منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - كشف أكاذيب سعيد فودة في كتابه الكاشف الصغير
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-11-05, 14:32   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
الموحد السلفي
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

النص الخامس : كون الله جسما هو الأقرب للفطرة والعقول .
من الطبيعي أن القارئ قد أصيب بشيء من خيبة الأمل بعد ما مر من النصوص والتي لم ير فيها نصا صريحا لابن تيمية يقول فيه بأن الله جسم مجسم ،كما صور له الأستاذ فودة ذلك على صورة سؤال وجواب :
هل الله جسم ؟ الجواب كان من ابن تيمية : نعم
فلما لم يجد في كل ما مر نصا صريحا وقد أحس فوودة هو الآخر بخيبة أمل كبيرة لتوقعه بأن القارئ له فقد الثقة في نقوله ونصوصه ، لذا أخذ الأستاذ يشد من أزر القارئ بأنه في هذا النص الشنيع سيجد مبتغاه وسيحقق أمنيته ، فيقول مخاطبا القارئ الذي قارب على الملل :
( اعلم أيها القارئ "الفطن" أن "النصوص" السابقة وإن كانت شنيعة و"مصرحة !" بأن الله جسم مجسم إلا أن هذا النص الذي " سنتلوه" ! عليك الآن قد فاقها في الشناعة والقبح !!)
وهكذا يهيئ القارئ نفسه ربما للاستماع هذه المرة لأنه ربما فهم من قول الأستاذ فودة "سنتلوه " أنه سيتلوه على مسامعه مباشرة ، في محاولة منه في مغازلته بعد أن كاد أن يفض يده من الأستاذ ووعوده الكثيرة بأنه سيأتي بالنصوص والتي لم يجد إلى الآن شيئا منها...
ثم ينقل الأستاذ عن ابن تيمية قوله :
(الوجه السبعون أن جميع الناس من المثبتة والنفاة متفقون على أن هذه المعاني التي حكيناها عن خصمك هي التي تظهر للجمهور ويفهمونها من هذه النصوص من غير إنكار منهم لها ولا قصور في خيالهم ووهمهم عنها والنفاة المعتقدون انتفاء هذه الصفاة العينية لم يعتقدوا انتفاءها لكونها مردودة في التخيل والتوهم ولكن اعتقدوا أن العين التي تكون كذلك هو جسم واعتقدوا أن الباري ليس بجسم فنفوا ذلك
ومعلوم أن كون الباري ليس جسما ليس هو مما تعرفه الفطرة بالبديهة
ولا بمقدمات قريبة من الفطرة ولا بمقدمات بينة في الفطرة بل مقدمات فيها خفاء وطول وليست مقدمات بينة ولا متفقا على قبولها بين العقلاء بل كل طائفة من العقلاء تبين أن من المقدمات التي نفت بها خصومها ذلك ما هو فاسد معلوم الفساد بالضرورة عند التأمل وترك التقليد وطوائف كثيرون من أهل الكلام يقدحون في ذلك كله ويقولون بل قامت القواطع العقلية على نقيض هذا المطلوب وأن الموجود القائم بنفسه لا يكون إلا جسما وما لا يكون جسما لا يكون معدوما ومن المعلوم أن هذا أقرب إلى الفطرة والعقول من الأول)
وكما اعتاد القارئ ألا يرى النقل عن ابن تيمية كاملا كما ننقله هنا بل لابد من تمزيقه وتفكيكه ومحاولة إعداده للتوجيه ،وكما ذكرنا سابقا أن من علامات " وضوح " "النص" " وصراحته " وقوة دلالته إن الأستاذ فودة يطيل في مقدماته وتفسيراته وشروحا ته قبل النص وفي أثناءه وبعده ويكثر من تقطيعه وتفكيكه حرصا منه على ألا يفلت من القارئ المعنى الذي يريد أن يوصله اليه!
وهذا ما نجده في هذا النص فقد بذل الأستاذ فودة جهدا كبيرا في إيصال الفكرة للقارئ .

- وخلاصة الأمر في هذا النص وغيره من النصوص أن الأستاذ يتلاعب بحيل مكشوفه لا تخفى على فطن له اطلاع على كلام شيخ الاسلام رحمه الله ، ومن يطلع على هذا لمبحث يقف على قدر لا بأس به من هذه الحيل ....

فهنا مثلا يستعمل حيلة تبديل الكلمات بعضها بعض ويسميها بغير اسمها وكأنها مترادفات وهي في الحقيقة الزامات الخصم فينقدح في ذهن القارئ المعنى الذي يريده في كلام خصمه فمثلا :
يقول عن ابن تيمية :
"فهو يدعي في هذا الوجه أن الجهة والجسمية والتركيب في ذات الله هو ما يتبادر إلى أذهان جمهور الناس "
فهل قال هذا ابن تيمية حقا بهذه الألفاظ ؟
الجواب : لا قطعا .
فلماذا إذن يكذب عليه وينسب اليه أنه في هذا الوجه يدعي أن الجهة والجسمية والتركيب في ذات الله هو ما يتبادر على أذهان الجمهور ؟
الجواب لانه يبدل الكلمات والألفاظ التي يقولها شيخ الاسلام بكلمات الخصم والزاماته .
- فالجهة هي العلو أو الاستواء على العرش ،فإذا تكلم ابن تيمية عن صفة العلو والاستواء على العرش قال فودة ابن تيمية يثبت الجهة ويقول بالجهة
أما الجسمية فهي لازم إثبات ذلك لأنه على زعمه لا يكون في جهة إلا الجسم فإذا أثبت العلو فقد قال بالجهة وقال بالتجسيم أيضا !!!
أما التركيب فهو إثبات صفات الله سبحانه وتعالى مثل اليد والوجه والقدم وغيرها من الصفات ...
فابن تيمية رحمه الله في الحقيقة يثبت صفة العلو والاستواء وصفة اليد والوجه وغيرها مما جاءت به النصوص الشرعية ولم يثبت ما يقوله الأستاذ فودة من الجوارح والأعضاء والأجزاء ولكن الأستاذ فودة يعبر عن ألفاظ ابن تيمية بتلك المصطلحات وكأنها مترادفات وتلك من حيله المكشوفة .
فيوهم القارئ أن هذه مترادفات وأن ابن تيمية إنما يثبت هذه الصفات على الوجه التي تكون أعضاءا واجزاءا وتركيبا ،وكل هذا في الحقيقة من ادعاءات الخصم والزاماته التي لا تلزم ..

- و مصداق ذلك في الوجه التاسع والستون : حيث قال الرازي :
(فعمدة مذهب الحنابلة أنهم متى تمسكوا بآية أو خبر يوهم ظاهره شيئا من الأعضاء والجوارح صرحوا بأنا نثبت هذا المعنى لله على خلاف ما هو ثابت للخلق فأثبتوا لله وجها بخلاف وجوه الخلق ويدا بخلاف أيدي الخلق ومعلوم أن اليد والوجه بالمعنى الذي ذكروه عما لا يقبله الوهم والخيال)
فهو لا ينسب إليهم إثبات هذه الصفات على الوجه الذي أثبتوه ولكن ينسبه إليهم على ما يلزمهم هو به من الفاظ ومصطلحات لا يقر بها ابن تيمية ولا من ينقل قولهم من المثبتين لها فأين ذهب الإنصاف يا أستاذ فودة ؟!

وهذه الحيلة المكشوفة قد ملأ بها كاشفة المزعوم ونحن نكشفها هنا أيضا ليكون الكاشف مكشوفا على كاشفه!

- ويبدو أن الأستاذ فودة مقهور ومغتاظ من كثرة وجوه الرد من ابن تيمية رحمه الله على شيخه الرازي ،حتى وصل إلى السبعين فلم يستطع أن يخفي قهره وغيظه فنفث عن نفسه بقوله أن جميع هذه الوجوه باطلة ! وان هذا كله كلام فارغ ! تافه! وتكرار ساذج لا قيمة له ! وحيلة من حي ابن تيمية ليقنع أتباعه أن وجوه الرد الكثيرة تدل علمه وتبحره !!!
ونحن نقدر حالة الأستاذ فودة ونفسيته ولا نرد على هذا الكلام حيث أنا نراه مجرد تنفيث عن قهره فحسب .

- إذا علم ذلك علم ما يقوم به من افتراءات متكررة لا يمكن حصرها في مثل هذا المختصر وإنما هذا نموذج فقط ليعلم به حيلته في صياغة العبارات التي توهم بأن ابن تيمية يقول بألفاظها وما هي إلا من حيل الأستاذ في تبديل الكلم عن مواضعه .

-وقد سبق القول بأن الذين فسروا الجسم بالقائم بنفسه والموجود وما يشار إليه وقالوا إن الله جسم لا كالأجسام هم طائفة من نظار أهل الكلام وهؤلاء الخلاف معهم في مجرد إطلاق لفظ الجسم على الله وفي دلالة لفظ الجسم على هذا المعاني ، أما المعاني ذاتها التي يثبتونها فهي صحيحة لا يخالف فيها أحد لا النفاة ولا المثبتون ، وهؤلاء ليسوا مجسمة على الحقيقة وإن كانوا مبتدعة لا شك في ذلك على الأقل عند أئمة العلماء الذين صدر بهم الأستاذ كتابه في تحرير معنى التجسيم وحكم المجسمة ...
-فقد قال ابن حزم الذي يسميه الأستاذ إمام من أئمة الأمة ومن أعلام المسلمين :
(( من قال إن الله تعالى جسم لا كالأجسام فليس مشبها ولكنه ألحد في أسماء الله تعالى إذ سماه عز و جل بما لم يسم به نفسه ))
ولا أدري هل وقف الأستاذ فودة صاحب الاطلاع الواسع على كلام ابن حزم - الذي يسميه الإمام - في الاشاعرة ولعنه لهم ووصفهم بالجهل والتناقض والكفر الصريح ورده عليهم في عامة مسائلهم ؟!
أم أن فودة لم يقف حينها على هذا الموقف الشديد من ابن حزم الإمام ؟!

- أما ما يحكيه ابن تيمية عن هؤلاء بقوله : (وأن الموجود القائم بنفسه لا يكون إلا جسما وما لا يكون جسما لا يكون معدوما ومن المعلوم أن هذا أقرب إلى الفطرة والعقول من الأول))
- فهو بناءا على تفسيرهم للجسم بالموجود القائم بنفسه وهذا واضح من نص الكلام لا يحتاج لآدني تأمل وقد سبق معنى حصرهم للموجودات بناء على هذا التفسير للجسم كما سبق الكلام عن انحصار الموجودات في المباين والمحايث وأن الله سبحانه وتعالى له ذات موصوفة قائمة بنفسها متميزة عن الخلق بائنة منهم عالية عليهم ...

- وقوله أن قولهم هذا أقرب للفطرة والعقل إنما هو في مقابل قول النفاة الذين يثبتون موجودا لا مباينا ولا محايثا ولا داخل العالم ولا خارجة وينفون علو الله على خلقه فهو في مقابلة هذه الأقوال الفاسدة أقرب إلى الفطرة والعقل بلا شك .
- وهذا لا يلزم منه كونهم على الحق المبين كما يقتضيه اللفظ بل هو أقرب بالنسبة إلى غيره وإن كان هو في نفسه قد يكون باطلا أو مرجوحا من وجوه أخرى..
وكلمة ( أقرب ) للعقل والفطرة أو الشرع يستعملها ابن تيمية دائما في مقارنة الأقوال الباطلة أو المتعارضة لأنه يزن بميزان الشريعة لا بميزان الهوى كما يفعل الأستاذ المحتال ...
وهذه طريقته التي حكيناها عنه في المقدمة الأولى التي بين يدي هذا المبحث ولكن الأستاذ فودة مثله كمثل حاطب الليل يقمش ما يرديه ويدل على جهله !
- قال رحمه الله :
- (... يمكن بيان أن قول الأشعري وأصحابه أقرب إلى صحيح المعقول من قول المعتزلة كما يمكن أن يبين أن قول المعتزلة أقرب إلى صريح المعقول من قول الفلاسفة لكن هذا يفيد أن هذا القول أقرب إلى المعقول وإلى الحق لا يفيد أنه هو الحق في نفس الأمر فهذا ينتفع به من ناظر الطاعن على الأشعرية من المعتزلة والطاعن على المعتزلة من الفلاسفة فتبين له أن قول هؤلاء خير من قول أصحابك فإنه كما إن كل من كان أقرب إلى السنة فقوله أقرب إلى الأدلة الشرعية فكذلك قوله أقرب إلى الأدلة العقلية
ولا ريب أن هذا مما ينبغي سلوكه فكل قول - أو قائل - كان إلى الحق أقرب فإنه يبين رجحانه على ما كان عن الحق أبعد ألا ترى أن الله تعالى لما نصر الروم على الفرس وكان هؤلاء أهل الكتاب وهؤلاء أهل أوثان فرح المؤمنون بنصر الله لمن كان إلى الحق أقرب على من كان عنه أبعد وأيضا فيمكن القريب إلى الحق أن ينازع البعيد عنه في الأصل الذي احتج به عليه البعيد وأن يوافق القريب إلى الحق للسلف الأول الذين كانوا على الحق مطلقا ) هـ .ص 3/407 درء تعارض العقل والتقل

وهذا النقل يلخص طريقة شيخ الإسلام رحمه الله في الرد على طوائف أهل البدع وأهل الكلام والفلاسفة وجميع المخالفين لسنة النبي عليه الصلاة والسلام ونهجه على اختلاف مراتبهم ،..
وربما لا تعجب الأستاذ فودة هذه الطريقة ولكنا نحمله إياها فوق رأسه رغما عنه ليعلم بعد ذلك حين يريد أن يناطح الجبال كيف يناطحهم وليتعلم اصطلاح العلماء قبل أن يزعم أنه يرد عليهم .

- ثم لنتساءل هل القول بأن هذا القول اقرب للحق من ذاك القول معناه أنه على الحق ؟
لا نشك أن جواب العقلاء جميعا سيكون : بـ لا
ولو مثلنا بقولنا : أن هذا الحجر الأحمر أقرب إلى هذه الحفرة من ذاك الحجر الأسود ،لكان مفهوم الكلام أن كلا الحجرين قطعا ليسا في الحفرة ...
وهذا هو فهم كل من يتأمل وينصف من العقلاء !
- وإلى هذا أشار ابن تيمية رحمه الله بقوله:
(فالغرض أن إخوانه من الذين يقولون أن الله ليس فوق العرش قد قالوا هذا كله وما هو أكثر منه فلا بد أن يرد قولهم بطرقه التي يسلكها وإلا لم يكن قوله أصح من قولهم بل قولهم أقرب إلى العقل من قوله أنه لا داخل العالم ولا خارجه ولهم في الجواب عن المخالطة من الكلام ما هو مع كونه باطلا أقرب إلى العقل من كلامه...)

فهنا قد " نص" أيضا يقرر فيه ابن تيمية رحمه الله أن ليس ثمة تلازم بين بطلان القول وبين كونه أقرب إلى العقل من غيره كما حكم في هذا النص على كلام الاتحادية بالبطلان مع قوله أن كلامهم اقرب للعقل من قول من يقول أن الله لا داخل العالم ولا خارجه ...
فعلام هذا الضجيج يا أستاذ فودة !
- وهذا نص آخر لابن تيمية رحمه الله رجح فيه قولا الاشاعرة على المعتزلة والشيعة في مسالة الرؤية وفيه الإقرار- على مذهب الأستاذ- بأن الله سبحانه ليس جسما وأن هذا أقرب للعقل والشرع ، قال رحمه الله :
- (أهل الحديث والسنة المحضة متفقون على إثبات العلو والمباينة وإثبات الرؤية وحينئذ فمن أثبت أحدهما ونفى الآخر أقرب إلى الشرع والعقل ممن نفاهما جميعا فالأشعرية الذين أثبتوا الرؤية ونفوا الجهة أقرب إلى الشرع والعقل من المعتزلة والشيعة الذين نفوهما أما كونهم أقرب إلى الشرع فلأن الآيات والأحاديث والآثار المنقولة عن الصحابة في دلالتها على العلو وعلى الرؤية أعظم من أن تحصر وليس مع نفاة الرؤية والعلو ما يصلح أن يذكر من الأدلة الشرعية وإنما يزعمون أن عمدتهم العقل فنقول قول الأشعرية المتناقضين خير من قول هؤلاء وذلك أنا إذا عرضنا على العقل وجود موجود لا يشار إليه ولا يقرب منه شيء ولا يصعد إليه شيء ولا ينزل منه شيء ولا هو داخل العالم ولا خارجه ولا ترفع إليه الأيدي ونحو ذلك كانت الفطرة منكرة لذلك والعقلاء جميعهم الذين لم تتغير فطرتهم ينكرون ذلك ولا يقر بذلك إلا من لقن أقوال النفاة وحجتهم وإلا فالفطر السليمة متفقة على إنكار ذلك أعظم من إنكار خرق العادات لأن العادات يجوز انخراقها باتفاق أهل الملل وموافقة عقلاء الفلاسفة لهم على ذلك فنقول إن كان قول النفاة حقا مقبولا في العقل فإثبات وجود الرب على العرش من غير أن يكون جسما أقرب إلى العقل وأولى بالقبول وإذا ثبت أنه فوق العرش فرؤية ما هو فوق الإنسان وإن لم يكن جسما أقرب إلى العقل وأولى بالقبول من إثبات قول النفاة فتبين أن الرؤية على قول هؤلاء أقرب إلى العقل من قول النفاة وإذا قدر أن هذا خلاف المعتاد فتجويز انخراق العادة أولى من قول النفاة فإن قول النفاة ممتنع في فطر العقلاء لا يمكن جوازه وأما انخراق العادة فجائز. ) منهاج السنة 3/208
فهذا نقل واضح يذكر فيه ابن تيمية رحمه الله أن الاشاعرة المثبتين للرؤية - مع كونهم لا يثبتونها كما يثبتها ابن تيمية والسلف من قبله - أقرب للعقل والشرع ممن ينفيها بما يزيل الألغام التي يضعها الأستاذ في طريق فهم القارئ لكلام ابن تيمية رحمه الله ..

- أما قوله رحمه الله " أن كون الباري ليس جسما ليس هو مما تعرفه الفطرة بالبديهة ولا بمقدمات قريبة من الفطرة ولا بمقدمات بينة في الفطرة بل مقدمات فيها خفاء وطول "
فهو قول صحيح يقر به الرازي نفسه وغيره من علماء الاشاعرة وأهل الكلام فهل يزعم الأستاذ فودة أن العلم بأن الله ليس جسما ضروري ؟
فليصرح بذلك لو كان شجاعا ..
فقد أقر علماء الاشاعرة بأن كون الله جسما ليس معلوما بالفطرة ولا بمقدمات بينة في غيرما موضع من كتبهم وكذا كبار الفلاسفة نصوا على ذلك .
قال العز بن عبد السلام :
(فإن اعتقاد موجود ليس بمتحرك ولا ساكن ولا منفصل عن العالم ولا متصل به , ولا داخلفيه ولا خارج عنه لا يهتدي إليه أحد بأصل الخلقة في العادة , ولا يهتدي إليه أحدإلا بعد الوقوف على أدلة صعبة المدرك عسرة الفهم فلأجل هذه المشقة عفا الله عنها فيحق العامي) قواعد الاحكام 1/202
وقال الغزالي : (فإن قيل فلم لم يكشف الغطاء عن المراد بإطلاق لفظ الإله ولم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم أنه موجود ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا هو داخل العالم ولا خارجه ولا متصل ولا منفصل ولا هو في مكان ولا هو في جهة بل الجهات كلها خالية عنه فهذا هو الحق عند قوم والإفصاح عنه كذلك كما فصح عنه المتكلمون ممكن ولم يكن في عبارته قصور ولا في رغبته في كشف الحق فتور ولا في معرفته نقصا نقلنا: من رأى هذا حقيقة الحق اعتذر بانه إذا ذكره لنفر الناس عن قبوله ولبادروا بالإنكار وقالوا هذا عين المحال ووقعوا في التعطيل ولا خير في المبالغة في تنزيه ينتج التعطيل في حق الكافة إلا الأقلين وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم داعياً للخلق إلى سعادة الآخرة رحمة للعالمين ، كيف ينطق بما فيه هلاك الأكثرين...وأما إثبات موجود في الاعتقاد على ما ذكرناه من المبالغة في التنزيه شديد جدا ًبل لا يقبله واحد من الألف لا سيما الأمة الأمية) الجام العوام عن علم الكلام ص56-57)
فهذه إقرارات واضحة فاضحة ليست من علماء عاديين بل من أئمة المذهب الأشعري ،
ووالله إن من يتأمل في مثل كلام الغزالي ليستحي من عقيدة إذا صرح بها للناس نفروا منها وقالوا عنها محالا ، ولاستحى من مثل قول الغزالي أن النبي أقر الناس على التجسيم ولم يبين لهم الحق في التنزيه خشية الوقوع قي التعطيل بزعمه فيكون قد ينطق بما فيه هلاك الأكثرين أو الكافة إلا الأقلين !!!
ونحن نخاطب الأستاذ فودة بما أنه ربما يكون واحدا من ألف ذكرها الغزالي هل ما زلت مقتنعا ان ما تورده للقارئ نصوصا صريحة وواضحة ؟
أما قول الفلاسفة الذين هم أصل هذه المصطلحات المبتدعة فهو متمثل في قول ابن رشد الفيلسوف حيث قال عن هذه الألفاظ :
(...أحدها أن إدراك هذا المعنى ليس هو قريبا من المعروف بنفسه برتبة واحدة ولا برتبتين ولا ثلاثة وأنت تتبين ذلك من الطريق التي سلكها المتكلمون في ذلك فإنهم قالوا إن الدليل على أنه ليس بجسم أنه قد تبين أن كل جسم محدث وإذا سئلوا عن الطريق التي بها يوقف على أن كل جسم محدث سلكوا في ذلك الطريق التي ذكرناها في حدوث الأعراض وأن مالا يتعرى من الحوادث حادث وقد تبين لك من قولنا أن هذه الطريقة ليست برهانية ولو كانت برهانية لما كان في طباع الغالب من الجمهور أن يصلوا إليها )

فهؤلاء أئمة المذهب الأشعري معهم كبار الفلاسفة يقرون بان كون الله ليس بجسم ولا في جهة ولا داخل العالم ولا خارجه من الأمور التي هي عسرة الفهم ومخالفة لطبائع العامة وفطرهم لاسيما وان هذه السلوب ليست أدلتها ضرورية ولا قريبة منها إلى آخر ما ذكر ...
فإذا كان هذا باعتراف أئمة المذهب فماذا ينقم الأستاذ من ابن تيمية بعد ذلك ؟!

وإذا كان هذا حال أصرح دليل لدى الأستاذ فودة وهو من الضعف والتهافت بهذه الصورة ، مع كثرة الحيل والتلاعب والافتراءات التي لا تحصى فليتعرف القارئ الفطن على ما يسميه الأستاذ فودة نصوصا واضحة وصريحة .