العلاقات الليبية الجديدة مع إسرائيل
في أعقاب تخلي القذافي عن أسلحته، بدأت إسرائيل ــ وفق صحيفة "هآرتس" ــ اتصالات ترمي إلى إجراء حوار مع ليبيا. وقالت الصحيفة الإسرائيلية في تقرير لها: إن ليبيا غيرت سياستها "المعادية لإسرائيل" في إطار تغيير سياستها الخارجية التي أخذت تركز مؤخراً على زيادة الضلوع أكثر في الشؤون الأفريقية، وجذب استثمارات أجنبية إلى البلاد. واعتبرت هآرتس أن سيف الإسلام القذافي هو "سفير السياسة الليبية الجديدة".
إذ رأت إسرائيل في الإعلان الليبي عن نزع أسلحة الدمار الشامل، تقليصاً للمخاطر التي تتعرض لها. وأشار رئيس (مركز جافي للدراسات الإستراتيجية) في جامعة تل أبيب إلى أن القرار الليبي يسهم في أمرين: أضعاف جبهة الدول الراديكالية، وإبقاء سوريا كدولة وحيدة قادرة على ضرب إسرائيل بأسلحة كيميائية.
وفي مقابلة له صرح سيف القذافي للصحيفة، بأنه لا يمانع في "الحديث مع الإسرائيليين أو العمل معهم" فيما اعتبر اعترافاً بالاتصالات المتبادلة مع الدولة الصهيونية، متذرعاً في حديثه لـ "هآرتس" بأنه لن يكون "فلسطينياً أكثر من الفلسطينيين". ونقلت الصحيفة عنه ــ على هامش منتدى دافوس بالأردن ــ دعمه "لدولة واحدة للشعبين". قائلاً: "يمكن للعرب واليهود أن يعيشوا معاً في دولة فدرالية تحت حكومة واحدة".
وحول إمكانية توقيع اتفاقية للسلام بين ليبيا وإسرائيل، رأى نجل العقيد أنه: "لا توجد بين بلاده والدولة العبرية حدود مشتركة، ولذلك ليس هناك أي سبب جوهري يدعو لوجود خلاف ولو بسيط بين الشعبين الليبي واليهودي في كلا الدولتين". داعياً يهود ليبيا المهاجرين لإسرائيل للعودة إلى ليبيا مرة أخرى قائلاً: "لقد دعوناهم في الماضي للعودة إلى ديارهم وجذورهم، وأنا حالياً باسمي الشخصي وباسم والدي وباسم (الأمة الليبية) أجدد الدعوة لإخوتنا اليهود للعودة إلى بلادهم".
وقد نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن الرئيس معمر القذافي، عزمه تعويض هؤلاء اليهود الذين زعم أن ممتلكاتهم صودرت في بلاده. وأعلن أنه سمح لليبيين بالسفر إلى كل مكان وحتى إلى إسرائيل نفسها. وقد وجد إعلان القذافي أصداءه في إسرائيل وخاصة أنه تصادف مع احتفال الكنيست بيوم ليبيا، بمناسبة مرور مئة عام على الحركة الصهيونية في ليبيا وخمسين سنة على الهجرة الكبرى ليهود ليبيا.
ومن ثم، أعلن الرئيس الإسرائيلي السابق موشية كتساف ترحيبه بإعلان القذافي، مبدياً أمله في أن يتمكن المهاجرون اليهود (الليبيون) من زيارة بلدهم. حيث رأى معلقون إسرائيليون في الخطوة أن العقيد القذافي يكمل دائرة التقارب مع الغرب بإجراء الاتصالات مع إسرائيل، بعدما كانت ليبيا وحتى وقت قريب خطراً استراتيجياً وراء الأفق، حسب التعبير الأمني الإسرائيلي.
يذكر أنه في الفترة ما بين 1948 ــ 1951 هاجر 30 ألف يهودي من ليبيا.. وبعد حرب 1967 هاجر معظم اليهود الليبيين. وحسب تصريحات رفائيلو فلاح رئيس "الرابطة العالمية ليهود ليبيا" فإن عدد اليهود الليبيين في العالم يبلع 90 ألف يهودي ينتشرون في كندا وأمريكا وايطاليا وثلثهم في فلسطين المحتلة.
وقد لعب اليهود الليبيين أدواراً سيئة جاءت لصالح الاستعمار الإيطالي أثناء احتلاله، ما أدى أحياناً إلى قتل المواطنين الليبيين وإلحاق الأذى بهم، كما حدث في حالة الأربعة عشر شهيداً الذين راحوا ضحية للتجسس اليهودي وجرى شنقهم في أحد أكبر شوارع العاصمة طرابلس.
وفي السياق ذاته، كشف رئيس مؤتمر (اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للعلاقات العامة) إيباك ــ اللوبي اليهودي ــ ستيف روزين النقاب عن انه وفي إحدى مراحل المفاوضات السرية التي جرت بين الرياض وطرابلس الغرب لتسوية النزاع الليبي - الأمريكي حول ملف تفجير طائرة (بان إم) فوق مدينة لوكربي، بعث سيف الإسلام القذافي رسالة إلى واشنطن عبر الوسيط السعودي الأمير بندر بن سلطان، أكد فيها استعداد بلاده أن تدرج في كتب التعليم الدراسي تفاصيل "الكارثة الإنسانية" التي ارتكبتها النازية في ظل نظام أدولف هتلر، ضد اليهود، وعدم الاكتفاء بما تنشره وسائل الإعلام العربية بأن العالم العربي غير مسئول عن حدوث "المحرقة اليهودية" أو بما تشير إليه عرضا كتب التاريخ في المدارس العربية.
وبحسب رئيس "مؤتمر إيباك" ــ وهو أكبر مركز ضغط يهودي في الولايات المتحدة ــ فإن سيف الإسلام أكد في رسالته التي تم مناقشتها أيضا مع (فاعور جيلون) الذي يعمل في الإدارة السياسية بالسفارة الإسرائيلية في واشنطن : "انه يجب ألا نزعم بأن إسرائيل تتصرف بالقسوة والإهانة ضد الفلسطينيين". وأضاف نجل الزعيم الليبي :"إنني اعرف بعض الناجين من أفران هتلر النازية الوحشية معرفة شخصية، وقصوا علي ما حدث في معسكرات الإبادة لحظة بلحظة، ولا يمكن لإنسان مثقف ويعيش في القرن الواحد والعشرين أن يشعر بالتعاطف مع المسئولين عن حدوث المأساة الخطيرة لليهود جراء الكارثة". وشدد سيف الإسلام على أن "إغماض الطرف عن حدوث الكارثة النازية ضد اليهود يعد خطأ جسيماً".
وقال ايلان شالجي ــ عضو الكنيست الإسرائيلي ــ إنه التقى سيف القذافي على هامش مؤتمر أوروبي حضره إسرائيليون وفلسطينيون. وأضاف العضو عن حزب شينوي أن نجل الرئيس الليبي دعاه وثلاثة إسرائيليين آخرين ومجموعة من الفلسطينيين إلى جناحه، حيث ناقشوا احتمالات السلام بالشرق الأوسط على مدى نحو ساعتين. وقال شالجي للقناة الأولى في التلفزيون الإسرائيلي : "إنه قال انه سعد بعقد هذا اللقاء، وتحدث عن تفهم ليبيا لضرورة أن تنفتح على العالم".
وتحت عنوان "نحيط موساد علماً" ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن علاقة غرامية جمعت بين الممثلة الإسرائيلية اورلي فاينرمان وسيف القذافي. ونقلت الصحيفة عن أحد أقارب الممثلة تأكيده أن اللقاءات "المتكررة" بين سيف الإسلام واورلي تتم في ايطاليا. حيث يتم نقل الشقراء الإسرائيلية سراً في سيارات مختلفة إلى أماكن اللقاءات. وتشير "معاريف" إلى أن العلاقة بين الممثلة ونجل القذافي ربما تؤدي إلى الزواج. ومع صورتين للقذافي واورلي نسبت الصحيفة إلى مصدر مقرب من الممثلة قوله "لوحظ أنها سافرت مراراً في الفترة الأخيرة إلى ايطاليا، حيث كانت تتنقل بسيارات مختلفة للقاء القذافي الابن".
جدير أن نذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يرتبط فيها أبناء القذافي بعلاقات مع إسرائيليات. إذ حاول معتصم القذافي بدء علاقة مع عارضة الأزياء الإسرائيلية موران أطياس، لكنه لم يوفق