السلام الذي يحتاجه العالم:
عالم اليوم يبحث عن السلام ، ويجري معاهدات سلام ذا شروط والتزامات . ولكنالسلام الحقيقي هو الذي يفكرون به دون أن يدركوه ، ويتحدثون عنه دون أن يعرفوه ، يسعون إليه دون أن يبلغوه ، ويتغنون به دون أن يحبوه . هو غامض عن أذهان الكثيرين وغائب عن مجالات تحركهم. سمعتهم يريدون أن يتحرروا من كل شيء.. من لباسهم.. من حياتهم.. ومن أخلاقهم ، من مشاعر الأهل وتمنياتهم الطيبة، من احترامهم لحريات الآخرين ، من اعترافهمبحقوق جميع الناس، من نواميس الطبيعة ، من رقابة الدولة ،من سلطة القانون والنظام العام ، من تحذيرات الوصايا الإلهية من شريعة الخالق العظيم . ثم يقولون لهم سلام وأي سلام هذا ؟ أهو سلام الظلم والاستبداد على المستوى العام أم سلام الأنانية و النزوات الجامحة والسادية البغيضة على المستوى الفردي ؟ فالإنسان- كما أوجده الله – مخلوقي اجتماعي يعيش ضمن مجموعات قوامها الأسرة فالمجتمع فالدولة فالعالم . يساهم في الحقوق والواجبات مع غيره من الناس ، بتعايش سلمي مؤدب وبعلاقات متوازنة ضمن كمّ من المشاعر المشتركة ، بحيث تنتهي حريته في حدودها قبل المساس بحريات الآخرين ، ويكتفي بما يخصه من المطالب دون الإضرار بمطالب الآخرين .ذلك هو السلام الحق الذي يحتاجه العالم اليوم وفي كل زمان ومكان فيؤثر في حياة الناس في أجيالهم ، ويوجه مسالكهم وحتى قناعتهم في طرق الحق والبر إلى الإستقامة .كم يعيش الكثيرون جداً في عصرنا الحاضر في خوف قاتل واضطراب شامل يؤدي بالكثيرين إلى التردد على أطباء النفس والإدمان على تناول العقاقير ، والذين لا يستطيعون النوم إلا بفعلالمهدئات. ويسعى الكثيرون في العالم اليوم من أجل المشتهيات والمفاتن ، ويجرون خلف المطامع والمقتنيات الفخمة دون شعور بالرضى . فكلما زاد الغنى زادت محبة المال والتعبد له ، مع شعور لا يتوقف عن الجوع واللهفة إلى المزيد . فكلما تحققت شهوة تفتحت أبواب النفس لشهوات أخرى فلا قناعة ولا اكتفاء.
إنّ الإسلامدين السلم وشعاره السلام، فبعد أن كان عرب الجاهلية يشعلون الحروب لعقود من الزمنمن أجل ناقة أو نيل ثأر ويهدرون في ذلك الدماء ويقيمون العداوات بينهم لقرون، جاءالإسلام وأخذ يدعوهم إلى السلم والوئام، ونبذ الحروب والشحناء التي لا تولّد سوىالدمار والفساد.ولذلك فإن القرآن جعل غايته أن يدخل الناس في السلم جميعاً، فنادىالمؤمنين بأن يتخذوه غاية عامة، قال الله -عز وجل- مخاطباً أهل الإيمان: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) [البقرة: 208].بل إنمن صفات المؤمنين أنهم يردون على جهل الآخرين بالسلم، فيكون السلم هنا مسلكاً لردّعدوان الجاهلين، قال تعالى: (...وإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُواسَلاَما). ذلك أن مسلك السلم لا يستوي ومسلك العنف، ومسلك العفو لا يستوي ومسلكالانتقام، ومسلك اللين لا يستوي ومسلك الشدة والغلظة، ولذا كان رسول الله -صلى اللهعليه وسلم- يدعو ويوصي دائماً أصحابه بالدفع بالتي هي أحسن، والإحسان إلى المسيئين،مصداقاً لما قال تعالى موصياً سيد الخلق أجمعين -صلى الله عليه وسلم-...وَلاَتَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَاالَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) كما أنهم دعواإلى الجنوح للسلم فقال تعالى: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَاوَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) وشجع القرآن المسلمين على التزام السلم – وهذا وقت الحرب- وطالبهم بتلمّس السلم إن وجدوا رداً إيجابياً من الطرف الآخر، فقال تعالى: (فَإِنْاعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَاجَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلا). ويقول الإمام علي رضي الله عنه في عهدهلمالك الاشتر:{ولا تدفعن صلحاً دعاك إليه عدوك ولله فيه رضى، فإن في الصلح دعةلجنودك، وراحة من همومك، وأمنا لبلادك}
السلم كلمة واضحة المعنى، تعبر عن ميل فطري في أعماق كل إنسان، وتحكي رغبة جامحة فيأوساط كل مجتمع سوي، وتشكل غاية وهدفاً نبيلاً لجميع الأمم والشعوب. وهو منالسلام وأصله السلامة أي البراءة والعافية والنجاة من العيوب والآفات والأخطار. و على ما يقابل حالة الحربوالصراع.قال ابن منظور: السَلم والسِلم: الصلح، وتسالموا: تصالحوا، والتسالم أيالتصالح. والمسالمة تعني المصالحة. وحكي أن السلم هو: الاستسلام وضد الحرب. وهو وضعيسود فيه الأمن والسلام ويشعر فيه الفرد بالأمان والسكينة والاستقرار وهو عاملأساسي لتقدم الأمم وازدهارها.
هو الأمان وحفظ الكرامةوالعمل على وجود مصالح مشتركة تحقق قيام حضارة تقوم على احترام الذات واحترام الآخرينوالتمسك بالعدل واحترام العدالة وتوفير الرقى لجميع الأجناس البشرية على وجه الأرضبل وتهدأ بوجوده جميع الكائنات الحيةْ . يتحقق السلام في ظل العدالة وبدونها فلاوجود له فالعدالة تقوم على حفظ التوازن البشرى بتطبيق القوانين على وجهٍ يحققالمساواة وعدم التمييز وبذلك تكون العدالة جسرا يوصل إلى تحقيق هذا الأخير.
وجاءت العدالةممثلة في ظل تشريعات الكتب السماوية على مر العصور لكي تكون بمثابة الدستور الذييحقق العدل والمساواة بين جميع أجناس البشر. السـلام قبل ظهورالإسلام : كانت شبه الجزيرة العربية مكونة من قبائل صحراوية تحكمها وتسيطر عليهاالعصبية القبلية مع وجود العادات الناتجة عن الجهل المتوارث مثل تقديم القرابينللأصنام ووأد البنات وتجارة الرقيق ووجود مجتمع طبقي البقاء فيه للأقوى وكانتالعصبية القبلية هي العامل الرئيسي لاستمرار الحروب بين القبائل ويجسد لنا الشعرالجاهلي ما كان عليه هؤلاء من عداء لمجرد التعصب وانتشار الرذيلة واضطراب في النفسالبشرية لضياع العدالة وسيادة قانون البقاء للأقوى
السلام في ظل الإسلام :لعل الإسلام عني عناية فائقة بالدعوة إلى السلام بل إن السلام اسممن أسماء الله فجاء الإسلام بالقران الكريم وهو الدستور الذي يحقق السلام فقالتعالى (وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِين وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِين) وتحية الإسلام هي (السلامعليكم) .ويضع هذه القيمة (أي قيمة السلام) على رأس القيم التي فيها صلاح العالمولقد كان للإسلام مع الخونة قصصا يرويها التاريخ بإعجاب وإكبار فلم يسمع أحد أنالنبي الكريم أو خلفائه من بعده أنهم قتلوا نصرانيا لأنه لم يسلم أو عذبوا كتابياأو سجنوه أو منعوه من التعبد وإقامة شعائره الدينية .دين الإسلام لا يدعو إلاللسلام أما عن الحروب التي نشبت في الإسلام منذ ظهوره فإنما كانت لدوافع وحق مشروعمنها الدفاع عن النفس و محاربة الطغاة . وقد فطن الإسلام عن الضرر الذي ينشأ منالحروب والعدوان فقال تعالى ( وَاِنْ جَنَحُوا لِلسِّلْم فَاجْنَح لَهَا وَتَوَكّل عَلَى الله)
ويخطئمن يظن أن الإسلام انتشر بحد السيف أو كما يسمي بعض المستشرقين [الجهاد] ذلك أنالجهاد المقصود هو جهاد النفس والدفاع عن النفس لا جهاد الصهيونية والمستعمرين.
السلام في العصر الحالي:إن للعالم الآن شكل متغير عما كان من قبلفقد نالت الشعوب درجة أعلى من الحرية و أصبحت العلاقات الدولية غير مقيدة بل وصارت حقوقالإنسان والسلاموالتنمية وغيرها تتحرك في آفاق أممية .
تتعدد المواقف والأسبابوالأشكال والأنواع لكن في النهاية العنف معناه واحد لا يختلف "إيذاء شخص" وإلحاقالضرر به، وانتزاع المراد منه بالقوة وإجباره على التنازل عنه.
كيف نعالجالعنف؟:
*احترام النظام الديمقراطي للدستور.
*تحقيق الأمنالغذائي.
*محو الفوارق الاجتماعية والطبقية.
*رفع حالة التهميش وتوفير متطلبات الحياة ( صحة - عمل – تعليم)
*احترام التنوع الاجتماعي والثقافيوالديني.
*تنمية روح الحوار والتسامح واحترام حقوق الإنسان.
*غرس بذور المحبةوالتعاون ونزع بذور البغض والشحناء.*المجتمع الذي يتساوى الناس فيه أمامالقانون ، وينال كل ذي حق حقه، ولا تمييز فيه لفئة على أخرى، تقل فيه دوافع العدوان والخصومة والنزاع.
أهمية السلم:
*فرض النظام والأمن والاستقرار.
*ضمانالحقوق المدنية والسياسية للمواطنين.
*التمتع بممارسة الديمقراطية وحريةالتعبير.
*تحقيق المساواة أمام القانون بين الجميع على اختلاف الألوانو
الأجناس.
" إلهي إلهي ترى قد اشتد الظلامالحالك على كل الممالك ، واحترقت الآفاق من دائرة النفاق ، واشتعلت نيران الجدالوالقتال في مشارق الأرض ومغاربها ، فالدماء مسفوكة والأجساد مطروحة والرؤوس مذبوحةعلى التراب في ميدان الجدال ، ربي ربي ارحم هؤلاء الجهلاء وانظر إليهم بعين العفووالغفران واطف ِ هذه النيران حتى تنقشع هذه الغيوم المتكاثفة في الآفاق حتى تشرقشمس الحقيقة بأنوار الوفاق وينكشف هذا الظلام ويستضئ كل الممالك بأنوار السلام ، ربأنقذهم من غمرات بحر البغضاء ونجهم من هذه الظلمات الدهماء وألف بين قلوبهم ونورأبصارهم بنور الصلح والسلام ، ربي نجهم من غمرات الحرب والقتال وأنقذهم من ظلامالضلال واكشف عن بصائرهم الغشاء ونور قلوبهم بنور الهدى وعاملهم بفضلك ورحمتكالكبرى ولا تعاملهم بغضبك الذي يرتعد منه فرائص الأقوياء ، ربي قد طالت الحروبواشتدت الكروب وتبدل كل معمور بمطمور ربي نور القلوب بسراج محبتك إنك أنت الكريم ذوالفضل العظيم وإنك أنت الرحمن الرحيم.
أيتها الحرب الجبارة كفي عن قتل الأبـــــــــــــــــــــــــرار
أيتها الحربالجبارة كفاكي ظلم الأحــــــــــــــــــــــــــرار
لقد عشنا سنينا طويلة نحاول وقف الدمـــــــــــــــــــــــــــار
فلماذا لانعيش في سلام و ننشر الحب والوئــــــــــــــــــــام
فهيا اصحوا يا عرب من هذا المنام فليس السلاممجرد كلام
هيا قفوا و تعاونوا على نشر الســـــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
فلنقف جميعا متعاونينمتحابين متفائليـــــــــــــــــــــــــــــــن
ننقذ إخواننا المسلمين و نحررهم من المعتديــــــــــــــــــــــن
فلنسعــــــــــــــــــــــىجاهديـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ن
لوقــــــــــــف الظلم و نشر الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
فسلام ســـلام ما أحـــــــــــلى الســــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
في عصر السباق نحو التسلح والدمارلا نملك إلا أن نتحسر على الواقع المرير الذي نعيشه وعلى الأرواح التي تزهق كل يوموالدماء التي تسفك كل ثانية . كثيرٌ من الأشياء تفرقنا ، وتجعلنا نبدو وكأننا فياختلافنا محالٌ أن نلتقي. منها اللغة ، الدين ، التاريخ ، الوطن . على الرغم من كلهذه الأشياء التي قد تباعد ما بيننا إلا أن هناك عاملاً مشتركاً بين كل الأجناس برغمكل هذه الاختلافات وهو الإنسانية. فكلنا بلا شك ننتمي إلى الإنسانية ديناً لا نختلفعليه ،ولغة نفهمها جميعاً ، وجنسية نحملها.هذه الإنسانية التي تذوب فيها كل الفروقهي الأمل الأوحد من أجل عالم يسوده الوئام والوفاق هي الوطن الأكبر الذي نولدمنتمين إليه دون حاجة إلى جواز سفر أو بطاقة إثبات هوية.
هذا ما يجعلوقف التجارب النووية ونزع السلاح النووي من أي بلدٍ يمتلكه واجبٌ علينا ، فليس منالعقل إعلان الحرب على بلد بدعوى محاولة امتلاك سلاح نووي وغض الطرف عن بلد آخريمتلك ترسانة من الأسلحة النووية تكفي لتدمير الكرة الأرضية عدة مرات إنها كارثةمحدقة بنا وإن التسارع الآن بوقف هذه الانتهاكات بوازع من ضميرنا الإنساني فقد يكونالوقت متأخراً لاحقاً. نحن بحاجة إلى جراءة في الحديث عن ثقافة جديدة تنظر إلىالواقع بلغة مختلفة لا يسمح فيها لمتطرف يختفي خلف الجدران التاريخية ليذكرنابالصراعات ويملي علينا آلية تاريخية متطرفة.
تختلف لغات العالم لكنالمعنى واحد العالم بحاجة للسلام لا للعنف لا للظلم لا لحروب حانالوقت لنقف على أعتاب مجتمعاتنا ونقود الأجيال إلى لغة الحوار ولنصرخ عاليا : لاللحروب لا للدمار لا للعنف.
على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلافإن الحرب ستضع حدا للإنسانية