ثانياً: من أعمال الملتزم والمستقيم: طلب العلم:
إن الشاب الملتزم والمستقيم يجب عليه أن يكون داعية إلى الله تعالى، فيدعو الناس إلى الاستقامة والالتزام وتطبيق شرع الله سبحانه في حياته. وحتى يكون الشاب الملتزم داعية إلى الله على بصيرة يجب عليه أن يطلب العلم الشرعي.
كما يجب على الشاب الملتزم والمستقيم أن يطلب العلم حتى يعبد الله على نور وبرهان، وليس على جهل وضلال.
ووسائل العلم والحمد لله كثيرة ومتيسرة، فهناك حلقات العلماء في المساجد، وهناك المكتبات الخيرية، وهناك المدارس والجامعات في كل مكان، وهناك كتب العلماء قديماً وحديثاً، وهناك الأشرطة المسجلة لدروس العلماء ومحاضراتهم وغير ذلك.
فنوصيك أيها الملتزم بأن تتزود بالعلم النافع، وتحرص على أن تدرك ما تستطيع منه بأي وسيلة وبأي سبب من الأسباب، لتكون بذلك من ورثة الأنبياء الذين ورثوا العلم وأخذوا منه بحظ وافر
ثالثاً: من أعمال الملتزم والمستقيم: ترك البدع والمعاصي والملاهي:
إن الشاب الملتزم والمستقيم هو ذلك الشاب الذي حرص كل الحرص على تطبيق شرع الله، وتطبيق تعاليم الإسلام. كما أنه حرص كل الحرص على البعد عما يدنس عرضه، وعما يقدح في عدالته، وعما ينقص من قدره ومكانته وذلك بترك البدع والمعاصي والملاهي.
أما الكفر والشرك فمعلوم حكمه وننزه الشاب الملتزم أن يصل إلى هذا.
أما هذه الثلاثة: وهي البدع والمعاصي والملاهي؛ فهي التي يحرص الشاب الملتزم على تركها والتمسك بالسنة حتى يكون من أهل النجاة بإذن الله تعالى:
إن الدعاة إلى البدع كثيرون، وخاصة في هذا الزمان، فهم يضيفون البدع إلى الشريعة وما عرفوا أن شريعة الله كاملة لا نقص فيها.
وموضوع البدع وتنفيذ شبهات أهلها وضرب الأمثلة عليها موضوع طويل، ومن أراد البحث في ذلك رجع المؤلفات في ذلك.
أما المعاصي : فما أكثرها اليوم، وما أكثر الدعاة إليها. حتى أصبح من الدعاة إلى المعاصي من يزينون المعصية، ويقولن إنها من الضروريات أو أنها من مسايرة الزمان أو أن أهل هذا الزان بحاجة إليها ولا يستغنون عنها وما أشبه ذلك
ولنأخذ مثلاً على ذلك: (الأغاني):
فهناك من يقول أنها تنشط الجسد، وأنا تنمي الفكر، وأنها غذاء الروح، وأنها تقوي الذكاء، وأنها تسلي الإنسان، وأنها قضاء للوقت، وأنها ... وأنها ...
ثم يضربون صفحاً عن مضارها، وعن الأسباب التي توقع فيها؛ بل ويضربون صفحاً عن النصوص التي تدل على حرمتها.
ومثلاً آخر: (الأفلام الخليعة):
فهاك من يدعوك إلى النظر إليها، ويقول فرِّج عن نفسك يا أخي فإنك بحاجة إلى أن تمتع عينيك وتسلي قلبك وانظر إلى هذا الجمال وهذه الصور ومتع نفسك وهكذا ينشرون مثل هذه الشبهات.
ثم لا يذكرون شيئاً من الأضرار التي توقع فيها. فلا يذكرون أنها تزرع الفتن في القلوب، وأنها تدعو إلى المعاصي والوقوع في الفواحش، وأنها تشجع النساء على التكشف وعلى السفور وعلى الاختلاط بالرجال، وأنها وسيلة إلى فعل الجرائم الشنيعة. فكل هذا لا يذكرونه أبداً.
فيا أخي الملتزم إن ابتعادك عن مثل هذا هو حقيقة من حقائق التزامك، وضرورة من ضروريات استقامتك.
وخذ مثلاً على تناول (المشروبات المحرمة):
فهناك من يقول أنها مشروبات روحية وأنها تنقل الإنسان من عالم إلى عالم آخر وأنها أشربة طيبة وأنها تسلي الإنسان ولا ضرر فيها وغير ذلك من الضلال والانحراف
ونسوا بعد ذلك قول الله تعالى: (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون)
أما الملاهي : فحدث ولا حرج، فهي تلك المجالس المليئة باللغو والباطل والكلام الذي لا فائدة فيه، والقيل والقال، وقد مدح الله المؤمنين بقوله تعالى: (قد أفلح المؤمنون. الذين هم في صلاتهم خاشعون. والذين هم عن اللغو معرضون)
فجعل من صفات المؤمنين البعد عن اللغو وهي: الصفة الثانية بعد الصلاة.
وهذه حقيقة الملتزم وهي: البعد عن الملاهي واللغو والمجالس الخالية من ذكر الله.
رابعاً: من أعمال الملتزم والمستقيم: الدعوة إلى الله:
وبعد أن يمنَّ الله عليك ويكمل التزامك وتكمل استقامتك، وتكمل نفسك فتطهرها من المعاصي وتهذبها على الطاعة، وتستقيم على السنة وتعمل بها.
ماذا يجب عليك بعد ذلك يا أخي؟
يجب عليك أمر مهم وعمل من أهم أعمال الملتزم والمستقيم هذا الأمر هو الدعوة إلى الله.
الدعوة إلى الله من خلال دعوة إخوانك الأشقاء، ودعوة إخوانك من الأصدقاء والزملاء، ودعوة جلسائك ومحبيك ونحوهم، ولا شك أن هذا من واجب المسلم نحو إخوانه، وما ذاك إلا أنه إذا لم يدعهم؛ فإنهم سوف يدعونه إلى باطلهم وضلالهم.
أخي الشاب المسلم الملتزم والمستقيم
ألست تحب أن يكثر أتباعك وأعوانك؟
ألست تحب أن يكثر أنصارك الذي يذبون عنك؟
ألست تحب أن يكثر أهل الخير وتحب أن يكون شبابهم وأولادهم على الدين الحنيف.
إذا كنت تحب ذلك؛ فابذل ما تستطيعه من الأسباب، فتأخذ بأيدي إخوانك وتسير بهم معك على الطريق الذي أنت تسير عليه، وتحرضهم على أن يلتزموا ويستقيموا عليه، كما استقمت أنت عليه.
أيها الإخوة
ما أحوجنا إلى كثرة الدعاة، وما أحوجنا إلى كثرة المعلمين والمرشدين ونحوهم؛ فلأجل ذلك عليكم بالدعوة إلى الله بكل ما تستطيعون حتى يكثر الدعاة، ويكثر أهل الخير في كل مكان.
وعليكم أيها الإخوة أن لا تيأسوا بسبب كثرة المنكرات؛ بل عليكم أن تبذلوا قصارى جهدكم في دعوة إخوانكم، ولو كانوا بعيدين عن الاستقامة؛ بل ولو لم يستجيبوا من أول مرة، ولكن عليك أن تدعوهم مراراً وتكراراً ولعلك أن تجد بعد زمن أن منهم من يستجيب لدعوتك ويصبح من أهل الاستقامة والصلاح بإذن الله.
لقد سرنا والحمد لله ما نراه من كثرة المكاتب التعاونية، وكثرة الدعاة الذين يدعون إلى الله، ولكن وجدنا منهم من يستنكف عن الدعوة إلى الله، ويعلل هذا التقاعس بأن أهل الشر أكثر، وأن المنحرفين أكثر ، وأن أهل الاستقامة وأهل الالتزام وأهل الطاعة أقل من غيرهم؛ بل ونجدهم يقتصرون علىأنفسهم ولا يقومون بدعوة غيرهم، ولا شك أن هذا خلل ونقص في حقيقة الالتزام.
أيها الأخ الداعية اقرأ قول الله تعالى: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)
فقد بين سبحانه أن أهل النجاة هم الذي آمنوا، ثم بعد ذلك عملوا الصالحات، ولم يقتصروا على هذا فقط؛ بل قاموا بدعوة غيرهم، فتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. إنهم لم يقتصروا على أنفسهم؛ بل تعدى الأمر إلى غيرهم.
فعلينا أن نتواصى فيما بيننا، فإنا بحاجة إلى ذلك، حتى الملتزم والمستقيم منّا، وكل منّا بحاجة إلى أن يوصي صديقه وزميله وأخاه وقريبه، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه كما في الحديث الذي رواه أبو ذر رضي الله عنه قال: " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن"
والتواصي بالحق: أن تعرض المسألة على أخيك.
فإذا رأيته وقد أخل بسنة فتنصحه بأن يتمسك بها، وتبين له الدليل عليها حتى يعمل بها.
وإذا كان واقعاً في معصية، فتقول له:
أليس فعلك لهذه الجريمة ولهذه المعصية ذنباً تأثم عليه؟
ثم أليس هذا الذنب أو هذه المعصية تقدح في عدالتك وتقدح في استقامتك، فلماذا تصر عليها؟
ثم أليست هذه المعصية تنقص إيمانك وتنقص طاعاتك وتنقص حسناتك، وتزيد من سيئاتك، فلماذا تصر عليها؟
فإذا أجاب بجواب غير مقنع، فعليك أن تبين له الجواب الصحيح مستند إلى الأدلة في ذلك من الكتاب والسنة، ومن ثم تبين له الطريق المستقيم وتحثه عليه، وتحثه على أن يترك هذه الشبهات والضلالات، وأن يتمسك بالسنة حتى يكون من أهل الخير وأهل النجاة بإذن الله تعالى.