منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الردّ على شبه القائلين بأن الله معنا بنفسه بالأدلة النقلية والعقلية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-10-26, 20:32   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

مناقشة الرد :

الاستواءفي اللغة العربية إذا عُدى بـحرف الجر على فلا يقتضي إلا الارتفاع و العلو فيكون معنى قوله
تعالى : ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾علا على عرشه عزّ وجل علواً يليق به ليس كعلو المخلوقين : ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾[6] فلا يشبه علو الإنسان على السرير و لا علو الإنسان على الأنعام ، ولا علو الإنسان على الفلك ، و مادام الله على العرش فهو علو المكان إذ الظاهر من العلو علو المكان ، والعلو إنما يكون علو الشيء نفسه فالله نفسه فوق العرش ، والعلو المطلق لله علو المكان بفوقيته فوق عرشه و العرش أعلى المخلوقات فمن علا عليه فقد علا على جميع المخلوقات ، وعلو الصفات فالله جميع صفات الكمال و يمتنع عنه جميع صفات النقص و من يقول استوى على العرش أي استولى على العرش لقول الشاعر : استوى بشر على العراق، والجواب على ذلك : قال ابن
تيمية : لم يثبت نقل صحيح أنه شعر عربي وكان غير واحد من أئمة اللغة أنكروه وقالوا : إنه بيت مصنوع لا يعرف في اللغة وقد علم أنه لو احتج بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحتاج إلى صحته فكيف ببيت من الشعر لا يعرف إسناده وقد طعن فيه أئمة اللغة ; وذكر عن الخليل كما ذكره أبو المظفر في كتابه ( الإفصاح ) قال : سئل الخليل هل وجدت في اللغة استوى بمعنى استولى ؟ فقال : هذا ما لا تعرفه العرب ; ولا هو جائز في لغتها وهو إمام في اللغة على ما عرف من حاله فحينئذ حمله على ما لا يعرف حمل باطل[7] ، و أيضا استوى بشر على العراق ليس صريحًا في أنه استولى على العراق ، فاستوى بشر على العراق، يعني: علا على عرشه، صار سلطانًا عليه ، وأيضًا من جهة المعنى، لا يصح، فإن الاستيلاء يشعر بأنه كان قبل ذلك غير مستول عليه، وأنه صار مستوليا عليه بعد أن لم يكن، أو يشعر أيضًا بالمغالبة، استولى عليه ،و لو صح هذا البيت وصح أنه غير محرف، لم يكن فيه حجة، بل هو حجة عليهم، وهو على حقيقة الاستواء، فإن بشراً هذا كان أخا عبد الملك بن مروان ، وكان أميراً على العراق ، فاستوى على سريرها كما هو عادة الملوك ونوابها، أن يجلسوا فوق سرير الملك مستوين عليه، وهذا هو المطابق لمعنى هذه اللفظة في اللغة، كقوله تعالى: ﴿ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ﴾[8]، ولو كان المراد بالبيت استيلاء القهر والملك، لكان المستوي على العراق عبد الملك بن مروان لا أخوه بشر ، فإن بشراً لم يكن ينازع أخاه عبد الملك ولم يكن ملكاً مثله، وإنما كان نائباً له عليها ووالياً من جهته، فالمستولي عليها هو عبد الملك لا بشر ، بخلاف الاستواء الحقيقي وهو الاستقرار فيها والجلوس على سريرها، فإن نواب الملوك تفعل هذا بإذن الملوك ،و لا يقال لمن استولى على بلدة ولم يدخلها ولم يستقر فيها بل بينه وبينها بعد كثير: أنه قد استوى عليها، فلا يقال: استوى أبو بكر على الشام ولا استوى عمر على مصر والعراق ، ولا قال أحد قط: استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليمن ، مع أنه استولى عليها واستولى خلفاؤه على هذه البلاد، ولم يزل الشعراء يمدحون الملوك والخلفاء بالفتوحات، ويتوسعون في نظمهم واستعاراتهم، فلم يسمع عن قديم منهم -جاهلي ولا إسلامي- ولا محدث أنه مدح أحداً قط أنه استوى على البلد الفلاني الذي فتحه واستولى عليه، فهذه دواوينهم وأشعارهم موجودة ، و من يقول إنه يلزم من تفسير الاستواء بالعلو أن يكون الله جسماً فجواب هذه الشبهة أن كل شيء يلزم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو حق، ويجب علينا أن نلتزم به، ولكن الشأن كل الشأن أن يكون هذا من لازم كلام الله ورسوله، لأنه قد يمنع أن يكون لازماً، فإذا ثبت أنه لازم، فليكن، ولا حرج علينا إذا قلنا به. ثم نقول: ماذا تعنون بالجسم الممتنع ؟إن أردتم به أنه ليس لله ذات تتصف بالصفات اللازمة لها اللائقة بها، فقولكم باطل، لأن لله ذاتاً حقيقية متصفة بالصفات، وأن له وجهاً ويداً وعيناً وقدماً، وقولوا ما شئتم من اللوازم التي هي لازم حق. وأن أردتم بالجسم الذي قلتم يمتنع أن يكون الله جسماً: الجسم المركب من العظام واللحم والدم وما أشبه ذلك، فهذا ممتنع على الله، وليس بلازم من القول بأن استواء الله على العرش علوه عليه[9] ، ومن يقول تفسير استواء الله على العرش بعلوه فوق العرش يستلزم أن يكون الله محدودا فجواب هذه الشبهة : ماذا تعنون بالحد؟إن أردتم أن يكون محدوداً، أي: يكون مبايناً للخلق منفصلاً عنهم، كما تكون أرض لزيد وأرض لعمر، فهذه محدودة منفصلة عن هذه، فهذا حق ليس فيه شيء من النقص. وإن أردتم بكونه محدوداً: أن العرش محيط به، فهذا باطل، وليس بلازم، فإن الله تعالى مستوى على العرش، وإن كان عز وجل أكبر من العرش ومن غير العرش، ولا يلزم أن يكون العرش محيطاً به بل لا يمكن أن يكون محيطاً به، لأن الله سبحانه وتعالى أعظم من كل شيء وأكبر من كل شيء والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، والسماوات مطويات بيمينه[10] و من يقول تفسير استواء الله على العرش بعلوه فوق العرش يستلزم أن يكون الله محتاجا إلى العرش فجواب هذه الشبهة : لا يلزم، لأن معنى كونه مستوياً على العرش: أنه فوق العرش، لكنه علو خالص، وليس معناه أن العرش يقله أبداً، فالعرش لا يقله، والسماء لا تقله، وهذا اللازم الذي ادعيتموه ممتنع، لأنه نقص بالنسبة إلى الله عز وجل، وليس بلازم من الاستواء الحقيقي، لأننا لسنا نقول: إن معنى﴿ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾يعني: أن العرش يقله ويحمله، فالعرش محمول ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾[11] وتحمله الملائكة الآن، لكنه ليس حاملاً لله عز وجل، لأن الله سبحانه وتعالى ليس محتاجاً إليه ، و لا مفتقراً إليه [12] و من يقول علو الله على العرش علو المكانة لا المكان يجاب على هذه الشبهة أن القول بأن الاستواء على العرش علو مكانة الله على العرش من جنس قول القائل السماء فوقنا و الأرض تحتنا و الجبل أثقل من الحصى فهذا الكلام تحصيل حاصل ليس فيه تمجيد ولا تعظيم بل تنقص إلا إذا كان الكلام يقتضي ذلك كما في الاحتجاج على مبطل قال تعالى : ﴿ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ ، و الأصل في العلو على المكان فالذي يصرفه عن المعنى الظاهر يحتاج لدليل ، ولا دليل صحيح خال من معارض معتبر ، ومن يقول تفسير استواء الله على العرش بعلوه فوق العرش يستلزم أن التحيز فالجواب على هذه الشبهة إن كان المراد أن الله تحوزه المخلوقات فهذا باطل قطعاً ، و إن أراد أن الله منحاز عن المخلوقات ، أي : مباين لها فهذا حق ، ومن يقول تفسير استواء الله على العرش بعلوه فوق العرش يستلزم أن يكون الله في جهة من الجهات ومكان من الأماكن ، والجواب على هذه الشبهة لفظ الجهة لم يرد في الكتاب والسنة إثباتاً ولا نفياً، ويغني عنه ما ثبت فيهما من أن الله تعالى في السماء. و أما معناه فإما أن يراد به جهة سفل أو جهة علو تحيط بالله أو جهة علو لا تحيط به. فالأول باطل لمنافاته لعلو الله تعالى الثابت بالكتاب والسنة، والعقل والفطرة ، و الإجماع . و الثاني باطل أيضاً؛ لأن الله تعالى أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته. والثالث حق ؛ لأن الله تعالى العلي فوق خلقه ولا يحيط به شيء من مخلوقاته[13] فنقول إثبات المكان لله إما أن يراد بالمكان أمر وجودي وهو الذي يتبادر لأذهان جماهير الناس اليوم ويتوهمون أنه المراد بإثباتنا لله تعالى صفة العلو . و الله تعالى منزه عن أن يكون في مكان بهذا الاعتبار فهو تعالى لا تحوزه المخلوقات إذ هو أعظم وأكبر بل قد وسع كرسيه السموات والأرض و أما أن يراد بالمكان أمر عدمي وهو ما وراء العالم من العلو فالله تعالى فوق العالم وليس في مكان بالمعنى الوجودي كما كان قبل أن يخلق المخلوقات .