منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - البحث العلمي
الموضوع: البحث العلمي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-11-07, 10:57   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

ثامنـاً: تجهيز بيانات البحث وتصنيفها
بعد أن يُتِمَّ الباحثُ جمع بيانات ومعلومات دراسته بأيٍّ من أدوات جمعها السابقة تبدأ المرحلةُ السادسة من مراحل البحث بهذه الخطوة التي تٌسْـبَقُ عادةً باستعداداتٍ ضروريَّة لها تتمثَّل بمراجعة البيانات والمعلومات المجموعة مراجعة علميَّة لتلافي القصور والأخطاء وعدم فهم أسئلة أداة جمع المادة العلميَّة فهماً يتَّسق مع مطلب الباحث ومقصوده، وللتأكُّد من أنَّ هناك إجابات على مختلف أسئلة أداة جمع البيانات أو احتوائها على استجابات بنسبة معقولة تسمحُ باستخلاص نتائج ذات دلالـة، (بدر، 1989م، ص285).

وتجهيز البيانات وتصنيفها خطوةٌ لا تنفصل عن الخطوات السابقة، فجميع خطوات البحث العلميِّ تترابطُ مع بعضها في خطَّة متماسكة متكاملة واضحة؛ أي أنَّ المقدِّمات في البحث العلميِّ تترابط مع النتائج، ومن هنا كان التصنيفُ جزءاً من التخطيط العام للبحث؛ ولذلك فإنَّ الباحثين المتقنين للبحث العلميِّ لا يرجئون عمليَّات التصنيف هذه والتفكير فيها إلى ما بعد مرحلة تجميع البيانات، والهدف من تصنيف البيانات هو تجميع البيانات المتشابهة مع بعضها وترتيبها في فئاتٍ ومفردات متشابهة، وهناك بعض الملاحظات التي ينبغي للباحث أن يأخذَها في اعتباره عند تصنيف البيانات الكيفيَّة (التي تتَّصل بالصفات التي يصعب عدَّها أو قياسها) والبيانات الكميَّة المجمَّعة، وهذه الملاحظاتُ يمكن اعتبارها مجرد أهدافٍ للباحث يواجه بها مختلف المشكلات في عمليَّات التصنيف، تلك الملاحظاتُ أوردها بدر (1989م، ص ص286-287) بالآتي:
1) أن يكونَ لدى الباحث بيانات صالحة للتصنيف مثل: الأعمار، المؤهِّلات، الجنسيَّة، الدرجات، أنواع الوسائل التعليميَّة، أنواع طرائق التدريس، سنوات الخدمة للمعلِّمين.

2) أن تكونَ المفردات المصنَّفة مع بعضها متجانسة ومتشابهة بحيث لا توضع مفردةٌ واحدة في عدَّة أماكن من نفس المجموعـة.
3) أن يتَّبعَ الباحث في تصنيفه نظاماً منطقيّاً من العام إلى الخاص أو من الكبير إلى الصغير أو من الكثير إلى القليل أو بالعكس، أو أيِّ نظام منطقيٍّ آخر، ولعلَّ ذلك يعدُّ من أهم أغراض وأهداف التصنيف.
4) أن يتَّبعَ الباحث نظام التدريج في عمليَّة التصنيف من الأقسام أو الفئات العريضة (سعوديُّون، غير سعوديِّين) إلى الفئات أو الأقسام الفرعيَّة إذا استدعى الأمر، فيقسَّم السعوديُّون بحسب الجنس إلى ذكور وإناث.
5) أن يكونَ نظامُ التصنيف شاملاً لمختلف الاستجابات الموجودة والبيانات المجموعة؛ أي أن يكونَ النظام نفسه مرناً يتَّسع لبعض التعديلات التي تتلاءم مع طبيعة البيانات المجمَّعة.
6) أن تحدَّدَ مفاهيم ومعاني الفئات التي سيقوم الباحثُ بتصنيفها، ويبدو هذا الأمر يسيراً، ولكن واقع الأمر يشير إلى أنَّ كثيراً من الباحثين يستخدمون ويفهمون الفئات المختلفة بطريقةٍ سطحيَّة غير محدَّدة.
7) أن يحدِّدَ الباحثُ الحالات التي سيركِّز عليها بحثه في المشكلة؛ وذلك لأنَّ تحديد المشكلة بعناية سيضيِّق من المجالات التي سيقومُ بوصفها والحالات التي سيلاحظها ويصنِّفها.
8) أن يكونَ هناك تقنيٌن وتوحيدٌ للأسس المتَّبعة في ملاحظة المفردات؛ ذلك أنَّ هناك اهتماماً مباشراً في بعض الأحيان بالأشياء التي يمكن ملاحظتها وغالباً ما تمثِّل هذه الأشياء الأفكار الأكبر أو المجتمع الأكبر.
9) أن يختارَ الباحث المقاييس الدالَّة على الفئات المحدَّدة المختلفة، وهذه الملاحظة مرتبطة إلى حدٍّ كبير بالملاحظة السابقـة.

وفي الوقت الذي قام به الباحثُ بمراجعة المادة العلميَّة المجموعة يكون قد أتمَّ التفكيرَ والتخطيطَ والإعداد لبرنامجه الحاسوبيِّ الخاص المناسب لتفريغ البيانات والمعلومات، وإعداد البرامج الحاسوبيَّة الأخرى لاستخراج البيانات وتصنيفها وتبويبها وعرضها بالأساليب والصور المناسبة لتحليلها في الخطوة اللاحقـة، إذْ من الضروريِّ عرض بيانات الدراسة بشكل يسهِّل على الباحث استخدامها وتحليلها واستخلاص النتائج منها، وقبل ذلك يجب على الباحثُ أن يتهيأَ للتخلي عن قدرٍ كبير من البيانات والحقائق والملاحظات التي جمعها في المرحلة السابقة، (بارسونز، 1996م، ص54)، وعموماً فهناك طرقٌ عديدة لتصنيف وعرض المادة العلميَّة المجموعة قد يستخدم الباحثُ إحداها أو قد يستخدم أكثر من واحدة منها، (غرايبة وزملاؤه، 1981م، ص ص85-118)، الصنيع، 1404هـ ص ص89-111)، وأهمُّها الآتي:
1- عرض البيانات إنشائيّاً: وفي هذه الطريقة يتمُّ وصف البيانات بجمل وعباراتٍ إنشائيَّة توضِّح النتائج التي قد تُسْتَخْـلَصُ منها كأن يقول الباحثُ: إنَّه توجد علاقةٌ طرديَّة بين مؤهِّلات معلِّمي المرحلة الابتدائيَّة وبين استخدامهم الوسائل التعليميَّة، وتوجد علاقةٌ عكسيَّة بين عدد سنوات الخدمة للمعلِّمين وبين تنوُّع طرائق التدريس لديهم، وتوجد علاقةٌ إيجابيَّة بين استخدام المعلِّمين للوسائل التعليميَّة وبين مستويات التحصيل الدراسيِّ لطلاَّبهم.

2- عرض البيانات جدوليّاً: وهذه الطريقة أكثر طرق عرض البيانات شيوعاً، كما أنَّها وسيلةٌ لتخزين كميَّات كبيرة من البيانات، ففي هذه الطريقة تصنَّف البيانات الكميَّة في جداول ليسهل استيعابها ومن ثمَّ تحليلها وتصنيفها في فئاتٍ واستخلاص النتائج منها، فعادة ما يعبَّر عن الحقائق الكميَّة بعددٍ كبير من الأرقام، فإن لم تعرض هذه الحقائق بطرق منظَّمة فإنَّه لا يمكن اكتشاف أهميَّتها ومن ثمَّ الاستفادة منها، وتعدُّ الجداولُ وسيلة شائعة لتخزين البيانات الإحصائيَّة وتصنيفها تصنيفاً أوليّاً وعرضها لتصنيفها إلى فئات، ومن ميزات هذه الطريقة أنَّ حقائقها تستوعب بطريقةٍ أسهل، وتتنوَّع الجداول الإحصائيَّةُ إلى جداول عاديَّة وجداول تكراريَّة، بل وتتنوَّع الجداول بما يمكِّن من تصنيف بياناتها بطرقٍ متعدِّدة، منها:
1) تصنيفات تعتمد على اختلافات في النوع.
2) تصنيفات تعتمد على اختلافات في درجة خاصيَّة معيَّنة، وتسمَّى بالتصنيفات الكميَّة.
3) تصنيفات تعتمد على التقسيمات الجغرافيَّة.
4) تصنيفات السلاسل الزمنيَّة.

3- عرض البيانات بيانيّاً: وذلك بعرض البيانات المجموعة في رسومٍ بيانيَّة توضِّح مفرداتها، ومنها يحاول الباحثُ اكتشاف العلاقة بينها بمجرَّد النظر إليها، فالعرض البيانيُّ يوضِّح العلاقة بين البيانات؛ وبذلك تمتاز هذه الطريقة على سابقتيها، وللرسوم البيانيَّة أنواع، منها الأعمدة والدوائر النسبيَّة والمربَّعات والمستطيلات والمنحنيات، ومنها كذلك المدرَّج والمضلَّع التكراري، والمنحنى التكراري المتجمِّع، وقد تستخدم الخرائط لعرض البيانات الإحصائيَّة بأشكال رسومها السابقة.

التوزيع التكراريُّ:
إنَّ من أهمِّ المهارات التي يجب على الباحث معرفتها هو كيفيَّة اختزال العدد الكبير من البيانات الكميَّة ليسهل التعامل معها وتصنيفها تهيئةً لتحليلها، ويلجأ الباحثون أمام هذه المشكلة إلى تصنيف بياناتهم في مجموعات أو ما يسمَّى الفئات التكراريَّة، وفيما يلي المبادئ الرئيسةُ لوضع مجموعات (فئات) في جداول التوزيع التكراريِّ، (غرايبة وزملاؤه، 1981م، ص ص92-93)؛ (الصنيع، 1404هـ، ص ص90-93):
1) يجب ألاَّ يكون عدد فئات جداول التوزيع التكراريِّ كبيرة جدّاً بحيث يقلِّل ذلك من فوائد التلخيص ولكن يجب البعد عن المغالاة في التكثيف أيضاً فيكون عدد الفئات كافياً لبيان الخصائص الرئيسة للبيانات.
2) يجب أن تكونَ فئاتُ جداول التوزيع التكراريِّ متساوية الطول قدر الإمكان؛ فتساويها يجعل التحليل الكمِّي لاحقاً أسهل، ولكن إذا احتوت البيانات على مفردات صغيرة أو كبيرة جدّاً فإنَّه من المتعذِّر وضع فئات متساوية، كما أنَّه قد تظهر خصائص البيانات بشكلٍ أفضل إذا استخدمت فئات غير متساوية.
3) يصبح من الضروريِّ عندما تبتعد أطراف التوزيع عن المركز وضع فئة نهايتها مفتوحة ففي تصنيف السكَّان بحسب بيانات السنِّ تأتي فئة 65 سنة فأكثر، ممَّا يؤدِّي إلى الاستغناء عن عدد كبير من الفئات التي تظهر فيها تكرارات قليلة أو لا تحتوي على أيِّ تكرار.
4) يستحسن اختيار الفئات بحيث تكون نقطة الوسط عدداً صحيحاً؛ إذ لا يكون لنقطة البدء في كلِّ فئة أهميَّة إلاَّ في ظروف خاصَّة.
5) يجب تحديد أطراف الفئة بدقَّة ويتوقَّف تحديد طرفي الفئة على طبيعة المتغيِّرات من حيث كونها مستمرة أو غيرة مستمرَّة.

تاسعـاً: تحليل بيانات البحث وتفسيرها واختبار الفرضيَّات
يعدُّ تحليل البيانات وتفسيرها خطوةً موصِّلة إلى النتائج، فالباحث ينتقل بعد إتمامه تجهيز البيانات وتصنيفها إلى مرحلة تحليلها وتفسيرها واختبار فرضيَّاتها لاستخلاص النتائج منها وتقدير إمكانيَّة تعميمها؛ أي أنَّ الباحث لكي يصل إلى ذلك يحتاج إلى تحليل بياناته، وقد كان تحليل المعلومات والبيانات حتى وقت قريب يقتصر على التحليل الفلسفيِّ والمنطقيِّ والمقارنة البسيطة، ولكنَّ الاتِّجاه في الوقت المعاصر هو الاعتماد على الطرق الإحصائيَّة والأساليب الكميَّة؛ فهي تساعد الباحثَ على تحليل بيانات دراسته ووصفها وصفاً أكثر دقَّة، وتساعد على حساب الدقَّة النسبيَّة للقياسات المستخدمة، (الصنيع، 1404هـ، ص87).

وتعدُّ مرحلة التحليل من أهمِّ مراحل البحث العلميِّ وأخطرها، وعليها تتوقَّف التفسيرات والنتائج؛ ولهذا يجب على الباحثِ أن يوليها أكبر قسطٍ من العناية والاهتمام، وأن يكونَ حذراً ويقظاً وإلاَّ أصبحت نتائجه وتفسيراته مشكوكاً فيها؛ وهذا ممَّا يقلِّل من قيمة دراسته، وفي هذه المرحلة من مراحل البحث يفكِّر الباحث في أمورٍ مهمَّة يرتكز عليها نجاح بحثه، وهي: المنهج ونوع البحث والأداة والمسلك، والمسلكُ هو الطريقة التي يسلكها الباحث حين يقترب أو يعالج موضوع البحث؛ أي من أي زاوية يبدأ وبماذا يبدأ وبماذا ينتهي، (الفرَّا، 1983م، ص128).

وتجب الإشارة إلى أنَّ الطرق الإحصائيَّة تستخدم عادة بفعاليَّة أكبر بالنسبة للبيانات ذات الطبيعة الكميَّة، (بدر، 1989م، ص ص297-298)، ويتَّخذ التحليل الإحصائيُّ طرقاً وأشكالاً تتراوح بين إيجاد مقاييس التوسُّط ومقاييس التشتُّت والنزعة المركزيَّة إلى دراسة الارتباط بين الظواهر وعمليَّات اختبار الفرضيَّات، وتلك من موضوعات علم الإحصاء والتي يحتاج الباحثون لإتقانها فاستخدامها إلى الرجوع إليها في مصادرها، ولكن يمكن الإشارة إلى ذلك بالإشارات التوضيحيَّة الآتيـة:
1- مقاييس التوسُّط:
تعدُّ مقاييس التوسُّط أكثر الطرق الإحصائيَّة استخداماً، فهي تقيس النزعة المركزيَّة بالنسبة لصفاتٍ أو خصائص معيَّنة، وتعتمد هذه المقاييس على المتوسِّطات التي تستخدم لتمثِّل القيمة المركزيَّة للتوزيع، ومنها ما يأتـي:
1) الوسط الحسابيُّ: ويحسب بقسمة مجموع قيم المفردات على عددها.
2) الوسيط: وهو نقطة الوسط في المشاهدات (الأرقام، القيم) بعد ترتيبها تصاعديّاً أو تنازليّاً، أي أنَّه القيمة التي يسبقها عدد من القيم مساوٍ لعدد القيم اللاحقة.
3) المنوال: وهو القيم التي يكون تكرارها أكبر من أي قيمة أخرى؛ أي أنَّها التي تبيِّن أكثر تكرارا.
4) الربيعات: وذلك بقسمة المفردات إلى أربعة أرباع، فالربيع الأدنى يكون حين ترتيب المفردات تصاعديّاً القيمة التي يسبقها ربع القيم في الترتيب ويتبعها ثلاثة أرباع القيم، فيما الربيع الأعلى هي القيمة التي سبقتها ثلاثة أرباع القيم.
5) الوسط الهندسيُّ: ويساوي جذر عدد المفردات لحاصل ضرب المفردات، وتستخدم اللوغاريتمات لاستخراج الوسط الهندسيِّ، ويفيد الوسط الهندسيُّ في إيجاد متوسِّط النسب والمعدَّلات والأرقام القياسيَّة.
6) المؤشِّرات القياسيَّة: توضِّح المؤشِّرات القياسيَّة التغييرات النسبيَّة التي تحدث في مجموعة بيانات من وقت لآخر أو من مكان لآخر أو من درجة لأخرى، ومن أمثلتها الشائعة الأرقام القياسيَّة كدليل تكلفة المعيشة.

2- مقاييس التشتُّت:
تحدِّد مقاييس التشتُّت درجة اختلاف البيانات عن بعضها أو عن متوسِّطاتها، وبعبارة أخرى تبيِّن هذه المقاييس درجة التشتُّت بالنسبة لصفة معيَّنة، فمثلاً تفيد الباحث معرفة الوسط الحسابيِّ لدرجات الطلاَّب في مادة الجغرافيا، ولكن إذا كانت درجات بعض الطلاب مرتفعة جدّاً ودرجات بعض الطلاب منخفضة جدّا، فإنَّ الباحث يهتمُّ بمعرفة درجة التشتُّت في الدرجات، ومن مقاييس التشتُّت ما يلي:
1) المدى: وهو الفرق بين أكبر قيمة وأصغر قيمة في البيانات، فمثلاً إذا كانت أكبر درجة في مادة الجغرافيا 96 وأصغر درجة 42 يكون المدى = 96 - 42 = 54، ولكن المدى يُعَابُ بأنَّه يتأثَّر بالقيم الشاذة؛ لأنَّه يأخذ بالاعتبار قيمتين فقط، فإذا كانت القيمة الشاذة كبيرة جدّاً يصبح المدى قليل الفائدة.
2) الانحراف المعياريُّ: وهو أكثر مقاييس التشتُّت استخداماً ودقَّة في قياس درجة التشتُّت في البيانات، ويساوي الجذر التربيعيَّ لمربَّع انحرافات قيم المفردات عن وسطها الحسابيِّ، ومن ميزات الانحراف المعياريِّ أنَّ جميع المفردات تدخل في تحديده، ويستخدم في مجالاتٍ متعدِّدة في التحليل، كاختبار الفرضيَّات ومعامل الارتباط.

3- الانحدار والارتباط:
يُعْنَى تحليلُ الانحدار بدراسة العلاقة بين متغيِّرين أو أكثر بحيث يمكن التنبؤ بأحدهما إذا عرفت قيمةُ المتغيِّر الآخر، فإذا حدِّدت العلاقة بين تقديرات الطلبة الذين يلتحقون بالمدرسة الثانويَّة من شهاداتهم للمرحلة المتوسِّطة وبين تقديراتهم عند التخرُّج من المرحلة الثانويَّة فإنَّه يمكن التنبؤ بتقديرات عيِّنة من الطلبة تلتحق بالمدرسة الثانويَّة.

ويتعلَّق الارتباط بتحديد نوع العلاقة بين متغيِّرين عندما لا تكون هناك لأحدهما قيمة محدَّدة مسبقاً، فإذا ما أراد باحثٍ ما دراسة العلاقة بين تسرُّب طلاَّب الصفِّ الأول من المرحلة الثانويَّة وأعداد المواد الدراسيَّة فيه فإنَّه يحاول إيجاد الارتباط بينهما، وحيث تحتاج بعض الدراسات التربويَّة إلى التنبؤ بقيمة المتغيِّرات المستهدفة بالنسبة إلى الواقع المدروس في ضوء التطوير المتَّخذ فإنَّ تحليل الانحدار يعطي الباحثين وسيلةً تمكِّنهم من ذلك.

ولتحليل الانحدار وتحليل الارتباط للكشف عن العلاقة بين متغيِّرات مستقلَّة ومتغيِّرات تابعة معادلات رياضيَّة، ولتحديد مستوى الثقة في نتائج تلك المعادلات معادلات أخرى وأساليب تجعل التنبؤات قريبة ممَّا سيكون، (غرايبة وزملاؤه، 1981م، ص ص128-144).

عاشراً: نتائج الدراسة

إنَّ عرض نتائج الدراسة ومناقشتها عملٌ وجهدٌ لا ينفصل عن المرحلة السابقة، وهي مرحلةُ تحليل البيانات وتفسيرها واختبار الفرضيَّات، وما جاء هذا الفصلُ بينهما تحت عنوانين إلاَّ لمجرَّد الإيضاح بالتفصيل، فالباحث عندما يصل إلى مرحلة تحليل بيانات دراسته، ويختبر فرضيَّاتها في ضوء ذلك فيثبتُ أو ينفي صحَّتها أو صحَّة بعضها، فإنَّه حينئذٍ يعرض ويكتب مادةَ دراسته ونتائجها التي توصَّل إليها والتوصيات التي يوصي بها بشكلٍ يمكِّن القارئ من تفهُّمها فهماً جيِّداً، وزيادة في إيضاح ذلك يمكن تقسيم ما تبقَّى من عمل الباحث وجهده في المرحلة السابقة كالآتي:

نتائج الدراسـة:
إنَّ نتائج الدراسة هي خلاصةُ ما توصَّل إليه الباحث من بيانات وما أجرى عليها من اختباراتٍ نتيجة للفرضيَّات التي افترضها والتي صمَّم الدراسةَ لاختبارها ومعرفة مدى صحَّتها من عدمه، وعلى الباحث أن يقدِّم في دراسته النتائج التي انتهـت إليها بغضِّ النظر عن رضاه عنها أو عدمه، وسواء أكانت تتَّفقُ مع توقُّعاته أو تختلف عنها، فالنتيجة نتيجةٌ إن كانت إيجابيَّة أو سلبيَّة، والفائدة منها موجودة على أيَّة حال، فإن كانت إيجابيَّة فقد أجابت عن تساؤلات الدراسة بنجاح، وإن كانت سلبيَّةً فقد تساعد في إعادة صياغة المنهج الذي يُنْظر به إلى تلك الظاهرة المدروسة أو المشكلة المطلوب حلَّها، فتنظيم النتائج يتيح للباحث وللقارئ الاستفادة منها على شكلها الذي توصَّل إليه الباحثُ؛ لذا تتطلَّب كتابتُها من الباحث أن تنظَّمَ على شكلٍ مفهوم لا لبس فيه ولا إيهام مراعياً التوضيح في المعنى والمبنى قدر الإمكان، (القاضي، 1404هـ، ص54).

مناقشة نتائج الدراسة:
بعد تنظيم النتائج على شكلٍ مفهومٍ واضحٍ يأتي دورُ مناقشتها وتقويمها، والمناقشة والتقويم تتطلَّب من الباحث ضمن ما تتطلَّبه منه الأمور الآتيـة:
1) تفهُّمه للنتائج بغضِّ النظر عمَّا إذا كانت تتوافق مع هواه أو لا تتوافق.
2) ترتيبه النتائج بصورة تظهر تناسقها وتماسكها وترابطها مع الدراسات والاختبارات التي أدَّت إليها، فعدم ذلك يثير الشكَّ في كيفيَّة وصوله إليها.
3) النظر في مدى تأييد نتائج دراسته التي توصَّل إليها لفرضيَّاتـه التي وضعها، وذلك في أدلَّة تأييدها أو رفضها، وبالتالي ماذا تعني هذه النتائج بالنسبة لدراسته ولفرضيَّاته حتى يتمكَّنَ من مناقشتها وتقويمها.
4) مناقشته لنتائج دراسته وتقويمها ضمن حدود الدراسة التي قام بها، فتلك النتائج لا يمكن تعميمها قبل مناقشتها وتقويمها.
5) الإجابة عن أسئلة دراسته، تلك الأسئلة التي حدَّدها الباحثُ في الإطار الإجرائيِّ لدراسته عند تحديد مشكلتها.
6) تقويم دراسته في ضوء أهدافها الموضَّحة في إطارها الإجرائيِّ، ويكون ذلك بإيضاح المتحقِّق من أهدافها وبيان عوامله، وغير المتحقِّق من أهدافها وبيان أسباب إعاقته.
7) إدراكه أنَّ خصوبة وقيمة دراسته تقاس بمقدار ما تثيره لدى قرَّائها من أسئلة غير تلك الأسئلة التي أجابت عنها، وتكمن تلك الخصوبةُ والقيمة في مساهمتها في تطوير المعرفة ونموِّها ودفعها في مجالاتٍ جديدة لتسهم في اكتشاف آفاقٍ جديدة.

وتعبِّر خطوةُ مناقشة النتائج على القدرة الإبداعيَّة للباحث ومهارته في ربط النتائج التي توصَّل إليها بالحالة الفكريَّة الراهنة لموضوع البحث وتقييم مدى الإسهام الذي حقَّقته دراسته في هذا المجال وطبيعة الجهد البحثيِّ الذي يلزم بذله لمواصلة تطوير المعرفة فيه، كما أنَّ قدرة الباحث على مناقشة النتائج بطريق جيِّدة هي تعبير عن النمو الذي حصل عليه الباحث نتيجة للجهد الذي قام به أثناء إجراء هذا البحث، وتتضمَّن مناقشةُ النتائج نظرةً تحليليَّة ناقدة لنتائج الدراسة في ضوء تصميمها ومحدِّداتها وفي ضوء نتائج الدراسة والبحوث والدراسات السابقة وفي ضوء الإطار النظريِّ الذي تقع الدراسة فيـه.

توصيات الباحث ومقترحاته:
ويصل الباحث والبحث بعد ذلك إلى خطوة أخيرة، فالباحث في ضوء الخبرة التي اكتسبها أثناء مراحل البحث فيما يتعلَّق بموضوع الدراسة وتصميمها وإجراءاتها يستطيع أكثر من غيره التوصية بالحلِّ أو الحلول التطبيقيَّة لمشكلة دراسته أي بتحديد الجوانب النفعيَّة في مجالها، كما يستطيع تقديم مقترحاته بشأن استكمال دراسة جوانب الموضوع التي لم تستهدفها دراسته، وبشأن دراسات أخرى يتمُّ فيها تجنُّب عوامل الضعف والقصور التي أمكن تمييزها، وتطوير أدوات أكثر دقَّة وإجراءات أكثر تحديداً واشتمال هذه الدراسات على قطاعات أخرى من مجتمع الدراسة، وهكذا ينتهي البحث بنتيجة تعزِّز الطبيعة الحركيَّة المتنامية للمعرفة العلميَّة، وتؤكِّد حاجة الإنسان إلى مواصلة البحث ودوام السعي نحو المعرفة، وبعض الباحثين يفرد لعرض النتائج ومناقشاتها ولتوصياته ومقتراحاته فصلاً يعنونه بخاتمة الدراسة يستهلُّه بخلاصة تتناول الدراسة كلَّها بإطارها الإجرائيِّ والنظريِّ وتحليل بياناتها.

الجوانب الفنيَّة للبحث

إنَّ المهارة في إجراء البحوث العلميَّة في ضوء الخطوات والمراحل السابقة جانب تعزِّزه القدرةُ على كتابة البحث بالشكل الصحيح، وتلك القدرة صفةٌ أساسيَّة في الباحث الجيِّد، وليتمَّ تحقيق أقصى فائدة من البحث فإنَّ على الباحث أن يراعي الأصولَ الفنيَّة الحديثة في ترتيب وإخراج محتوياته، وفي توثيق مصادره ومراجعه، وفي أسلوب كتابته وعرضه؛ إذْ لا يكفي جمع البيانات وتحليلها تحليلاً دقيقاً لتظهرَ وتعمَّ الفائدةُ من البحث، فجوانبه الفنيَّة من الأمور التي تسهم في زيادة تفهُّم القارئ له والإفادة منه؛ لذلك جاء استكمال هذا البحث تحت عنوان هذه الفقرة للإشارة إلى جوانب مهمَّة في إعداد البحث العلميِّ، جوانب تنتظمه من أوَّله إلى آخره، وهي وإن لم تكن من خطواته ومراحله وإنَّما هي جوانب فنيَّة ذات طبيعة علميَّة، أو هي مهارات بحثيَّة ضروريَّة ولازمة للباحث، ومنها الآتـي:
1- الاقتباس:
يستعين الباحثُ في كثيرٍ من الأحيان بآراء وأفكار باحثين وكتَّاب وغيرهم، وتسمَّى هذه العمليَّة بالاقتباس، وهي من الأمور المهمَّة التي يجب على الباحث أن يوليها اهتمامه وعنايته الكاملة من حيث دقَّة الاقتباس وضرورته ومناسبته وأهميَّته وأهميَّة مصدره من حيث كونه مصدراً أصليّاً أم مصدراً ثانويّاً، والاقتباس يكون صريحاً مباشراً بنقل الباحث نصّاً مكتوباً تماماً بالشكل والكيفيَّة التي ورد فيها ويسمَّى هذا النوع من الاقتباس تضميناً، ويكون الاقتباسُ غير مباشرٍ حيث يستعين الباحثُ بفكرة معيَّنة أو ببعض فقرات لباحث أو كاتب آخر ويصوغها بأسلوبه وفي هذه الحالة يسمَّى الاقتباس استيعاباً، وفي كلتا الحالتين على الباحث أن يتجنَّبَ تشويهَ المعنى الذي قصده الباحثُ السابق، ليحقِّقَ مظهراً من مظاهر الأمانة العلميَّة بالمحافظة على ملكيَّة الأفكار والآراء والأقوال، (غرايبة وزملاؤه، 1981، ص ص167-168).

دواعي الاقتباس:
للاقتباس دواعٍ تدفع الباحثَ إلى الاستعانة بآراءٍ وأفكارٍ ومعلوماتٍ من مصادر أوليَّة، بل ومن مصادر ثانويَّة أحياناً، وأهمَّ تلك الدواعي ما يأتي، (الخشت، 1409هـ، ص47):
1) إذا كان لتأييد موقف الباحث من قضيَّةٍ ما.
2) إذا كان لتفنيد رأيٍ معارض.
3) إذا كانت كلماتُ النصِّ المقتبس تجسِّد معنى يطرحه الباحثُ على نحوٍ أفضل.
4) إذا احتوى النصُّ المقتبسُ على مصطلحاتٍ يصعبُ إيجاد بديلٍ لها.
5) إذا كانت المسألةُ تتعلَّق بنقدِ أفكارٍ لمؤلِّفٍ معيَّن فيجبُ تقديم أفكاره بنصِّها.
6) إذا كان الاقتباسُ ضرورةً لبناء نسقٍ من البراهين المنطقيَّة.

إرشادات وقواعد عامَّة:
حيث تخضع عمليَّة الاقتباس إلى عدَّة مبادئ أكاديميَّة متعارف عليها فإنَّ هناك إرشاداتٍ وقواعدَ عامَّة في الاقتباس يأخذ بها الباحثون، أبرزها الآتـي:
1) الدقَّة في اختيار المصادر المقتبسِ منها؛ وذلك بأن تكون مصادر أوليَّة في الموضوع جهد الطاقة، وأن يكونَ مؤلِّفوها ممَّن يعتمد عليهم ويوثق بهم.
2) الدقَّة في النقل فيُنْقَل النصُّ المقتبسُ كما هو، ويراعي الباحث في ذلك قواعد التصحيح أو الإضافة وتلخيص الأفكار أو الحذف من النصِّ المقتبس.
3) حسن الانسجام بين ما يقتبس الباحثُ وما يكتبه قبل النصِّ المقتبسِ وما يكتبه بعده.
4) عدم الإكثار من الاقتباس، فكثرة ذلك ووجوده في غير موضعه يدلُّ على عدم ثقة الباحث بأفكاره وآرائه، فعلى الباحث ألاَّ يقتبس إلاَّ لهدف واضح، وأن يحلِّلَ اقتباساته بشكل يخدم سياق بحثه، وأن ينقدَها إذا كانت تتضمَّن فكرةً غير دقيقة أو مباينة للحقيقة، (الخشت، 1409هـ، ص48).
5) وضع الاقتباس الذي طوله ستة أسطر فأقلّ في متن البحث بين علامتي الاقتباس، أمَّا إذا زاد فيجب فصله وتمييزه عن متن البحث بتوسيع الهوامش المحاذية له يميناً ويساراً وبفصله عن النصِّ قبله وبعده بمسافة أكثر اتِّساعاً مما هو بين أسطر البحث، أو بكتابة النصِّ المقتبس بـبنطٍ أصغر من بنط كتابة البحث، أو بذلك كلِّه.
6) طول الاقتباس المباشر في المرَّة الواحدة يجب ألاَّ يزيد عن نصف صفحة.
7) اقتباس الباحث المباشر لا يجوز أن يكونَ حرفيّاً إذا زاد عن صفحة واحدة، بل عليه إعادة صياغة المادة المقتبسة بأسلوبه الخاصّ، وأن يشيَر إلى مصدر الاقتباس.
8) حذفُ الباحث لبعض العبارات في حالة اقتباسه المباشر تلزمه بأنَّ يضع مكان المحذوف ثلاث نقاط، وإن كان المحذوف فقرةً كاملةً يضع مكانها سطراً منقَّطاً.
9) تصحيحُ الباحث لما يقتبسه أو إضافته عليه كلمة أو كلمات يلزمه ذلك أن يضعَ تصحيحاتِه أو إضافاته بين معقوفتين هكذا: [....]، هذا في حالة كون التصحيح أو الإضافة لا يزيد عن سطرٍ واحد فإن زاد وضع في الحاشية مع الإشارة إلى ما تمَّ وإلى مصدر الاقتباس.

يتبع >

__________________