.
حزب سياسي نشأ في جنوب السودان عام 1954م، وكان يرأسه بنجامين لوكي، وستانسلاوس بيساما نائبا للرئيس، كما كان بوث ديو سكرتيرًا عامًا. وكان عبدالرحمن سول مسؤولاً عن فرع الحزب في جوبا. وظل حزب الأحرار هو الحزب السياسي الوحيد في جنوب السودان. وكان قد أعلن أن أهم أهدافه إقامة حكم فيدرالي بين الشمال والجنوب. ووطد علاقاته بحزب الأمة والحزب الوطني الاتحادي على أساس موافقتهما على هدفه. ووافق معهما على إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان بدلاً من إجراء استفتاء عام على أن يوافق الحزبان على النظر في المطلب الفيدرالي للجنوب. وفي 19 ديسمبر 1955م، أصدر البرلمان قرارًا بوضع اعتبار كافٍ لمطلب الاتحاد الفيدرالي بين الشمال والجنوب وذلك بعد أن أُعلن استقلال السودان. وكان حزب الأحرار يتعاون مع الأحزاب الشمالية الكبيرة وفي مقدمتها الوطني الاتحادي والأمة في جميع المناسبات وتشكيل الوزارات.
وفي نوفمبر 1958م، حُلَّ الحزب مع بقية الأحزاب السياسية في الشمال والجنوب وذلك بعد تسلُّم الفريق إبراهيم عبود الحكم في البلاد حيث وقعت تحت حكم عسكري حتى أكتوبر عام 1964م.
حزب الأمة.
نشأ في السودان عام 1945م وكان يطالب باستقلال السودان وأن يكون السودان للسودانيين. وكان هذا يعني أنه لا يوافق على الوحدة مع مصر. ونشأ هذا الحزب بقاعدة الأنصار وهم أتباع السيد عبدالرحمن ابن محمد أحمد المهدي. وكان المهدي الكبير قد رفع لواء الثورة على الحكم المصري في الثمانينيات من القرن التاسع عشر، وفصل السودان من الحكم المصري بمساعدة الجنرال غوردون البريطاني. ومع أن حزب الأمة كان ينادي بالاستقلال، إلا أنه كان ميالاً إلى التفاهم الودي مع البريطانيين وإدارتهم التي كانت تدير أمر شؤون السودان.
دخل الحزب أول انتخابات جرت في السودان، ورغم كثرته العددية، إلا أنه لم يكسب من المقاعد البرلمانية مايوازي عدده، وكانت خيبة أمل كبيرة لقياداته؛ إذ فاز الحزب الوطني الاتحادي بأغلبية مقاعد البرلمان. وكان عدد مقاعده 51 مقعدًا بينما كانت مقاعد حزب الأمة 22، وقد عكس ذلك ميل الشعب السوداني لوحدة وادي النيل.
لكن الأحداث في مصر بعد ذلك أثَّرت على مجريات الأمور في السودان خاصة عندما أُعفي اللواء محمد نجيب من منصبه كرئيس لجمهورية مصر ولمجلس الثورة.
واستطاع حزب الأمة أن يتفق مع الحزب الوطني الاتحادي على إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان، وقبلت بذلك دولتا الحكم الثنائي بريطانيا ومصر، وهكذا حقق حزب الأمة ما كان يصبو إليه.
بعد وفاة السيد عبدالرحمن المهدي تولى ابنه الصِّدِّيق المهدي زعامة حزب الأمة، ودخل في صراع مع حكم الفريق إبراهيم عبود العسكري. وكان السيد الصِّدِّيق يدعو لعودة الديمقراطية. وساءت العلاقات بين جموع الأنصار والحكم العسكري. وفي ظل ذلك الصراع، توفي السيد الصديق واستمر عبود في الحكم. ولكن بعد فترة من الوقت قام السودان بأجمعه بانتفاضة قوية ضد حكم عبود ووقف الشعب وقفة رجل واحد ضده، فاضطر الفريق إبراهيم عبود إلى إنهاء حكمه العسكري على أن يظل رئيسًا للدولة. ولكن سرعان ما قدم استقالته للحكومة المدنية.
بعد وفاة الصديق المهدي تولى أخوه الهادي زعامة حزب الأمة. وقد بقي كذلك حتى قام العقيد جعفر نميري بانقلاب عسكري مع بعض الضباط في مايو 1969م. وعارض الإمام الهادي ذلك الحكم وقاد تمردًا مدنيًا ضده في الخرطوم انطلق من جزيرة أبا. ولكن الجيش السوداني أمطر الهادي وأنصاره بوابل من القنابل والصواريخ، ثم طورد إلى الحدود الأثيوبية حيث لاقى حتفه. وأصبحت الأزمة واسعة بين حزب الأمة ونظام نميري. وقد خلف الهادي في زعامة الحزب ابن أخيه الصادق بن الصديق المهدي، واستمر التوتر بين الجانبين حتى نهاية حكم نميري.
بعد سقوط حكومة جعفر نميري عام 1986م ولجوئه إلى مصر، تولى الصادق المهدي زعامة الحزب السياسية والروحية، وأصبح رئيسًا للوزراء بعد استقالة المشير عبدالرحمن سوار الذهب، واستمر في ذلك المنصب حتى أطاح به انقلاب العقيد عمر البشير في 30 يونيو 1989م. وظل الصادق المهدي يعارض حكم البشير، كما أن التوتر بينه وبين الحكومة ظل على أشده خاصة بعد خروجه من السودان خفية في 11 ديسمبر 1996م، حيث وصل إلى أسمرة وانضم هناك للمعارضة السودانية في الخارج. وفي نوفمبر 2000م، عاد الصادق إلى الخرطوم وأعلن انسلاخه عن التجمع المعارض، ولكنه ظل يعارض البشير وحكومته.
الحزب الجمهوري الاشتراكي.
حزب تكوّن بتأييد من الإدارة البريطانية في السودان وذلك ليكون مناوئًا لحزب الأمة الاستقلالي إذا ما عمد فعلاً إلى محاولة طرد الإنجليز من السودان. وكان هذا الحزب يتكون من زعماء القبائل وزعماء العشائر. وكان من أهدافه أن يعارض الحزب الوطني الاتحادي الذي كان ينادي بالوحدة مع مصر. غير أن هذا الحزب أخفق في الانتخابات البرلمانية التي عُقدت أول مرة في السودان عام 1953م ولم يستطع الحصول على المقاعد الكافية. ومنذ فشله في تلك الانتخابات لم يعد له وجود في السَّاحة السياسية السودانية.
الحزب الشيوعي السوداني.
نشأ هذا الحزب خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، وبدأ نشاطه الفعلي عام 1946م. ولم يعمل الحزب الشيوعي السوداني باسمه بل كان يعمل تحت ستار الجبهة المعادية للاستعمار. وقد قاطعت الجبهة الاتفاقية المصرية البريطانية التي تم التوصل إليها عن طريق اللواء محمد نجيب والحكومة البريطانية، ولكنها اشتركت في انتخابات عام 1953م، قبيل الاستقلال ونالت مقعدًا واحدًا من مقاعد الخريجين الخمسة، انتُخب له حسن الطاهر زروق.
في وزارة الأحزاب والهيئات التي ألـَّفها سرالختم الخليفة سنة 1964م، فاز الحزب الشيوعي بعدد من المقاعد عن طريق تمثيل الهيئات والاتحادات.
وفي انقلاب جعفر نميري في مايو 1969م، وقف الحزب أول الأمر وراء الانقلاب، ولكن ما لبث نميري أن طرد ممثليه الثلاثة الذين كانوا في المجلس الأعلى لقيادة الثورة وهم بابكر النور وهاشم العطا وفاروق حمد الله.
وقد رد هؤلاء الضباط على نميري بانقلاب نظَّمه الرائد هاشم العطا واستولى على الحكم في الخرطوم. وقد بقي الانقلابيون في الحكم لمدة ثلاثة أيام عملت بعدها بعض الدول العربية المجاورة، خاصة ليبيا ومصر على القضاء عليه وإطلاق سراح نميري وإعادته إلى السلطة.
أقام نميري محاكم ميدانية أصدرت أحكامها بإعدام الضباط الثلاثة، وألحقت بهم عبدالخالق محجوب سكرتير عام الحزب الشيوعي والشفيع أحمد الشيخ رئيس اتحاد نقابات العمال السودانية وجوزيف قرنق وبعض ضباط الجيش. وأودعت كثيرًا من الأعضاء الآخرين في السجون وبذلك ضعف الحزب الشيوعي السوداني.
لم يستطع الحزب بعد ذلك تحقيق ما يصبو إليه من تسلُّم السلطة في السودان. وضعف موقفه أكثر في السنوات الأخيرة خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي (سابقًا) عام 1991م. ومازال بعض أعضائه موجودين الآن في المعارضة خارج السودان.
وفي أكتوبر 1994م، انفصلت مجموعة من جيل الشباب في الحزب الشيوعي السوداني وذلك في أعقاب رفض جيل الشيوخ في الحزب إجراء التغييرات التي فرضتها الظروف الدولية الجديدة وخاصة انهيار الاتحاد السوفييتي.
الحزب الوطني الاتحادي.
حزب أُسِّس في السودان عام 1943م باسم الأشقاء أولاً، وكانت أهم أهدافه إقامة حكومة ديمقراطية سودانية في اتحاد مع مصر. واستمر الحزب بهذا الاسم حتى قيام ثورة يوليو بمصر. فارتحلت إلى هناك كل الأحزاب الاتحادية لمقابلة اللواء محمد نجيب الذي استطاع جمع شتاتها في الحزب الوطني الاتحادي برئاسة الرئيس إسماعيل الأزهري. وهكذا كان قيام هذا الحزب الذي كان ينادي بالوحدة مع مصر، وإخراج الإنجليز من السودان.
أيَّد هذا الحزب الزعيم الديني السيد علي الميرغني راعي طائفة الختمية الذي كان له أتباع كثيرون في شرق السودان وشماله ووسطه. ووقف الحزب ندًّا لحزب الأمة الذي كان يرعاه الإمام السيد عبدالرحمن المهدي.
كان الحزب الوطني الاتحادي قويًا أيضًا في أغلب مدن السودان، كما كان يجد تأييدًا قويًا من حكومة الثورة في مصر. وقد استطاع الحزب كسب عدد من مقاعد الجنوب لأعضاء في حزبه مما جعله يفوق في ذلك عدد أعضاء حزب الأمة.
أقام الحزب الوطني الاتحادي أول حكومة سودانية مستقلة برئاسة إسماعيل الأزهري وصلت إلى الحكم عن طريق انتخابات ديمقراطية . ولكن حدث خلاف بين رئيس الحكومة وراعي الحزب وهو السيد علي الميرغني في سنة 1954م، فصوتت الأغلبية البرلمانية مع حجب الثقة عن الأزهري، فأُسقطت حكومته. إلا أن الأزهري عاد ونجح بصوت واحد وعاد لرئاسة الوزارة التي خسرها بالصوت نفسه.
ومنذ ذلك الحين، كان الزعيمان يتعاملان معًا في حذر وتوجُّس. ثم ائتلف راعي الحزب الوطني الاتحادي السيد علي الميرغني وراعي حزب الأمة السيد عبدالرحمن المهدي على الإطاحة بإسماعيل الأزهري. وبالفعل أسقطا حكومته، وانتُخبت حكومة جديدة برئاسة الأميرلاي عبدالله خليل سكرتير حزب الأمة، وأُخرج الأزهري من الوزارة.
في عام 1958م، كان عبدالله خليل رئيسًا للوزراء فسلم الحكم للفريق إبراهيم عبود الذي أعلن أن البلاد أضحت تحت حكمه العسكري. وعارض هذا الحكم الحزب الوطني الاتحادي بقيادة الأزهري، كما عارضه أيضًا حزب الأمة. فأُرسل كل من الأزهري وعبدالله خليل إلى سجون بعيدة، فهب الشعب السوداني ثائرًا ضد الحكم العسكري وأُطيح بالفريق عبود.
عُقدت انتخابات تحت مظلة حكومة من الأحزاب والهيئات، وفاز الحزب الوطني الاتحادي بأغلبية جعلت من الأزهري رئيسًا لمجلس السيادة، ومن حزب الأمة رئيسًا للوزراء ممثلاً في محمد أحمد محجوب. ولكن في 25 مايو 1969م، قام بعض الضباط بقيادة العقيد جعفر محمد نميري بانقلاب عسكري أطاح بالحكم المدني ووضع الأزهري وغيره في السجون، ثم ما لبث أن توفي الرئيس إسماعيل الأزهري وهو رهين السجن. ولم تكن مقاومة الحزب الوطني الاتحادي الداخلية قوية للحكم العسكري. وكانت المعارضة خارج السودان بقيادة زعيمه الشريف حسين الهندي.
بعد الإطاحة بجعفر نميري عام 1985م، اتحد الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي مايزال يمثل فئة من المعارضين لحكومة الفريق عمر البشير. وظل هؤلاء تحت رعاية زعيم طائفة الختمية السيد محمد عثمان الميرغني والشريف زين العابدين الهندي، خارج البلاد يعملون على إنهاء نظام الحكم الحالي في السودان. أما الشريف زين العابدين فقد عاد للسودان (1997م) مؤيدًا لحكومة الإنقاذ ومشاركًا في أجهزتها، إذ عين نائبًا لرئيس المؤتمر الوطني، أي نائبًا للفريق البشير الذي ترأس المؤتمر بدءًا من فبراير 1998م.
مؤتمر البجة.
عُقد هذا المؤتمر في مدينة بورتسودان في أيام 9 و10 و11 أكتوبر 1958م برئاسة الدكتور طه عثمان بلية وذلك كوسيلة ضغط على الحكومات الحزبية في السودان للاهتمام بقضاياهم. والبجة هم سكان شرق السودان. وكان ينضوي تحت راية المؤتمر أعضاء برلمانيين من كافة الأحزاب السياسية السودانية. وكان الهدف من ذلك المؤتمر توضيح الحالة التي عليها البجة للمواطنين عامة وللسياسيين الحزبيين وخاصة الحزب الوطني الاتحادي وحزب الأمة. واستطاع المؤتمرون أن يوضحوا مطالبهم العادلة لرفعة السودان الشرقي واللحاق ببقية الأقاليم اجتماعيًا وتعليميًا وصحيًا واقتصاديًا. وكان أهم ما ظهر في الحركة أنها تريد أن يتم كل شيء من تطور وتنمية في إطار السودان الموحد. وكانوا يرون أن في الحزبية شتاتًا لهم إذ لم يكن فيهم من وُضع في منصب يستطيع معه أن يقدم شيئًا للمنطقة بوصفه مسؤولاً.
وتجاوبت الأحزاب الكبيرة والحكومة مع دعوة المؤتمر لها وحضر المؤتمر السيد عبدالله خليل رئيس مجلس الوزراء والسيد نصرالدين السيد من المعارضة (الوطني الاتحادي).
ولكن المؤتمر لم يستطع أن يحقق أيّاً من مطالبه العاجلة لأن انقلاب الفريق إبراهيم عبود قام في 17 نوفمبر 1958م وانتهت بذلك نشاطات المؤتمر، وغرق شرق السودان بعد ذلك في دوامة الحكومات المتعاقبة.
ربما أيقظ مؤتمر البجة بقية الأقاليم السودانية النائية مثل جبال النوبة وأبناء دارفور، وأقاموا جماعات ضغط ولكنهم لم يقيموا مؤتمرًا عامًا مثل مؤتمر البجة.
أدت هذه الحركات الإقليمية إلى ازدياد الشعور بين المسؤولين السودانيين في مختلف العهود إلى التفكير في اللجوء إلى تقسيم السودان إلى أقاليم ـ نظام فيدرالي ـ يتولى أبناء كل إقليم بعض مسؤوليات الحكم في مناطقهم. وكانت هذه الخطة قد وُضعت عندما كان السيد عبدالرحمن علي طه وزيرًا للحكومات المحلية، ولكن ظروف الاضطرابات في الحكم الديمقراطي حالت دون تطبيق الفكرة التي وجدت طريقها إلى التنفيذ في عهد حكم الرئيس جعفر محمد نميري الذي امتد قرابة ستة عشر عامًا.
سوريا
الجبهة الوطنية التقدمية في سوريا.
تضم هذه الجبهة سبعة أحزاب سياسية هي: حزب البعث العربي الاشتراكي، حزب الاتحاد العربي الاشتراكي، الحزب الشيوعي السوري/ خالد بكداش، الحزب الشيوعي السوري/ يوسف فيصل، حزب الوحدويين الاشتراكيين، حركة الاشتراكيين العرب، الحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي. ورئيس الجبهة الوطنية التقدمية في سوريا هو رئيس الجمهورية وهو الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي. وتتكون هرمية الجبهة من قيادة مركزية مؤلفة من 20 عضوًا وقيادات إقليمية ومكاتب ولجان تشمل كل أنحاء القطر.
حزب الاتحاد السوري.
كان أول حزب سياسي أقيم في سوريا بعد الحرب العالمية الأولى (1914-1918م). قامت لجنة مؤلفة من سبعة أشخاص تمثل هذا الحزب بالكتابة إلى وزير الحربية البريطاني تحدد فيه حدود سوريا المستقلة. وكان هذا الحزب يضم من السوريين رفيق العظم والدكتور الشهبندر وغيرهما. وأعلن هذا الحزب أنه يطالب بقيام دولة سورية حدودها من طوروس شمالاً إلى العقبة جنوبًا، ومن الفرات والصحراء شرقًا إلى البحر الأبيض المتوسط غربًا.
حزب الأحرار.
حزب سياسي سوري أنشأه سعيد حيدر في سوريا سنة 1944م، وكان معه نصوح بابيل وآخرون. وكان هذا الحزب قد أقيم خصيصًا لمعارضة نفوذ كبار ملاك الأرض وعائلات التجّار. ولم يدم طويلاً إذْ دب الانقسام في صفوفه ثم غاب عن العيون.
حزب الاستقلال السوري.
نشأ في فبراير 1919م من جمعية العربية الفتاة وحزب التقدم الذي كان مظهرها البرلماني.
حزب الاستقلال العربي.
كان حزبًا سياسيًا عربيًا نشأ في دمشق سنة 1919م بعد الحرب العالمية الأولى، عندما أقام الأمير فيصل بن الحسين الهاشمي حكومته هناك. وانبثق هذا الحزب من جمعية العربية الفتاة التي كان لها دور بارز في أثناء الثورة العربية خلال الحرب العالمية الأولى. ولكن بعد دخول الفرنسيين دمشق واحتلالهم سوريا وإسقاط حكومة الأمير فيصل، لم يعد لهذا الحزب أي نفوذ سياسي في العالم العربي.
كانت القومية العربية واحدة من أهداف هذا الحزب. واجتمعت نخبة من الزعماء العرب بلغ عددهم 50 عضوًا في سنة 1931م في مؤتمر إسلامي بالقدس بمنزل عوني عبدالهادي ووضعوا ميثاقًا من أهم بنوده: 1- إن البلاد العربية وحدة تامة لا تتجزأ وكل ما يطرأ عليها من أنواع التجزئة لا تقره الأمة، ولا تعترف به 2- توجَّه الجهود في كل قطر من الأقطار العربية إلى جهة واحدة هي استقلالها التام كاملة موحدة، ومقاومة كل فكرة ترمي إلى الاقتصار على العمل للسياسات المحلية والإقليمية 3- لما كان الاستعمار بجميع أشكاله وصيغه يتنافى كل التنافي مع كرامة الأمة العربية وغاياتها العظمى، فإن الأمة العربية ترفضه وتقاومه بكل قواها.
واختيرت في ذلك الاجتماع لجنة معظم أعضائها من الفلسطينيين منهم عوني عبدالهادي وخيرالدين الزركلي وصبحي الخضرا وآخرون. وكان المطلوب من اللجنة أن تدعو مندوبين من سائر الأقطار العربية لحضور مؤتمر عربي موسع لتنفيذ الميثاق على المستوى الشعبي في كافة أقطار العالم العربي. واستطاعت هذه الحركة أن تقيم بعض الفروع لها في فلسطين وسوريا والعراق.
يتبع >