منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الاصول السياسية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-11-07, 11:18   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

الميثاق الإسلامي لحقوق الإنسان
"وإن هناك مجالاً واسعاً للأخذ بقواعد القانون الدولي العام الحاضر القائمة على أساس العرف والمعاهدات، وهذان مصدران واسعان جداً يستقي القانون الدولي العام قواعده وأحكامه منهما، وإن الشريعة الإسلامية تجيز الأخذ بالعرف الصحيح في العلاقات الدولية، كما تجيز عقد المعاهدات مع الدول الأخرى، بشرط ألا تخالف الشريعة وتلزم بالوفاء بمضمونها" (العسلي، 2001م).
تعمل كثير من دول العالم على تطبيق الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان كقيم حضارية، وأنساق اجتماعية، وأخلاق عالمية، وتساندها في ذلك عدد كبير من المنظمات الشعبية والمهنية والأكاديمية وكثير من الدول والهيئات الإسلامية وافقت عليها وإن لم تطبق بنودها. يرى بعض المفكرين في العالم الإسلامي أن وثيقة هيئة الأمم من أعظم الوثائق التاريخية للإنسانية ويجب قبولها، ويرى فريق آخر أنها سياسة ليبرالية غربية ويجب معارضتها، وطائفة ثالثة من المفكرين تؤمن بكثير منها وترفض بنودها المخالفة لمبادئ الدين الإسلامي. هذا التباين والتناقض في صفوف المفكرين يصفها بعض المربين "بإشكالية الموقف الإسلامي من الإعلام العالمي لحقوق الإنسان" (وطفة والراشد، 1999 م، ص 147).
"الإسلام بمبادئه وقيمه وأهدافه، المتصلة بمجال العلاقات الدولية، لا يزال قادراً على قيادة وتوجيه علاقات خارجية بناءة وناجحة على شرط أن يتمسك المسلمون بهذه المبادئ والأهداف الإسلامية الشاملة. كما يتعين عليهم إعادة بناء تصوراتهم وتفهمهم للعصر الإسلامي الأول حتى يمكنهم الحصول على وعي قويم وفكر سليم، وفهم منظم، ليساعد بدوره في تطوير الدراسات الإسلامية التجريبية للعلاقات الدولية. وبهذه الطريقة سيكون بمقدور رجال الدولة والمفكرين المسلمين تقويم سبل العمل والبدائل المتاحة لهم بشكل فعال من أجل خدمة أمتهم ونصرة دين الإسلام، والسعي لخير الإنسانية جمعاء" (أبو سليمان، 1993، ص 271).
المطلع على أحوال العالم الإسلامي بتمعن يدرك أن الجهود المبذولة لإخراج مقترح الميثاق الإسلامي لحقوق الإنسان تحتاج إلى مساندة الدول الإسلامية كي تتبناها وتعمل بمقتضاها وترسم آليات عملية مؤسسية متنوعة لمراقبتها بعد أن تتم بلورة بنودها بشكل نهائي وتبنيها بشكل رسمي. الوثيقة الإسلامية يجب أن تركز على تحرير الشعوب والإفراد وتحارب كافة أنواع السيطرة الدولية على مقدرات وقرارات الشعوب الضعيفة.
لا شك أن الإسلام دين سلام يرعى ويسعى لدعم التعارف والتعاون بين الشعوب ويحض على احترام العهود والوفاء بالمواثيق الدولية إذا نبعت من رغبة لا رهبة الشعوب ومن غير أي مساومة مهينة في بنودها وتنازلات مذلة في قيودها. على هذه المبادئ الأساسية في التكافل والتضامن تقوم أطر السياسات الخارجية والعلاقات الإنسانية في ضوء الشريعة الإسلامية. إن تعليم الناشئة بشكل فاعل يتطلب تقديم نظرة أخلاقية لمفهوم العدل ليتحصن بها المتعلم فيفهم المواثيق العالمية ويتصدى لضباب النفعية، وسراب الدبلوماسية ويرفض قبول كل تحالف سياسي يخالف الحق. الإعلام الغربي يعمل جاهداً على مسخ ذاكرة الشعوب وتزوير التاريخ وترويض الأمم على قبول ضغط الواقع. هذه السياسة هي تمهيد لاستعباد الأمم والتنازل عن الحقوق والتفريط بها مما يحول بين نهوض الأمم المستضعفة فتظل في سباتها وتعيش عالة على فكر وبضائع وإعلام الغرب. ومن صور نجاح هذه السياسة العالمية أن القاموس السياسي أصبح يلعب بالمسميات فنقرأ في جدار الواقع أن الاستسلام يسمى سلام وأن مذلة التركيع تسمى بسياسة التطبيع، وأن الجهاد في دفع الظلم فساد، وأن التمسك بالشرف تطرف.

معضلة النظرية السياسية في مؤسسات التعليم
العقل العربي اليوم يعايش مأزقاً قاسياً يصبغ حياتنا السياسية بالبؤس وهذا المأزق نتج من تمزق النخب الثقافة وتفرقها في موضوع إدارة شئون المجتمع فهناك رؤية ليبرالية تطالب بحريات مطلقة وهناك حركات دينية عاجزة تملك شعارات براقة لا تسمن ولا تغني من جوع.
تقول الباحثة هبة رءوف عزت (2002 م) "ويلاحظ الباحث في النظرية السياسية المعاصرة في بلدان العالم الإسلامي الانشطار الواضح الذي يعاني منه العقل السياسي الإسلامي بين مدرسة تتبنى النظرية الفقهية التقليدية، ولا تخرج في جوهر منهاجيتها عن منهاجية وموضوعات كتب السياسية الشرعية القديمة.
ومدرسة ثانية تسعى إلى بناء نظرية سياسية باللجوء إلى تبني المنهاجية الغربية والمفاهيم المعتمدة، والسعي إلى إثبات اتفاقها مع مبادئ نظام الحكم في الإسلام؛ من حزبية، وشكل للدولة، وأنظمة للحكم، دون محاولة لتأصيل رؤية إسلامية مستقلة إلا فيما ندر.
وتقف بين المدرستين فئة قليلة من الباحثين تسعى إلى تحقيق الربط المفقود بين المنهاجيتين واستيعاب لغة الفريقين. ولعل أبرز أسباب هذا الانشطار والاستقطاب هو النظام التعليمي في الدول الإسلامية الذي يغلب عليه النظام الغربي في كليات العلوم الاجتماعية؛ فلا يدرس طلابها ولو نبذة عن العلوم الشرعية، في حين يدرس طلاب السياسية الشرعية الفقه والعلوم الشرعية دون أدنى معرفة بالنظرية السياسية الغربية، ولذا يبقى الفريقان في انفصال وانفصام لا يجمعهما حد أدنى من الثقافة أو حتى الاحتكاك الأكاديمي. وتظل الفئة الوسيطة التي تسعى لتجسير الفجوة، فئة من الذين تخرجوا -في الأغلب- في كليات العلوم الاجتماعية المدنية، وسعوا بجهد شخصي إلى تحصيل العلم الشرعي دون دعم من مؤسساتهم الأم. وهي فئة تنظر إليها مؤسساتها الأكاديمية نظرة استغراب، بل واستنكار، وتنظر إليها الكليات الشرعية نظرة ريبة وشك، ويبقى جهدها -رغم جديته- خارج التيار العام للمدرستين" (باختصار).
المعضلة السياسية في ثقافتنا العربية لها عدة قسمات أورد بعضها الشنقيطي (2002 م) عندما تحدث عن إشكالية العقل المسلم اليوم الذي يعاني من "ضمور خطير في الفقه السياسي والإداري والتنظيمي , لعدة أسباب منها الجفاء الذي ساد بين أهل القرآن وأهل السلطان , نتيجة سيادة الملك العضوض , وبعده عن مقتضيات الدين , مما دفع الفقهاء إلى الإعراض عن هذه الجوانب المهمة من فقه التدين. العقل المسلم فقَدَ مرونته العملية بعد قرون من الانحطاط فتحولت العديد من المبادئ الإسلامية إلى أفكار نظرية مجردة قد تُساق للتمدح بجلال الرسالة الإسلامية , لكنها لا تُتَّخذ قاعدة منهجية هادية للعمل. إن تخلف الثقافة السياسية في العالم الإسلامي عمومًا جعل بعض الإسلاميين أسرى صور تاريخية بائسة من القيادة .. وبذلك تحولت مبادئ الإسلام السياسية الجليلة ـ كالشورى والأمانة والقوة والعدل والطاعة ـ إلى شعارات مجردة ، بدلاً من أن تكون دليلاً عمليًا هاديًا للمسيرة. الفكر المسلم اليوم في مسيس الحاجة إلى الثقافة المنهجية المعينة على كسب المعركة وإقامة مجتمع العدل والإنصاف، والمقصود بالثقافة المنهجية هنا هو العلوم التنظيمية والإستراتيجية والسياسية " (باختصار وتصرف) .