اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صـفوة النّـفس
وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته
شُكرا لوفاء الحضور أخي سعيد،
وبِدوري سأكونُ إن شاء الله من المتتبّعين لِسير النّقاش رغم أنّي أطمع في المزيد من المشاركات لِعِلمي بوجود العديد من الأقلام لعقولٍ نيِّرة بِمُنتدانا..
وعلى سبيلِ الذِّكر الأُستاذة اعتِماد..فأين أنتِ أختاه فنحنُ بِحاجة لِكرمِ إثرائِكُم.
ـــ
عودةً لكلامِك أخي سعيد فأراك قد وقفتَ على نِقاط مهمّة..
ذكرتَ الأُستاذ والحاكم والإمام والمسؤول..
وأرى من جِهتي أنّ الأُستاذ مسؤول، والحاكم مسؤول و الإمام مسؤولٌ أيضا.
ولكلِّ واحِد منهُم دورٌ خاصّ، يُبنى على أساسِه مصير فئات مختلِفة تندرِج بِصِفة عامّة في فئة جامعة (هي فئة المواطِن)
طبعا ومن بينهِم طُلاّب العِلم،
هذه الفِئة التي تُعتبَر أهمّ ركائِز البلاد.
وللتّفصيل أكثر نقِف عند دور الأُستاذ ومدى تأثيره في جانِب الحِفاظ على اللّغة العربيّة والعمل على تبليغ فوائِدِها والتّرغيب في انتِهاجِها بمختلف مجالات الحياة العلميّة وغيرِها.
فالأُستاذ هو الجدير بِرفع التحدّي لِاستِعادة كرامتِها حيثُ أنّ موضِعه يُسهِّل له هذا الأمر شريطة أن يكون بدورِه قد نهل من جرّةٍ تملاها قيمُ المُسلِمِ العربيِّ الذي رضع حُبّ لغةِ الدّينِ والوطن.
لأنّنا لن ننتظِرَ من غيرِه مُجرَّدَ التّفكير في تقديمِ النُّصحِ لِطلبتِه أو تذكيرِهِم بقيمة لُغتهِم وما شابه ذلك.
'وتحضُرُني الآن صورة معلِّمتي الغالية التي درستَني في المرحلة الابتدائية..
والتي لا أذكُر إلى يومِنا هذا كم من الكلِمات التي نطقت باللّغة العاميّة (لأنّها بالفعل كلماتٌ تُعدّ على الأصابِع)
وهذا لأنّها كانت تُخاطِبُنا باللّغة العربيّة حتّى أثناء أوقات الاستِراحة..فكنّا نخجلُ من مخاطبتِها دون ذلك حتّى ولو كلّفنا الأمر كسر الكلام وتغيير معناه.
تلك التّلقائيّة، وذلك الاهتِمام من معلِّمتِنا يُلازِمُ ذاكِرتي كصورةٍ تستحقّ أن تُرصّعَ بِالذّهب'.....يُتبَع.
أخي سعيد لم أنهي كلامي عندَ هذا الحدّ فقد استوقفني اللّحظة شُغلٌ ضروريٌّ لي عودةٌ إن شاء الله بعد إنهائِه.
فعُذرا إن ورد كلامي في عُجالةٍ ودون تنسيق .
|
السّلام عليكُم ورحمة الله وبركاته
واستِكمالا لما أوردتُ أعلاه يهمُّني أن أستحضِرَ أيضا بعض من نصائِح معلّمتي وطريقة معاملتها لنا (حتّى وإن بدا خروجي عن الموضوع إلاّ أنّي أهتمّ بتذكير بعض معمّلينا وأساتِذتِنا الأكارِم بهذا الأمر الذي يُخلّفُ أثرا إيجابيّا على التّلميذ)
حيث كانت معلِّمتي تُكمِّلُ دور الوالِدين لِتُشعِرَنا بِعِنايَتِها خلال فترة الدِّراسة وذلك بدءا باهتِمامِها بِنظافتِنا فأولى نظراتِها تُركّز على الشّعر والأظافِر ومن ثمَّ مُراقبة الكراريس والحِرص على مُراجعة الدّرس المُلقى قبل خروجِنا من القِسم وبِصِفة دوريّة..
كما كانت تُرغِّبُنا في المُشاركة وتبثّ فينا روح المنافسة وتُكافئ المُجتهِد منّا وتهتمّ بنفسيّتِنا فتحزنُ لِحزننا
وتنصحُنا بِمساعدة الفقيرِ بيننا..
وسُبحان الله كم كانت تتعب وهي تُلقي الدّرس بصوتٍ مُرتفعٍ تسعى من خِلالِه لاختِراق أسماعِ الغافلِ أو النّائِمِ منّا..و..ومهما ذكرت فلن تكفيني هذه الصّفحات وكلّ هذا الاهتِمام لِإيصاله لكُم بِصورة تُبدي صِدق مسعاها وإيجابيّاته.
وبالمُقابِل كنّا نخافها خجلا منها واحتِراما لها..
أمّا بوقتِنا الحالي فالتّلميذ أو الطّالِب تختلِف نظرته إلى معلِّمه..فهو يراهُ كشخصٍ أجنبيٍّ لا يحقّ له أن ينصحه أو ينهره حتّى لأجلِ مصلحتِه الشّخصيّة !
فهو يشعُر باستِقلاليّة وكبرياء يحول على سبيل الذِّكر دون طأطأة رأسِه خجلا أمام معلِّمِه..
ولو فكّرَ لِلَحظة أنّ هذا الأخير يهتمّ لأمرِ نجاحِه ومستقبلِه لتغيّرت نظرته، لكن في حالِ نجحَ المعلِّم في مدِّ جسور المودّة والثِّقة بينهُ وتلامذته..
بحيث ما نرى في بعضِهِم يعكسُ هذا الأمر لِتُصبِحَ سُويعات الدِّراسة الرّابِط الواحِد الذي ينقطِع بنفاذِ وقتِها.
وقد يكون الانفِصال الفِكري حتّى خلال أوقات الدِّراسة حينما يعتمِد المعلِّم على إلقاء الدّرس بِصِفة (المُلقي..لا المُعلِّم) لأنّ المُعلِّم الحقيقي يتعدّى المعلومة المُلقاة إلى التّوسُّعِ في شرحِها وتبسيط طريقة تبليغِها والحِرص على وصولِها بشكلٍ يُؤهّل التّلميذ لاستيعابِ معناها.
والحديث يطول بهذا الشّأن..ليبقى تساؤُلي مطروحا
تُرى لِمَ لا يلتزم بعض المعلِّمين بِدورهِم في تأديةِ رسالتهِم على أكمل وجه؟
أم أنّهُم لا يُدرِكون أنّ صلاح هذا النشء يرتبِط بالدّرجة الأولى بِصلاح منهجيّة التّدريس..
ومن هذا المُنطَلَق أتوجّه بالعِتاب لِكلِّ معلِّم أو أُستاذ يُقصِّر في واجبه للحفاظ على لُغة دينه وعدم تحفيز طلبتِه للاهتِمام بها.وهو أكثر من يمتلك الفُرَص والجوّ الملائِم لِذلك.
ولا يقلّ دور الإمام عن المعلِّم في هذا الجانِب خاصّةً لأنّه المتكلِّم باسم الدّين ولُغة القُرآن وهو من بإمكانِه استغلال ثقة النّاس لِصبّ وعظِه على عقولِهِم وتذكيرِهِم بقيمة هذه اللّغة استنادا على آيات قرآنيّة تزرع الطّمأنينة في قلوبهِم وتشدّ عزمهم وتَهديهِم لكلِّ خيِّرٍ طيِّب.
لكنّ الواقِع يندى له الجبين وكم يُؤلِمُني الوضع وصوت الإمام يبلُغ مسمَعي وهو يُلقي خُطبة الجُمُعة وبِلُغةٍ غير لغةِ القُرآن !
يُخاطِب النّاس بالعاميّة ولا يبلغك من أثر اللّغة العربيّة سوى ما قُرئ به القرآن.
فكيف لإمامٍ كهذا أن يُقتدى به أو أن ينصَحَ غيره بما لا يعمَل به؟ !
وأين هؤلاء من قولِ ربِّ العِزّة: *قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * وكذلك قوله سبحانه وتعالى: * وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً *
والجاهِل للُغةِ دينِه عدُوٌّ لها مادام لا يعرِفُ حقيقتها ولا يبذُلًُ جُهدا لأجلِ تبديد غموض الفهم أو لأجلِ اصطِياد صدفاتِها التي تزدادُ قيمة كلّما تعمّقنا أكثر في بواطِنِها.
عودةً للحاكِم الذي يتمثّل بِصفة عامّة في صاحِب السُّلطة الأولى للبِلاد أو رئيس الدّولة التي يُمكن جعلها دولة إسلاميّة قويّة إنِ استُمدَّت أحكامها من الشّريعة الإسلاميّة وحُفِظت لُغتها وهويّتها وعلومها وأوليت اهتِماما كبيرا لتنشيطِها على كلّ المُستويات وفي كلّ مجالات الحياة..وكأهمّ المواقِف التي يُمكِن للحاكم أن يُؤسِّسَ عليه عنايته بهذه اللّغة هو تطهير المنهجيّة التّربويّة التي نلمس بوضوحٍ كبيرٍ تقصيرها في حقّ لُغتِنا..وكذلك تنشيط الحركة التّعليميّة على مستوى المراكِز والمدارِس القُرآنيّة والمساجِد وغيرِها من الأماكِن التي يُمكِنُها أن تحدِث تغييرا جذريّا للوضع السّائِد.
ومن هنا نُلاحِظ التّكامُل الموجود بين المعلّمين والأئِمّة والحكّام..
فلو احترم كلٌّ منهُم حقوق لُغتِه وقام بِواجباتِه تُجاهَها على أكمل وجهٍ لأمكَننا أن نقول أنّنا أمّة عربيّة مسلِمة ولأَمْكَننا التّفاخُر بِهويّتِنا وسيادتنا الوطنيّة.
فأين نحنُ من هذا..
ـــــــ
اللهمّ رُدّنا إلى دينِنا ردّا جميـلا