منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الاتخابات العامة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-11-06, 17:05   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

لم تستطع المؤسسات البرلمانية إيقاف حرب فيتنام ، وإنما التمرد الشعبي وضغط مؤسسات المجتمع المدني . أدلة كثيرة في التاريخ السياسي الأمريكي تعزز ما ذهبنا إليه . الشيء الإيجابي في النظام الأمريكي هو تداول السلطة القسري حيث يحرم على الرئيس التمديد لولاية ثالثة . لولا وجود هذه الآلية لكان رئيس الدولة اليوم كلينتون أو أي طويل عمر آخر . رأس الدولة في الولايات المتحدة ينتخب من قبل الشعب مباشرة وبنظام بمنتهى التخلف بمجرد حصول أحد المرشحين على بضع أصوات أزيد من المرشح الآخر في أحد الولايات يحصل على مجموع أصوات الناخبين للرئيس في هذه الولاية أي عملية إقصاء كاملة للرأي الآخر .

إن انتخاب رأس الدولة وبالتالي السلطة التنفيذية عبارة عن صناعة إعلامية ، حيث للمال والدهماء النصيب الأوفر في أسهم هذه الصناعة . الفقه السياسي الأوربي والإسلامي يرفض مثل هذه الصناعة وسنرى لاحقاً من خلال دراسة قانون الانتخابات الألماني الهوة العميقة التى تفصل بين البرلمانية الأوربية والألمانية بشكل خاص والمشهد الكريكاتوري للبرلمانية الأمريكية وعملية الاقتراع . أما ؛ لماذا يرفض الفقه السياسي الإسلامي صناعة الأكثرية على الطريقة الأمريكية ويقترب حتى يلامس الفقه السياسي الأوربي ؟ . لأن المنطلقات والمعاير في اختيار من يمثل الشعب تكاد تكون متطابقة ، الإضافة التي يقدمها الفقه السياسي الإسلامي هي أن الإسلام يقصد ويتوخى العدل وليس الحياد كما هو الحال في دولة الحداثة الغربية . المجتمع بالنسبة للفقيه المسلم عصبيات وقبائل وليس كم لا لون له ولا طعم ، ولهذا يسعى الفقيه المسلم إلى السمو بهذه العصبيات والقبائل وليس إلغاؤها أوتجاهلها . على كل حال سأشير في حينها إلى هذه الفروق بموضوعية .
سأحاول ، عند تبيان وشرح قانون الانتخابات في جمهورية ألمانيا الاتحادية ، أن أجعل أرض المسرح هو الجمهورية العربية السورية حيث الأماكن والأسماء مألوفة لتقريب المشهد الانتخابي إلى القارئ العربي .
نظام الانتخابات العامة :
هناك نظامان رئيسيان للانتخابات معمول بها في العالم لاختيار أعضاء المجلس النيابي ( البرلمان ) في أي دولة في العالم . الانتخابات بالأكثرية والانتخابات النسبية . نظام الانتخابات بالأكثرية يتطلب تقسيم المنطقة الانتخابية إلى دوائر انتخابية متساوية العدد ، على سبيل المثال محافظة ديرالزور التي يبلغ عدد سكانها مثلاً 1,5مليون نسمة ، وفق نظام الانتخابات بالأكثرية يجب أن تقسم المحافظة إلى 15 دائرة انتخابية ، اى بمعدل قدره 100 ألف نسمة لكل دائرة انتخابية يمثلها في المجلس النيابي نائب واحد . هذا التقسيم يجلب صعوبات عملية ويخلق حزازات وهرج ومرج يجعل تحقيق التقسيم العادل صعب المنال ، إن لم يكن مستحيلاً . ولنفرض أن التقسيم حصل بشكل " مرضي " عند ذلك يطرح السؤال التالي . ماهي الشروط التي يجب أن تتوفر بالمرشح ليعتبر فائزاً بالمقعد النيابي عن الدائرة التي يراد تمثيلها ؟ . هناك اجتهادان الأول مطبق في فرنسا Assemble’e Nationale حيث يتنافس المرشحون في الدائرة الانتخابية على المقعد . يعتبر أحد المرشحين فائزاً عند حصوله على أكثر من 50% من مجموع الأصوات المعتبرة بعد الاقتراع ، وفي حالة عدم فوز أحد المرشحين بهذه النسبة يعاد الانتخاب بين المرشحين اللذين حصلا على أعلى الأصوات في الدورة الأولى ، ويعتبر فائزاً في المقعد الانتخابي من يحصل على أكثر الأصوات . هناك اعتراضان معتبران على هذه العملية الانتخابية . الأول يرى أن هذه العملية تقصي عملياً رأياً سياسياً لناخبين قد تصل نسبتهم إلى 49% من الحضور على ساحة صنع القرار . الثاني إن عملية إعادة الانتخابات في حالة عدم حصول أحد المرشحين في الجولة الأولى على نسبة51% تحمل في ثناياها مخاطر عديدة ، منها أن عملية الإعادة تعتبر عملية انتخابية جديدة بمعطيات جديدة وبتوجه جديد وتحالفات جديدة متأثرة إلى حد بعيد بنتائج الدورة الأولى . كما تسوف عملية الحسم الضرورية وتفسح المجال لأجواء الهرج والمرج التي تخلقها طبيعة العملية الانتخابية نفسها ، وهذا ما دعى المشرع الانكليزي إلى الأخذ بنظام الحسم النسبي في انتخاب البرلمان House of Commons ، حيث يعتبر فائزاً بمقعد الدائرة الانتخابية من حصل في الدورة الأولى على أكثر الأصوات مهما كان نسبتها إلى نسبة الأصوات المعتبرة . النموذج الفرنسي أو الانكليزي يقودان إلى شخصنة الاختيار ويحجمان من أهمية البرامج والمناهج السياسية كما يعطيان أهمية مفرطة للأعيان ونجوم المجتمع المسكونة ( بلأنا ) والنرجسية المفرطة . أخذ المشرع الألماني بنظام الانتخابات النسبي ، وذلك بعد أن وقف على مواطن الخطأ والصواب في كلا النظامين الفرنسي والانكليزي ، اللذان طبقا في المانيا قبل الحرب العالمية الثانية . الانتخابات النسبية لا تعني نسخ العملية الانتخابية نفسها وإنما تقيمها بطريقة حسابية مختلفة ، أي إن نتائج انتخابات الدوائر الانتخابية يعاد توزيعها على المنطقة الانتخابية بقضها وقضيضها ، فيصبح المركز الانتخابي ذا قيمة إدارية رمزية وتنتقل أهمية المركز الانتخابي إلى المنطقة الانتخابية وتستغني عن عملية التوزيع بالتساوي للمراكز الانتخابية التي لايمكن انجازها دون هرج ومرج وبشكل قسري . المشرع الألماني يجعل المنطقة الانتخابية أو الولاية بأسرها مركز انتخابي ويمثل المنطقة الانتخابية عدد من النواب بنسب عدد السكان . كما يرجح المشرع الألماني البرنامج أو المنهج على الشخص دون أن يلغي أهمية الشخص الذي ينأى بنفسه من الانخرط في أحد القوائم الانتخابية أو الاحزاب المتنافسة . لنبقى بمحافظة ديرالزور ونطبق عليها نظام الانتخابات النسبي المطبق في ألمانيا . افترضنا أن عدد سكان المحافظة 1,5 مليون نسمة ونصابها من المجلس النيابي 15 نائب . يقدم للناخب ورقة الاقتراع وضرف توضع فيه الورقة بعد الاقتراع . تختم الورقة الانتخابية بخاتم اللجنة الانتخابية بعد التأكد من ورود أسم الناخب على قائمة من يحق لهم الانتخاب وتتستلم اللجنة الانتخابية البطاقة الانتخابية التي أرسلت إلى الناخب وتحتفظ اللجنة بها . في حالة عدم وصول البطاقة الانتخابية أو فقدانها يمكن للناخب أن ينتخب بدون البطاقة الانتخابية بشرط أن يقدم ما يثبت هويته الشخصية ، مثل الهوية الشخصية أو جواز سفره ومطابقة ذلك مع القائمة الانتخابية ، ولكي لا يسمح للناخب أن يدلي أكثر من مرة بصوته . يحدد لكل ناخب مركز انتخابي معين يدلي بصوته فيه ، لستبعاد أن ينتخب مرة ببطاقته الانتخابية ومرة أو مرات ببطاقته الشخصية . يستعمل في بعض الدول حبر خاص يوضع على الابهام الأيمن بعد أن يدلي الناخب بصوته ، كما في الهند ، للوصول إلى نفس الغرض ، أي عدم تكرار عملية الاقتراع أكثر من مرة . في ألمانيا يعطى الناخب الذي فقد بطاقته الانتخابية أو لم تصل إليه قبل موعد الانتخابات بطاقة بديلة تضم إلى بطاقات المقترعين بعد الاقراع . الغاية من هذه العملية هو التأكد من أن عدد أوراق الاقتراع أو الضروف متطابق مع عدد البطاقات الانتخابية . قبل عملية فرز الاصوت التي تجري علنية ، أي يحق لكل مواطن أن يراقب عملية المطابق والفرز عياناً . عملية المطابقة مضاعفة . التأكد أن عدد المقترعين وفق قائمة الناخبين مطابق لعدد البطاقات الانتخابية التي جمعت من المقترعين مضاف إليها البطاقات البديلة لمن فقد بطاقته الأصلية . يندر أن يكون هناك فارق يذكر لأن العملية الانتخابية تجري بهدوء واحترام ، ثم تفّرغ صناديق الانتخابات الاقتراع وتعد اللجنة أوراق الاقتراع أو الظروف التي تحتويها قبل فضها والتأكد من مطابقة عددها مع عدد الطاقات الانتخابية وعدد المقترعين حسب قائمة الناخبين ، فإذا حصل التطابق تبدأ عملية الفرز العلني وبدقة متناهية . عملية الفرز وفق النظام الألماني أسهل وأسرع من النظم الأخرى حيث يمكن معرف التوجه العام بعد ربع ساعة من بدء عملية الفرز ، حسب قوانين رياضية إحصائية معروفة عند أهل الاختصاص ، حيث تأخذ عينات معبرة عن الوسط الانتخابي . أن الورقة الانتخابية نفسها تسهل على المقترع الانتخاب ،وعلى اللجنة الانتخابية عملية الفرز . ورقة الانتخاب مقسومة طولياً إلى قسمين . الجانب الأيمن يضم أسماء المرشحين فردياً أو أسم رئيس القائمة الانتخابية ونائبه أو رئيس القائمة الحزبية ونائبه مضافاً إليهما أسم الحزب اللذان ينتميان إليه . القائمة ، التي استوفت الشوط القانونية ، تتمتع بنفس الميزات التى تعطى للأحزاب المعتمده قانونياً ( تحصل القائمة على نفس شروط الأحزاب الرسمية عندما يتقدم القائمين عليها بعدد معين من التواقيع ، 2000 توقيع ، إلى الجهات المختصة أو القضائية المختصة لخوض المعركة الانتخابية ) . الشق الأيسر من الورقة الانتخابية يضم أسماء الاحزاب أو القوائم الانتخابية مقابل وعلى نفس النسق لمرشح الحزب أو القائمة الانتخابية . يتمتع الناخب بصوتين انتخابيين الأول يعطى للمرشح مباشرة أي في الشق الأيمن من الورقة الانتخابية والثاني يعطى للحزب أو القائمة الانتخابية . قد يعطي الناخب صوته الأول إلى أحد المرشحين الأفراد ويعطي الصوت الثاني إلى أحد الأحزاب أو القوائم الانتخابية أو يعطي صوته الأول للمرشحين المباشرين لأحد الاحزاب أو القوائم الانتخابية والصوت الثاني لحزب آخر أو قائمة أخرى . لا قيمة للصوت الثاني لمرشح يتقدم للانتخابات كفرد ، لأن نجاحه يتوقف على عدد الأصوات التي يحصل عليها من الصوت الأول ، فإذا حصل على أصوات تجعله في عداد النواب الفائزين عن المنطقة الانتخابية فالصوت الثاني لا قيمة له ، في المثال التوضيحي الذي ضربناه 15 حيث افترضنا أن عدد النواب المخصص لمحافظة دير الزور هو 15 . ليكي يسمح لفرد أن يتقدم للانتخابات العامة كفرد يجب ، كما في القائمة الانتخابية ، أن يحصل على 2000 توقيع من مواطنين يحق لهم الانتخاب تقدم إلى اللجنة المختصة لاعتمادها ، وكانه قائمة انتخابية بعنصر واحد . يسعى المشرع الألماني لتخفيف قيود الترشح ليراعي حق المساواة من جهة وإشباع النزعات الفردية من جهة أخري . في حالة حصول مرشح فرد على أصوات كافية لنجاح أكثر من مرشح فالأصوات الفائضة عن حاجته تعتبر لاغية أو عديمة الفائدة لأن التوزيع النسبي يجعلها من نصيب الآخرين . الترشيح الفردي حالة نادرة ولكن حالة محتملة . ربما في البلاد العربية أكثر احتمالاً لتجذر الأنانية . تقوم اللجنة الانتخابية بفرز الاصوات وتعطي كل ذي حق حقه ، فالمرشحين المباشرين في الشق الأيمن يأخذون نصيبهم من الصوت الأول وتأخذ الأحزاب والقوائم الانتخابية نصيبها من الصوت الثاني . توزيع المقاعد على الأحزاب والقوائم والأفراد يتم حسب قانون رياضي يحمل أسم عالم الرياضيات البلجيكي الأصل دي هونش D honch . السؤال : ماهو القصد من الصوت الثاني ؟ الصوت الثاني هو الذي يحدد نسبة الفوز وبالتالي عدد النوب الذين سيمثلون الحزب أو القائمة في المجلس النيابي . أي الأكثر حسماً في تحديد الطيف البرلماني أو النيابي ، كما يساعد على تكتيل القوة الانتخابية للأحزاب الصغيرة بل يساعدة الاحزاب الصغيرة في اجتياز العقبة القانونية 5% بقصد التحالف معها لتكوين أغلبية برلمانية ، وهذا يتطلب وعي بأهمية التحالفات في العمل السياسي ، ليس عند الطبقة السياسية وقادة الاحزاب فحسب ، وإنما أيضاً عند الناخب . لنفرض أن الحزب ( آ ) حصل على 51% من الصوت الأول فحصل على ثمانية مقاعد مباشرة ، بينا فاز 57% من الصوت الثاني مما يخوله الحصول على مقعد إضافي ، أي تسع مقاعد بدلاً من ثمانية ، ينتزع المقعد التاسع من المرشحين الأخرين لصالح الحزب الذي حصل على نسبة 57% من الصوت الثاني . قد يحدث العكس أي نسبة الصوت الأول تسمح للحزب بالحصول على تسع مقاعد بينما الصوت الثاني لا يعطي الحزب أكثر من ثمانية مقاعد والاحزاب المنافسة حصلت بقوة الصوت الثاني على بقية المقاعد المخصصات للمنطقة أي 7 ، في مثالنا عن محافظة ديرالزور 15 ، عند ذالك يعطى للحزب حقه كما حددته نسبة الصوت الأول دون أن ينتزع من الاحزاب المنافسة ذلك المقعد . أي يضاف إلى نصاب المنطقة الانتخابية مقعد آخر ويصبح 15 + 1 هذه الإضافة لها مايبررها من العقل والمنطق والزخم الانتخابي . العقبة القانونية أو الحاجز القانوني الذي يلغي الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب دون الحاجز القانوني 5% ( في تركيا 10% ) هو من المواضيع الجدلية في الأوساط السياسية والقانونية ولكل الفرقاء حجته المعتبرة . المدافعون عن الحاجز القانوني مع التمسك بنظام الانتخابات النسبي يرون أن الانتخابات النسبية تسمح بالتعددية السياسية إلى درجة قد يتعذر فيها تشكيل أغلبية برلمانية تضطلع بمهام السلطة . كما تلزم الاحزاب ، صغيرة أوكبيرة ، أن تخفيف من عنجهيتها الأيديولوجية وعنفوان برامجها السياسية لتلتقي مع الأحزاب الأخرى من أجل تكوين أغلبية برلمانية تضطلع بمهام السلطة . ولكي لا تبتز الأحزاب الصغيرة وأصحاب الخصوصيات وأهل النحل والفرق الأحزاب الكبيرة وتفرض أولوياتها دونما حق ، يصبح الحاجز القانوني إجراء مقبول تمليه ضرورة الحسم ومنع الهرج والمرج الذي يفقد السلطة هيبتها ووقارها لإنفاذ الأمر . أي تحجيم تمليه ضرورة الحسم للتعددية سياسية متحررة ، ومع هذا يبقي نظام الانتخابات النسبي أرحب صدراً بالتعددية السياسية من نظام للتعددية سياسية متحررة ، ومع هذا يبقي نظام الانتخابات النسبي أرحب صدراً بالتعددية السياسية من نظام الانتخابات بالأكثرية المعمول به في فرنسا أو بريطانيا ، كما أن النظام الفرنسي الرئاسي يحجم البرلمانية أصلاً ، حيث ينتخب رئيس الجمهورية مباشرة من قبل الشعب وبصلاحيات دستورية واسعة انتزعت من المجلس النيابي والوزارة لصالح الرئاسة هذا بالإضافة إلى أن نظام الانتخابات بالأكثرية يقصي رأي أو طيفأً سياسياً ، ولو مؤقتاً ،عن التواجد على ساحة صنع القرار ولو بالرأي والمشورة . لهذا يعتبر الحقوقيون أن الانتخابات النسبية أشد رحابة بالتعددية من نظام الأكثرية حتى في انكلترا ، غير الرئاسي ، لأنه النظام الإنكليزي يحابي الأكثرية والشخصيات السياسية التقليدية بشكل مفرط . السؤال الآخر هو : ماهو الارتفاع المعقول والمقبول للحاجز القانوني ، 3% كما في بعض الدول الاسكندنافية ، 5% كما في ألمانيا ، 10% كما في تركيا ؟ من المسلم به أن تحجيم التعددية يتناسب طرداً مع ارتفاع الحاجز القانوني ، كما قد يصيب الفكر السياسي والتجديد والمبادهة في الصميم ، وقد يعوق بفاعلية نشوء أحزاب وبرامج وإطروحات سياسية جديدة . لهذا يسعى المشرع الألماني إلى التخفيف من وطأة هذا الحاجز والالتفاف عليه بإجراءات معقوله منها السماح للأحزاب الصغيرة التي لم تستطيع بالصوت الثاني تجاوز حاجز 5% ولكنها حصلت على ثلاث مقاعد نيابية مباشره من الصوت الأول عند ذلك يسمح للحزب أن يمثل بكافة النواب التي توجبها نسبة الصوت الثاني . لنفرض أن حزب ما حصل على نسبة 4,2% من الصوت الثاني وتمكن ثلاثة من مرشحي الحزب الحصول على ثلاث مقاعد مباشرة من الصوت الأول ؛ عند ذلك تترجم هذه النسبة إلى عدد من النواب ، في المثل الألماني حوالي 24 نائب ، من بينهم 3 مقاعد مباشرة فيكون بذلك عدد نواب الحزب 24 نائباً بدلاً من ثلاثة فقط . في دولة كسورية أرى أن الحاجز القانوني يجب أن لا يتجاوز 3% مع الأخذ بالإجراء المكمل الذي شرحته أنفاً .

الانتخابات العامة

مادة الشرعية وميزانها والبرلمانية ثمرتها في مواجهة الاستبداد

3ـ3


نحن نفاضل بين نظم ديمقراطية حيث التعددية أحد مسلماتها الأساسية ولا يوجد مجال للمقارنة بينها وبين النظم الشمولية التي تحرم التعددية أصلاً وتعاقب كل مظاهر التعبير عنها بأشد العقوبات ، والأكثر غرابة وسفاهة أن الأحزاب التي تعاني من فقدان الحرية بكل مفرداتها ، والتعددية السياسية بأبسط أشكلالها تضم صوتها إلى صوت الاستبداد وتنادي بمنع الأحزاب ذات المرجعية الدينية . إن المرجعية الدينية ضرورة وطنية وحضارية كما هي واجب ديني . المنظومة القيمية هي صمام الأمان أمام الاحتقان الغريزي الذي تعاني منه الحضارة الغربية ذات المرجعية الدهرية أو الدنيوية . على سبيل المثال لا الحصر . كل الدساتير الأوربية تدعوا إلى حماية الأسرة وتتلقي المؤسسات الاجتماعية دعم مالياً محترماً ، ومع ذلك لم تستطيع كل الجهود المذولة لهذا الغرض أن توقف تفكك الأسرة ، تماماً كما توقع كارل ماركس وأنجلز . لقد أثبتت الاحصائيات الدقيقة أن 90% من الذين قادوا حركة التمرد الطلابية في ألمانيا هم شباب لم يعرفوا حياة الأسرة لأنهم عاشوا في كنف أمهاتهم دون آبائهم لأسباب عدة . غالبية أو قل 90% منهم يوثن العنف أو قد مارسه . يوجد الآن 3 ملاين طفل في ألمانيا لا يعرفون حياة الأسرة ويعيشون في كنف أمهاتهم ، نتيجة تفكك الأسرة وفقدان حس المسؤولية عند الرجال ، ولهذا يتوقع أهل الاختصاص تجدد ظاهرة العنف في المجتمعات الأوربية يكون العنف الذي تعرفه المنطقة العربية أهون الشرين . إن الفقه الإسلامي ثروة إنسانية يكون من السفه والغرور العلماني (الدنيوي ) غير المسؤول التفريط بها . إن فقهاً يوازن بحصافة عجيبة بين الحقوق والواجبات وبين العقل والفطرة وبين الجمال والعفة وبين الكرامة والمتعة حري أن يصان ويفعل ويكون له صوت في ساحة القرار ومحاريب التشريع المسؤول . إنها ليست دعوة سلفية محافظة بل دعوة مسؤولة لتجنيب الحرية من دعاوى الغريزة الهمجية . إن استبعاد مشاركة الأحزاب الدنيية من العملية السياسية تصب مباشرة في خانة العولمة الصهيونية والعلمنة الشمولية حيث يصبح أفراد المجتمع قطعان من الذئاب ينهش بعضه بعض . هذه الدعوة غير المسؤولة ستقود إلى الفتنة التي يسعي كل سياسي حصيف إلى عدم الوقوع في أتونها .
إن إقرار التعددية هو مجرد خطوة صغيرة على طريق الاعتراف بكامل الحقوق والواجبات التي توجبها التعددية نفسها. في الدول الديمقراطية الغربية تزدهر صناعة الحيل الديوانية (البروقراطية) وتتفتق كل يوم عن جديد من السفسطة والشعارات المضللة للتملص مما توجبه التعددية من حقوق وواجبات تنسجم مع قواعد العدل والكرامة والفطرة . الإندماج The Integration أو Multicultural Society التعدد الثقافي والحضاري ، مصطلحات لحجب الحقيقة والاستحقاقات . المراقب الحصيف يكاد يلمس عند الغالبية ، التي تعتبر نفسها المالك والوصي على الأرض والدولة والمجتمع ، خوف غريزي وغير عقلاني من أن تنال الأقليات حقوقها الطبيعية . هاجس البنية السكانية Demography يستحوذ على مشاعر رجال الدولة ومعظم الساسة ، ويدفع بهم لارتكاب حماقات وموبقات فظيعة ، كتغذية النعرات العنصرية سراً وعلانية "بالحجة" والوسيلة ، أو وضع العقبات ولإجراءت " القانونية " أمام الأقليات لكي لا تحصل على حقوقها المشرعة . النظم الشمولية تعمل العكس تماماً . تركز على الخصوصيات العرقية والطائفية لتبرر اغتصاب السلطة من قبل الأقلية . الشمولية هيمنة إرادة الأقلية على الأكثرية . إن نظم الانتخابات النسية هي الأقرب إلى إعطاء كل ذي حق حقه ، وتحقيق مفردات المواطنة بشكل مرضي .

الجدول التالي يبين بشك واضح عدم عدالة نظام الانتخابات بالأكثرية وعدم انسجام عدد المقاعد النيابية مع نسبة الأصوات :

الأحزاب . عدد المقاعد (651 ) عام 1992

العمال 41,9 % 321 مقعد - المحافظين 34,4% 272 مقعد - الأحرار 17,9% 26 مقعد- البقية 5,8% 32 مقعد

عدد المقاعد ( 659 ) عام 1997

العمال 43,1% 418 م - المحافظين 30,6 % 165م - الأحرار 16,7% 46 م - البقية 9,6% 30 م

المقاعد ( 659 ) عام (1 200 )

العمال 40% 412م - المحافظين31,7% 166م - الأحرار18,3% 52 م - البقية 9,3 % 29م

لو طبق على نتائج الانتخابات في عام 2001 النظام النسبي ( الألماني ) لحصل حزب العمال على 268 فقط مقعداً بدلاً من 412 ولحصل حزب المحافظين على 209 مقعداً بدلاً من 166 مقعداً ولحصل حزب الأحرار الديمقراطي على 121 مقعداً بدلاً من 52 مقعداً ولحصلت الأحزاب الصغيرة والأفراد ( البقية ) على 61 بدلاً من 29 مقعداً .
أعتقد بات واضحاً أن نظام الإنتخابات النسبية تقدم تمثيل أفضل وأعدل للطيف السياسي والتعددية السياسية . ربما هذه الخطوة العملية تسهم بشكل أفضل في حل الاحتقان والتشنج العرقي والطائفي في مجتمع متعدد الأعراق والطوائف وتضع الزعامات الطائفية والعرقية أمام المحك والامتحان الصعب في بناء الوحدة الوطنية بدل التجارة والمزاودات الفارغة .
هل للانتخابات النسبية عيوب ومثالب ؟ نعم : إن أول مأخذ على الانتخابات النسبية هو أن فوز أحد الأحزاب الكبرى بأغلبية مطلقة أمر عسير المنال ، حيث أن آلية الانتخاب البسيطة نسبياً وآلية توزيع المقاعد الحسابية تسهم بشك فعال في توزيع الأصوات الانتخابية على الطيف السياسي بشكل عادل نسبياً أو أكثر عدلاً من الانتخابات بالأكثرية على الأقل ، وهذا ما يجعل توليف الأغلبية مصحوب بمشقة وتنازلات معتبرة للأحزاب الصغيرة التي ترتضي الائتلاف مع الأحزاب الكبيرة للاضطلاع بمسؤولية الوزارة وانتخاب رئيس الدولة ، ورئيس المجلس النيابي ، وإقرار الميزانية العامة . التجربة الألمانية في عشرينات القرن الماضي ( جمهورية فايمرا ) حيث لم يكن هناك حاجز قانوني أمام الأحزاب الصغيرة جعل تشكيل الوزارة وانتخاب مستشار يقود السلطة التنفيذية صعب المنال وبالتالي أوجد فراغ سياسي أعطى زخماً سياسياً للأحزاب المتطرفة إيديولوجياً ( الشيوعيين والنازيين ) . لنأخذ نتائج الانتخابات التي أجريت في 20/5/1928 . كان عدد الأحزاب والقوائم الانتخابية وصل إلى 13 حزباً . عدد لا بأس به من هذه الأحزاب تمثل خصوصيات ونحل وفرق لا علاقة لها بالشأن العام ( هذه الظاهرة لا زالت قائمة إلى الآن ولكن حجم أثرها السلبي بالحاجز القانوني 5% ) في تلك الانتخابات حصل الحزب الاشتراكي الديمقراطي ، أقوى الأحزاب وأفضلها حظاً ، على 153 مقعداً من أصل 491 مقعد ، وحصل حزب الشعب للأمة الألمانية على 73 مقعداً ، وحصل حزب المركز على 62 مقعدأً ، وحصل الحزب الشيوعي على 54 مقعداً ، وحصل الحزب النازي على 12 مقعداً وحصلت الأحزاب الصغيرة وعددها 8 أحزاب على 137 مقعداً . هذه النتجة جعلت تشكيل وزارة ومستشار أمراً عسيراً لهذا جنح المشرع الألماني بعد الحرب الثانية إلى فرض الحاجز القانوني 5% لتفادي الأثار السلبية للانتخابات النسبية ، فحظيت المانيا باستقرار سياسي معتبر . أما في تركيا فالحاجز 10% وهذه عملية قسرية غير مبررة من الناحية الفقهية على الأقل . إسبانيا التي أخذت بالنظام الألماني بعد سقوط الدكتاتورية تتمتع باستقرار سياسي جيد وديمقراطية نشطة . المرة الوحيدة التي حصل حزب سياسي واحد على الأغلبية المطلقة في إلمانيا كان في عام 1957 حيث حصل الحزب المسيحي الديمقراطي مع رديفه الحزب الاشتراكي المسيحي في مقاطعة بافاريا الجنوبية على نسبة 50,2% فقط .
إذن بعد التغلب على العيب الأول بالحاجز القانوني 5% يبقي العيب الثاني ، وهو ضرورة المساومات السياسي مع الحزب أو الاحزاب المؤتلفة مع الحزب المكلف ، وهذا لعمري عين السياسة ، فوجود خصم حميم في مطبخ القرار يحجم الوعود الانتخابية غير الواقعية وينشط الحياة السياسية في الدورة القادمة ، على الأقل من الناحية النظرية . إلا أن نشاط الحياة السياسية ليس متوقفاً على سياسة الوزارة والسلطة التنفيذية ، فهناك العامل الاقتصادي والعامل الاجتماعي والعامل الفكري والثقافي .

يتبع >