منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الى النسر الأمل:كتاب مناقشة علمية ل 19 مسألة للشيخ بندر العتيبي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-03-02, 09:20   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
جرح أليم
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










افتراضي

رغم أني قررت أن لا اعود لكن أردت أن أزيل بعض الشبه فقط وقد ناب عني الاخ البرايجي في الرد وأنا متأكد أن أحد لم يقرأ الكتاب وما فيه من الحجج والأدلة لذلك كتب الجميع ذلك الكلام لذلك أنقل ردا موجزا للشيخ السحيمي عن بعض الشبه ورد آخر للشيخ جمال الدين الحارثي وكلها مدعمة بالكتاب والسنة

1- السحيمي :



فضيلة الشيخ وفقكم الله

أنا أعيش في أحد البلدان الإسلامية وتقوم جماعة الإخوان المسلمين بعمل مسيرات سلمية ويرفعون بها شعارات "لا للفساد" "ولا لإضاعة أموال البلاد" "لا للتزوير في الانتخابات" وكأن فيها عتاباً على ولي الأمر.
وعندما أنصحهم أن هذا ليس من منهج أهل السنة والجماعة وأنه تجب نصيحته الولاة سراً لاعلناً، رد علي قائلاً:


1-" أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج في صفين على رأس أحدهم عمر وعلى الآخر حمزة علنا وجهراً في مكة"

2-"عندما قال عمر بن الخطاب للناس ماذا تفعلون لو أن أميركم لم يكن على الحق فقام رجل فقال نعدله بالسيف فسر به عمر وقال الحمد الله الذي جعل فيكم مثل هذا ولم ينكر عليه قوله"

3-أن عبد الله بن الزبير قد خرج مع بعض الصحابه على قتال الحجاج .

4-أن هؤلاء الحكام لايحكمون بما أنزل الله ولايطبقون الشريعة الإسلامية كأحكام القصاص والسرقة مثلاً لاتطبق والله تعلى يقول :"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولآئك هم الكافرون".

5-أن هذا من "قول كلمة الحق عند سلطان جائر".

6-أن هذا قد قال به بعض أهل العلم كأبي حنيفة عندما استأذنه يزيد(من آل البيت)إلى الخروج فاذن له ودعى الناس للخروج أيضاً وكان ذلك سبباً في محنه الإمام أبو حنيفة رحمه الله.

7-أن هذا الولي هو الذي فرض نفسه علينا ولم نرض نحن به ولم ننتخبه.
*علماً بأن جماعة الإخوان يبايعون أحدهم على السمع والطاعة ويأمروه.

فأرجو من فضيلتكم الرد المفصل على تلك الشبهة وبيان حقائقها، لأنه قد كثر الجدال والمناقشة على هذا الأمر حتى انخدع كثير من الشباب لكلامهم وانساقوا خلف أدلتهم.
فأردنا رداً شافياً لعل الله أن يهديهم سبيل الرشاد.

والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته


-------


الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ووفقك الله لكل خير

1 – ما جاء " أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج في صَفَّيْن على أحدهم عمر ، وعلى الآخر حمزة " لا يصحّ ولا يثبت .
ولو صَحّ لم يكن فيه مُستمسك لمن يستدلّ به على المظاهرات ، لِعدّة أسباب :

أ – أن الذي في الأثر إظهار قوّة أهل الإسلام لأهل الشِّرك ، وهذا مشروع ، ويَدلّ عليه أصل مشروعية الرَّمل في الأشواط الثلاثة الأولى من طواف القُدوم .
ففي الصحيحين من حديث عباس رضي الله عنهما قال : قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فقال المشركون : إنه يَقْدُم عليكم ، وقد وَهَنَتْهم حُمّى يثرب ! فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يَرْملوا الأشواط الثلاثة ، وأن يَمْشوا ما بين الرُّكنين ، ولم يمنعه أن يأمرهم أن يَرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم .
فهذا من باب إظهار قوة المسلمين وشوكتهم في أعين الكفّار ؛ لِيَرْهَبُوهم .

ب – أن الذي في هذا الأثر ليس فيه مُطالبات ! كما هو الحال في المظاهرات ، فإنها تُثار وتُسيَّر للمطالبة بأشياء وإصلاحات ، أو بِحقوق ونحوها ، وهذا ليس في هذا الأثر – لو صحّ – .
بل هذا الأسلوب مُخالِف لأمره عليه الصلاة والسلام بالصَّبْر ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : ستكون أثَرَة ، وأمور تنكرونها . قالوا : يا رسول الله فما تأمرنا ؟ قال : تُؤدّون الحق الذي عليكم ، وتسألون الله الذي لكم . رواه البخاري ومسلم .

جـ - أن المظاهرات المعروفة اليوم هي أسلوب غربيّ ! فأقلّ ما فيها مُشابهة المشركين ! فأين هي ودِين محمد صلى الله عليه وسلم ؟!

2 – الاستدلال بالإنكار على الولاة ، وإنكار الصحابة على الأمراء ، ليس فيه دليل على المظاهرات ، وقد تقدّم التفصيل فيها .
والإنكار على الوالي مشروع بضوابطه .

وأما
3 – قولهم : " إن عبد الله بن الزبير قد خرج مع بعض الصحابة على قتال الحجاج "

فهذا باطل وافتراء ! تَردّه شواهد التاريخ ! فإن الحجاج هو الذي جاء ليُقاتِل ابن الزبير رضي الله عنه ، والحجاج ظالم ، وابن الزبير خليفة ، وقد بُويِع له ، وكان أحق بالخلافة ، وهم الذين خَرَجوا على ابن الزبير ، لا أنه هو الذي خَرَج عليهم !
فإنه قد بُويِع له بالحجاز وما والاها ..

قال ابن كثير رحمه الله : إمارة عبد الله بن الزبير ، وعند ابن حزم وطائفة أنه أمير المؤمنين آنذاك .
ثم قال تحت هذا العنوان : قَد قَدّمْنا أنه لما مات يزيد أقلع الجيش عن مكة ، وهم الذين كانوا يُحاصِرون ابن الزبير ، وهو عائذ بالبيت ، فلما رجع حصين بن نمير السكونى بالجيش إلى الشام واستفحل أمْرُ ابن الزبير بالحجاز وما والاها ، وبايعه الناس بعد يزيد بيعة هناك ، واستناب على أهل المدينة أخاه عبيد الله بن الزبير ... ثم بَعَث أهلُ البصرة إلى ابن الزبير - بعد حروب جرت بينهم وفتن كثيرة يطول استقصاؤها - غير أنهم في أقل من ستة أشهر أقاموا عليهم نحوا من أربعة أمراء من بينهم ، ثم اضطربتْ أمورهم ، ثم بعثوا إلى ابن الزبير ... وبَعَث ابنُ الزبير إلى أهل الكوفة عبد الرحمن بن يزيد الأنصارى على الصلاة ، وإبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله على الْخَراج ، واسْتَوثَق له الْمِصْران جميعا ، وأرسل إلى أهل مصر فبايعوه ، واستناب عليها عبد الرحمن بن جحدر ، وأطاعت له الجزيرة ، وبَعَث على البصرة الحارث بن عبد الله بن ربيعة ، وبَعَث إلى اليمن فبايعوه ، وإلى خراسان فبايعوه ، وإلى الضحاك بن قيس بالشام فبايع . اهـ .

فأنت ترى أن ولاية ابن الزبير لم تكن خروجا على الحجاج ، بل هي بيعة عامة ، وخلافة شملتْ الحجاز واليمن ومصر ، وأغلب بلاد الشام .

4 – هذا صحيح ، فإن من استبدل شرع الله وحُكمه بقوانين غربية أو شرقية ؛ فإنه كافر . والآية صريحة في ذلك .
وفي رسالة " تحكيم القوانين " للشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – تفصيل للمسألة .
ولكن من الذي يَحكُم بِكُفْرِه ؟!
هل هو كل أحد ؟!
وهل الْحُكم لكل أحد ؟!
الجواب : لا

بل هو موكول لأهل العِلم
ثم إذا حَكَم أهل العلم بذلك وقامت الحجة على ذلك الحاكم الذي استبدل شرع الله ، وحَكَم بِحُكم الجاهلية – كما سمّاه الله – فالواجب خَلْع ذلك الحاكم مِن قِبَل أهل الحلّ والعقد ، لا مِن قِبَلِ عامة الناس ورعاعهم !
فإذا ما رأى أهل العلم كُفْراً بواحاً عندهم فيه من الله بُرهان ، وَجَب عليهم عَزل ذلك الحاكم ، بل ومُحاكمته ، فإن لم يكن أهل حلّ وعقد ، أو كانوا وليس لهم شوكة ، فالخروج ليس بواجِب ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بايَع أصحابه على السمع والطاعة . قال عُبادة : في مَنْشَطِنا ومَكرهنا ، وعُسرنا ويُسرنا ، وأثَرَةٍ علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تَرو كُفُراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان . رواه البخاري ومسلم .
وهذا لا يَدل على وجوب الخروج على من رُئي منه الكفر البواح ، بل يَدلّ على مشروعيته ، وفرق بين الأمرين !
ويُنظر في هذه المسائل إلى المصالِح والمفاسِد ، ويُقدِّر ذلك أهل العِلم في كل بلد بِحسَبِه .

وهنا تنبيه
:
وهو أنه لا يجوز بِحال الرِّضا بتلك القوانين ، بل يجب أن تُكرَه وتُبغَض ، ويُبغَض من حَكَم بغير ما أنزل الله .
قال عليه الصلاة والسلام : ستكون أمراء ، فتعرِفُون وتُنْكِرون ، فمن عَرَف بَرئ ، ومن أنكر سَلِم ، ولكن من رضي وتابع . قالوا : أفلا نقاتلهم ؟ قال : لا . ما صَلّوا . رواه مسلم .

5 – هذا ليس من قول الحق عند السلطان الجائر !
بل قول الحق عند السلطان الجائر ما تقدّمتْ الإشارة إليه من فِعل الصحابة رضي الله عنهم ، ومثله ما كان يفعله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فإنه كان يذهب إلى الولاة ، بل ربما سافر من قُطْرٍ إلى قُطر ، ومن مصْرٍ إلى مِصْر ؛ لِيُنكِر على الولاة !
فيقف أمام الوالي ويصدع بِكلمة الحق إذا رأى أن المصلحة في ذلك !
أما المظاهرات فأين هي من ذلك ؟!

6 – أقوال أهل العلم يُستَدلّ لها ولا يُستَدَلّ بها ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية !
فالقول الذي يُنسَب على العالِم ليس بِحجّة على غيره ، بل الحجة في الكتاب والسنة وإجماع الأمة وفي القياس ، هذه الأدلة المتّفق عليها . وهي مصادر التشريع .
أما قول العالِم الواحد الذي قد يَنفرِد به ، فإنه بحاجة إلى أن يُستَدَلّ له ، لا أن يُسْتَدَلّ به !
لأن العصمة ليستْ لأحدٍ بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكل يُؤخَذ من قوله ويُترَك ، إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما ومُجاهِد .

7 – قولهم : " إن هذا الولي هو الذي فرض نفسه علينا ولم نرض نحن به ولم ننتخبه "
لو كان الحاكِم مُسلِما قد تَغلّب على البلاد وَجَبتْ له الطاعة ، وإن لم يَرضَ الناس ببيعته !
وقد نَصّ أهل العلم على أن الحاكم إذا تغلّب على البلاد وَجَبتْ طاعته ، جَمْعاً للكلِمة ، ودرءا للفتنة ، وحَقْناً لِدماء المسلمين .

قال الشيخ الشنقطي في الأضواء :
فاعلم أن الإمامة تنعقد له بأحد أمور :
الأول : ما لو نَصّ صلى الله عليه وسلم على أن فلانا هو الإمام ، فإنها تَنْعَقِد له بذلك .
وقال بعض العلماء : إن إمامة أبي بكر رضي الله عنه من هذا القَبيل ؛ لأن تقديم النبي صلى الله عليه وسلم له في إمامة الصلاة - وهي أهم شيء - فيه الإشارة إلى التقديم للإمامة الكبرى ، وهو ظاهر .
الثاني : هو اتفاق أهل الحل والعقد على بيعته .
وقال بعض العلماء : إن إمامة أبي بكر منه لإجماع أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار عليها بعد الخلاف .
الثالث : أن يَعْهَد إليه الخليفة الذي قبله ، كما وقع من أبي بكر لعمر رضي الله عنهما .
ومن هذا القبيل جَعْل عمر رضي الله عنه الخلافة شورى بين ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وهو عنهم راض .
الرابع أن يتغلّب على الناس بسيفه ، ويَنْزع الخلافة بالقوة حتى يستتب له الأمر ، وتَدِين له الناس ، لما في الخروج عليه حينئذ من شقّ عصا المسلمين ، وإراقة دمائهم .
قال بعض العلماء : ومن هذا القبيل قيام عبد الملك بن مروان على عبد الله بن الزبير وقتله إياه في مكة على يد الحجاج بن يوسف ؛ فاستتب الأمر له ، كما قاله ابن قدامة في المغني . اهـ .


وأما قولك – رعاك الله – : " وأنه تجب نصيحته الولاة سِراً لا علنا "
أقول : هذا مُتعقّب بأنه ليست كل نصيحة للولاة تكون سِراًّ ، بل منها ما يكون سِرا ، ومنها ما يكون عَلَناً ، حسبما يقتضيه الحال والمصلحة .
ومن هذا الباب إنكار الصحابة على الولاة جهراً ، فقد أنكر عمارة بن رؤيبة رضي الله عنه على بشر بن مروان لما رآه على المنبر رافعاً يديه ، فقال عمارة : قبح الله هاتين اليدين ! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا ، وأشار بإصبعه المسبحة . رواه مسلم .
وفي صحيح مسلم من طريق طارق بن شهاب قال : أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان ، فقام إليه رجل فقال الصلاة قبل الخطبة ، فقال : قد تُرك ما هنا لك ، فقال أبو سعيد : أما هذا فقد قضى ما عليه ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان .

وفي صحيح مسلم أيضا من طريق الحسن أن عائذ بن عمرو وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عبيد الله بن زياد ، فقال : أي بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن شرّ الرّعاء الحطمة ، فإياك أن تكون منهم ، فقال له : اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقال : وهل كانت لهم نخالة ؟! إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم !

وفعل السلف أكثر وأشهر من أن يُحصر في الإنكار العلني على الحكّام والولاة .
وسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حافلة مليئة بالإنكار العلني على حُكّام عصره .
ويُنظر : " الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون " جَمْع : محمد عزيز شمس ، وعلي بن محمد العمران . وتقديم الشيخ بكر أبو زيد .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد


2

- جمال الدين الحارثي :







بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آلـه وصحبه أجمعين.

فالـرَّد على الشُبهة التِّي ألقيت وهي أن الحُسين بن علي –رضي الله عنها وأرضاه- خرج على يزيد بن معاويـة –رحمه الله-، وأضفُ أيضًا إلى هذه الشُبهة شُبهة خروج عبد الله بن الزبيْر –رضي الله عنه- على الحجَّاج، وشُبهة أيضًا خروج بن الأشعث، وهذه شُبهة على شُبهة تُقوِّي بعضها بعضًا ويطير بها أهل الأهواء، ولكن أهل السُنَّـة ينسفونها من جذورها بالكتاب والسُنَّـة وأقوال أهل العلم المعتبرين.

فأقول وبالله التوفيق: في هذه الليلة، ليلة الثلاثاء، ليلة الثامن والعشرين من شهر صفر عام 1432ه، الموافق لـليلة الأول من شهر فبراير عام 2011م.
هذه الشُبهة قويَّة جدًا وقد تكلَّم أهل العلم عنها قديمًا وحديثًا ونُريد إخواننا الذِّين لم يقفوا على كلام أهل العلم في رد هذه الشُبهة أن يقفوا عليه، ويكون لهم سندًا وقوة لكي يقفوا أمام أهل البدع والأهواء.

الـرَّد على هذه الشُبهة من وجوه، وسأختصر بقدر الاِستطاعة:

الوجـه الأول: أننا أمرنا في حال الاِختلاف أن نرُد الأمر لكتاب الله وسُنَّة رسولـه –صلَّى الله عليه وسلَّم- إذ قال الله –سبحانه وتعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: 59].

هذا أمر، فمهما اختلفنا فنرد الاختلاف للكتاب والسُنَّة، ماذا قال الكتاب والسُنَّـة؟ السُنَّـة جاءت بأحاديث، عشرات الأحاديث تتكلَّم عن عدم جواز الخروج على الحاكم المسلم وإن ظلم وإن جار وإن عصى وإن أكل مالك وإن ضرب ظهرك، اِسمع وأطع، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، فلتنظر في مواطنها.

الوجه الثاني: هذه الفتنـة، وهي من التشابه من القول والأخذ بالمحكم أوْلى وأوجب في زمن الفتنة وغيره، فالأمـر بعدم الخروج على الحاكم المسلم هو الأصل الذِّي جاءت به النصوص الشرعيَّة المحكمـة، وهو قـول أهل العلم والاِستقامـة.

وأمَّا الخروج على الحاكم فهو من الاِجتهاد الفردي وهو من المتشابه، والمتشابه من القول لا يتبعه إلَّا الزيغ والفساد والأهواء، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ﴾ [آل عمران: 7].

وفي الحديث المتفق عليه عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: تلا رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم- الآية: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾. قالت: قال رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم-: «فإذا رأيتِ الذِّين يتَّبعون ما تشابه منه فأولئِك الذِّين سمَّى الله فاحذروهم». فمن ترك النصوص الثابتة المحكمة الـواردة في النهي عن الخروج على الحاكم المسلم مهما كان ظلمه وفسقه ومعصيته وتمسَّك بالمتشابه من القول أو بفعل آحاد السَّلف معهم مهما كانت مخالفته مع مخالفة جماهير الأمَّـة لـه، فإن المتمسِّك بالمتشابه من القول أو بفعل آحاد السَّلف مع مخالفة جماهير الأمَّة له فإنه ممن سمَّاهم الله تعالى وبيَّن حالهم النبِّي –صلَّى الله عليه وسلَّم- في الحديث الآنف الذكر، وحذَّرنا منهم ومن طريقتهم، وهم الذِّين في قلوبهم ميلٌ عن الحق واِنحراف عنه.

فالأحاديث التِّي جاءت عن النبِّي – صلَّى الله عليه وسلَّم- الثَّابتة المحكمة كثيرة وكثيرة جدًا، فمن ذلك قولـه صلَّى الله عليه وسلَّم- في الحديث عند البخاري وغيره: (من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر)، ما قال فليخرج، (... فإن من فارق الجماعة شبرًا فمات فميتته جاهلية).

وقال – صلَّى الله عليه وسلَّم-: (إنَّكم ستلقون بعدي أثرة)، يعني يستأثرون بالأموال والمناصب والجاه عنكم، قال: (فاصبروا حتى تلقوني على الحوض). متفق عليه.

أيضًا من الـرَّد عليهم: هذا حديث حُذَيْفَةُ بن الْيَمَانِ رضي الله عنه قال:قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا كنا بِشَرٍّ فَجَاءَ الله بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فيه فَهَلْ من وَرَاءِ هذا الْخَيْرِ شَرٌّ قال نعم قلت هل وَرَاءَ ذلك الشَّرِّ خَيْرٌ قال نعم قلت فَهَلْ وَرَاءَ ذلك الْخَيْرِ شَرٌّ قال نعم قلت كَيْفَ قال يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ ولا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ في جُثْمَانِ إِنْسٍ قال قلت كَيْفَ أَصْنَعُ يا رَسُولَ اللَّهِ إن أَدْرَكْتُ ذلك قال تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ). رواه مسلم.

الوجه الـثالث: أن الحُسين –رضي الله عنه- وابن الزُبير –رحمه الله- تأوَّلـوا واجتهدوا، غير مُتعمِّدين المعصية، وليس تأويلهم تأويل الخوارج الجهَّال الذِّين خرجوا على الصحابة خيار النَّاس، بل اِجتهدوا وظنُّوا أن الحق معهم، فهم بين رجلين كما في الحديث، عن عمر بن العاص أنه سمع النبِّي – صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر). متفقٌ عليه.

الوجه الرابع: أحاول أختصر حتى لا أطيل عليكم بارك الله فيكم.
أن خروج الحسين كان على أساس أن القوم كاتبوه ثم أنَّ مسلم بن عقيل وهو ابن أخ الحسين – رضي الله عنهم جميعًا- أخذ البيعة لـه، وتتالت عليه الكُتب حتَّى أن من أواخر الكُتب التِي جاءته، فيها: "بسم الله الرحمن الرحيم. للحسين بن علي من شيعة أبيه أمير المؤمنين أما بعد؛ فإن النَّاس ينتظرونك ولا رأي لهم إلى غيرك، فالعجل العجل".

وجاءه كتاب من الكتب، فيه: "كتب أهل الكوفة إلى الحسين يقولون: ليس علينا إمام، فأقبل لعلَّ الله أن يجمعنا بك على الحق".
فهذه الكُتب التِّي توالت على الحسين تُبيِّن أنهم ما كان لهم أمير، وهذا هو الذِّي كان يعتقده أن القوم هناك لا أمير لهم، وأنهم لم يقبلوا بيزيد، فذهب على هذا الأساس.

مع هذا الاِجتهاد ننتقل إلى ...

الوجه الخامس؛ وهو أن الحسين –رضي الله عنه- وابن الزبير أيضًا خالفوهما الصحابـة رضي الله عنهم أجمعين، كبار الصحابة خالفوهما، وكبار التابعين خالفوا و أنكروا على ابن الأشعث أيضًا.

روى البخاري في صحيحه، يرويه إلى نافع قال: "لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولـده فقال إني سمعتُ رسول الله –صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: (يُنصبُ لكلِّ غادر لواءٌ يوم القيامـة)، وإنَّا قد بايعنا هذا الرَّجل" يعني يزيد بن معاوية؛ " ... على بيع الله ورسولـه، وإنِّي لا أعلم غدرًا أعظم من أن يُبايع رجلٌ على بيع الله ورسولـه ثم ينصبُ لـه القتال، وإنِّي لا أعلم أحدًا منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلَّا كانت الفيصل بيني وبينه".

ويقول شيخ الإسلام بن تيمية –رحمه الله-: " لمَّا أراد الحسين –رضي الله عنه- أن يخرج إلى أهل العراق، لما كاتبوه كُتب كثيرة أشار عليه أفاضل أهل العلم والدِّين كابن عمر وابن عبَّاس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ألَّا يخرج".

وذكر الحافظ بن كثير –رحمه الله- عندما ذكر في كتابه البداية والنهاية قتال أهل المدينة ليزيد، قال: "وقد كان عبد الله بن عمر بن الخطاب وجماعات أهل بيت النبوة ممن لم ينقض العهد ولا بايع أحدًا بعينه بعد بيعته ليزيد".
وقال أيضًا في موضع آخر في خروج الحسين: "لما استشعر النَّاس خروجه أشفقوا عليه من ذلك وحذَّروه منه وأشار عليه ذوو الرَّأي منهم والمحبَّة له بعدم الخروج إلى العراق، وأمروه بالقيام بمكة، وذكروا ما جرى لأبيه وأخيه معهم".

وهذا عبد الله بن عباس يقول: "استشارني الحسين بن علي في الخروج فقلتُ: لو لا أن يزري بي النَّاس وبك لنشبتُ يدي في رأسك فلم أتركك تذهب".
وهذا أيضا عبد الله بن عمر بن العاص يتأسف فيقول: "عجَّل حسين – رضي الله عنه- قدره، والله ولو أدركته ما تركته يخرج إلَّا أن يغلبني".

وهذا أبو سعيد الخذري أيضًا يقول مثل ذلك أو قريبًا من ذلك، وهذا عبد الله بن مطيع العدوي –رضي الله عنه، كلُّهم ينكرون على الحسين وكانوا ينصحون له ويُشدِّدون إلَّا أن قدر الله كان نافذًا في ذلك.

الوجه السادس
: أن هذه الفتنة أو الخروج على الحجَّاج كما ذكر غير واحد من أهل العلم أنه ليس بسبب الفسق، بل كان بدفاع الكُفر عند من رأوا الخروج عليه، كما ذكر ذلك النووي في شرحه على مسلم، قال: "قيامهم على الحجَّاج ليس بمجرد الفسق، بل لمَّا غيَّر في الشرع وظاهر الكفر".

أيضًا الوجه السابع: أن الخروج كان عند بعض السلف اِجتهادًا، ولهذا كانوا يقولون عن بعضهم: أنه يرى السَّيف ثم الإجماع استقر –أعني إجماع المسلمين أهل السُنَّـة- استقر بعد ذلك على منع الخروج على الحاكم إلَّا في حالـة الكُفر الصريح فقط، وبشرطه وضوابطه أيضًا، ليس كلَّ كُفر يُخرج عليه أو كلُّ من رُئي عليه كُفرًا نخرج عليه، لا.

يقول الحافظ ابن حجر: "كانوا يقولون أنه كان يرى السَّيف، أي؛ يعني: أنه كان يرى الخروج بالسَّيف على أئمة الجور، وهذا مذهبٌ للسَّلف قديم. لكن استقر الأمر على ترك ذلك لمَّا رأوه قد أفضى إلى أشدَّ منه، ففي وقعة الحرَّة ووقعة ابن الأشعث وغيرهما عظة لمن تدبَّر".

أيضًا النووي –رحمه الله- نقل عن القاضي عياض قولـه: "وقيل إن هذا الخلاف كان أولاً، ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم".
ولهذا قال شيخ الإسلام بن تيمية في كتابه منهاج السنَّة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية في المجلد الرَّابع، قال: "ولهذا اِستقرَّ أمر أهل السُنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثَّابتة عن النبِّي – صلَّى الله عليه وسلَّم- وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئِمـة وترك قتالهم وإن كان قد قاتل في الفتنة خلقٌ كثير من أهل العلم والدِّين". فاحفظوا هذا بارك الله فيكم.

أسأل الله – سبحانه وتعالى- أن يجعلني وإيَّاكم ممن يستمع القول فيتَّبع أحسنه، ولا يفتوني في آخر التعليق أن هذه الفتنة التِّي حصلت في زمن الحسين مع يزيد وابن الزبير، هذه كلّها لا تصلُح للاستدلال، ولا يصِح بها الاِستدلال على الأحاديث الصحيحة وكلام النبِّي – صلَّى الله عليه وسلَّم-، إذ أنه لو كان هناك كلامٌ للصحابـة موقوف عليهم وجاءنا حديث للنبي صلى الله عليه وسلم- مرفوع ثابت؛ فإنه يُقدَّم كلام النبِّي – صلَّى الله عليه وسلَّم-.

فكيف إذا لم يكن هناك دليل على جواز الخروج ؟
وأضف إلى ذلك إجماع أهل السُنة على إنكار الخروج على من خرج على ولاة الأمر، برًا كان أو فاجر.
بالإضافة إلى أن الحسين – رضي الله عنه وأرضاه- ما قاتل يزيد وما خرج لقتالـه أصلاً، هو خرج إلى العراق لمن بايعه وكاتبوه، ويزيد في الشام، وفي الطريق تراجع الحسين وخيَّرهم في ثلاث، قال: إما تتركوني أرجع، وإما تذهبوا بي إلى يزيد، وإما تتركوني أذهب إلى ثغر من الثغور. فأبوْا إلَّا أن يُقاتلوه والقصة طويلة لا أريد أن أتكلَّم في مقتله. فقاتلوه وهو مُكره وعلى قِلَّة من أهل بيته.

بارك الله في الجميع، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آلـه وصحبه أجمعين.

تم بحمد الله ...

قامت بتفريغ المادة: أختنا في الله من منتديات نور اليقين
أم عبد الرحمن السلفيَّة
الاِثنين: 11 ربيع الأول 1432 هـ
الموافق لـ: 14 / 02 /2011 م
وذلم بعد محاضرة ضمت مجموعو من المشايخ الفضلاء على البايلوكس


المصدر: منتديات نور اليقين