الحجر الصغير
سمع الليل ذو النجــــوم أنينــا *** وهو يغشى المدينــة البيضاء
فانحنى فوقها كمسترق الهمس *** يطيل السكــوت والإصغـــــاء
فراى أهلها نياما كأهل الكهف *** لا جلبـــــة و لا ضــوضـــــاء
ورأى السدّ خلفها محكم البنيان *** والمـــــاء يشبــه الصحــــراء
كان ذاك الأنين من حجر في السدّ *** يشكــو المقـــــادر العميـــــاء
أيّ شأن يقول في الكون شأني *** لست شيئا فيه ولســـت هبــاء
لا رخــام أنا فأنــــــحت تمثــا *** لا، ولا صخــرة تكــون بنـــاء
لست أرضا فأرشــــف المــــــاء ، *** أو ماء فأروي الحدائـــق الغنّاء
لست درا تنافس الغادة الحسناء *** فيــه المليحـــــة الحسنــــــــاء
لا أنا دمعــــــة ولا أنا عيــــــن، *** لست خالا أو وجنة حمـــــــراء
حجر أغبــــــر أنا وحقيــــــــــر *** لا جمـالا ، لا حكمــة ، لا مضــــاء
فلأغادر هذا الوجـــــود وأمضي *** بســلام ، إني كرهــت البقـــــاء
وهوى من مكانة ، وهو يشكو *** الأرض والشهب والدجى والسمــاء
فتح الفجــــــر جفنـــه... فإذا *** الطوفان يغشى ((المدينة البيضاء))
إيليا أبو ماضي