هذا هو رد شيخنا يوسف القرضاوي على قضية الخروج على الحكام و فيه الجواب الشافي و الكافي من القرآن و السنة
من حلقة من برنامج الشريعة و الحياة
أرجوا أن تقرأوه بتجرد من كل حساسية
عثمان عثمان: انطلاقا من رسالتكم مولانا عدد كبير من الإخوة المشاهدين يثنون على موقفكم ودعمكم لهذه التظاهرات وهذه المسيرات ويعتبرون أنها كانت أساسية في الوصول إلى ما وصلوا إليه، ولكن في المقابل كانت هناك بعض الفتاوى التي تحرم مثل هذه التظاهرات تعتبرها فتنة من باب الإفساد في الأرض بل ذهب بعضهم إلى اتهام المشاركين في هذه المظاهرات بأنهم من الخوارج، كيف يمكن توضيح هذه المسألة؟
يوسف القرضاوي: والله هذه حقيقة وهذا صحيح وهذا شيء يعني أقابله بغاية الأسى والأسف أن هناك أناسا يعني ينسبون إلى الدين وإلى علم الدين اختلطت عليهم الحقائق بالأباطيل فاتهموا هؤلاء الشباب بأنهم خارجون، الخوارج يعني لهم صفات من هذه الصفات أنهم يكفرون من سواهم، كل من عداهم كافر، وأنهم يستحلون دماء الناس وأموالهم كل من عاداهم حتى إنهم استحلوا دم ابن الإسلام البكر فارس الإسلام وحكيم الأمة علي بن أبي طالب رضي الله عنه استحلوا دمه وقال قائلهم، شاعرهم
يا ضربة من تقي -يقصد بها عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي-
يا ضربة من تقي ما أراد بها
إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يوما فأحسبه
أوفى البرية عند الله ميزانا
قاتل علي أوفى البرية عند الله ميزانا.
هل الشباب دول يكفرون الناس، هل الشباب دول يستبيحون دماء الخلق؟ من يقول إنهم من الخوارج هؤلاء الذين ينتسبون إلى العلماء الحقيقة اتبعوا المتشابهات وتركوا المحكمات، لم يردوا الفروع إلى أصولها ولا الجزئيات إلى كلياتها ولا الظنيات إلى القطعيات وحرفوا الكلم عن مواضعه سموا الأشياء بغير أسمائها، سموا هذه التظاهرات خروجا، كلمة الخروج إذا ذكرت في الفقه الإسلامي يعني الخروج المسلح، هل هؤلاء كانوا يحملون أي شيء؟ ما كانوا يحملون أي سلاح، خرجوا يعني ليس في أيديهم شيء إلا من كان معه مصحف أو شيء، لسانهم فقط، بيهتفوا، وبعضهم جعل هذا التظاهر اعتبره بدعة وهذا غير مسلم، أولا البدعة حقيقة في أمر الدين وهذا ليس من أمر الدين، أمور الدنيا تقوم على الابتداع وأمور الدين تقوم على الاتباع، فنحن نأخذ من الغرب أشياء كثيرة هل كان أيام الرسول كان في مدارس مبنية وكذا وبتاع؟ هل كان في مجالس يعني مجلس شورى ومجلس شعب ومجلس.. دي كلها..
عثمان عثمان: تستفيد من الوسائل.
يوسف القرضاوي: دي كلها أدوات انتخابات دي كلها أدوات وآليات، وسائل تأخذ من كل ما تشاء والمسلمون أخذوا الدواوين، سيدنا عمر أول من دون الدواوين ومصر الأمصار والدواوين أخذها من الروم دواوين وسجلات وكذا وأخذ الخراج من الفرس وعمل للمسلمين تاريخا كما عند بلاد الحضارات، دي كلها ليست شيئا مما يعتبر من الابتداع إطلاقا، بعدين أنا أقول الصحابة تظاهروا عندما دخل سيدنا عمر في الإسلام قال لا بد نخرج بقوة يعني لنظهر قوتنا للمشركين فخرجوا في صفين صف على رأسه حمزة بن عبد المطلب وصف على رأسه عمر ومشوا يعني وكأن الأرض تهتز من تحتهم، إظهار القوة أي مانع في هذا؟ فهؤلاء الناس الحقيقة يعني يحرفون الكلم عن مواضعه وأنا آسف جدا أن علماء كبارا اتهموا هؤلاء الشباب بالضلال وبالخروج عن الإسلام وبإحداث الفتنة، وغريب يعني هذا، هؤلاء الشباب الذين قاموا يعني يرفضون الظلم أنا لا أدري كيف ضاع على هؤلاء الآيات والأحاديث التي ترفض الظلم! مئات الآيات في القرآن الكريم ترفض الظلم وتلعن الظالمين وتكره الظلم وأهله وأن الله لا يحب الظالمين ولا يهدي القوم الظالمين ولا يفلح الظالمون إلى آخره، والمشكلة بس..{وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ..}[هود:113] الركون الميل إلى الظالمين يوجب مساس النار والعياذ بالله {..وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ}[هود:113] وتحرموا نصرة الله عز وجل، ثم القرآن يقول {.. إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ }[القصص:8]، {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ}[القصص:40]، {وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ}[القصص:42] هم وجنودهم، ليه الجندي؟ لأن الواحد لازم يقف ضد الظالم، هو الظالم بيستعلي على الناس ويستقوي عليهم بإيه؟ بالجنود، هؤلاء أدوات للظالم، فالإسلام يعلمنا أن نقف في وجه الظالمين، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"، "سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله"، "إن الناس إذا رأوا ظالما فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده"، "إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منهم" أحاديث كثيرة، النبي عليه الصلاة والسلام ذكر الظالمين من الأمراء وقال "فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" هذه أحاديث الرسول "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فمن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" هؤلاء غيروا بلسانهم ما حملوا سيفا ولا ضربوا قنبلة ولا..
عثمان عثمان: سفكوا دما، نعم.
يوسف القرضاوي: ولا اعتدوا على أحد.
مسألة الخروج على الحاكم ومصير الفراعين
أحمد البهنسي/ السعودية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيخنا جزاه الله خيرا عن هذا البيان الضافي عن المشجعات على درء الظلم، كيف نوازن بينها وبين الأحاديث التي يستخدمها بعض المشايخ والآخرين التي تقول بعدم الخروج على الحاكم وإن جلد ظهرك وإن سرق مالك والتي تؤدي وكثير من هذا النوع أنت تعلم أكثر مني يستدلون به على عدم الخروج على الحاكم أيا كان الحاكم "إن كان عبد رأسه كالزبيبة" فكيف الموازنة بينهم يا شيخنا وافية حتى تضح الرؤية؟ وجزاكم الله خيرا.
يوسف القرضاوي: أولا هذا ليس خروجا، المقصود بالخروج المسلح، والخروج المسلح هذا لا يقدر عليه إلا من يملك القوة ولذلك أنا قلت إن التغيير تغيير نظام الحكم في عصرنا لازم يكون بأحد ثلاثة وسائل، الوسيلة الأولى ممكن تكون بالطريقة الديمقراطية إذا كان في ديمقراطية حقيقية نحاول نأخذ نكسب الشعب ونأخذ أغلبية في البرلمان والسلطة التشريعية تغير ما تشاء من القوانين، هذه وسيلة، الوسيلة الأخرى عن طريق القوات المسلحة، إذا كان القوات المسلحة هي التي تستطيع أن تطيح بالحكم وتأتي بحكم آخر يعني هذا أيضا أكثر بلادنا العربية كلها قامت عن طريق التغلب، يسمونه الفقهاء التغلب عن طريق القوة العسكرية، وفي طريقة أخرى اللي هي عن طريق ثورة الشعب مثلما حدث في إيران كان في الشاه ويملك السافاك ويملك جيشا ويملك كذا وقام الشعب بقيادة الإمام الخميني وأصبح الشعب في ناحية والجيش في ناحية، الجيش قعد يضرب في الناس ولكن مش ممكن يستمر في ضرب الناس لأن الجيش هو من الشعب، فبعد الهدنة كف يده انتصرت الثورة عن طريق الشعب، وأيضا تونس عن طريق الشعب وهذه أيضا مصر تنتصر عن طريق الشعب، فهذا ليس خروجا هذا أن تقوم ثورة شعبية معبرة عن إرادة الناس هذه هي البيعة هذا هو الرضا العام، لأنه كيف تحصل على الرضا؟ الناس قاموا في مصر معبرين عن أنفسهم، خلاص، المفروض إذا الناس اللي عندهم بصيرة، هل تكون مع هؤلاء الذين يطالبون بالحق ويرفضون الباطل وينشدون العدل ويأبون الظلم تكون مع
هؤلاء ولا مع الظالم اللي سرق أموال البلد ونهب الثروات وصنع الفساد وعذب الناس حتى الموت وفعل الأفاعيل تكون مع هذا ولا مع هذا؟ يعني أنا أتعجب من هؤلاء المتدينين والذين يدعون العلم، بيعتمدوا على حديث في صحيح مسلم، حديث حذيفة اللي فيه "وإن جلد ظهرك وأخذ مالك" وهذا الحديث ليس من أصول مسلم، مسلم أحاديثه نوعان أحاديث أصول وأحاديث متابعات، فأحاديث المتابعات هذه لا يدقق مسلم فيها تدقيقه في أحاديث الأصول، فهذا حديث من أحاديث المتابعات وقد قال فيه الدار قطني، هو الحديث يعني عن أبي سلام قال قال حذيفة بن اليمان يا رسول الله إنا كنا بشر فجاء الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير.. إلى آخره، وبعدين في هذا الحديث أنه في ناس يقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جسمان إنس، قال قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع. هذا الحديث ليس صحيحا إن كان في مسلم ولكنه من أحاديث المتابعات وهو مرسل قال الإمام الدار قطني في الإلزامات والتتبع أخرج مسلم حديث معاوية بن سلام عن زيد عن أبي سلام قال قال حذيفة وذكر الحديث، فقال وهذا عندي مرسل يعني منقطع، يعني من شروط صحة الحديث أن يرويه عدل ضابط، يعني إنسان عادل مأمون في دينه ضابط يعني بيحفظ كويس ما يخربش ذاكرته يعني تكون ذاكرته سليمة تماما متقنا للحفظ وبعدين متصل السند من مبتدئه إلى منتهاه، اتصال السند شرط في صحة الحديث فهذا الحديث ليس متصل السند لأن أبا سلام هذا الذي روى عن حذيفة قالوا لم يسمع من حذيفة.
عثمان عثمان: يرويه عدل ضابط عن مثله معتمد في ضبطه ونقله.
يوسف القرضاوي: آه هكذا، ففي انقطاع، أبو سلام لم يرو عن حذيفة وهذا ما ذكره الدار قطني وما ذكره ابن حجر وما ذكره الميزي وما ذكره الكثيرون أنه لم يرو عن حذيفة، لم يسمع منه، فهذا الحديث اللي معتمد الكثيرين لأنه.. والناس يقولون لك في صحيح مسلم، طيب هو أصل ولا متابع، لأن أحاديث الأصول لم يبحثوا هذا.
عثمان عثمان: البعض، نعم.
يوسف القرضاوي: بعدين القرآن يعني يحذر من الظالمين ومن الركون إليهم ويأمر الناس ألا يكونوا جنودا لفرعون، نترك هذا.. فقه الموازانات، الكثيرون للأسف من أهل العلم لا يتقنون فقه الموازنات ولا فقه المقاصد ولا فقه الأولويات ويخلط سمك لبن تمر هندي يعني هذا وللأسف يفتون الناس في عوائص المسائل وأصبح هؤلاء الناس يتصدرون الفضائيات ويزعمون أنهم يفهمون في كل شيء وهم لا يكادون.. ويضللون الناس.. يعني يعطون الناس على غير حجمها، المسألة البسيطة يضخمونها والمسائل الكبيرة يصغرونها، فوضعوا الأمر في غير موضعه وضلل كثير من المسلمين في هذه القضية، هذا ما حمسني وأن أقف.. هذه الثورة العظيمة هذه الثورة من الثورات التاريخية هذا يكتب للشعب المصري بماء الذهب ويكتب لهؤلاء الشباب يعني شباب والله ذكرونا بالصحابة وذكرونا بالأمجاد العظيمة.
عثمان عثمان: مولانا، فرعون طغى في الأرض، {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى}[النازعات: 25، 26]، هناك فراعين العصر أيضا سقط الواحد تلو الآخر، لماذا لا يستفيد الفراعين الآخرون ممن سبقهم؟
يوسف القرضاوي: القرآن يقول {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[ق:37] إذا كان عنده قلب يفقه به وعنده أذن تسمع ويعتبر بالأيام، يقول لك السعيد من وعظ بغيره، شاف.. زي ما يقولوا، يعني لا يتعظون. أنا قلت إن الأنظمة المستبدة والجائرة يعني بكماء لا تسمع وعمياء لا تبصر وغبية لا تفهم وجامدة حجرية لا تحس فتمر عليهم الأشياء وهم كما قال الله تعالى {..لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا..}[الأعراف:179] فهذا يعني تصور حسني مبارك جرى اللي جرى كله يعني سقط المئات قتلى والآلاف جرحى وحدث ما حدث وهو متمسك بالكرسي معبوده زي فرعون رأى ما رأى من الآيات، كما قال تعالى {وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الزخرف:48] ويقول الله تعالى {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى}[طه:56] شاف كل هذه الآيات {وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}[الأعراف:132] وغرهم الغرور، متى آمن فرعون؟ حينما أدركه الغرق {..حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ..}[يونس:90] حتى مش قال آمنت بالله، لا، إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل.
عثمان عثمان: هذا شأن الفراعين إذاً.
يوسف القرضاوي: الفراعين هكذا.