منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - البحث العلمي
الموضوع: البحث العلمي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-11-07, 10:52   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

أولاً: الشعورُ والإحساسُ بمشكلة البحث
يعدُّ الشعورُ والإحساسُ بمشكلة البحث نقطةَ البداية في البحث العلميِّ، والإحساس بالمشكلة مرتبط باستعمال الفكرة والتفكير لإيجاد الحلول المناسبة بصورة موضوعيَّة علميَّة، فهو إذن محكٌّ للفكر ولإثارة التفكير بصورةٍ مستمرَّة ومنتظمة ما دامت المشكلة قائمة وبحاجة إلى حلٍّ، (القاضي، 1404هـ، ص48)، وتنبع مشكلة البحث من شعور الباحث بحيرة وغموض تجاه موضوع معيَّن، ومن الضروريِّ التمييز بين مشكلة البحث ومشكلات الحياة العاديَّة، فمشكلةُ البحث هي موضوع الدراسة، أو هي كما عرَّفها القاضي (1404هـ) كلُّ ما يحتاج إلى حلٍّ وإظهار نتائج، (ص46)، أو هي تساؤل يدور في ذهن الباحث حول موضوع غامضٍ يحتاج إلى تفسير، فقد يدور في ذهن الباحث تساؤلٌ حول أبعاد العلاقة بين المعلِّم والطالب وتأثيرها في تحقيق أهداف العمليَّة التعليميَّة والتربويَّة، وبالتالي فإنَّه يقوم بإجراء دراسة حول هذا الموضوع؛ ومشكلة البحث في هذه الحالة هو التأثير الإيجابيُّ أو السلبيُّ لطبيعة العلاقة بين المعلِّم والطالب، وتزول مشكلةُ البحث بتفسيرها أو بإيجاد حلٍّ لها؛ فإذا ما توصَّل الباحث لطبيعة هذه العلاقة وتحديد تأثيرها فإنَّه يكون قد حلَّ المشكلة دون أن يكون مطلوباً منه أن يضعَ العلاج للأبعاد السلبيَّة فهذه مشكلةٌ بحثيَّةٌ أخرى، وعموماً فمشكلة الدراسة قد تكون نتيجةً (محمَّد الهادي، 1995م، ص48) لما يلي:
1- الشعور بعدم الرضا.
2- الإحساس بوجود خطأٍ ما.
3- الحاجة لأداء شيءٍ جديد.
4- تحسين الوضع الحالي في مجالٍ ما.
5- توفير أفكار جديدة في حلِّ مشكلة موجودة ومعروفة مسبقاً.

منابع مشكلات البحوث ومصادرها:

يعاني طلاَّب الدراسات العليا كباحثين مبتدئين من التوصُّل إلى مشكلات أبحاثهم ويلجأ بعضهم إلى الاستعانة بأساتذتهم أو مرشديهم وقد يطرح عليهم بعضُ أولئك مشكلاتٍ تستحقُّ الدراسة ولكنَّ ذلك يجعلهم أقلُّ حماسة وبالتالي أقل جهداً ومثابرة ممَّا يجعلهم يحقِّقون نجاحاتٍ أدنى من أولئك الذين توصَّلوا إلى تحديد مشكلاتِ دراساتهم بأنفسهم ويُنْصَحُ الباحثون المبتدئون ويُوَجَّهُون إلى أهمِّ مصادر ومنابع المشكلات البحثيَّة (غرايبة وزملاؤه، 1981م، ص20)، وهي المصادر أو المنابع الآتيـة:
** الخبرة الشخصيَّة: فالباحث تمرُّ في حياته تجاربُ عديدة ويكتسب كثيراً من الخبرات، وهذه وتلك تثير عنده تساؤلاتٍ حول بعض الأمور أو الأحداث التي لا يستطيع أن يجدَ لها تفسيراً؛ وبالتالي فإنَّه قد يقوم بإجراء دراسة أو بحثٍ لمحاولة الوصول إلى شرحٍ أو تفسيرٍ لتلك الظواهر الغامضة، والخبرة في الميدان التربويِّ مصدرٌ مهمٌّ لاختيار مشكلة بحثيَّة، فالنظرةُ الناقدة للوسط التربويِّ بعناصره المتعدِّدة وأشكال التفاعل بين هذه العناصر مصدرٌ غنيٌّ لكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات مبنيَّة على أساسٍ قويٍّ وموثوق من المعرفة.

** القراءة الناقدة التحليليَّة: إنَّ القراءة الناقدة لما تحتويه الكتب والدوريَّات وغيرها من المراجع من أفكار ونظريَّات قد تثير في ذهن الباحث عدَّة تساؤلاتٍ حول صدق هذه الأفكار، وتلك التساؤلات تدفعه إلى الرغبة في التحقُّق من تلك الأفكار أو النظريَّات؛ وبالتالي فإنَّه قد يقوم بإجراء دراسة أو بحث حول فكرةٍ أو نظريَّة يشكُّ في صحَّتها.

** الدراسات والبحوث السابقة: حيث أنَّ البحوثَ والدراساتِ العلميَّة متشابكةٌ ويكمل بعضُها البعضَ الآخر؛ ومن هنا قد يبدأ أحد الباحثين دراسته من حيث انتهت دراسةٌ لغيره، وكثيراً ما نجد في خاتمات الدراسات إشارات إلى ميادين تستحقُّ الدراسة والبحث ولم يتمكَّن صاحبُ الدراسة من القيام بها لضيق الوقت أو لعدم توفُّر الإمكانات أو أنَّها تخرج به عن موضوع دراسته الذي حدَّدَه في فصولها الإجرائيَّة، فلَفَتَ النظر إلى ضرورة إجراء دراساتٍ متمِّمة، ومن هنا قد يكون ذلك منبعاً لمشكلات بحثيَّة لباحثين آخرين.

** آراء الخبراء والمختصِّين: فالباحث يرجع إلى من هو أعلمُ منه في مجاله مستشيراً ومستعيناً بخبرته، فالمشرف على دراسته الذي يكون في بادئ الأمر مرشداً، وأساتذة الجامعات، وغيرهم من الخبراء في ميادينهم ومجالاتهم وبخاصَّة أولئك الذين جرَّبوا البحثَ ومارسوه في إطار المنهج العلميِّ وبصروا بخطواتِـه ومراحله ومناهجه وأدواتـه.

ثانياً: تحديد مشكلة البحث
بعد الشعور والإحساس بمشكلة البحث ينتقل الباحثُ خطوةً بتحديدها؛ وتحديد مشكلة البحث - أو ما يسمَّيها الباحثون أحيانا بموضوع الدراسة - بشكل واضح ودقيق يجب أن يتمَّ قبل الانتقال إلى مراحل البحث الأخرى، وهذا أمرٌ مهمٌّ لأنَّ تحديدَ مشكلة البحث هو البداية البحثيَّة الحقيقيَّة، وعليه تترتَّب جودة وأهميَّة واستيفاء البيانات التي سيجمعها الباحثُ ومنها سيتوصَّل إلى نتائج دراسته التي تتأثَّر أهميَّتُها بذلك، وهذا يتطلَّب منه دراسةً واعيةً وافيةً لجميع جوانبها ومن مصادر مختلفة، علماً أن تحديد مشكلة البحث بشكلٍ واضح ودقيق على الرغم من أهميَّة ذلك قد لا يكون ممكناً في بعض الأحيان، فقد يبدأ الباحثُ دراسته وليس في ذهنه سوى فكرة عامَّة أو شعورٍ غامضٍ بوجود مشكلةٍ ما تستحقُّ البحثَ والاستقصاء وبالتالي فإنَّه لا حرجَ من إعادة صياغة المشكلة بتقدُّم سير البحث ومرور الزمن، ولكنَّ هذا غالباً ما يكلِّفُ وقتاً وجهداً، (غرايبة وزملاؤه، 1981م، ص21)، وإذا كانت مشكلة البحث مركَّبةً فعلى الباحث أن يقوم بتحليلها وردِّها إلى عدَّة مشكلات بسيطة تمثِّل كلٌّ منها مشكلة فرعيَّة يساهم حلُّها في حلِّ جزءٍ من المشكلة الرئيسة، (الخشت، 1409هـ، ص21).

وهناك اعتبارات تجب على الباحث مراعاتها عند اختيار مشكلة بحثه وعند تحديدها، وعند صياغتها الصياغة النهائيَّة، منها ما يأتـي:
- أن تكون مشكلة البحث قابلةً للدراسة والبحث، بمعنى أن تنبثقَ عنها فرضيَّاتٌ قابلة للاختبار علميّاً لمعرفة مدى صحتها.
- أن تكون مشكلة البحث أصيلةً وذات قيمة؛ أي أنَّها لا تدور حول موضوعٍ تافه لا يستحقُّ الدراسة، وألاَّ تكون تكراراً لموضوع أشبع بحثاً وتحليلاً في دراسات سابقـة.
- أن تكون مشكلة البحث في حدود إمكانات الباحث من حيث الكفاءة والوقت والتكاليف، فبعض المشكلات أكبر من قدرات باحثيها فيضيعون في متاهاتها ويصابون بردَّة فعل سلبيَّة، ويعيقون باحثين آخرين عن دراستها، (غرايبة وزملاؤه، 1981م، ص21).
- أن تنطوي مشكلةُ الدراسة بالطريقة التجريبيَّة على وجود علاقة بين متغيِّرين وإلاَّ أصبح من غير الممكن صياغة فرضيَّة لها، (فودة؛ عبدالله، 1991م، ص37).
- أن تكون مشكلة الدراسة قابلة أن تصاغَ على شكل سؤال، ذكرت في: (فودة؛ عبدالله، 1991م، ص37).
- أن يتأكَّد الباحث بأنَّ مشكلة دراسته لم يسبقه أحدٌ إلى دراستها، وذلك بالاطِّلاع على تقارير البحوث الجارية وعلى الدوريَّات، وبالاتِّصال بمراكز البحوث وبالجامعات، وربَّما بالإعلان عن موضوع الدراسة في إحدى الدوريَّات المتخصِّصة في مجال بحثه إذا كان بحثُـه على مستوى الدكتوراه أو كان مشروعاً بنفس الأهميَّة، (بدر، 1989م، ص68).

ثالثـاً: تحديد أبعاد البحث وأسئلته وأهدافـه
إذا جاز اعتبار الخطوتين السابقتين مرحلةً فإنَّ المرحلة التالية لها وهي المرحلة الثانية تبدأ بهذه الخطوة التي تتألَّف من خطيوات لتشكِّل هذه المرحلة، وأبرز تلك الخطيوات الآتي:
أ - تحديد دوافع اختيار الباحث لموضوع بحثـه:
هنا تكون قد تبلورت لدى الباحث أسبابٌ ودوافع لاختياره موضوع بحثه فعليه أن يحدِّدها بوضوح لتكونَ مقنعةً للقارئ المختصِّ ليتابع قراءة بحثه، ولتكون ممهِّدةً له الطريق للسير في بحثه، ويُنْصَح الباحثون في ذلك ألاَّ يفتعلوا الأسبابَ والدوافعَ ليضفوا أهميَّةً زائفة على أبحاثهم فسرعان ما يكتشف المختصُّون ذلك فينصرفون عنها وعن الاستفادة منها.

ب- الأبعاد المكانيَّة والزمانيَّة والعلميَّة لموضوع بحثـه:
على الباحث أن يحدِّد أبعاد بحثه المكانيَّة والزمانيَّة والعلميَّة بإيضـاح مجاله التطبيقيِّ أي بتحديد المكان أو المنطقة أو مجتمع البحث ومفرداته، كأن يحدِّد ذلك بمدارس مدينة عنيزة، أو بالمدارس المتوسِّطة في منطقةٍ تعليمَيَّةٍ ما، وأن يحدِّدَ البعدَ الزمنيَّ اللازم لإنجاز بحثه أو الفترة أو الحقبة التي يتمُّ فيها البحث كأن يحدِّدها بالعام الدراسيِّ 1420هـ - 1421هـ، أو بسنـوات الخطَّـة الخمسيَّة السادسة (1415هـ - 14120هـ)، وأن يحدِّد البعد العلميَّ لبحثه بتحديد انتمائه إلى تخصُّصه العام وإلى تخصُّصه الدقيق مبيناً أهميَّة هذا وذلك التخصُّص وتطوُّرهما ومساهماتهما التطبيقيَّة في ميدانهما.


جـ- أسئلة البحث:
في ضوء ما سبق يمكن للباحث أن يحدِّد أسئلة بحثه التي يسعى البحثُ مستقبلاً للتوصُّل إلى إجاباتها وذلك بصياغتها صياغة دقيقة كأن تكون مثلاً لدراسة موضوع وظيفة المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها بصياغة الأسئلة الآتيـة:
1- ما وظيفة المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها بحسب أهدافها في السياسة العامَّة للتعليم في المملكة؟
2- هل تقوم المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها بوظيفتهاالمرسومة لها في السياسة العامَّة للتعليم في المملكة؟.
3- هل تتأثَّر وظيفةُ المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها بإمكاناتها البشريَّة؟.
4- هل تتأثَّر وظيفةُ المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها بإمكاناتها الماديَّة؟.
5- هل يعي التربويُّون في المدرسة الثانويَّة وظيفتها في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها وعياً يحقِّق الأهداف المرسومة لذلك؟.
6- إلى أيِّ حدٍّ يعي التربويُّون في المدرسة الثانويَّة وظيفتها في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها؟.
7- هل يعي المشرفون التربويُّون والمسؤولون في الإدارة التعليميَّة وظيفة المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها وعياً يساعد تربويِّـيـها على توجيههم إلى ذلك؟.
8- ما الخططُ المرسومة من قبل المدرسة الثانويَّة أو من قبل الإدارة التعليميَّة لتفعيل وظيفتها في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها؟.
9- هل يمكن أن تتحسَّنَ وظيفةُ المدرسة الثانويَّة بين واقعها وأهدافها؟.

د - أهداف البحث:
الهدف من البحث يفهم عادة على أنَّه السبب الذي من أجله قام الباحث ببحثه، ويمكن أن تشملَ أهداف البحث بيان بالاستخدامات الممكنة لنتائجه وشرح قيمة هذا البحث، وعموماً لا يمكن أن تدلَّ أهداف البحث على تحديد مشكلته (موضوعه)، فالباحثُ عادة وبعد أن يحدِّدَ أسئلة بحثه ينتقل خطوةً إلى ترجمتها بصياغتها على شكل أهدافٍ يوضِّحها تحت عنوان بارز، فالباحث حين يختار لبحثـه موضوعاً معيَّناً (مشكلة بحثيَّة) يهدف في النهاية إلى إثبات قضيَّة معيَّنة أو نفيها أو استخلاص نتائج محدَّدة، وتحديد الأهداف هو مفتاحُ النجاح في البحوث، فقد يشعر الباحثُ أثناء البحث بالإحباط أو الارتباك، وقد لا يدري إن كانت الحقائق التي جمعها ملائمة أو كافية، ولا يسعفه في مثل هذه المواقف إلاَّ الأهداف المحدَّدة، فتحديد الأهداف ذو صلة قويَّة بتحديد مشكلة البحث، وهو لاحق لا سابق لتحديدها، والباحث الذي يجيد تحديد وحصر موضوعه أكثر قدرةً على صياغة أهداف بحثه، وما تحديدُ أهداف البحث إلاَّ تحديدٌ لمحاوره التي سيتناولها الباحث من خلالها، ومن المبادئ التي يمكن الاسترشاد بها عند كتابة أهداف البحث المبادئُ الآتـية:
1- أن تكونَ أهداف البحث ذات صلة بطبيعة مشكلة البحث.
2- أن يتذكَّرَ الباحث دائماً أنَّ الأهداف المحدَّدة خيرٌ من الأهداف العامَّة.
3- أن تكونَ الأهداف واضحة لا غامضة تربك الباحث.
4- أن يختبرَ وضوح الأهداف بصياغتها على شكل أسئلة.

وفي موضوع المثال السابق يمكن أن تحدَّد أهداف دراسته بالأهداف الآتية:
1- تحديدٌ لوظيفة المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها مستقاة من السياسة العامَّة للتعليم في المملكة وأهداف المرحلة الثانويَّة.
2- تقويمٌ لواقع وظيفة المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها في ضوء ذلك.
3- التعرُّفُ على معوِّقات قيام المدرسة الثانويَّة ببعض جوانب وظيفتها في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها.
4- تقويمٌ لدور المشرفين التربويِّين والإدارة التعليميَّة في مساعدة المدرسة الثانويَّة للقيام بوظيفتها في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها.
5- وضعُ الاقتراحات والخطط لتفعيل وظيفة المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بها.
6- التنبؤ بمدى التحسُّن في وظيفة المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة وفي مجتمعها المحيط بتأثير من الخطط التطويريَّة المرسومة.

هـ - مصطلحات ومفاهيم وافتراضات ومحدِّدات البحث:
يستخدم الباحثون مفاهيم ومصطلحات وافتراضات معيَّنة (غير الفرضيَّات) في أبحاثهم، كما تعاق أبحاثهم بمحدِّدات معيَّنة، وتلك ممَّا تلزم إشاراتُ الباحث إليها في إجراءات بحثه.

مصطلحات ومفاهيم البحث:

لا بدَّ لأيِّ باحث من قيامه بتعريف المصطلحات التي سوف يستخدمها في بحثه حتَّى لا يساء فهمها أو تفهم بدلالاتٍ غير دلالاتها المقصودة فيها بالبحث، فكثيراً ما تتعدَّد المفاهيمُ والمعاني الخاصَّة ببعض المصطلحات المستخدمة في الأبحاث التربويَّة، لذلك لا بدَّ أن يحدِّد الباحث المعاني والمفاهيم التي تتناسب أو تتَّفق مع أهداف بحثه وإجراءاته، وتعريفُ المصطلحات يساعد الباحث في وضع إطارٍ مرجعيٍّ يستخدمه في التعامل مع مشكلة بحثه، وتنبغي منه الإشارةُ إلى مصادر تعريفات مصطلحات بحثه إذا استعارها من باحثين آخرين، (عودة،؛ ملكاوي، 1992م، ص47)، أو أن يحدِّدَ تعريفاتٍ خاصَّة به، فمثلاً يتألَّف عنوان دراسـة: تقويم وظيفة المدرسة الثانويَّة في بيئتها الخارجيَّة والمجتمع المحيط بها من خمسة مصطلحاتٍ علميَّة هي: تقويم، وظيفة، المدرسة، البيئة، المجتمع، وهي مصطلحاتٌ تستخدمها عدَّةُ تخصُّصات علميَّة؛ تختلف فيما بينها في مفاهيمها فتضيق وتتَّسع الإطاراتُ العلميَّة لتلك المصطلحات من تخصُّصٍ علميٍّ إلى آخر، بل تختلف داخل التخصُّص الواحد من فرع إلى آخر، وليمتدَّ هذا الاختلافُ من باحثٍ إلى آخر في الفرع الواحد؛ لذا لا بدَّ من تحديدها بإيضاح مفاهيمها التي سيستخدمها الباحث في هذا البحث لدفع احتمال لبس أو سوء فهم أو تفسير متباين لبعضها، (بدر، 1989م، ص70)، هذا إضافة إلى ما سيستخدمه البحث من مصطلحات أخرى على الباحث أن يوضِّحَ مفهومه لها في المبحث النظريِّ من بحثـه، ويمكن أن تكونَ مؤقَّتاً في مواضع استخدامها لتساعده على تقدُّم بحثه لتنقل لاحقاً إلى مكانها الذي يعتاده الباحثون في صدر البحث.

يقول الفرَّا (1983م): لعلَّ من الواجب على الباحث الالتزام به هو تحديدُ معنى كلِّ مفهومConcept يستخدمه في بحثه إلى جانب قيامه بتعريف المصطلحات العلميَّة Technical terms التي يستعين بها في تحليلاته، لأنَّ مثل هذا وذاك خدمة له ولقرَّائه، إذْ يتمكَّن بذلك من التعبير عمَّا يريد قوله بطريقة واضحة وسليمة بحيث لا ينشأ بعدها جدلٌ حول ما يعنيه بهذه المفاهيم أو يقصده من تلك المصطلحات الفنيَّة والعلميَّة، وكثيراً ما يكون أساس الجدل والاختلاف في الرأي نتيجة لعدم وضوح الباحث فيما يرمي إليه من مفاهيم وتعابير ممَّا قد يترتَّب عليه فهمٌ خاطئ لهذا الباحث، (ص162)، والمفهوم هو الوسيلة الرمزيَّة Simbolic التي يستعين بها الإنسان للتعبير عن الأفكار والمعاني المختلفة بغية توصيلها للناس، (حسن، 1972م، ص172)، والمصطلحات هي أدوات تحصر المفاهيم وتقلِّصها وتحدِّدها.
افتراضات البحث: ويقصد بها تلك العبارات التي تمثِّل أفكاراً تعدُّ صحيحةً ويبني الباحثُ على أساسها التصميمَ الخاصَّ ببحثه، وتسمَّى أحياناً بالمسلَّمات وهي حقائق أساسيَّة يؤمن الباحثُ بصحَّتها وينطلق منها في إجراءات بحثه، (فودة؛ عبدالله، 1991م، ص234)، فعلى الباحث أن يشيرَ إلى تلك الافتراضات التي يعدُّها صحيحةً وغير قابلة للتغيير، وعموماً لا تعدُّ الافتراضات مقبولةً إلاَّ إذا توافرت بياناتٌ موضوعيَّة خاصَّة تدعمها، وتوافرت معرفةٌ منطقيَّة أو تجريبيَّة أو مصادر موثوقة يمكن الاطمئنان إليها، ومثل تلك الافتراضات في موضوع الدراسـة في المثال السابق افتراض يقول: يمكن أن يكونَ لدى طلاَّب المدرسة ومعلِّميها وعياً بمشكلات مجتمعها المحيط بها أكبر من وعي غيرهم، وفي موضوع دراسةٍ لتقويم البرامج التدريبيَّة التي ينفِّذها المشرفون التربويُّون لمعلِّمي محافظة عنيزة، يمكن أن يكون من افتراضاتها: يستطيع المعلِّمون أن يشاركوا في تقويم برامج تدريبهم، ومن المؤكَّد أن قيمة أيِّ بحث سيكون عرضة للشكِّ إذا كانت افتراضاته الأساسيَّة موضع تساؤلات؛ ولذلك فإنَّ على الباحث أن يختار افتراضات بحثه بعناية، وأن يضمِّنَ جميع افتراضات بحثه مخطَّط بحثه، وأن يتذكَّر دائماً أنَّه من العبث أن يضمَّنَ مخطَّط بحثه افتراضات ليست ذات علاقةٍ مباشرة بموضوع بحثه، (عودة؛ ملكاوي، 1992م، ص ص47-49).

محدِّدات البحث: كلُّ باحث لا بدَّ أن يتوقَّعَ وجود عوامل تعيق إمكانيَّة تعميم نتائج بحثه، تلك العوامل هي ما يسمِّيها الباحثون محدِّدات البحث، فلا يخلو أيُّ بحثٍ من مثل تلك المحدِّدات؛ لأنَّ البحث الذي تتمثَّل فيه خصائصُ الصدق والثبات بصورة كاملة لا يُتَوَقَّعُ أن يتحقَّقَ علميّاً، وتصنَّف محدِّداتُ البحث في فئتين، في فئة تتعلَّق بمفاهيم ومصطلحات البحث، فكثير من المفاهيم التربويَّة مثل التعلُّم، التحصيل، التشويق، الشخصيَّة، الذكاء هي مفاهيم عامَّة يمكن استخدامها بطرق مختلفة، وتعريفاتها المحدَّدة المستخدمة بالبحث تمثِّل تحديداً لنتائج البحث بحيث لا تصلح لتعميمها خارج حدود تلك التعريفات، وفي فئة من المحدِّدات تتعلَّق بإجراءات البحث، فطريقة اختيار أفراد أو مفردات الدراسة وأدوات جمع بياناتها وأساليب تحليلها وإجراءات تطوير أدواتها وغيرها أمثلة على هذه الفئة من المحدَّدات، ولذلك حين يشعر الباحثُ أنَّ بعض إجراءات البحث غير ملائمة تماماً ولكنَّه لا يستطيع أن يجعلَها أكثر ملاءمةً فلا حرجَ عليه إذا ما أفصح عن ذلك وعدَّه أحد محدِّدات البحث التي استطاع أن يميِّزها، (عودة، ملكاوي، 1992م، ص ص49-50).

يتبع >