منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - اشكالية العلاقة بين الاسلام والديمقراطية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-11-07, 12:07   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

واشار الى ان الاخوان يعملون من اجل نظام ديمقراطي واصلاح دستوري بهدف تحقيق الامن الوطني والقومي ، ثم يستطرد مخاطبا التيارات السياسية الاخرى ( ان الطريق الوحيد من اجل مقاومة كل ما نتعرض له هو الديمقراطية ولكن كيف نحقق ذلك وهناك فجوة بين المواقف الرسمية والتعبيرات الشعبية التي يجب اخذها بالحسبان ومراعاة متطلباتها اتقاء لتعبيراتها الخطيرة عندما يستخدم الشعب آلياته للتغيير ، لذا يجب ان نكافح من اجل الديمقراطية كقوى سياسية لان وجود النظام الديمقراطي سيحقق الشفافية في محاسبة المفسدين في الاجهزة على درء مفاسد الغوغائية التي تسيطر على كافة المؤسسات الرسمية والحكومية في بلادنا وتحارب التيارات السياسية التي تخرج الى الشارع ).
على ان من احدث الدراسات المتعلقة بإشكالية العلاقة بين الاسلام والديمقراطية هي دراسة الباحثين الامريكيين جون اسبوزيتو وجون فول استاذي التاريخ في جامعة جورج تاون في كتابهما المشترك –الاسلام والديمقراطية-حيث قاما بتحليل هذه الاشكالية من خلال تحليل الوجوه المتعددة للعلاقة بين الاسلام والديمقراطية في اطار ما يحدثانه من ارتباط جاذب ونابذ بين الانبعاث الديني الاسلامي وعملية الدمقرطة في العالم الاسلامي الحديث، وينطلقان في بحثهما من حيثية توافق حركات الاحياء الديني في العالم مع عملية تشكيل انظمة سياسية اكثر ديمقراطية ويريان ان هذه الحركات قد عززت من عملية التشكيل هذه في حين حصلت المواجهة بين هاتين الديناميتين في بعض المناطق الاخرى ،ونظرا لاهمية ما جاء في الكتاب سنستعرض اهم ماجاء فيه وكما عرض في الانترنت .
يتعرض المؤلفان لقضية تظافرالديمقراطية مع النهضة الاسلامية والهوية الدينية والثقافية والاصالة والشرعية مع قضايا المشاركة السياسية والسلطة والمجتمع المدني ،ويقدم الباحثان منظورا جديدا لتلك التفاعلات الجاذبة والنابذة حيث يريان ان التجارب الاسلامية لم تشكل في ذلك حالة منعزلة حيث نشهد اليوم حركة عالمية من الدمقرطة والانبعاث الديني والاقوامي الاثني واللغوي والثقافي وقد تحدى هذا الميل العالمي نحو نزع العلمانية في رايهما كلا من الافتراضات المسبقة للتحديث وعملية علمنة المجتمعات وغربيتها التي طالما اعتبرتها الاسلامولوجيا الغربية مباديء ارتقائية حتمية من اجل التطور ، فالتطور البنيوي للدول في العالم الاسلامي قد شمل ميادين عديدة الا ان العلاقة بين الاسلام والسياسة ظلت موضوعا رئيسيا من ابرز موضوعاته في التحولات التي جرت في القرنين ونصف الماضيين حيث ارتسمت خطوط التوتر مابين حركات الاصلاح التحديثي وبين المؤسسات والاعراف القديمة القائمة في المجتمعات المسلمة ما قبل الحديثة
لقد بدأ المؤلفان ملاحظتهما من انه مع بداية القرن العشرين بدات بالظهور حركات جديدة تؤكد على الاسلام واعادة تأصيله في الحياة الا ان هذه الحركات –في رايهما- مثل جماعة الاخوان المسلمين والجماعة الاسلامية في باكستان كانت مختلفة في البنية والاسلوب عن الحركات الاسلامية الاقدم من ناحية انها لم تستمد دعمها من العناصر المحافظة في المجتمع ، بل ان اغلبية مؤيديها تلقوا تعليما من النموذج الحديث ويعملون في القطاعات الحديثة في مجتمعاتهم،ولم تكن تدعو الى العودة لظروف ما قبل الحداثة بل تدعو برامجها الى تأسيس بنى قادرة على العمل بطريقة اسلامية حقيقية ضمن سياق الحداثة ، ويذهب الباحثان الى حد وضع تلك الحركات في فضاء تأسيس ما يسميانه _حداثة اسلامية –باتت هي الاسلوب السائد في الفكر الديني في ارجاء معظم العالم الاسلامي ،الا ان دور الاسلام في السياسة بدأ يتغير باساليب مهمة مختلفة مع حلول السبعينات حيث لم تعد المجموعات الاسلامية نكتفي بكونها عنصر رد فعل ضمن المجتمع السياسي بل برزت مصدرا للمبادرات الجديدة من اجل التطور والتغير السياسي في شروط توجه اعداد متزايدة نحو الاسلام كمنبع محتمل للالهام في الاوقات الصعبة ، ومن هنا اكتسبت هذه التنظيمات الجديدة شعبية خاصة بين الطلبة والمهنيين الشباب من الحائزين على تعليم حديث في بلدان مختلفة ،ويضع المؤلفان هذه التنظيمات في اطار حركة الانبعاث الاسلامي في العقود الاخيرة من القرن العشرين ويميزانها بكونها عناصر فاعلة تبادر الى الفعل بدلا من ان تستجيب بردود افعالها الى مبادرات الآخرين ،وتمثل بالتالي ظهور توجه بديل اجتماعي سياسي جدير بالثقة ، كما تعكس الطموحات المزدوجة للكوادر الحائزة على التعليم الحديث في المجتمعات الاسلامية فهي من جهة تطمح الى مشاركة اكبر في العملية السياسية وتريد من جهة اخرى ان تتوضح السمة الاسلامية المميزة لمجتمعاتها ومن هنا توحد المنظمات الجديدة بين الاتجاهين الكبيرين في نهاية القرن العشرين :الانبعاث الديني والدمقرطة .
لقد اثار ذلك بالنسبة الى الطموح المزدوج بين الدمقرطة والاسلمة اسئلة تدور حول انسجام الديمقراطية مع الاسلام ودور الحركات حديثة الطراز في التقدم السياسي للجماعات الاسلامية ، ويبقىاهم قضيتين مطروحتين فيما يتعلق بالانبعاث الديني والتطور السياسي هما المصادر الديمقراطية المحتملة في التراث الاسلامي وقدرة الحركات الاسلامية الجديدة على العمل بفاعلية لتلبية متطلبات كل من الاصالة الاسلامية والمشاركة الديمقراطية الشعبية ،ويرى الباحثان ان نقطة البداية في النقاش هو ما يتوفر في التراث الاسلامي من مصادر ايدلوجية ومفاهيمية لبرامج الدمقرطة المطروحة ،فالاسلام حاله في ذلك حال جميع المناهج العالمية او التراثات الدينية العظمى يتضمن طيفا واسعا من الرموز والمفاهيم الداعمة للهرمية السلطوية واخرى تشكل اساسا للحرية والمساواة .
ويكاد الكتاب ان يتكثف كله تبعا لهذا المنظور في تشخيص تنوع التجارب وتحليلها في العالم الاسلامي حيث تتعرض فصول الكتاب عبر مدخلين هما مدخل التحليل المجمل للاسلام والديمقراطية في التراث والمحيط العالمي والعلاقة ما بين المعارضة والدولة في التاريخ الاسلامي ويشمل ذلك فصلين منه والفصول الاخرى تتعرض على مدخل دراسة الحالة ولكن بمقاربة تمزج ما بين تواريخ الافكار والسياسة والاجتماع والعلاقات الدولية وبروز الحركة الاسلامية في ايران وفي السودان بعد تجربة المشاركة في السلطة والانشقاق عليها ثم الاستيلاء عليها وطرح مشروع راديكالي عمومي للعالم الاسلامي وعلى الوجوه المتعددة لجمهورية اسلامية واحدة في الباكستان التي تشكلت عقب انفصالها عن الهند على اساس انها جمهورية اسلامية واحدة وعلى خصوصية التجربة الاسلامية الجزائرية وعلاقتها بما يسميه الباحثان –الديمقراطية المقموعة –ثم ينتهيان الى دراسة تعقيدات الصراع في مصر بين الاسلام الشعبي والاسلام الحكومي الرسمي والاسلام المتطرف
،ويرد الباحثان تنوع التجارب الحركية الاسلامية الى ثلاثة انواع هي
النوع الجذري الذي صعد الى السلطة عبر ثورة شعبية او انقلاب في كل من ايران والسودان اذ ادت المعارضة الثورية الاسلامية هنا الى انشاء انظمة سياسية جديدة
واما النوع الثاني فهو نوع المشاركة في النظام السياسي القائم والمساعدة على صياغته في اطار حكومي يعترف شرعيا بالحركات الاسلامية الجديدة حتى عندما تكون في المعارضة مثل الجماعة الاسلامية في باكستان وحركة الشباب الاسلامي في ماليزيا ،
ويتمثل النوع الثالث في الحركات الاسلامية غير المشروعة التي تعكس تحركات المعارضة ضد النظام السياسي القائم حيث هناك بلدان كثيرة تحظر وتقمع الحركات الاسلامية الداعية الى انبعاث اسلامي عنيف ،وتعكس هذه الانواع الثلاثة من التجارب للباحثين التنوع الكبير في العالم الاسلامي –السيطرة الثورية الشعبية او الانقلابية على الثورة ،المشاركة في النظام ،الوضعية غير الشرعية ومن هنا يقوم هذا الطيف الواسع من التجارب نظرة مفيدة في فهم العلاقات المعقدة بين الاسلام والديمقراطية في العالم المعاصر .
وفي النهاية يستنتج الباحثان ما يتعلق بمستقبل الديمقراطية في العالم الاسلامي حيث يقدمان نظرة تحليلية تلاحظ هيمنة الخطاب الديمقراطي لكن مع اختلافات ومشكلات تعود اساسا الى ان الديمقراطية مفهوم خلافي ، وهذا كما يرى الباحثان حقيقة كثيرا مايتم غض النظر عنها ، ويريان ان مفهوم الديمقراطية ومصطلحها يحتمل تفسيرات وتطبيقات مختلفة وخلافا لما يعتقده البعض تكشف التجربة الديمقراطية الغربية عن فسيفساء مختلفة لا عن نموذج موحد ،وهكذا نراهما يؤكدان على ضرورة قبول الطبيعة الخلافية للديمقرطية وديناميات تطورها وتنوعاتها الى ان عملية الدمقرطة لا تقتضي ببساطة تبني الديمقراطية الغربية بل تكييفا للصيغ الديمقراطية فالى جانب انواع الاسلام الراديكالي وممارسته أشكالا متعددة من ارهاب المدن هناك صورة واضحة للنشطاء والتنظيمات الاسلامية التي اصبحت فاعلا سياسيا واجتماعيا سائدة بحيث تشكل جزءا من ثورة هادئة تعتمد العمل في المجتمع المدني ، وبانشاء منظماتها الاجتماعية والسياسية الخاصة وعقد تحالفات مع الاحزاب السياسية والاتحادات الاخرى والمشاركة في الاتحادات المهنية .
ولعل من احدث الممارسات الاسلامية للديمقراطية اليوم ماحدث في تركيا الدولة العلمانية حيث لاول مرة في تاريخ تركيا تفوز الاغلبية الاسلامية بالحكم وتشكل الحكومة لوحدها رغم ان تركيا دولة علمانية لقد جاء الفوز الساحق لحزب العدالة والتنميةالتركي في الانتخابات البرلمانية الاخيرة باول حكومة يشكلها حزب واحد في انقرة منذ اكثر من عشرين عاما واهم ملامح هذه الحكومة هو انه لحزب اسلامي بالكامل وفي دولة ينص دستورها على تبني العلمانية السياسية والديمقراطية التعددية والمدهش في الامر ان رئيس الحزب اكد عقب فوزه بالانتخابات على الاستقرار في النظام العلماني الذي ارسى جمال اتاتورك دعائمه ولم يتحدث عن تطبيق الشريعة الاسلامية وحينما تحدث عن اجراء تحقيقات في اوساط الشرطة واجهزة الامن بشأن الاعتقالات خارج اطار القانون وممارسات التعذيب ضد المعتقلين تطرق الى هذه القضايا من وجهة نظر حقوق الانسان على نحو يتفق مع مطالبة الاتحاد الاوربي باصلاحات محددة وقد اشار محلل غربي سياسي الى قضية التناقض المزعوم بين الاسلام والديمقراطية وقال :انه لو نجح حزب العدالة والتنمية في تحقيق الاستقرار في تركيا واصلاح الامور التي تهيؤها للحصول على عضوية الاتحاد الاوربي بحيث اصبح بامكانها الحصول على هذه العضوية فانه سيبدد الوهم السائد لدى كثيرين بان الاسلام لا يقبل الديمقراطية ولا يمكن ان يتعايش معها .
هكذا نرى الديمقراطية في العالم الاسلامي تتجاوز كل الاطر والتقييدات والتحديدات النظرية لكي تتعامل مع الواقع عبر نظرة اسلامية مرنة ووسطية معروفة كما ان تعدد الاجتهادات لفهم العلاقة بين الديمقراطية والاسلام يعكس غنى هذه الافكار وانفتاحها على المستجدات ولو اخذنا مثلا واحدا من التطبيقات الديمقراطية ونظرياتها الا وهو المجتمع المدني الاسلامي لرأينا مصداقية التفاعل الحقيقي بين الفكر الاسلامي والديمقراطية بشكل لا يقبل التأويل والشك .

المجتمع المدني بين المفهوم الغربي والاسلامي
لاشك ان الديمقراطية والمجتمع المدني مفهومان مترابطان ويعتمد كل منهما على الآخر ويشكلان فيما بينهما وحدة عضوية مميزة للمجتمع الغربي الحديث وللفكر السياسي المعبر عنه والمؤسس له
يعرف المجتمع المدني بانه عبارة عن مؤسسات مدنية لا تمارس السلطة ولا تستهدف ارباحا اقتصادية حيث يساهم في صياغة القرارات خارج المؤسسات السياسية ولها غايات نقابية كالدفاع عن مصالحها الاقتصادية والارتفاع بمستوى المهنة والتعبير عن مصالح اعضائها ومنها أغراض ثقافية كما في اتحادات الادباء والمثقفين والجمعيات الثقافية والاندية الاجتماعية التي تهدف الى نشر الوعي وفقا لما هو مرسوم ضمن اهداف الجمعية ،اذن المجتمع المدني هو مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الاسرة والدولة لتحقيق مصالح افرادها ملتزمة في ذلك بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والادارة السلمية للتنوع والاختلاف …ويستحيل بناء مجتمع مدني دون توافر صيغة سلمية لادارة الاختلاف والتنافس والصراع طبقا لقواعد خاصة متفق عليها بين الاطراف ، ويستحيل بناء مجتمع مدني دون الاعتراف بالحقوق الاساسية للانسان خاصة حرية الاعتقاد والرأي والتعبير والتجمع والتنظيم مع الاعتراف واحترام القيم السابقة وبذل كل الجهود من اجل تطوير التجربة الديمقراطية والحفاظ على ديمومتها …واذا كان المجتمع السياسي حيزا للسيطرة بواسطة الدولة فان المجتمع المدني هو فضاء للهيمنة الثقافية وظيفة الهيمنة هي وظيفة توجيهية للسلطة الرمزية التي تمارس بواسطة التنظيمات التي تدعي انها خاصة مثل النقابات والمدارس ودور العبادة والهيئات الثقافية المختلفة –مجلة بياف ص –164-166-.
ويشير بعض الكتاب الى ان (مفهومي الديمقراطية والمجتمع المدني وسواهما من المفاهيم كالمواطنة والمساواة والحريات الفردية والعلمانية موضع جدل دائم حول شموليتها وصلاحيتها لكل المجتمعات الحديثة او المنخرطة في الحداثة فدعاة النزعة النسبية في التفكير يرونها نتاجا خاصا بثقافة وبتاريخ الغرب دون ان يكفوا عن انتقادها من منظورات ايدلوجية عامة او اخلاقية محلية في حين يعتبرها اندادهم من دعاة موضوعية المعرفة ملكا للتجربة الانسانية العابرة لتباين المجتمعات مجلة الثقافة الجديدة ع303 71ص-
لقد عرف ارنست غلنر عالم الاجتماع والاناسة البريطاني المجتمع المدني بانه : مجموعة من مؤسسات غير حكومية متنوعة تكون قوية بما فيه الكفاية لموازنة الدولة وقادرة على منعها من الهيمنة على المجتمع وتفتيته لكن دون ان يشكل ذلك عائقا للدولة للاضطلاع بدورها كمحافظ على السلام وكحكم بين المصالح الرئيسية –ن.م) وما اجمل تعليق احد الكتاب على هذا الدور للمجتمع المدني حينما وصفه بانه (دور اقرب الى دور حرب العصابات ازاء سلطة مركزية راسخة وجامدة نسبيا فهو لن يكون حاملا لقضايا عامة او اداة لمعارضة سياسات قائمة من منطلق تعددية وتنوع المصالح ).
ويرى احد الكتاب ان مجال المجتمع المدني في حالة مجتمعاتنا المعاصرة متنازع عليه بين قوى الاسلام السياسي والقوى العلمانية اللتين تلتقيان في توظيفه لمقاومة احتكار الدولة لمصادر القوة وصنع القرار لذلك ليس من المحتم ان يكون المجتمع المدني حاضنة لافكار وقيم مدنية ودنيوية تعكس المجال العام دون المجال الخاص المشحون بوعي ديني اصيل او مصطنع –ن.م.
ان التنظيمات النقابية والمهنية والجمعيات والمنتديات وغيرها تمارس نشاط التظاهر والاعتراض على أي قرار لاي دولة او حكومة هي في مجال المجتمع المدني كما ان موقف ثقافي تجاه أي ممارسة سلطوية للحكومة هو تعبير المجتمع المدني عن نفسه فهل يمكن ان نتعلرض لهذا المفهوم ضمن المنظور والفكر والتاريخ الاسلامي ونطلق مصطلح المجتمع المدني الاسلامي عليه ام لا وما مقدار ترابط هذا المعنى في اطار علاقة الديمقراطية والاسلام ؟
في سياحتنا عبر صفحات الانترنت وجدنا ان هنك آراء مختلفة ومتعددة لهذه المسألة وفيها تأصيلات متنوعة لمفردة المجتمع المدني الاسلامي سواء على اساس الشورى وتوسيعها او عبر فهم البعد التاريخي لممارسة المنظمات والنقابات المهنية في العصور الاسلامية المختلفة او عبر تحليل مفاهيمي للمقارنة بين المجتمع الديني والمجتمع المدني عموما وصولا الى تحديد اساسيات للاتفاق الحقيقي الواقع بينهما بعد اعادة توضيح سوء الفهم لهذا الموضوع في الاطار الغربي ، ولو بدأنا بموضوع (المجتمعان الديني والمدني –رؤية اولية لمجالات الالتقاء والتنافر)كما يعرضها الباحث كامل الهاشمي فاننا نرى ما يلي :
بعد ان يحدد الباحث ان لكل مجتمع مدني او ديني مرجعيته الخاصة فمرجعية الديني هو الوحي الديني باعتباره المصدر الاساس في تشكيل وعي ومفاهيم وتصورات الافراد والجماعات، نرى مرجعية المدني التجربة البشرية المؤسسة على العقل الانساني بما هو فاعلية منفصلة عن الدين والوحي ، بل بماهو فاعلية مضادة للدين وملغية دوره في الوجود البشري وعلى هذا الاساس اعتبرت العلمانية بمعنى فصل الدين عن الدولة احدى اهم سمات المجتمع المدني ، ويصل الباحث في ختام بحثه الى القول انه اذا كانت ضرورةالمجتمع المدني تتأسس عبر مقولة (ان الانسان مدني بالطبع) فان ضرورة المجتمع الديني تتأسس عبر حقيقة (ان الانسان متدين بفطرته ) فكيف عالج الباحث تفاصيل الموضوع ؟.
لقد عالج الباحث موضوعه من خلال ثلاث مجالات هي المجال الفلسفي والمجال السياسي والمجال الاجتماعي والاخلاقي ففي المجال الفلسفي يرى الباحث ان العقلانية التي اعتبرت السمة الاساسية للمجتمعات المدنية والتي كانت اساس التمايز بينها وبين المجتمعات الدينية التي وصفت بالمجتمعات الاسطورية غير العلمية يرى انها غير صحيحة لان المجتمع الديني لا يتناقض اساسا مع العقلانية والعلمية ويقول بان (المجتمعات البشرية التي جاءت بالرسالات الالهية وبتعبير آخر بالدين من اجل تخليصها وتحريرها انما اريد لها ان تسير في المسار الذي يستثير كل امكانياتها العلمية والعقلية ليس على المستوى النظري فحسب بل وحتى على المستوى العملي والحياتي ) ومن جانب آخر يرى ان المجتمع المدني المعاصر اخذ يتعامل مع دور الخرافة واللامعقول ولكن باشكال حديثة تتخذ صورا واشكالا مختلفة عن المجتمع الديني ، وقد اصبحت هذه الظواهر منتشرة في المجتمع المدني حتى دعا الباحثون المعاصرون الى ضرورة دراستها والبحث عن تفسير معقول لها .
أما في المجال السياسي والتي يعني بها الباحث (الرؤية السياسية التي يتبناها كل واحد من المجتمعين وما يرتبط بالمشروعية السياسية للسلطة وطبيعة العلاقة بين المجتمع والدولة وحقوق الجماعات والافراد وغير ذلك من شؤون الوضع السياسي ) هنا يرجع الباحث الى التاريخ وتطور هذه المجتمعات خلاله وهكذا يصل الىالقول (اذا ما اردنا ان نعدد خصائص المجتمع المدني سنجد ان الانفتاح والتسامح والتعددية وحكومة القانون واحترام الحقوق الفردية والاجتماعية للانسان …الخ تشكل مباديء اساسية للمجتمع المدني وهي في الوقت نفسه تعتبر من صميم المباديء التي عملت الاديان الالهية على ترسيخها وتثبيت جذورها في حركة الفرد والمجتمع والسلطة ) ،أما اسباب المواقف التناقضية الظاهرة بين دعاة المجتمع المدني والمجتمع الديني فهو في الحقيقة يعود الى طبيعة الممارسة الناقصة لكل منهما وانعكاسه على الوعي وقسر الوعي على ان يعتبر الممارسة التاريخية لعلاقة الدولة بالدين في اوربا وما نتج عنها من سلبيات قادت الى طرح مفهوم العلمانية وفصل الدين عن الدولة لا يمكن ان يكون حكما نهائيا عى كل المجتمعات الدينية وهذا ما جعل الجماهير الاسلامية مثلا ترفضها ، ويخلص الباحث الى القول (اننا لا ينبغي ان نكون محكومين في تصوراتنا عن كلا المجتمعين الديني والمدني بالصورة التي تجسدت تاريخيا في العصور الوسطى عن الحكومة الثيوقراطية في اوربا ،لكي نبرر رفضنا للمجتمع الديني بشكل مطلق ومن جهة اخرى ينبغي ان لا نكون اسارى الصورة التي تمارس في اوربا والعالم الغربي اليوم تقديمها عن المجتمع المدني كي نبرر قبولنا المطلق بالمجتمع المدني مع ان الصورة المذكورة تتعرض اليوم لمراجعة نقدية شاملة حتى من قبل القائمين عليها ).
اما في المجال الاجتماعي والاخلاقي والذي هو بيت القصيد –كما يقول الباحث- حيث انه اساس التنافر والتضاد بين المجتمعين نرى ان المجتمعات المدنية بالنسبة الى المتدينين هو (ذلك التفسخ الاخلاقي والانحطاط الاجتماعي الذي طال كل القيم الاخلاقية التي كانت تعتقد بها المجتمعات الدينية ) ويرى الباحث ان هذه النظرة الى المجتمع المدني هي ظواهر ليست ضرورية لمثل تلك المجتمعات الا اذا صح التعبير نفسه حينما توصف المجتمعات الدينية بظواهر الجمود والتحجر والانغلاق والتزمت ، وبالتالي فان هذه الاحكام خاطئة من الجهتين لانها تعتمد على الافراط والتفريط ويرى ان هذا لا يجب ان يمنعنا من القول (ان وجود الدين في حياة البشر ليس مجرد امر مهم ونافع ، بل هو امر لايمكن الاستغناء عنه باي حال من الاحوال بل يمكننا القول : ان الدين دعامة اساسية من دعامات المجتمع المدني بمعنى اننا لا يمكن ان نتصور مجتمعا مدنيا بلا دين ويؤكد على ان الاخفاقات والانتكاسات التي شهدتها البشرية طول عمرها من خلال تجاربنا الدينية سببا لرفض الدين بقدر ما ينبغي ان نجعلها وسيلة لتحليل وفهم ازمة الانسان والمجتمعات البشرية في تعاملها مع الاديان .
اذن فالتجربة الواقعية للدين احيانا تتجاوز صلاحيتها وخارج المفهوم الديني نفسه فتظهر ممارسات خاطئة عبر تحولها الى سيف مسلط على رقاب الناس يمنعهم من الانطلاق والتحليق في الآفاق الرحبة والواسعة ولعل هذا ما عناه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حينما قال (ان هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ولا تكرهوا عبادة الله الى عباد الله فتكونوا كالمنبت الذي لا سفرا قطع ولا ظهرا ابقى ).
على ان بعض الباحثين في هذا المجال يتحدث عن جذور ومظاهر المجتمع المدني في الفكر والمجتمع الاسلامي فيشير الاستاذ عبد المجيد الانصاري الى التساؤلات التي تطرح مثل هذا الموضوع مثل قولهم ان الابحاث التطبيقية عن المجتمع المدني في المجتمع العربي انتهت الى انه ليس هناك مجتمع مدني بالمعنى القائم في الدول العربية وان المجتمع المدني قد نشأ في الغرب كنضال ضد السلطة التي كانت تجمع بين الكنسي والمدني بهدف الفصل بينهما وهو ما يعارضه المجتمع الاسلامي وان المجتمع المدني يتأسس على ثلاثة قيم ومعتقدات لا تتفق مع الاسلام وهي الليبرالية والرأسمالية والعلمانية ، وتساؤل آخر يرفض اعتبار ما سمي بالمجتمع الاهلي في التاريخ الاسلامي قبل ظهور الدولة القومية لا صلة له بالمجتمع المدني حيث انها اقرب الى ممارسات المجتمع الاقطاعي في اوربا في العصر الوسيط والذي جاء المجتمع المدني ليشكل رفضا لها ومحاولة تجاوزها ، وهكذا يصل الاستاذ الانصاري الى سؤالين جوهريين يحاول الاجابة عنهما في بحثه وهما

-هل تستوعب اصول الاسلام وقيمه مباديء وقيم المجتمع المدني على المستوى النظري ؟

-هل هناك مجتمع مدني او شيء قريب منه في الممارسة التاريخية العربية الاسلامية على المستوى العملي؟
وفي محاولة الاجابة عن هذين السؤالين يبدأ الباحث بالفقرة الاولى حول التأصيل النظري للموضوع منطلقا من بعض التحديدات لمفاهيم وسمات المجتمع المدني عموما حيث يقول (ان المجتمع المدني –حسب المفهوم الكلاسيكي-قد تبلور في سياق نظريات التعاقد كما نادى بها فلاسفة العقد الاجتماعي ابان القرن الثامن عشر تعبيرا عن المجتمعات التي تجاوزت حالة الطبيعة وتاسست على عقد اجتماعي وحد بين الافراد وافرز الدولة في النهاية فالمجتمع بهذا الاعنبار سابق على الدولة ومصدر شرعيتها ورقيبها ، ان المجتمع المدني له سمات مشتركة منها : الطوعية والاستقلالية والجمعية والمؤسسية ، ان المجتمع المدني يقوم على قيم من اهمها الاحترام والتسامح والتعاون والتكافل وحق الاختلاف والحرية فهل لهذه السمات والمفاهيم اساس في التطور للمجتمع الاسلامي؟

وفي اجابته على هذه الأسئلة يؤكد الباحث ان المجتمع المدني الاسلامي هو فعلا سابق على دولته حينما بدأ الاسلام دعوته في المجتمع المكي وحين اقبل بعض الافراد بارادتهم الحرة الطوعية على قبوله في مواجهة المؤسسة التسلطية التي كانت تظطهدهم وتحاربهم ، وفي خلال ثلاث عشرة سنة استطاع الاسلام تكوين مجتمعه المدني الاول علىاساس من عقيدة وفي اطار مجموعة من القيم الحاكمة للعلاقات الاجتماعية وتم كل ذلك قبل ان يفرز المجتمع الاسلامي دولته في المدينةالمنورة –دولة المدينة- التي قامت على اساس من تعاقد اجتماعي حقيقي وبارادة طوعية حرة –بيعة العقبة الثانية-ودستور نظم حقوقا وواجبات بين جماعات حرة متعددة الاعراق والديانات وفي اطار من قيم العدالة والتكافل والتسامح وانتشار الحرية ، وفي هذا –يقول الكاتب-يتوافق المفهوم الكلاسيكي للمجتمع المدني –في اسبقيته على دولته-مع تقدم المجتمع الاسلامي واسبقيته على وجود الدولة وتنظيمها واسبقية النظام الاجتماعي على النظام السياسي ، فقد كان المجتمع المدني الاسلامي في مكة هو البنية الاساسية التي افرزت او انشأت دولته على اساس تعاقد حر .

يتبع >

__________________