منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - المجتمـع المـدني والديمقـراطيـة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-11-06, 18:37   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

سمح قراءة التقرير المذكور باستخلاص السمات التالية :
1. تركز مؤسسات المجتمع المدني في مجموعة محددة من البلدان. فقد بلغ عدد المنظمات الأهلية التي جرى إشهارها قانونيًا في 8 دول عربية من تلك التي غطاها التقرير عام 2002 وحده 8590 منظمة، منها 7000 جمعية ومنظمة تتركز في المملكة المغربية وحدها ( حوالي 81% من العدد الإجمالي)، تليها -بفارق كبير- مصر التي شهدت تسجيل وإشهار 700 جمعية ومنظمة أهلية جديدة، ثم اليمن (326)، ولبنان (219)، وتونس (157)، والسودان (112)، والبحرين (58)، وسوريا (18). إضافة إلى تسجيل وإشهار 5 مبرات خيرية في دولة الكويت. ومن جهة أخرى أشارت البيانات الخاصة ببقية البلدان التي غطاها التقرير إلى اتجاه المنظمات الأهلية نحو الزيادة المطردة، وإن لم تتوافر إحصاءات دقيقة بحجم هذه الزيادة.
2. وإلى جانب تلك الزيادة الكمية، لاحظ التقرير حصول تطور نوعي/ كيفي أيضًا في مجال اهتمامها؛ فأغلبها يتجه للعمل في قضايا التنمية البشرية، والحد من الفقر الذي تعاني منه قطاعات واسعة من السكان في البلدان موضوعة البحث، كما تتجه لإعطاء مزيد من الاهتمام بتقديم الخدمات الصحية والتعليمية والبيئية في تلك البلدان وفي غيرها من البلدان العربية.
3. ويرصد التقرير أيضًا توجهات جديدة للمنظمات نحو النشاط الدفاعي؛ وهو ما يعرف في بعض الدول العربية باسم النشاط "الحقوقي". وهذا النشاط أكثر ظهورًا في الدول العربية التي اتخذت خطوات ملموسة على طريق التحول الديمقراطي. وتركز اهتمام الجمعيات والمنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان بصفة عامة، وحقوق المرأة بصفة خاصة. ففي البحرين -مثلا- سجلت 3 جمعيات لحقوق الإنسان دفعة واحدة في سنة 2002، وفي مصر سجلت 9 جمعيات جديدة لحقوق الإنسان أيضًا خلال عام 2002 وحده، أما في المغرب فقد سجلت عشرات الجمعيات الحقوقية، وفي لبنان ظهرت 10 جمعيات نسائية جديدة.
4. استمرار جمود الأطر القانونية المنظمة للعمل الأهلي العربي، بالرغم من صعود موجة الاهتمام العالمي والإقليمي بهذا القطاع. وقد اقترن ذلك بتصاعد الجدل حول القوانين المنظمة للعمل الأهلي الذي كان -ولا يزال- مصدرًا من مصادر التوتر بين الدولة والمجتمع المدني في أغلبية البلدان العربية.
5. التفاوت في مواقف السلطات المسيطرة في البلدان العربية. واستنادا إلى واقع التطورات التي رصدها التقرير بهذا الخصوص خلال عام 2002 فإنه يكمن التمييز بين ثلاث مجموعات من الدول العربية، تباينت مواقفها بين المرونة والتصلب فيما يتعلق بمسألة تغيير وتطوير قوانين العمل الأهلي على النحو الآتي :

أ- التغيير المحافظ: وقد حدث هذا النمط من التغيير بصدور تشريعات جديدة في كل من فلسطين واليمن والمغرب ومصر، على مدى السنوات: 2000، و2001، و2002. وبالرغم من نجاح ضغوط مؤسسات المجتمع المدني في تغيير الأطر القديمة واستصدار قوانين جديدة؛ فإن هذا التغيير جاء محملا بكثير من التحفظات -وفي بعض الأحيان القيود- التي من شأنها الحد من حرية عمل المنظمات غير الحكومية، واستمرار تعرضها للتدخلات الإدارية الحكومية في شئونها، وبخاصة فيما يتعلق بإجراءات التسجيل والإشهار، وحق الجهة الإدارية في حل الجمعيات، وممارسة رقابة صارمة على مصادر التمويل، وبخاصة المصادر الأجنبية بدوافع وتبريرات أمنية.

ب- الضغط من أجل التغيير: وهو ما شهدته بلدان مثل الأردن، والبحرين، والسودان، وموريتانيا، والكويت. ويتمثل الهدف الرئيسي للقوى المطالبة بالتغيير في ضرورة إعادة النظر في القوانين القديمة التي مضى على صدورها ما يقرب من 4 عقود، وإدخال التعديلات التي تتجاوب مع المستجدات التي شهدها المجتمع العربي في السنوات الأخيرة. ولم تصل هذه الضغوط إلى نتيجة محددة حتى نهاية عام 2002.

ج- السكون على الوضع القائم: وهذه الحالة هي التي شهدتها مجموعة أخرى من الدول التي تشهد بين الحين والآخر إجراء بعض التعديلات غير الجوهرية على القوانين القديمة، وتشمل هذه المجموعة دولا مثل: ليبيا (أدخلت عدة تعديلات كان آخرها سنة 2001)، وسوريا (لا يزال العمل فيها وفقًا لقانون 1958)، والإمارات (لا يزال العمل فيها وفقا لقانون 1974).
6. حصول بعض التطور النسبي في العلاقات بين السلطات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني على قاعدة العمل المشترك في مشروعات محددة. ويمكن تفسير هذا التحسن النسبي بأنه انعكاس لتفاقم تحديات التنمية التي تواجه مختلف المجتمعات العربية من جهة، ومحاولة للحد من الآثار السلبية لسياسات الخصخصة والإصلاح الاقتصادي من جهة أخرى؛ الأمر الذي أدركت معه الحكومات أنها بحاجة ماسة إلى حشد وتنسيق كافة الجهود الأهلية والحكومية للعمل من أجل مصلحة الدولة والمجتمع معًا.
7. ولكن مقابل ذلك يلاحظ حظْر العمل السياسي على المنظمات الأهلية، تحت صيغ مختلفة، هو واحد من أهم القواسم المشتركة بين الدول العربية في علاقتها بتلك المنظمات؛ حيث تنص أغلبية القوانين على هذا الحظر بنصوص صريحة وقاطعة. غير أن الواقع يشهد -في الوقت نفسه- انخراط نسبة لا بأس بها من الجمعيات والمنظمات الأهلية في نشاطات سياسية متنوعة؛ سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر. وهذه الحالة هي من مفارقات العمل الأهلي في علاقته بالدولة في المجتمع العربي منذ ما يقرب من نصف قرن مضى.
8. شهدت الفترة موضوعة البحث وجود تداخل بين العمل الأهلي والعمل السياسي، الأمر الذي يعد من معطيات الحياة العامة في المجتمع العربي الذي يشهد قيودًا شديدة -في أغلب البلدان- على حرية التنظيم السياسي، وحق تكوين الأحزاب؛ الأمر الذي يجعل منظمات العمل الاجتماعي الأهلي حقلا خصبًا ومتنفسًا لممارسة مثل تلك النشاطات السياسية التي تصب في نهاية المطاف في صالح المجتمع المدني والتطور الديمقراطي.

المبحث السابع
دور منظمات المجتمع المدني في التحول نحو الديمقراطية في العراق


هناك صلة وثيقة بين المجتمع المدني والتحول الديمقراطي، فالديمقراطية كما هو معروف مجموعة من قواعد الحكم ومؤسساته التي تنظم من خلالها الإدارة السلمية للصراع في المجتمع بين الجماعات المتنافسة أو المصالح المتضاربة، وهذا هو نفس الأساس المعياري للمجتمع المدني حيث نلاحظ أن مؤسسات المجتمع المدني من أهم قنوات المشاركة الشعبية. ورغم أنها لا تمارس نشاطا سياسيا مباشرًا وأنها لا تسعى للوصول إلى السلطة السياسية إلا أن أعضاءها أكثر قطاعات المجتمع استعدادا للانخراط في الأنشطة الديمقراطية السياسية، وبالإضافة لهذا فإن الإدارة السلمية للصراع والمنافسة هي جوهر مفهوم المجتمع المدني.

ويمر العراق حاليا حاليًا بعمليتين مترابطتين، ونعني بهما: بناء أسس المجتمع المدني والتحول نحو الديمقراطية على الرغم من المخاطر والتحديات التي تواجه هاتين العمليتين. والصلة بين العمليتين قوية، بل أنهما أقرب إلى أن تكونا عملية واحدة من حيث الجوهر، ففي الوقت الذي تنمو فيه التكوينات الاجتماعية والاقتصادية الحديثة وتتبلور، فإنها تخلق معها تنظيمات مجتمعها المدني التي تسعى بدورها إلى توسيع دعائم المشاركة في الحكم.

وهكذا فإن الدور الهام للمجتمع المدني في تعزيز التطور الديمقراطي وتوفير الشروط الضرورية لتعميق الممارسة الديمقراطية وتأكيد قيمها الأساسية ينبع من طبيعة المجتمع المدني وما تقوم به منظماته من دور ووظائف في المجتمع لتصبح بذلك بمثابة البنية التحتية للديمقراطية كنظام للحياة وأسلوب لتسيير المجتمع وهى من ثم أفضل إطار للقيام بدورها كمدارس للتنشئة الديمقراطية والتدريب العملي على الممارسة الديمقراطية.

ولا يمكن تحقيق الديمقراطية السياسية في أي مجتمع مالم تصير منظمات المجتمع المدني ديمقراطية بالفعل باعتبارها البنية التحتية للديمقراطية في المجتمع بما تضمه من أحزاب ونقابات وتعاونيات وجمعيات أهلية وروابط ومنظمات نسائية وشبابية.. الخ. حيث توفر هذه المؤسسات في حياتها الداخلية فرصة كبيرة لتربية ملايين المواطنين ديمقراطيا ، وتدريبهم عمليا لاكتساب الخبرة اللازمة للممارسة الديمقراطية في المجتمع الأكبر بما تتيحه لعضويتها من مجالات واسعة للممارسة والتربية الديمقراطية.

لحداثة التجربة يواجه العاملون في هذا الميدان الهام طائفة من العوائق. ومن اجل تجاوز ذلك وخلق ديناميكية للعمل . وهنا يجب التأكيد على:
- لابد أن يستعيد المجتمع وان تستعيد الجماهير شعورها بجدوى المشاركة وجدوى التضحيات، أي ببساطة أن تنعكس عليها ثمار عملها وجهدها رفاها وحرية سواء في الإنتاج أو في العمل النقابي أو المدني أو السياسي.
- ولابد من زعزعة الأسس الاقتصادية والسياسية لعملية الفساد كي يمكن إعادة الاعتبار للإنتاج والمنتجين وللإبداع والمبدعين في المجتمع.
- لابد من تكريس جملة الممارسات الحقوقية والتنفيذية التي تمنع كل أشكال التعدي على حقوق المواطنين الفردية والجمعية. ولابد هنا من إبلاء اهتمام استثنائي لضحايا النظام الدكتاتوري المقبور ممن تعرضوا للأذى والتهميش والتجاوزات على حقوقهم.
- لابد من المزيد من تكريس الحقائق الديمقراطية في الحياة السياسية سواء عن طريق تشجيع منظمات المجتمع المدني او عن طريق المزيد من المبادرات الديمقراطية وتكريس دور المؤسسات الدستورية.
- ضرورة الحذر من تسطيح فكرة المجتمع المدني وتخفيضها واختزالها إلى جمعيات غير حكومية تهتم بقضايا جزئية، وتسعى إلى الحصول على التمويل والتدريب والتشبيك مع الجمعيات المشابهة، مما يجعل مركز الحركة الاجتماعية خارج المجتمع، ويوجه النشاط الاجتماعي خارج الحقل السياسي الوطني، وينتج تصوراً قطاعياً للإصلاح الديمقراطي المطلوب، ويفضي إلى جعل القوى المحلية استطالات لقوى خارجية تتكفل هذه الأخيرة بإعالتها والإنفاق عليها وتمويلها، بغية إفسادها، حسب قابليتها لذلك، على نحو ما يجري في العديد من البلدان.

- يتعين على العاملين في منظمات المجتمع المدني التأكيد على استقلالية هذه المنظمات وبما يحقق أهدافها في تنشيط الحياة العامة واستعادة المواطنين إلى حقل العمل العام والمشاركة الإيجابية، وإلى إعادة إنتاج الثقافة والسياسة في المجتمع بوصفهما بعدين أساسيين من أبعاد الحياة الاجتماعية، وشرطين أساسيين من شروط التقدم والبناء الديمقراطي، وإلى إرساء الوحدة الوطنية على مبدأ المواطنة والحقوق المتساوية وسيادة القانون، فإنها تعمل في سبيل إطلاق حوار ديمقراطي بين جميع الاتجاهات الفكرية والسياسية حول جميع القضايا الوطنية، وتنشيط المنتديات والندوات والملتقيات الثقافية، ونشر الثقافة الديمقراطية وثقافة حقوق الإنسان، والدفاع عن الحريات الأساسية ولا سيما حرية الفكر والضمير وحرية الرأي والتعبير.

- ضرورة النضال من اجل جعل حركة المجتمع المدني في بلادنا لا تنفصل عن حركة المجتمع المدني العالمية التي تدعو إلى السلام، وإلى عولمة إنسانية، وتتبنى قيماً كونية، وتناهض الحرب والعنف والإرهاب، والتي عبرت عن تفهم عميق لقضايانا الوطنية الديمقراطية وتضامن غير مسبوق معها.

- دعوة منظمات المجتمع المدني إلى مواصلة عملها في مجال الإصلاح الدّيمقراطيّ واعتماد نهج نقديّ بنّاء مع كلّ المبادرات والتنبيه إلى ما ينطوي عليه بعضها من محاولات هيمنة واحتواء وانغلاق.

- دعوة المنظمات المذكورة إلى تطوير استراتيجياتها ورؤاها للتأثير في عمليّة إصلاح المنظومة التربوية واقتراح مشاريع وتصوّرات بديلة.

- دعوة المنظمات إلى القيام بخطط لنشر ثقافة حقوق الإنسان والمشاركة الديمقراطية لدى الأوساط الرسميّة والشّعبية.

- تطوير الديمقراطية داخل المنظمات بما يتطلبّه ذلك من قدرة على التسيير في إطار الشفافية والمساءلة والتّداول

- دعم المجتمع المدني العراقي بكافة مؤسساته ومنظماته وتوفير الفرص المناسبة له للتدريب والتطوير والتنشئة على قيم العدالة وحقوق الإنسان.

- تفعيل الحوار بين مكونات المجتمع العراقي بهدف بناء عراق جديد على أساس ديمقراطي اتحادي يضم كل مكوناته.

يتبع >