فصل
فيما احتجوا به على حياة الرسل في القبور
فان احتججتم بالشهيد بأنه*** حيّ كما قد جاء في القرآن
والرسل أكمل حالة منه بلا***شك وهذا ظاهر التبيان
فلذاك كانوا بالحياة أحق من*** شهدائنا بالعقل والبرهان
وبأن عقد نكاحه لم ينفسخ** فنساؤه في عصمة وصيان
ولأجل هذا لم يحل لغيره*** منهن واحدة مدى الأزمان
أفليس في هذا دليل أنه*** حيّ لمن كانت له أذنان
أو لم ير المختار موسى قائما*** في قبره لصلاة ذي القربان
أفميت يأتي الصلاة وان ذا*** عين المحال وواضح البطلان
أو لم يقل أني أرد على الذي*** يأتي بتسليم مع الاحسان
أيرد ميت السلام على الذي*** يأتي به هذا من البهتان
هذا وقد جاء الحديث بأنهم*** أحياء في الأجداث ذا تبيان
وبأن أعمال العباد عليه تعـ***ـرض دائما في جمعة يومان
يوم الخميس ويوم الاثنين الذي*** قد خص بالفضل العظيم الشأن
فصل
في الجواب عما احتجوا به في هذه المسألة
فيقال اصل دليلكم في ذاك حجتنا عليكم وهي ذات تبيان
ان الشهيد حياته منصوصة***لا بالقياس القائم الأركان
هذا مع النهي المؤكد أننا*** ندعوه ميتا ذاك في القرآن
ونساؤه حل لنا من بعده*** والمال مقسوم على السهمان
هذا وأن الأرض تأكل لحمه*** وسباعها مع أمة الديدان
لكنه مع ذلك حيّ فارح*** مستبشر بكرامة الرحمن
فالرسل أولى بالحياة لديه مع*** موت الجسوم وهذه الأبدان
وهي الطرية في التراب وأكلها*** فهو الحرام عليه بالبرهان
ولبعض أتباع الرسول يكون ذا*** أيضا وقد وجدوه رأي عيان
فانظر الى قلب الدليل عليهم*** حرفا بحرف ظاهر التبيان
لكن رسول الله خص نساؤه*** بخصيصة عن سائر النسوان
خيرن بين رسوله وسواه فا***خترن الرسول لصحة الايمان
شكر الاله لهن ذلك وربنا*** سبحانه للعبد ذو شكران
قصر الرسول على أولئك رحمة*** منه بهن وشكر ذي الاحسان
وكذاك أيضا قصرهن عليه معـ***ـلوم بلا شك ولا حسبان
زوجاته في هذه الدنيا وفي الأخـ***ـرى يقينا واضح البرهان
فلذا حرمن على سواه بعده*** إذ ذاك صون عن فراش ثان
لكن أتين بعدة شرعية*** فيها الحداد وملزم الأوطان
هذا ورؤيته الكليم مصليا*** في قبره اثر عظيم الشان
في القلب منه حسيكة هل قاله*** فالحق ما قد قال ذو البرهان
ولذاك أعرض في الصحيح محمد*** عنه على عمد بلا نسيان
والدارقطني الامام أعله*** برواية معلومة التبيان
أنس يقول رأي الكليم مصليا*** في قبره فأعجب لذا الفرقان
فرواه موقوفا عليه وليس بالمـ***رفوع أشواقا الى العرفان
بين السياق الى السياق تفاوت*** لا تطرحه فما هما سيان
لكن تقلد مسلما وسواه ممـ***ـ، صحّ هذا عنده ببيان
فرواته الاثبات أعلام الهدى*** حفاظ هذا الدين في الأزمان
ليس مختصا به*** والكن هذا لله ذو فضل وذو احسان
فروى ابن حبان الصدوق وغيره*** خبرا صحيحا عنده ذا شان
فيه صلاة العصر في قبر الذي*** قد مات وهو محقق الايمان
فتمثل الشمس الذي قد كان ير***عاها لأجل صلاة ذي القربان
عند الغروب يخاف فوت صلاته*** فيقول للملكين هل تدعاني
حتى أصلي العصر قبل فواتها*** قالا ستفعل ذاك بعد الآن
هذا مع الموت المحقق لا الذي*** حكيت لنا بثبوته القولان
هذا وثابت البناني قد دعـ***ـا الرحمن دعوة صادق الايقان
أن لا يزال مصليا في قبره*** ان كان أعطي ذاك من انسان
لكن رؤيته لموسى ليلة المعـ***ـراج فوق جميع ذي الأكوان
يرويه أصحاب الصحاح جميعهم*** والقطع موجبة بلا نكران
ولذاك ظن معارضا لصلاته*** في قبره اذ ليس يجتمعان
وأجيب عنه بأنه أسرى به*** ليراه ثم مشاهدا بعيان
فرآه ثم وفي الضريح وليس ذا*** بتناقض إذ أمكن الوقتان
هذا ورد نبينا التسليم من*** يأتي بتسليم مع الاحسان
ما ذاك مختصا به أيضا كما*** قد قاله المبعوث بالقرآن
من زار قبر أخ له فأتى بتسـ***ـليم عليه وهو ذو ايمان
رد الاله عليه حقا روحه*** حتى يرد عليه رد بيان
وحديث ذكر حياتهم بقبورهم*** لما يصح وظاهر النكران
فانظر الى الاسناد تعرف حاله*** ان كنت ذا علم بهذا الشأن
هذا ونحن نقول هم أحياء لـ***ـكن عندنا كحياة ذي الأبدان
والترب تحتهم وفوق رؤوسهم*** وعن الشمائل ثم عن أيمان
مثل الذي قد قلتوه معاذنا*** بالله من أفك ومن بهتان
بل عند ربهم تعالى مثل ما*** قد قال في الشهداء في القرآن
لكن حياتهم أجل وحالهم*** أعلى وأكمل عند ذي الاحسان
هذا وأما عرض أعمال العبا***د عليه فهو الحق ذو امكان
وأتى به أثر فإن صح الحـ***ـديث به فحق ليس ذا نكران
لكن هذا ايس مختصا به*** أيضا بآثار روين حسان
فعلى أبي الانسان يعرض سعيه*** وعلى أقاربه مع الأخوان
ان كان سعيا صالحا فرحوا به*** واستبشروا يا لذة الفرحان
يتبع