وأنا أتصفح كتاب "أدب الخواص" للوزير المغربي وجدته قد تطرق لـ ليس فأورد مايلي :
ألا ترى إلى قولهم ليس و أصلها ليس، بوزن فعل، فكان قياسهم يوجب أن تنقلب الياء ألفاً لتحركها و انفتاح ما قبلها فيقال: لاس، ما انقلبت ياء بيع فقيل: باع، فلما وجدوها قد خالفت في التصرف، و لزمت باباً واحداً، و هو صيغة الماضي لعلة أخرى لا نرى الإطالة بذكرها في هذا الموضع، آنسهم ذلك بتغيرها ثانياً، و جراهم على ركوب الخلاف بها عودا بعد بدءٍ، فقالوا فيها: ليس، و فارقوا بها أخواتها و لم يقولوا: لاس، مثل زال و صار، و هو فعل من الليس، و هو الشدة و الشجاعة، و كأن تقدير قولهم: ليس زيد قائماً، و امتنع و صعب أن يكون زيد قائماً، هذا على رأي النحويين. فأما أهل اللغة فيحكون عن الخليل أنه قال: ليس إنما أصله لا أيس، لأن أيس عنده لفظة يخبر بها عن الموجود، فإذا قالوا: لا أيس فكأنهم قالوا: لا موجود، فثقل عليهم فقالوا: ليس، و الأيس في كلام العرب التأثير، فأخبره به المتكلمون عن الموجود، لأن الموجود لا بد أن يكون له أثر أو تأثير أو نحو ذلك. و قال الأصمعي في كتاب " نظائر الأفعال " : آسه ييئسة أيساً إذا ثر فيه، و منه أيسه يويسه بوزن فعله، يفعله مشدداً، و أنشد يعقوب:
إن كانت جلمود صخر لا أؤيسه ... أوقد عليه فأحميه فينصدع
إن قناني لنبع لا يؤيسها ... عض الثقاف و لا دهن و لا نارُ
منقول