منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - لماذا نحن غير متطورين
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-03-15, 22:37   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
hocine101
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

معجـزة شــرق آسـيـا

الفئات الرئيسية للموضوع
الاستثمار العالمي
Bookmark and Share

لئن كثر اليوم من يناقش معجزة شرق آسيا بسبب الأزمة الاقتصادية التي أصابت المنطقة، فإنه لا ينبغي لهذا الحدث الأخير أن يغطي الإنجازات التي تحققت فيها ولا الدروس الواجب استخلاصها من تلك المعجزة، وإذ نتكلم عن معجزة شرق آسيا فإننا نريد بها ثمانية بلدان هي: اليابان، هونج كونج، جمهورية كوريا، سنغافورة، تايوان، الصين، ماليزيا، إندونيسيا وتايلاند. وقد أطلق عليها البنك الدولي اسم (HPAES) (الاقتصاديات الآسيوية المرتفع أداؤها). وقد زاد نمو هذه البلدان منذ عام 1960م ضعفي ما هو عليه في باقي شرق آسيا، وما يقرب من ثلاثة أضعاف ما هو عليه في أمريكا اللاتينية وجنوب آسيا، وخمسة أضعاف ما هو عليه في أفريقيا جنوب الصحراء، وكما فاقت كثيراً الاقتصاديات الصناعية والبلدان الغنية بالبترول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد توزع هذا النمو توزعاً متكافئاً بين هذه البلدان كان من أثره أن ترفه الناس ترفهاً مشهوداً. وقد ارتفع الأجل المرتقب للحياة في الاقتصاديات الآسيوية المرتفع أداؤها من 56 سنة عام 1960م إلى 71 سنة عام 1990م. ومن جهة أخرى انخفضت نسبة الفقراء فقراً مدقعاً ممن تعوزهم اللوازم الأساسية مثل الماء العذب الصافي، والطعام، والمأوى، من 58%عام 1960م إلى 17% عام 1990م في إندونيسيا ومن 37% وإلى أقل من 5% في ماليزيا خلال الفترة نفسها. كذلك تحسنت مجموعة أخرى من المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية، من التعليم وإلى امتلاك شتى الأدوات وغيرها تحسناً سريعاً في تلك البلدان حتى باتت في مستوى يفوق أحياناً ما هي عليه في البلدان الصناعية. أما أسباب توفيق بلدان شرق آسيا فإنها كثيرة وإن كان من الواضح أن تنمية الرأسمال الإنساني كانت من أهمها. لقد بدأت اقتصاديات شرق آسيا في الستينيات بتعميم التعليم الابتدائي الذي سرعان ما تبعه توسع في التعليم الثانوي، وركز التمويل العام المحدود في التعليم بعد الثانوي على المهارات الفنية واستوردت اقتصاديات آسيا المرتفع أداؤها خدمات تربوية على نطاق واسع لا سيما في الفروع المهنية والتكنولوجية المتطورة، وكان أن نشأت عن هذه السياسات قاعدة واسعة من الخبرات الفنية الراجحة توائم جيداً التنمية الاقتصادية السريعة. وأظهرت دراسة للبنك الدولي أن معجزة شرق آسيا يعود أيضاً في جانب منها إلى الدعم الاستراتيجي لتكنولوجيا المعلومات، وأظهرت هذه الدراسة التي ذكرت بلدان اليابان وكوريا وتايوان وهونج كونج وسنغافوره على وجه الخصوص أن هذه الاستراتيجية أفضلت إلى انتقال هذه الاقتصاديات من الاستعمال الكثيف للعمال إلى بنية صناعية كثيفة الاستعمال للمعرفة، وأصبحت هذه البلدان سباقة إلى إنتاج واستعمال المعلوماتية، عن طريق تطوير الإدارة الاستراتيجية التوافقية المتشبعة بالرؤية المشتركة والتوجه نحو الخارج والبنية الاستراتيجية لبناء القدرات الأساسية والتخطيط المرن، التعلم المتعدد المستويات وتركيز الموارد بواسطة تحالفات بين المؤسسات العامة والخاصة. وقد تنبأت هذه البلدان، بما أوتيت من تبصر بالدور الرئيس الذي تضطلع به المعلوماتية في الصناعة والتكنولوجيا والهياكل الأساسية، وأعان حرصها على اللحاق والرغبة في التحول إلى دول مصدرة في صياغة التوجه الخارجي للحكومات ورجال الأعمال. وكان من بين أدوات الدعم لهذا التوجه الخارجي الرصد التكنولوجي بواسطة معاهد مختصة في البحث والتنمية، وتجميع المعلومات عن الأسواق عن طريق شركات تجارية عامة، والرحاب العلمية والصناعية والتعليم، والتدريب التقني ومؤسسات لدعم التكنولوجيا. والتمست هـــذه البلـدان من الخــارج ما فيـه مـــــن أفكار جديدة وأحسن ما عنده من طرائق العمل، وسخرت خير تسخير الدراية الفنية المتأنية من قنوات التجارة والاستثمار الخارجي، واستثمرت في شبكات وتحالفات استراتيجية، وزادت ثورة المعلومات والاتصالات من قدرتها على تعلم بعضها من بعض. وأظهرت اليابان وكوريا وتايوان وسنغافورة نية استراتيجية لامتلاك ناصية القدرات التكنولوجية الأساسية في مجال تكنولوجيا المعلومات، وقد كللت جهودها الموصولة بدخول حلبة المنتوجات والخدمات ذات القيمة المضافة العالية، وكانت برمجة الإنتاج وتوقيت إنزالها إلى السوق أمراً حاسماً، وركزت تلك الدول أول الأمر على تجميع المكونات البسيطة ثم على إنتاج الأجهزة الإلكترونية البسيطة التي يحتاج إليها المستهلك، ثم أقدمت على استحداث منتوجات أكثر تطوراً وتعقداً مثل الحواسيب ومعدات الاتصالات اللاسلكية، واستكملت الجهود المبذولة على مستوى المنشآت من أجل تأهيل الكفاءات الأساسية بجهود حكومية مثل التعليم المتخصص ودعم التكنولوجيا. وأعان التحالف بين المؤسسات الخاصة والعامة على تجميع الموارد الوطنية واستحثاث عملية التعلم، وعرض أجهزة تكنولوجيا المعلومات وبناء شبكات المعلومات والاستفادة من الروابط والصلات الخارجية، وأعانت التشاركات بين الحكومة ورجال الأعمال على تسريع الاستجابة للفرص المتاحة والتغيرات التكنولوجية الناشئة ولتحديات المنافسة العالمية، وقللت من احتمالات إخفاق التدخلات العامة الموجهة نحو هدف معين، وساعدت على تجميع الموارد المجالس الاستشارية والرابطات التجارية والتعاونيات الريفية والمؤسسات الهجينة، وجهات الإرشاد الإداري ورابطات البحوث والعلاقات المصرفية، والصلات بين المنتجين والمجمعين وفرق العمل الخاصة والعامة. كما ساعدت خطط تقاسم التكاليف المنتفعين بتكنولوجيا المعلومات، لاسيما الصناعات المتجهة نحو التصدير وشركات الأعمال الصغيرة على امتصاص تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، وتركز النشاط الخاص والعام مؤخراً على بناء المعارف المشتركة والتطبيقات والمهارات ووضع البروتوكولات والمعايير والسياسات الرامية إلى إقامة هياكل وطنية للمعلومات.
نشر في مجلة (المعرفة) عدد (35) بتاريخ (صفر 1419هـ -يونيه 1998م)