متغيِّرات الدراسـة:
يَسْتَكْمِلُ الباحث عادةً عرض مناهج دراسته بإيضاح متغيراتها مبيِّناً المستقلَّ منها والتابع لها، باعتبار الأولى هي المؤثِّرة بالثانية، وأنَّ الثانية يقع عليها التأثير من الأولى فتتغيَّر مكانيّاً بتغيُّر الأولى، ففي التحليل الذي هو عماد المنهج العلميِّ في البحث تستخدم متغيِّراتٌ مستقلَّة وهي التي يكون لها دورٌ كبير في وجود وتحديد خصائص المتغيِّرات التابعة وتوزيعها، تلك التي هي متغيِّراتٌ تتبع للمتغيِّرات المستقلَّة ويقع عليها منها التأثير فتتغيَّر بتغيُّرها سلبـاً وإيجاباً، وعلى الباحث أن يكون قادراً في البحوث التربويَّة على التمييز بين المتغيِّر والثابت، وأن يصنِّف المتغيِّرات بحسب مستوى القياس، وأن يميِّز بين المتغيِّر المستقلِّ والمتغيِّر التابع، وأن يميِّز بين المتغيِّرات المعدَّلة والمضبوطة والدخيلة، ليس ذلك فحسب بل وأن يكون قادراً على التعرُّف على الصور المختلفة للتعريفات الإجرائيَّة، وأن يميِّز بين الطرق المتَّبعة في ضبط المتغيِّرات الدخيلة، ويمكن أن يحقِّق ذلك بالاطِّلاع على ذلك في مظانِّه في كتب البحث العلمي، ومنها ما لدى عودة؛ ملكاوي، 1992م، في الفصل الخامس (ص143- ص154)
ففي دراسة وظيفة المدرسة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها تعدُّ المدرسة والبيئة والمجتمع متغيِّرات مستقلَّة، فيما تعدُّ وظيفة المدرسة بأدوارها المختلفة متغيِّرات تابعة، فإذا تغيَّرت المدرسة في مبناها بين حكوميٍّ ومستأجر أو تغيَّرت في مرحلتها التعليميَّة، أو إذا تغيَّرت البيئة الخارجيَّة للمدرسة بين بيئة زراعيَّة وبيئة رعويَّة، أو إذا تغيَّر المجتمع المحيط بالمدرسة بين مجتمع حضريٍّ ومجتمع قرويٍّ ومجتمع بدويٍّ تغيَّرت وظيفة المدرسة.
ب- تحديد مصادر بيانات ومعلومات البحث:
إنَّ عمليَّات الحصول على المعلومات والبيانات اللازمة لأيَّة دراسةٍ تتَّخذ المنهجَ العلميَّ مساراً تتطلَّب أن يكون الباحث ملمّاً بالكثير من مهارات جمع المعلومات والبيانات، تلك المهارات غالباً ما يطلق عليها تقنيَّات البحث أو أدواته، وحيث يكون الهدف النهائيُّ للبحث العلميِّ الجاد والذي يمثَّل عادة بدراسات الماجستير والدكتوراه هو بناء النماذج والنظريَّات التي يمكن على أساسها التفاهم والتعميم والتنبؤ فإنَّ تقنيَّات البحث وأدواته تكون أكثر ضرورة للباحث ولبحثه وتكون ذات مستوى أعلى، (الصنيع، 1404هـ، ص ص27-28).
وممَّا لاشكَّ فيه أنَّ مصادر المكتبة تحتلُّ مكانة هامَّة في عمليَّات البحث العلميِّ، ولكن تلك الأهميَّة تقلُّ نسبيّاً كلَّما كان البحث متقدِّماً، وعلى أيَّة حال فإنَّه من المسلِّم به أنَّ أيَّ باحثٍ مهما كانت نوعيَّة بحثه ومستواه فإنَّ خطواته الأولى تبدأ بعمليَّة فحصٍ دقيق وتقصٍّ تام لمصادر المكتبة؛ وذلك بغرض حصر المصادر والمراجع حول موضوع دراسته؛ لتكونَ عنده فكرة عميقة حول موضوعه من جميع الوجوه التي سبق أن درسها باحثون قبله، وبهذا يتفتَّق ذهـنُـه ويعرف أين مكان دراسته من بين الدراسات السابقة التي تناولت موضوعه أو موضوعاتٍ قريبة منه، ولا بدَّ أن يكون لدى الباحث خبرة ومهارة في استخدام المكتبة ومعرفة محتوياتها، ومعرفة أساليب تصنيفها، وأساليب التوصُّل إلى محتويات المكتبـة.
ومن المؤكَّد أن قيمة كلِّ بحث تعتمد بالإضافة إلى مستوى منهجه العلميِّ على نوعيَّة مصادر بياناته ومعلوماته، وعموماً تصنَّف تلك المصادر إلى مصادر أوليَّة ومصادر ثانويَّة، ومصادر جانبيَّة، ولكن من الملاحظ أنَّ مصدراً ثانويّاً في دراسة ما قد يكون مصدراً أوليّاً في دراسة أخرى، فالكتب الجامعيَّة الدراسيَّة وهي مصادر ثانويَّة تكون مصادر أوليَّة في دراسة تتناولها هادفة إلى الكشف وتعيين كيف تعامل الكتب الدراسيَّة موضوع النماذج والنظريَّات، ومن الجدير ذكره أنَّ على الباحث أن يفحص مستوى نوعيَّة مصادر دراسته بطرق مختلفة، ويجب أن يعرَّف أنَّ بناء رأي أو فكرة قائمة على رأي أو فكرة مأخوذة من مصدر ثانويٍّ أو جانبيٍّ يكون مستوى الثقة فيها منخفضاً وسيقوِّمها باحثون آخرون بذلك، ومن ثمَّ ينعكس ذلك على قيمة البحث ذاتـه، (الصنيع، 1404هـ، ص31).
المصادر الأوليَّة:
هي المصادر التي يمكن اعتمادها كمصادر موثوق بصحَّتها وعدم الشكِّ فيها مثل: المخطوطات ومذكرات القادة والسياسيِّين، والخطب والرسائل واليوميَّات، والمقابلات الشخصيَّة، والدراسات الميدانيَّة، والكتب التي تصف أحداثاً أو موضوعات شاهدها مؤلِّفوها عن كثب، والقرارات الصادرة عن الندوات والمؤتمرات، ونتائج التجارب العلميَّة والإحصاءات التي تصدرها الدوائر المختصَّة والوزارات والمؤسَّسات، وكما أشار بارسونز (1996م) بأن المصادر الأوليَّة يدخل في إطارها الشعرُ والروايات والرسائل والتقارير وإحصاءات التعداد والشرائط المسجَّلة والأفلام واليوميَّات، (ص11)، والمصادر الأوليَّة أكثر دقَّة في معلوماتها وبياناتها حيث تعدُّ أصليَّة في منشئها وكتابتها بدون تغيير أو تحريفٍ لآرائها وأفكارها بالنقل من باحث إلى آخر، كما تتضمَّن المصادر الأوليَّة البيانات والمعلومات الواردة في استبانات الدراسات وفي المقابلات الشخصيَّة التي يجريها الباحثون والاستفتاءات والدراسات الحقليَّة، والخطابات والسير الشخصيَّة والتقارير الإحصائيَّة والوثائق التاريخيَّة، وغيرها.
المصادر الثانويَّة:
هي المصادر التي يتمُّ تقويمها وتتمثَّل بجميع وسائل نقل المعرفة عدا تلك التي تندرج تحت المصادر الأوليَّة، وعموماً ليست المصادر الثانويَّة قليلة الفائدة فهي أوفر عدداً وتشتمل في كثيرٍ من الأحيان على تحليلات وتعليقات لا توجد في المصادر الأوليَّة، (فودة؛ عبدالله، 1991م، ص ص199-201)؛ (أبو سليمان، 1400هـ، ص42)، وتضمُّ المصادر الثانويَّة الملخصات والشروح والتعليقات النقديَّة على المصادر الأوليَّة، (بارسونز، 1996م، ص11)، فالمصادر الثانويَّة هي كتب وموضوعات أعدَّت عن طريق تجميع المعلومات والبيانات التي تأثَّرت بآراء كتَّاب تلك الكتب والموضوعات.
المصادر الجانبيَّة:
هي كتب استقت بياناتها ومعلوماتها من مصادر ثانويَّة.
ومن المهارات التي يجب على الباحث إتقانها هي مهارة تدويـن الملاحظات والمعلومات والبيانات أثناء استطلاعه للدراسات السابقة وفحصه وتقصِّيه لمحتويات المكتبات وبالأخصِّ مكتبات مراكز البحوث ومكتبات الجامعات، وأن يكون ملمّاً بأسلوب بطاقات جمع المعلومات وطرق تصنيفها والتسجيل والكتابة عليها وتخزينها، ومن زاوية أخرى ينظر إلى مصادر بيانات ومعلومات البحث العلميِّ من حيث تحديد مفردات الدراسة ومجتمعها الذي منه تستقى البيانات والمعلومات فيتَّخذ تصنيفُها من هذه الزاوية الشكلين التاليين:
1- المجتمع الأصلي:
ويقوم الباحث بجمع البيانات والمعلومات عن كلِّ مفردة داخلة في نطاق بحثه دون ترك أيٍّ منها، ففي دراسة وظيفة المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها في قطاعٍ تعليميٍّ ما فإنَّه يجب على الباحث أن يحصل على بياناته ومعلوماته عن كلِّ مدرسةٍ ثانويَّة في هذا القطاع دون استثناء، وتعدُّ دراسة مجتمع البحث ككلٍّ من الأمور النادرة في البحوث العلميَّة نظراً للصعوبات الجمَّة التي يتعرَّض لها الباحث في الوصول إلى كلِّ مفردة من مفردات المجتمع الأصلي وللتكاليف الباهضة التي تترتَّب على ذلك.
ولكن متى يكون ذلك كذلك؟، هل يخضع الأمر لتقدير الباحث أو لرغبته دون أن يؤثِّر ذلك على قيمة بحثه ودراسته، فيعدُّ الباحثُ مائة مدرسة مثلاً مجتمعاً كبيراً تصعب دراسته وترتفع تكاليفها، إنَّ هذا الأمر لا بدَّ أن يكون مقنعاً بعرض الصعوبات التي سيلقاها الباحث لو درس المجتمع الأصلي بكلِّ مفرداته، وبالتالي لا بدَّ أن يكون هذا العرض بمبرِّراته مقنعاً علميّاً لغيره من الباحثين وقارئي دراسته، فقيمتُها العلميَّة تتوقَّف على مدى القناعة العلميَّة بصعوبة دراسة المجتمع الأصليِّ.
2- العيِّنـة:
وهذه الطريقة أكثر شيوعاً في البحوث العلميَّة؛ لأنَّها أيسر تطبيقاً وأقلُّ تكلفة من دراسة المجتمع الأصليِّ؛ إذْ أنَّه ليس هناك من حاجة لدراسة المجتمع الأصليِّ إذا أمكن الحصول على عيِّنة كبيرة نسبيّاً ومختارة بشكلٍ يمثِّل المجتمع الأصليَّ المأخوذة منه؛ فالنتائج المستـنبطة من دراسةِ العيِّنة ستنطبق إلى حدٍّ كبير مع النتائج المستخلصة من دراسة المجتمع الأصليِّ، فالعيِّنة جزء من المجتمع الأصليِّ وبها يمكن دراسة الكلِّ بدراسة الجزء بشرط أن تكونَ العيِّنة ممثِّلةً للمجتمع المأخوذة منه، (غرايبة وزملاؤه، 1981م، ص25).
وحيث أنَّ الدراسة بواسطة عيَّنة مأخوذة من المجتمع الأصليِّ هي التوجُّه الشائع بين الباحثين لصعوبة دراساتهم للمجتمعات الأصليَّة فإنَّ على الباحثين أن يلمُّوا بأنواع العيِّنات وطرق تطبيقها ومزايا وعيوب كلِّ نوع منها، وطبيعة الدراسات المناسبة لتلك الأنواع.
أنواع العيِّنات:
للعيِّنات أنواعٌ تختلف من حيث تمثيلها للمجتمع الأصليِّ من بحثٍ إلى آخر، وبالتالي تختلف ميزاتها فصلاحيَّتها لتمثيل المجتمع الأصليِّ بحسب موضوع الدراسة وباختلاف جانبها التطبيقيِّ، وتنقسم إلى مجموعتين: عيِّنات الاحتمالات، وهي العيِّنة العشوائيَّة، والعيِّنة الطبقيَّة، والعيِّنة المنتظمة، والعيِّنة المساحيَّة، وتلك يمكن تطبيق النظريَّة الإحصائيَّة عليها لتمدَّ الباحث بتقديراتٍ صحيحةٍ عن المجتمع الأصليِّ، وهناك العيِّنات التي يتدخَّل فيها حكمُ الباحث كالعيِّنة الحصصيَّة والعيِّنة العمديَّـة فالنتائج التي يتوصَّل إليها الباحثُ باستخدامهما تعتمد على حكمه الشخصيِّ الذي لا يمكن عزله أو قياسه إحصائيّاً إلاَّ إذا وضع فرضيَّاتٍ لتحديدها، (بدر، 1989م، ص264)، وفيما يلي عرض لأنواع العيِّنات بالآتـي:
1- العيِّنة العشوائيَّة: وهي التي يتِّم اختيار مفرداتها من المجتمع الأصلي عشوائيّاً بحيث تعطى مفرداتُ المجتمع نفس الفرصة في الاختيار، ومن الطرق المستخدمة لتحقيق عشوائيَّة الاختيار كتابة أسماء مفردات المجتمع الأصليِّ على أوراق منفصلة وخلطها جيِّداً واختيار العدد المطلوب منها عشوائيّاً، أو بإعطاء كلِّ مفردة رقماً واختيار العدد المطلوب من الأرقام باستخدام جداول الأعداد العشوائيَّة كما في الملحق رقم ( 1 )، وهي جداول معدَّة سلفاً يستخدمها الباحثون الذين يختارون العيِّنة العشوائيَّة لتمثيل المجتمع الأصليِّ لدراساتهم، وتعدُّ العيِّنة العشوائيَّة من أكثر أنواع العيِّنات تمثيلاً للمجتمع الأصليِّ وبشكلٍّ خاص إذا كان عدد مفرداتها كبيراً نسبيّاً أكثر من 30 مفردة مشكِّلة 10% فأكثر من مفردات المجتمع الأصليّ.
2- العيِّنة الطبقيَّة: وهي التي يتمُّ الحصول عليها بتقسيم المجتمع الأصليِّ إلى طبقات أو فئات وفقاً لخصائص معيِّنة كالسنِّ أو الجنس أو مستوى التعليم، وكتقسيم المدارس لدراسة وظيفتها في البيئة الخارجيَّة وفي المجتمع المحيط إلى مدارس حكوميَّة وأخرى مستأجرة، وبتقسيمها بحسب مراحل التعليم، أو بحسب مجتمعها إلى مدارس في مجتمع حضريٍّ، ومجتمع قرويٍّ، ومجتمع بدويٍّ، ثمَّ يتمُّ تحديد عدد المفردات التي سيتمُّ اختيارها من كلِّ طبقة بقسمة عدد مفردات العيِّنة على عدد الطبقات ثمَّ يتمُّ اختيار مفردات كلِّ طبقة بشكلٍّ عشوائيّ.
3- العيِّنة الطبقيَّة التناسبيَّة: وهي أكثر تمثيلاً للمجتمع الأصليِّ من سابقتها؛ لأنَّه يراعى فيها نسبة كلِّ طبقة من المجتمع الأصليِّ فتؤخذ مفردات عيِّنة الدراسة بحسب الحجم الحقيقيِّ لكلِّ طبقة أو فئة في مجتمع الدراسة، فإذا كانت المدارس الحكوميَّة تشكِّل 70% من عدد المدارس في القطاع التعليميِّ الذي ستدرس فيه وظيفة المدرسة، فإنَّ العيّنة الطبقيَّة التناسبيَّة تشكَّل مفرداتها من المدارس الحكوميَّة بنسبة 70% ومن المدارس المستأجرة بنسبة 30%، وبذلك أعطيت كلُّ طبقة أو فئة وزناً يتناسب مع حجمها الحقيقيِّ في المجتمع.
4- العيِّنة المنتظمة: وهي نادرة الاستخدام من الباحثين، وتتَّصف بانتظام الفترة بين وحدات الاختيار، أي أنَّ الفرق بين كلِّ اختيار واختيار يليه يكون متساوياً في كلِّ الحالات، فإذا أريد دراسة وظيفة المدرسة الابتدائيَّة في قطاع عنيزة التعليميِّ ورتِّبت المدارس الابتدائيَّة في ذلك القطاع ترتيباً أبجديّاً وكان عددها 300 مدرسة وكانت نسبة العيِّنة 10% فالمسافة بين كلِّ اختيار واختيارٍ يليه في هذه العيِّنة 10، وعدد مفردات العيِّنة 30 مفردة، وحددت نقطة البداية بالمدرسة رقم 5 فالاختيار الثاني هو المدرسة رقم 15، والاختيار الثالث هو المدرسة رقم 25 وهكذا حتى يجمع الباحث 30 مفردة أي 30 مدرسة.
5- العينة المساحيَّة: وهذه العيِّنة ذات أهميَّة كبيرة عند الحصول على عيِّنات تمثل المناطق الجغرافيَّة، وهذا النوع من العيِّنات لا يتطلَّب قوائم كاملة بجميع مفردات البحث في المناطق الجغرافيَّة، هذا وتختار المناطق الجغرافيَّة نفسها عشوائيّاً ولكن يجب أن تمثَّل في كلِّ منطقة مختارة كلِّ الفئات المتمايزة لمفردات البحث في حالة أن يتطلَّب ذلك، والباحث يبدأ بتقسيم مجتمع البحث إلى وحدات أوليَّة يختار من بينها عيِّنة بطريقة عشوائيَّة أو منتظمة، ثمَّ تقسَّم الوحدات الأوليَّة المختارة إلى وحدات ثانويَّة يختار من بينها عيِّنة جديدة، ثمَّ تقسَّم الوحدات الثانويَّة المختارة إلى وحدات أصغر يختار منها عيَّنة عشوائيَّة، ويستمر الباحث هكذا إلى أن يقف عند مرحلة معيِّنة، فيختار من المناطق الإداريَّة عيَّنة منها ومن المناطق المختارة عيِّنة من المحافظات، ومن المحافظات المختارة عيِّنة من المراكز وهكذا، ولهذا قد تسمَّى بالعيِّنة متعدِّدة المراحل، (بدر، 1989م، ص ص267-268)؛ (الصنيع، 1404هـ، ص41).
6- العيِّنة الحصصيَّة: يعدُّ هذا النوع من العيِّنات ذا أهميَّة في بحوث الرأي العام (الاستفتاء) إذْ أنَّها تتمُّ بسرعة أكبر وبتكاليف أقلّ، وتعتمد العينة الحصصيَّة على اختيار أفراد العيِّنة من الفئات أو المجموعات ذات الخصائص المعيَّنة وذلك بنسبة الحجم العدديِّ لهذه الفئات أو المجموعات، وقد تبدو العيِّنة الحصصيَّة مماثلة للعيِّنة الطبقيَّة، ولكن الفرق بينهما أنَّه في العيِّنة الطبقيَّة تحدَّد مفردات كلِّ طبقة أو فئة تحديداً دقيقاً لا يتجاوزه الباحث أو المتعاون معه، بينما في العيِّنة الحصصيَّة يتحدَّد عدد المفردات من كلِّ فئة أو مجموعة ويترك للباحث أو المتعاون له الاختيار ميدانيّاً بحسب ما تهيِّؤه الظروف حتى يكتمل عدد أو حصَّة كل فئة، وهكذا ربَّما يظهر في العيِّنة الحصصيَّة بعضُ التحيُّز، (بدر، 1989م، ص268).
7- العيِّنة العمديَّـة: إنَّ معرفة المعالم الإحصائيَّة لمجتمع البحث ومعرفة خصائصه من شأنها أن تغري بعض الباحثين باتِّباع طريقة العيِّنة العمديَّة التي تتكوَّن من مفردات معيَّنة تمثِّل المجتمع الأصليَّ تمثيلاً سليماً، فالباحث في هذا النوع من العيِّنات قد يختار مناطق محدَّدة تتميَّز بخصائص ومزايا إحصائيَّة تمثِّل المجتمع، وهذه تعطي نتائج أقرب ما تكون إلى النتائج التي يمكن أن يصل إليها الباحث بمسح مجتمع البحث كلِّه، وتقترب هذه العيِّنة من العيِّنة الطبقيَّة حيث يكون حجم المفردات المختارة متناسباً مع العدد الكليِّ الذي له نفس الصفات في المجتمع الكليِّ، ومع ذلك فينبغي التأكيد بأنَّ هذه الطريقة لها عيوبها، إذْ أنَّها تفترض بقاء الخصائص والمعالم الإحصائيَّة للوحدات موضع الدراسة دون تغيير؛ وهذا أمر قد لا يتَّفق مع الواقع المتغيِّر، (بدر، 1989م، ص ص 268-269).
8- العيِّنة الضابطة: هي عيِّنة يتَّخذها الباحث لتلافي عيوب العيِّنة التي اختارها لتجميع بيانات دراسته، وهنا يشترط أن تكون العيِّنة الضابطة من نفس نوع عيِّنة البحث، وأن تصمَّمَ بنفس الطريقة التي تمَّت بها اختيار عيِّنة الدراسة؛ بحيث تمثِّل كلَّ الفئات المختلفة في المجتمع الأصليِّ للدراسة وبنفس النسب، حتى يمكن قياس أثر المتغيِّر موضوع الدراسة في الموضوعات التي تتطلَّب ذلك.
تقويم عيِّنة الدراسة:
على الباحث أن يتنبَّه إلى مواقع الخطأ في اختيار عيِّنة دراسته، (بدر، 1989م، ص269)، والتي من أبرزها الآتـي:
1- أخطاء التحيُّز: وهي أخطاءٌ تحدث نتيجة للطريقة التي يختار بها الباحثُ عيِّنة دراسته من مجتمعها الأصليِّ.
2- أخطاء الصدفة: وهي أخطاءٌ تنتج عن حجم العيِّنة فلا تمثِّل المجتمع الأصليَّ نتيجةً لعدم إعادة استبانات الدراسة أو عدم إكمال الملاحظة أو المقابلة لمفردات مجتمع الدراسة.
3- أخطاء الأداة: وهي أخطاء تنتج من ردود فعل المبحوثين نحو أداة أو وسيلة القياس.
ويمكن تلافي هذه العيوب بالتدرُّب الذاتي المكثِّف للباحث ليتقنَ أسلوب الدراسة بالعيِّنة وكيفيَّة اختيارها وتطبيقها بما تحقِّق تمثيلاً مناسباً لمجتمع دراسته، وأن يقوم بتدريب المتعاونين معه تدريباً يحقِّق له ذلك، وأن يطبِّق العيِّنة الضابطة لتلافي عيوب عيِّنة دراسته.
جـ- اختيار أداة أو أدوات جمع بيانات البحث:
وهذه هي الخطوة الثالثة من خطوات تصميم البحث، وفيها يقوم الباحث بتحديد الأداة أو الأدوات التي سوف يستخدمها في جمع البيانات حول موضوع الدراسة، وأدوات جمع بيانات الدراسة متعدِّدة، منها الملاحظة، والمقابلة، والاستفتاء، والاستبيان، والأساليب الإسقاطيَّة، والوثائـق وغيرها، تلك الأدوات تسمَّى أحيانـاً بوسائل البحث، (*) ومهما كانت أداة جمع البيانات فإنَّه يجب أن تتوافر فيها خصائصُ الصدق والثبات والموضوعيَّة التي توفِّر الثقة اللازمة بقدرتها على جمع بيانات لاختبار فرضيَّات الدراسة، (عودة؛ ملكاوي، 1992م، ص43)، وفيما يلي إيضاحٌ بأهم أدوات جمع البيانات في الدراسات التربويَّـة:
1- الملاحظة:
تعرَّف الملاحظة العلميَّة بأنها هي الاعتبار المنتبه للظواهر أو الحوادث بقصد تفسيرِها واكتشاف أسبابها وعواملها والوصولِ إلى القوانين التي تحكمُها، (الربضي؛ الشيخ، بدون تاريخ، ص75)، وحيث يحتاج الباحثون في بعض أبحاثهم إلى مشاهدة الظاهرة التي يدرسونها أو قد يستخدمون مشاهداتِ الآخرين فإنَّ ملاحظاتِ الباحثين تأخذ عدَّة أشكال ويكون لها وظائفُ متعدِّدة تبعاً لأغراض البحث وأهدافه، فقد يقوم باحثٌ بملاحظة بعض الظواهر التي يستطيع السيطرةَ على عناصرها كما يحدث في تجارب المختبرات في العلوم الطبيعيَّة، وقد يقوم بملاحظة الظواهر التي لا يستطيع التأثيرَ على عناصرها كما يحدث في علم الفلك.
وهناك عوامل رئيسةٌ ومهمَّة تساعد على الحصول على بيانات ومعلومات دقيقة بالملاحظة على الباحث أخذها باعتباره عند استخدامه هذه الأداة أو الوسيلة، من أبرزها:
1- تحديد الجوانب التي ستخضع للملاحظة، وهذا يكون بمعرفة مسبقة وواسعة عن الظاهرة موضوع الملاحظة.
2- اختبار الأهداف العامَّة والمحدَّدة مسبقاً بملاحظاتٍ عامة للظاهرة.
3- تحديد طريقة تسجيل نتائج الملاحظة بتحديد الوحدة الإحصائيَّة والبيانيَّة التي ستستخدم في تسجيل نتائج المشاهدات.
4- تحديد وتصنيف ما يراد تسجيلُه من بيانات ومعلوماتٍ عن الظاهرة موضوع الملاحظة
---------------
(*) أشار بدر (1989م) بأنَّه يفضِّل أن تكون كلمة أداة هي الترجمة للكلمة الإنجليزيَّة Tool وقال: وقد يرى البعض أنَّ كلمة أداة مرادفة لكلمة Technique هذا صحيح أيضاً إلاَّ أن كلمة Technique تستخدم بمعنى وسيلة فنيَّة وبالتالي يستخدمها بعض الباحثين مع مناهج البحث والتي يدخلونها تحت اسم Observatigation Technique أو Technique Questionnaire ، (ص28).
تصنيفاً رقميّاً أو وصفيّاً، وتدوين بعض تفسيراتها في نفس وقت مشاهدتها وحدوثها.
5- ترتيب الظواهر بشكلٍ مستقلٍّ.
6- تدرُّب جيد على آلات ووسائل تسجيل نتائج الملاحظة.
6- الملاحظة بعناية وبشكلٍ متفحِّص.
7- تحسُّن مستويات الصدق والثقة والدقَّة إلى حدٍّ كبير بقيام نفس الملاحظ بملاحظاته على فترات متعدِّدة، أو عندما يقوم عدد من الملاحظين بتسجيل ملاحظاتهم وكلٌّ منهم مستقلٌّ في ملاحظته عن الآخر، (بدر، 1989م، ص ص278- 279).
مزايا الملاحظة: باستخدام الملاحظة لدراسة موضوعاتٍ تربويَّة بشكلٍ علميٍّ وموضوعيٍّ من باحث قديرٍ على التمييز بين الأحداث والمشاهدات والربط بينها، ودقيقٍ في تدوين الملاحظات فإنَّها تحظى بالمزايا الآتية: ذكر في: (غرايبة وزملاؤه، 1981م، ص41).
1- أنَّها أفضل طريقة مباشرة لدراسة عدَّة أنواع من الظواهر؛ إذْ أنَّ هناك جوانب للتصرُّفات الإنسانيَّة لا يمكن دراستها إلاَّ بهذه الوسيلـة.
2- أنَّها لا تتطلَّب جهوداً كبيرة تبذل من قبل المجموعة التي تجري ملاحظتها بالمقارنة مع طرق بديلة.
3- أنَّها تمكِّن الباحث من جمع بياناته تحت ظروف سلوكيَّة مألوفة.
4- أنَّها تمكِّن الباحث من جمع حقائق عن السلوك في وقت حدوثها.
5- أنَّها لا تعتمد كثيراً على الاستنتاجات.
6- أنَّها تسمح بالحصول على بيانات ومعلومات من الجائز ألاَّ يكون قد فكَّر بها الأفرادُ موضوعُ البحث حين إجراء مقابلات معهم أو حين مراسلتهم لتعبئة استبانة الدراسة.
عيوب الملاحظة: ومع وجود المزايا السابقة فهناك عيوب للملاحظة تتَّصل بجانبها التطبيقيِّ وبمقدرة الباحث أبرزها ما يأتي: ذكر في: (غرايبة وزملاؤه، 1981م، ص41).
1- قد يعمد الأفرادُ موضوع الملاحظة إلى إعطاء الباحث انطباعاتٍ جيِّدة أو غير جيِّدة؛ وذلك عندما يدركون أنَّهم واقعون تحت ملاحظتـه.
2- قد يصعب توقُّع حدوث حادثة عفويَّة بشكلٍ مسبق لكي يكون الباحث حاضراً في ذلك الوقت، وفي كثير من الأحيان قد تكون فترة الانتظار مرهقة وتستغرق وقتاً طويلا.
3- قد تعيق عوامل غير منظورة عمليَّة القيام بالملاحظة أو استكمالها.
4- قد تكون الملاحظة محكومةً بعوامل محدَّدة زمنياً وجغرافيّاً فتستغرق بعض الأحداث عدَّة سنوات أو قد تقع في أماكن متباعدة ممَّا يزيد صعوبة في مهمَّة الباحث.
5- قد تكون بعض الأحداث الخاصَّة في حياة الأفراد ممَّا لا يمكن ملاحظتها مباشرة.
6- قد تميل الملاحظة إلى إظهار التحيُّز والميل لاختيار ما يناسب الباحث أو أنَّ ما يراه غالباً يختلف عمَّا يعتقده، (بارسونز، 1996م، ص44).
2- المقابلة:
تعرَّف المقابلة بأنها تفاعل لفظيٌّ بين شخصين في موقف مواجهة؛ حيث يحاول أحدهما وهو الباحث القائم بالمقابلة أن يستثيرَ بعض المعلومات أو التعبيرات لدى الآخر وهو المبحوث والتي تدور حول آرائه ومعتقداته، (حسن، 1972م، ص448)؛ فهناك بيانات ومعلومات لا يمكن الحصول عليها إلاَّ بمقابلة الباحث للمبحوث وجهاً لوجه، ففي مناسبات متعدِّدة يدرك الباحث ضرورة رؤية وسماع صوت وكلمات الأشخاص موضوع البحث.
وحيث يجب أن يكون للمقابلة هدفٌ محدَّد فلهذا تقع على الباحث الذي يجري المقابلة ثلاثة واجبات رئيسة:
1) أن يخبرَ المستجيبَ عن طبيعة البحث.
2) أن يحفزَ المستجيبَ على التعاون معه.
3) أن يحدِّدَ طبيعة البيانات والمعلومات المطلوبة.
4) أن يحصلَ على البيانات والمعلومات التي يرغب فيها.
يتبع >