قول صاحب فك الشيفرة بأن الأمير كان مفتتنا بالحضارة الفرنسية وأن علاقة وطيدة ربطته بالفرنسيين، هو ادعاء جاء به ثم لم يجد له أساسا، وحين لم يجد اختار -غير موفق- ما كان الأحرى أن يستدل به على عظمة أخلاق الأمير في التزامه حدود الشريعة، (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوَّامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنَّكم شنآنُ قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) سورة المائدة الآية 8، هذا عهد الله التزم به عبد الله "عبد القادر بن محي الدين"، فلم نجد من أنكر عليه ذلك إلا مَن غابَ عنه الحق لسبب ما، وأما الذين عُرفوا بنقض العهود فهم اليهود (فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرّفون الكلم عن مواضعه) سورة المائدة 13.
ولكن التعصب للشيء يعمي البصر والبصيرة عن رؤية غير هذا الشيء، ولو كان المُتعصب له باطلا، وصدق الشافعي حين قال:
وعينُ الرضا عن كل عيب كليلة ولَكنَّ عين السخط تبدي المساويا
ويناسب موضوعنا وما فيه من اختلاق المبارك لأشياء غير موجودة أن نصوغ البيت بقولنا (ولَكنَّ عين السخط تفتري المساويا) لا تبديها.