منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الكافية الشافية في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-10-14, 09:13   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ليتيم الشافعي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ليتيم الشافعي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وقال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ قدم مع والده وأهله إلى دمشق وهو صغير ، فسمع الحديث من ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر وابن عبدان والشيخ شمس الدين الحنبلي والشيخ شمس الدين بن عطاء الحنفي والشيخ جمال الدين بن الصيرفي ومجد الدين بن عساكر والشيخ جمال الدين البغدادي والنجيب بن المقداد وابن أبي الخير وبان علان وابن أبي بكر اليهودي والكحلي عبد الرحيم والفخر علي وابن شيبان والشرف ابن القواس ، وزينب بنت مكي وخلق كثير سمع منهم الحديث وقرأ بنفسه الكثير وطلب الحديث.

تفوقه في العلم وبراعته في كل فن .. وإشارة العلماء إلى أنه مجدد عصره ودرة دهره


قال الحافظ الذهبي ـ رحمه الله ـ

كان آية في الذكاء وسرعة الإدراك ، راسا في معرفة الكتاب والسنة والاختلاف ، بحرا في النقليات ، هو في زمانه فريد عصره علما وزهدا وشجاعة وسخاء وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر ، وكثرة تصانيفه ، قرأ وحصل ، وبرع في الحديث والفقه وتاهل للتدريس والفتوى وهو ابن سبع عشرة سنة ، وتقدم في علم التفسير والأصول وجميع علوم الإسلام أصولها وفروعها ، دقعها وجلها سوى علم القراءات ، فإن ذكر التفسير فهو حامل لوائه ، وإن عد الفقهاء فهو مجتهدهم المطلق ، وإن حضر الحفاظ نطق وخرسوا ، وسرد وابلسوا ،واستغنى وأفلسوا ، وإن سمى المتكلمون فهو فردهم وإليه مرجعهم وإن لاح ابن سينا يقدم الفلاسفة فلم وتيههم ،وهتك استارهم ،وكشف عوارهم ، وله يد طولى في معرفة العربية والصرف واللغة ، وهو أعظم من أن يصفه كلمي ، أو ينبه على شأوة قلمي ، فإنه سيرته وعلومه ومعارفه ومحنه وتنقلاته تحتمل أن توضع في مجلدتين وهو بشر من البشر له ذنوب ، فالله ـ يغفر له ، ويسكنه أعلى جنته فإنه كان رباني الأمة ، وفريد الزمان ، وحامل لواء الشريعة ، وصاحب معضلات المسلمين وكان راسا في العلم.
وقال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ :
اشتغل بالعلوم ، وكان ذكيا كثير المحفوظ ، فصار إماما في التفسير وما يتعلق به ، عارفا بالفقه فيقال إنه كان أعرف بفقه المذاهب من أهلها الذين كانوا في زمانه وغيره ، وكان عالما باختلاف العلماء ، عالما في الأصول والفروع والنحو واللغة وغير ذلك من العلوم النقلية والعقلية ، وما قطع في مجلس ، ولاتكلم معه فاضل في فن من الفنون إلا ظن أن ذلك من الفن فنه ، ورآه عاراف به متقنا له ، وأما الحديث فكان حامل رايته ، حافظا له مميزا بين صحيحه وسقيمه عارفا برجاله ، متضلعا من ذلك ، وله تصانيف كثيرة ، وتعاليق مفيدة في الأصول والفروع ، كمل منها جملة ، وبيضت وكتبت عنه وقرأت عليه بعضها ، وجملة كبيرة لم يكملها وجملة كملها ولم تبيض إلى الآن ، وأثنى عليه وعلى علومه جماعة من لماء عصره ، مثل القاضي الخوبي ، وابن دقيق العيد ، وابن النحاس والقاضي الحنفي قاضي قضاة مصر ابن الحريري ، وابن الزملكاني وغيرهم ، ووجدت بخط ابن الزملكاني أنه قال : اجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها وأن له اليد الطولى في حسن التصنيف ، وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتدين ، وكتب على تصنيف له هذه الأبيات :
ماذا يقول الواصفون لــــــــــه
ومحاسنه جلت عن الحصـــــــــر
هو حجة لله قاهــــــــــــرة
هو بيننا أعجوبة الدهـــــــــــر

هو آية الخلق ظاهــــــــــــرة
أنوارها أربت على الفجـــــــــر

وقال العلامة ابن عبد الهادي : وللشيخ ـ رحمه الله ـ من المصنفات والفتاوى والقواعد والأجوبة والرسائل وغير ذلك من الفوائد مالا ينضبط ولا أعلم أحدا من متقدمي الأمة ولا متأخريها جمع ما جمع ، ولا صنف نحو ما صنف ، ولا قريبا من ذلك ، مع أن أكثر تصانيفه إنما أملاها من حفظه وكثير منها صنف في الحبس وليس عنده ما يحتاج إليه من الكتب.
وقال الشيخ اثير الدين ابي حيان النحوي : لما دخل اشيخ مصر واجتمع به فأنشد أبو حيان :
لما رأينا تقي الدين لاح لنا
داع إلى الله فردا ماله وزر
على محياء من سيما الأولى صحبوا
خير البرية نور دونه القمر
حبر تسربل منه دهره حبرا
بحر تقاذف من أمواجه الدرز
قام ابن تيمية في نصر شرعتنا
مقام سيد تيم إذ عصت مضر
فأظهر الدين إذ أثاره درست
وأخمده الشرك إذ طارت له شرر
يا من تحدث عن علم الكتاب أصخ
هذا الإمام الذي قد كان ينتظر

وقال ابن العماد الحنبلي : يشير بهذا إلى انه المجدد ، وممن صرح بذلك الشيخ عماد الدين الواسطي وقد توفى قبل الشيخ ، وقال في حق الشيخ بعد ثناء طويل جميل ما لفظه : " فوالله ثم والله لم ير تحت أديم السماء مثل شيخكم ابن تيمية علما وعملا وحالا وخلقا وأتباعا وكرما وحلما وقياما في حق الله عند انتهاك حرماته ، أصدق الناس عقدا ، وأصحهم علما وعزما ، وأنفذهم واعلاهم في انتصار الحق وقيامه همه ، وأسخاهم كفا وأكملهم إتباعا لنبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما رأينا في عصرنا هذا من تستجلي النبوة المحمدية من أقواله وأفعاله إلا هذا الرجل ن يشهد القلب الصحيح أن هذا هو الإتباع حقيقة.
وقال الألوسي : وكان العلم كأنه اختلط بلحمه ودمه وسائره ،فإنه لم يكن له مستعارا بل كان له شعار ودثار ، جمع الله ما خرق له العادة ، ووفقه في جميع عمره لأعلام السعادة ، وجعل مآثره لإمامته من أكبر شهادة ، حتى أنفق كل ذي عقل سليم أنه ممن عنى نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله " عن الله يبعث على رأس كل مائة سنة ، من يجدد لهذه الأمة امر دينها " فقد أحيا الله به ما كان قدر درس من شرائع الدين وجعله حجة على أهل عصره أجمعين والحمد لله رب العالمين.