السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
قد رسّم الكاتب عنوان كتابه بـــ (( العتاب لمن تكلم بغير لغة الكتاب )) و هو بذلك قد ألح على عدة أشياء من خلال عنوانه فقط , أولا "العتاب" الذي وجهه للأمة اليوم على ما صارت له العربية في زماننا , و كأني في عتابه هذا يلقي باللوم على الذين يلوون ألسنتهم بغير العربية اليوم , بل و يرمونها بأنها غير صالحة للعلوم الحديثة و رحم الله حافظ إبراهيم عندما رد عليهم بقوله في بيتين أو ثلاث من الشعر فألجم الأفواه عن رميهم ذاك و بادرهم بالتحدي عندما قال بان العربية وسعت كتاب الله لفظا فكيف لا تسع اسم آلة أو مخترع اليوم , ثم لنلقي النظر لكلمة "تكّـلم" في عنوان الكتاب , و في هذا دلالة واضحة على ما نراه اليوم في شتى المجالات من لغة قاصرة و مكسورة في بنيانها ثم الكثير من أبناء اليوم يتكلم بغير لغة الكتاب , كالرطانة بلغة العجم أو إن تكلم بما يظهر أنها عربية و ليست من العربية في شيء , و الشطر الآخر هو تركيزه على تسمية "بغير لغة الكتاب" و في هذا إشارة إلى القرآن الكريم و واضح جدا أنه يمهد لطرحه و كذا المنبع الذي يتخذه في كتابه و الأصل الشاهد الغير قابل للنقد و التزوير , ثم و لأول وهلة و من خلال الولوج الأول للكتاب يتضح شيئين اثنين : أولهما النظرة الدينية التي تغلب على فكر الكاتب و الدليل مقارباته للعديد من الأئمة و الصحابة الكرام و المشايخ الأفاضل من خلال أحاديثهم عن فكرة الكتاب , و ما أورده العلامة الشيخ زهير الشاويش في مقدمته دليل على ذلك , و كأنه بهذا يمهد العقل و الفكر لدخول صلب الكتاب و تبسيط ذلك الدخول على القارئ و الكاتب في آن واحد , فها هو ذا يترجم لعمالقة العلماء و أفاضل الأستاذة الكبار , و مع كل هذا هناك جانب من عدم التوغل كثيرا في الفكرة و الاكتفاء بتراجم و أقوال السابقين , ثم الإشارة بشكل مكثف إلى عربية اليوم و مداوة جراحها ببعض البلسم الشافي لعقول المفكرين و الأستاذة و طلبة العلم و بعث الشرارة التي ستتقد في أفكارهم للنهوض بعماد من أعمدة الحضارة و هي اللسان الذي يتخاطب به الناس فيما بينهم ... هذه توطئة بسيطة لعنوان الكتاب و المقدمة المفتتح بها الكتاب ... و السلام عليكم .