فاستن كل منافق ومكذب*** من باطني قرمطي جان
في ذا بسنتهم وسمى جحده*** للحق تأويلا بلا فرقان
وأتى بتأويل كتأويلاتهم*** شبرا بشبر صارخا بأذان
أنا تأولنا كما أولتم*** فأتوا نحاكمكم الى الوزان
في الكفتين نحط تأويلاتنا*** وكذاك تأويلاتكم بوزان
هذا وقد أقررتم أنا بأيـ***ـدينا صريح العدل والميزان
وغدوتم فيه تلاميذا لنا*** أو ليس ذلك منطق اليونان
منا تعلمتم ونحن شيوخكم*** لا تجحدونا منه الاحسان
فسلوا مباحثكم بسؤال تفهم*** وسلوا القواعد ربة الأركان
من أين جاءتكم وأين أصولها*** وعلى يدي من يا أولي النكران
فلأي شيء نحن كفار*** وأنتم مؤمنون ونحن متفقان
أن النصوص أدلة لفظية*** لم تفض قط بنا الى ايقان
فلذاك حكمنا العقول وأنتم*** أيضا كذاك فنحن مصطلحان
فلأي شيء قد رميتم بيننا*** حرب الحروب ونحن كالاخوان
الأصل معقول ولفظ الوحي معـ***ـزول ونحن وأنتم صنوان
لا بالنصوص نقول نحن وأنتم*** أيضا كذاك فنحن مصطلحان
فذروا عداوتنا فإن وراءنا*** ذاك العدو الثقل ذي الأضغان
فهم عدوكم وهم أعداؤنا*** فجميعنا في حربهم سيان
تلك المجسمة الألى قالوا بأن*** الله فوق جميع ذي الأكوان
واليه يصعد قولنا وفعالنا*** واليه ترقى روح ذي الايمان
واليه قد عرج الرسول حقيقة*** وكذا ابن مريم مصعد الأبدان
وكذاك قالوا أنه بالذات فو***ق العرش قدرته بكل مكان
وكذاك ينزل كل آخر ليلة*** نحو السماء فها هنا جهتان
للابتداء والانتهاء وذان للأ***جسام أين الله من هذان
وكذاك قالوا أنه متكلم*** قام الكلام به فيا اخوان
أيكون ذاك بغير حرف أم بلا*** صوت فهذا ليس في الامكان
وكذلك قالوا ما حكينا عنهم*** من قبل قول مشبه الرحمن
فذروا الحراب لنا وشدوا كلنا*** جمعا عليهم حملة الفرسان
حتى نسوقهم بأجمعنا الى*** وسط العرين ممزقي اللحمان
فلقد كوونا بالنصوص وما لنا*** بلقائها أبد الزمان يدان
كم ذا يقال الله قال رسوله*** من فوق أعناق لنا وبنان
إذا نحن قلنا أرسطو ذا المعـ***ـلم أولا أو قال ذاك الثاني
وكذاك ان قلنا ابن سينا قال ذا*** أو قاله الرازي ذو التبيان
قالوا لنا قال الرسول وقال في القرآن كيف الدفع للقرآن
وكذاك أنتم منهم أيضا بهذا المنزل الضنك الذي تريان
ان جئتموهم بالعقول أتوكم*** بالنص من أثر ومن قرآن
فتحالفوا إنا عليهم كلنا*** حزب ونحن وأنتم سلمان
فإذا فرغنا منهم فخلافنا*** سهل فنحن وأنتم اخوان
فالعرش عند فريقنا وفريقكم*** ما فوقه أحد بلا كتمان
ما فوقه شيء سوى العدم الذي*** لا شيء في الأعيان والأذهان
ما الله موجود هناك وانما العدم لمحقق فوق ذي الأكوان
والله معدوم هناك حقيقة*** بالذات عكس مقالة الديصان
هذا هو التوحيد عند فريقنا*** وفريقكم وحقيقة العرفان
وكذا جماعتنا على التحقيق*** في التوراة والانجيل والفرقان
ليست كلام الله بل فيض من*** الفعال أو خلق من الأكوان
فالأرض ما فيها له قول ولا*** فوق السما للخلق من ديان
بشر أتى بالوحي وهو كلامه*** في ذاك نحن وأنتم مثلان
ولذاك قلنا أن رؤيتنا له*** عين المحال وليس في الامكان
وزعمتم أن نراه رؤية المعدوم لا الموجود في البرهان
إذ كل مرئي يقوم بنفسه*** أو غيره لا بد في البرهان
من أن يقابل من يراه حقيقة*** من غير بعد مفرط وتدان
ولقد تساعدنا على إبطال ذا*** أنتم ونحن فما هنا قولان
أما البلية فهي قول مجسم*** قال القرآن بدا من الرحمن
هو قوله وكلامه منه بدا*** لفظا ومعنى ليس يفترقان
سمع الأمين كلامه منه وأد*** اه الى المختار من انسان
فله الأداء كما الأدا لرسوله*** ولقول قول الله ذي السلطان
هذا الذي قلنا وأنت أنه*** عين المحال وذاك ذو بطلان
فإذا تساعدنا جميعا أنه*** ما بيننا لله من قرآن
الا كبيت الله إضافة المخلوق لا الأوصاف للديان
فعلام هذا الحرب فيما بيننا*** مع ذا الوفاق ونحن مصطلحان
فإذا أبيتم سلمنا فتحيزوا***لمقالة التجسيم بالأذعان
عودوا مجسمة وقولوا ديننا الـ***أثبات دين مشبه الديان
أو لا فلا منا ولا منه وذا*** شأن المنافق إذ له وجهان
هذا يوقل مجسم وخصومه*** ترميه بالتعطيل والكفران
هو قائم هو قاعد هو جاحد*** هو مثبت تلقاه ذا ألوان
يوما بتأويل يقول وتارة*** يسطو على التأويل بالنكران
فصل
في المطالبة بالفرق بين ما يتأول وما لا يتأول
فنقول فرق بين ما أولته*** ومعته تفريق ذي برهان
فيقول ما يفضي الى التجسيم أولناه من خبر ومن قرآن
كالاستواء مع التكلم هكذا*** لفظ النزول وكذاك لفظ يدان
إذا هذه أوصاف جسم محدث*** لا ينبغي للواحد المنان
فنقول أنت وصفته أيضا بما*** يقضي الى التجسيم والحدثان
فوصفته بالسمع والأبصار مع*** نفس الحياة وعلم ذي الأكوان
ووصفته بمشيئة مع قدرة*** وكلامه النفسي وهو معان
أو واحد والجسم حامل هذه الأ***وصاف حقا فاءت بالفرقان
بين الذي يفضي الى التجسيم أو*** لا يقتضيه بواضح البرهان
والله لو نشرت شيوخك كلهم*** لم يقدرةا أبدا على الفرقان
فصل
في ذكر فرق لهم آخر وبيان بطلانه
فلذاك قال زعيمهم في نفسه*** فرقا سوى هذا الذي تريان
هذي صفات عقولنا دلت على*** إثباتها مع ظاهر القرآن
فلذاك صناها عن التأويل فاعجب يا أخا التحقيق والعرقان
كيف اعتراف القوم أن عقولهم*** دلت على التجسيم بالبرهان
فيقال هل في العقل تجسيم أم المعقول ننفيه كذا النقصان
إن قلتم ننفيه فانفوا هذه الأوصاف وانسلخوا من القرآن
أو قلتم ننفيه باثبات له*** ففراركم منها لأي معان
أو قلتم ننفيه في صف ولا*** ننفيه في وصف بلا برهان
فيقال ما الفرقان بينهما وما البرهان فاتوا الآن بالفرقان
ويقال قد شهد العيان بأنه***ذو حكمة وعناية وحنان
مع رأفة ومحبة لعباده*** أهل الوفاء وتابعي القرآن
ولذاك خصوا بالكرامة دون أعداء الاله وشيعة الكفران
وهو الدليل لنا على غضب وبغض منه مع مقت لذي العصيان
والنص جاء بهذه الأوصاف مع*** مثل الصفات السبع في القرآن
ويقال سلمنا بأن العقل لا*** يفضي اليها فهي في الفرقان
أفنفي آحاد الدليل يكون للمـ***ـدلول نفيا يا أولي العرفان
أو نفي مطلقه يدل على انتفا المدلون في عقل وفي قرآن
أفبعد ذا الانصاف ويحكم سوى*** محض العناد ونخوة الشيطان
وتحيز منكم اليهم لا الى القـ***ـرآن والآثار والايمان
فصل
في بيان مخالفة طريقهم عكس الطر***يق المستقيم لمن له عينان
جعلوا كلام شيوخهم نصا له الأ***حكام موزونا به النصان
وكلام باريهم وقول رسولهم*** متشابها محتملا لمعان
فتولدت من ذينك الأصلين أو*** لاد بئس الوليد وبئست الأبوان
عرضوا النصوص على كلام شيوخهم*** فكأنها جيش لذي السلطان
والعزل والابقاء مرجعه الى السلطان دون رعية السلكان
وكذاك أقوال الشيوخ فإنها الميزان دون النص والقرآن
ان وافقا قول الشيوخ فمرحبا*** أو خالفت فالدفع بالاحسان
أما بتأويل فإن أعيا فتفويض ونتركها لقول فلان
اذ قوله نص لدينا محكم*** فظواهر المنقول ذات معان
والنص فهو به عليم دوننا*** وبحاله ما حيلة العميان
إلا تمسكهم بأيدي مبصر*** حتى يقودهم كذي الأرسان
فاعجب لعميان البصائر أبصروا*** كون المقلد صاحب البرهان
ورأوه بالتقليد أولى من سوا***ه بغير ما بصر ولا برهان
وعموا عن الوحيين إذ لم يفهموا*** معناهما عجبا لذي الحرمان
قول الشيوخ أتم تبيانا من الوحيين لا والواحد الرحمن
النقل نقل صادق والقول من*** ذي عصمة في غاية التبيان
وسواه إما كاذب أو صح لم*** يك قول معصوم وذي تبيان
أفيستوي النقلان يا أهل النهى*** والله لا يتماثل النقلان
هذا الذي ألقى العداوة بيننا*** في الله نحن لأجله خصمان
نصروا الضلالة من سفاهة رأيهم*** لكن نصرنا موجب القرآن
ولنا سلوك ضد مسلكهم فما*** رحلان منا قط يلتقيان
إنا أبينا أن ندين بما به*** دانوا من الآراء والبهتان
إنا عزلناها ولم نعبأ بها*** يكفي الرسول ومحكم الفرقان
من لم يكن يكفيه ذان فلا كفا***ه الله شر حوادث الأزمان
من لم يك يشفيه ذان فلا شفا***ه الله في قلب ولا أبدان
من لم يغنيه ذان رماه رب*** العرش بالاعدام والحرمان
من لم يكن يهديه ذان فلا هدا***ه الله سبل الحق والايمان
ان الكلام مع الكبار وليس مع*** تلك الأراذل سفلة الحيوان
أوساخ هذا الخلق بل أنتانه*** جيف الوجود أخبث الانسان
الطالبين دماء أهل العلم بالكفران والعدوان والبهتان
الشاتمي أهل الحديث عداوة*** للسنة العليا مع القرآن
جعلوا مسبتهم طعام حلوقهم*** فالله يقطعها من الأذقان
كبرا واعجابا وتيها زائدا*** وتجاوزا لمراتب الانسان
لو كان هذا من وراء كفاية*** كنا حملنا راية الشكران
لكنه من خلف كل تخلف*** عن رتبة الايمان والاحسان
من لي بشبه خوارج قد كفروا*** بالذنب تأويلا بلا احسان
ولهم نصوص قصروا في فهمها*** فأتوا من التقصير في العرفان