منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الكافية الشافية في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-10-14, 09:24   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فكان ذلك سبب مقاطعته إياه وذكره في تفسيره البحر بكل سوء ، وكذلك في مختصره النهر ، ومن ذلك ما حدث له بسبب الطائفة الأحمدية الرفاعية سنة 705هـ ، وكانوا يلبسون أطواق الحديد في أعناقهم ويدهنون بدهن خاص ، ثم يدخلون النار لا يحترقون ، يمخرقون بذلك على العامة من أهل الإسلام ، فاشتد نكير الشيخ عليهم حتى شكوه إلى نائب السلطنة ، يطلبون أن يكف الشيخ عنهم وأن يتركهم وحالهم فقال الشيخ : هذا لا يمكن ولابد لكل أحد أن يدخل تحت الكتاب السنة قولا وفعلا ، ومن خرج عنهما وجب الإنكار عليه ، ومن أراد منهم أن يدخل النار فليدخل أولا الحمام ، ويغسل جسده جيدا ، ثم يدخل إلى النار بعد ذلك إن كان صادقا ، ولو فرض أن أحدا من أهل البدع دخل النار بعد أن يغتسل ، فإن ذلك لا يدل على صلاحه ، ولا على كرامته ، بل حالة من أحوال المخالفة للشريعة إذا كان صاحبها على السنة فما الظن بخلاف ذلك ، وانتهى الحال على أن يخلعوا أطواق الحديد من رقابهم ، وأن من خرج عن الكتاب والسنة ضربت عنقه.
ثم ورد في السنة نفسها كتاب من السلطان يحمل الشيخ إلى القاهرة ، فتوجه إليها على البريد ، وخرجت جموع المسلمين باكية حزينة لوداعة ، وهو واثق يرجو ويأمل فلما وصل إلى القاهرة عقد له مجلس في القلعة ، اجتمع فيه القادة وكبار رجال الدولة والقضاء والفقهاء ، فلم يمكنوه من الكلام وتولى الإدعاء عليه زين الدين بن مخلوف قاضي المالكية ، فأخذ الشيخ في كلام فحمد الله وأثنى عليه ، فقيل له : أجب ولا تخطب ، فعلم أنها المحاكمة لا المجادلة ، فقال من الحاكم في ؟ فقيل له القاضي المالكي ، فقال له الشيخ : كيف تحكم في وأنت خصمي ، وآل أمر الشيخ إلى الحبس في برج أياما ، نقل بعدها ليلة عيد الفطر إلى السجن المعروف بالحب ، وحبس معه أخواه شرف الدين وزين.
ولبث في السجن نحو ثمانية عشر شهرا حتى إذا كان شهر ربيع الاول 707 هـ خضر حسام الدين مهما بين عيسى أمير العرب إلى مصر ، ودخل السجن ، واخرج الشيخ بنفسه بعد أن استأذن في ذلك.
وخرج الشيخ فأقام بالقاهرة يعلم الخير ، وينشر العلم ويجتمع عليه الناس ، حتى تقدم الصوفية بشكاية ضده إلى القاضي وذكروا أنه يتناول ابن عربي وغيره من أعلام التصوف في الكلام ، وهؤلاء عند الصوفية حريم مقدس لا يمس ، فخير الشيخ بين أشياء : أن يقيم بدمشق أو يقيم بالإسكندرية بشروط أو يحبس ، فكان أن اختار الحبس مؤثرا له على قبل تلك الشروط ، ودخل السجن في العام الذي خرج فيه.
ورغب أصحاب الشيخ إليه أن يجيب في السفر إلى دمشق ملتزما ما شرطوه عليه ، فأجاب وركب متوجها إلهيا فأبى خصومه إلا يكون في قبضتهم وتحت أعينهم ، فصدر الأمر برده إلى القاهرة ، فرد من الغد إليها ، وأرسل إلى حبس القضاة ، وأذن بأن يكون عنده من يخدمه ، وكان
الناصر بن قلاوون عارفا قدر الشيخ ، محبا له ، إلا أنه في تلك الفترة كان قد عزل نفسه ، وتولى السلطنة الملك المظفر بيبرس الجاشنكير، وكان تلميذا لنصر المنبجي الصوفي الذي يصدر عن شرب ابن عربي في آرائه وأقواله ، فأصبح شيخ الإسلام عدوا سياسيا على نحو ما ، إذ ينظر إليه على أنه من أنصار الناصر بن قلاوون ، ويقول في أمور الاعتقاد بغير ما يقول به السلطان بيبرس وشيخ المنبجي الصوفي .
وتقرر نفي الشيخ إلى الإسكندرية في الليلة الأخيرة من شهر صفر سنة 709هـ ، ومكث بها نحو ثمانية أشهر " مقيدا ببرج مليح نظيف له شباكان أحدهما إلى جهة البحر ، يدخل إليه من شاء ، ويتردد عليه الأكابر والفقهاء والأعيان يبحثون معه ويتعلمون منه.
قال الألوسي ـ رحمه الله ـ : ولما دخل الحبس وجد المحابيس مشغولين بأنواع من اللعب يلتهون بها غما هم فيه كالشطرنج والنرد ، مع تضييع الصلوات ، فانكر الشيخ ذلك عليهم وأمرهم بلازمة الصلاة والتوجه إلى الله ـ تعالى ت بالأعمال الصالحة والتسبيح والاستغفار والدعاء ، وعلمهم من السنة ما يحتاجون إليه ، ورغبهم في أعمال الخير وحضهم على ذلك، حتى صار الحبس بالاشتغال بالعلم والدين خيرا من كثير من الزوايا والربط والخوانق والمدارس ، وصار خلق من المحابيس إذا أطلقوا يختارون الإقامة عنده ، وكثر المترددون إليه حتى كان السجن يمتليء منهم.
وظل الشيخ بالإسكندرية حتى عاد السلطان الناصر إلى عرش مصر في يوم عيد الفطر سنة 709هـ فأمر بإطلاق سراح الشيخ وحمله إلى القاهرة مكرما ما فخرج الشيخ منها متوجها إلى القاهرة ، ومعه خلق من أهلها يودعونه ويسألون الله ان يرده إليهم ن وكان وقتا مشهودا ، ووصل إلى القاهرة في الثامن عشر من شوال ، واجتمع بالسلطان في يوم الجمعة الرابع والعشرين منه.
واستمر الشيخ بالقاهرة ينشر العلم ، ويخارب البدع ، حتى توجه الجيش المصري قاصدا عزو التتار ، فلما وصل معهم إى عسقلان توجه إلى بيت المقدس ، ومنه إلى دمشق ، وجعل طريقه على " عجلون " ووصل دمشق أولى يوم من ذي القعدة سنة 712هـ وكان مجموع غيبته عن دمشق سبع سنين وسبع جمع.
عاد الشيخ إلى الشام فعاد إلى نشر العلم ، وتصنيف الكتب ، والإفتاء كلاما وكتابه يدور مع الكتاب والسنة حيث دارا.
وأفتى الشيخ ـ رحمه الله ـ في مسائل كثيرة من مسائل الفقه على حسب ما أدى إليه اجتهاده ، فكان أن أفنى في الحلف بالطلاق بعدم الإلزام ، وأنه لا يقع به طلاق ، وفرق بين الطلاق المعلق وبينه ، وخالف بذلك ما عليه الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب ، واستنكر الفقهاء من أتباع