ان فكرة تحية العلم يوميا لايمكن ان تكون هي من يجعل التلميذ يحب وطنه ،وليست هي من تجعل احترامه لرموز الدولة يزداد او يقل ،بل الامر اعمق واكبر من مجرد الوقوف كالآلة كل صباح ،والكثير من التلاميذ اذهانهم في مكان آخر...
لايمكن ان يفهم التلميذ المغزى من الوقوف لتحية العلم ،وقد جاء من بيته بدون ان يشرب كاس حليب ،او تناول قطعة خبز،او دون ان يجد مايشتري به ادوات الدراسة....
لايمكن ان يفهم التلميذ قيمة ذلك العلم ،وهو الذي بات ليلته تحت سقف يقطر عليه ماءا ،وشقوق تنسف جوانيه بالصقيع...
لايمكن ان يفهم التلميذ تلك الوقفة وقد وصل الى مدرسته بعد قطعه مسافة طويلة ارهقته حد العجز عن القيام مستعدا بشكل صحيح...
لايمكن للتلميذ ان يدرك مغزى ذلك وهو يتذكر في تلك الوقفة ،وقفة ابيه في الطابور للظفر براتبه في مراكز البريد...
لن يستطيع ان يفهم قصدنا وهو الذي رأى معاناة الناس وطوابيرهم الطويلة امام المباني التي يرفع عليها هذا العلم...
ان حب الاوطان اكبر من يحصر في وقفة نقفها متكاسلين متثائبين ،ان حب الوطن اعتقاد راسخ قواعده متينة في قلب كل جزائري ،بفضل ثورتنا المجيدة التي درستنا كيف نحب وطننا بالمعنى الصادق ،وبالعفوية ،والفطرة...بفضل قصص آبائنا عن علاقة الحب الابدية والعهد الذي قطعوه معه.تحت الخيم وفي البيوت القصدير ية تسمع تلك القصص، وتنام عيون الاطفال وملئ جفونهم وطن حنون. عندما كان الوطن ضعيفا ،مقهورا ،رفعه ابناءه في قلوبهم ،حموه بين ملابسهم الرثة ،اطعموه من طعامهم البسيط ،ودافعوا عنه بمايملكون من وسائل بسيطة ،وكانوا كثيرا مايموتون دونه ،وهم ينظرون اليه يكبر ويقوى...واليوم يريد اهله ان يطعمهم وطنهم خبزا شريفا ،ويسكنهم مسكنا كريما ،ومازالوا على طقوسه محافضين وعلى عهده سائرين...
اللهم احفظ وطننا من كل سوء