منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الكافية الشافية في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-10-14, 09:20   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تواضعه ـ رحمه الله ـ :
قال البزار : وكان لا يسأم ممن يستفتيه ، بل يقبل عليه ببشاشة وحب ، ولين عريكة ن ويقف معه حتى يكون هو الذي يفارقه ولا يجبهه ولا يحرجه ، ولا ينفره بكلام بوحشه بل يجيبه ويفهمه الخطأ من الصواب بلطف وانبساط ، وكان يلزم التواضع في حضوره مع الناس ومغيبه عنهم ،في قيامه وقعوده ومشيه ومجلسه ومجلس غيره.
وحكى البزار عن بعض أصحابه قال : " ولقد بالغ معي في حال إقامتي بحضرته في التواضع والإكرام حتى إنه لا يذكرني باسمي ، بل يلقبني بأحسن الألقاب ، وأظهر لي من الأخلاق والمبالغة في التواضع بحيث أنه كان إذا خرجنا من منزله بقصد القراءة يحمل هو بنفسه النسخة ولا يدع أحدا منا يحملها عنه ، وكنت أعتذر إليه من ذلك خوفا من سوء الأدب فيقول : لو حملته على رأسي لكان ينبغي ، ألا أحمل ما فيه كلام رسول الله ـ صلى الله وعليه وسلم ـ ؟
وكان يجلس تحت الكرسي ويدع صد المجلس ، حتى إني لأستحي من مجلسه هناك ، وأعجب من شدة تواضعه ، وكان هذا حاله في التواضع والتنازل والإكرام لكل من يرد عليه أو يصحبه أو يلقاه ، حتى أن كل من لقيه يحكي عنه من المبالغة في التواضع نحو مما حكيته وأكثر من ذلك ، فسبحان من وفقه وأعطاه وأجراه على خلال الخير وحياه .."
شجاعته ـ رحمه الله ـ :
قال الألوسي ـ رحمه الله ـ : " وأما شجاعته وجهاده فامر متجاوز للوصف فكان ـ رحمه الله ـ كما قال الحافظ سراج الدين أبو حفص في مناقبه : هو من أشجع الناس وأقواهم قلبا ما رأيت أحدا أثبت جأشا منه ولا أعظم في جهاد العدو منه كان يجاهد في سبيل الله بقلبه ولسانه ويده ولا يخاف في الله لومة لائم.
وأخبر غير واحد أن الشيخ كان إذا حضر مع عسكر المسلمين في جهاد يكون بينهم إن راي من بعضهم هلعا أو جنبا شجعه وثبته ووعده بالنصر والظفر والغنيمة وبين له فضل الجهاد والمجاهدين وكان إذا ركب الخيل يجول كأعظم الشجعا ، ويقوم كأثبت الفرسان وينكي العدو من كثرة الفتك بهم ويخوض بهم خوض رجل لا يخاف الموت وحدثوا أنهم رأوا منه في فتح عكا أموارا من الشجاعة يعجز الواصف عن وصفها ، قالوا : ولقد كان السبب في تملك المسلمين إيهاها بفعله ومشورته وحسن نظره.
ولما ظهر السلطان ابن غازان على دمشق المحروسة ، جاءه ملك الكرج ، وبذل له أموالا كثيرة جزيلة على أن يمكنه من الفتك بالمسلمين من أهل دمشق ، فوصل الخبر إلى الشيخ فقام من
فوره ، وشجع المسلمين ورغبهم الشجاعة ، ووعدهم على قيامهم بالنصر والظفر والأمن وزوال الخوف ، فانتدب منهم رجال من وجوههم وكبرائهم وذوي أحلامهم ، فخرجوا معه إلى حضرة السلطان غازان ، فلما رأى الشيخ أوقع الله فه في قلبه هيبة عظيمة ، حتى أدناه منه وأجلسه ، وأخذ الشيخ في الكلام معه في عكس رأيه من تسليط المخذول ملك الكرج على المسلمين ، وأخبره بحرمة دماء المسلمين ، وذكره ووعظه فأجابه إلى ذلك طائعا وحقنت بسببه دماء المسلمين وجميت ذراريهم وصين حريمهم.
قال الشيخ كمال الدين بن الأنجا كنت حضارا مع الشيخ فجعل يحدث السلطان بقول الله ورسوله في العدل وغيره ، ويرفع صوته على السلطان ، ويقرب منه في اثناء الحديث ، حتى لقد قرب أن يلاصق بربكبته ربكة السلطان والسلطان مع ذلك مقبل عليه بكليته مصغ لما يقول ، شاخص إليه لا يعرض عنه ، وإن السلطان من شدة ما أوقع الله في قلبه من المحبة والهيبة سأل من هذا الشيخ فإني لم أر مثله ، ولا أثبت قلبا منه ، ولا أوقع من حديثه في قلبي ولا رأيتني أعظم انقيادا لأحد منه ، فأخبر بحاله ، وما هو عليه من العلم والعمل ، فقال الشيخ للترجمان : قل لغازان أنت تزعم أنك مسلم ومعك قاض وإمام وشيخ ومؤذنون على ما بلغنا ، فغزوتنا وأبوك وجدك كانا كافرين ، وما عملا الذي عملت عاهدا فوفيا ، وأنت عاهدت فغدرت ، وقلت فما وفيت ، وجرت ثم خرج من بين يديه مكرما معززا بحسن نيته الصالحة من بذل نفسه في طلب حقن دماء المسلمين فبلغه الله ـ تعالى ـ ما اراده ، وكان أيضا سببا لتخليص غالبا اسارى المسلمين من أيديهم ، وردهم على أهليهم وحفظ حريمهم وهذا من أعظم الشجاعة والثبات وقوة التجاسر.
وكان يقول : لا يخاف الرجل غير الله إلا لمرض في قلبه ، فإن رجلا شكا إلى أحمد بن حنبل خوفه من بعض الولاة فقال : لو صححت لم تخف أحدا ، أي خوفك من أجل زوال الصحة من قلبك.
وحكى أحد الحجاب الأمراء عن معركة شعحب قال : قال لي الشيخ يوم اللقاء وقد تراءى الجمعان ، يا فلان أوقفني موقف الموت قال : فسقته إلى مقابلة العدو وهم منحدرون كالسيل تلوح أسلحتهم من تحت الغبار ، وقلت له : هذا موقف الموت فدونك وما تريد ، قال فرفع طرفه إلى السماء وأشخص بصره ، وحرك شفتيه طويلا ، ثم أنبعث وأقدم على القتال ، وما عدت رأيته حتى فتح الله ونصره نصر ودخل جيش الإسلام إلى دمشق المحروسة.