فقد قام وزير الداخلية السابقNicolas Sarkozy بالإعلان في شهر جانفي 2003على مشروع 400.000 أربعمائة ألف عينة ونظرا لتوافقها مع قيام الحكومة بأخذ عينة ألف مسجون فقد تأخر هذا المشروع إلى نهاية عام 2004(1) .
إن ما يميز النظام الفرنسي في هذا الإطار أن هناك تشدد في مجال أخذ العينات من ساحة الجريمة وكل خرق للإجراءات يؤدي إلى البطلان و بمجرد أن يتم إعلام قاضي التحقيق بالقضية من طرف السيد وكيل الجمهورية فإنه يصبح سيد الموقف وهو بهذا يختلف عن باقي الدول الأوروبية التي يبقى وكيل الجمهورية مسؤولا عن الملف وتتبعه(2)
2- التشريع البريطاني :
عشرون سنة بعد اكتشاف الـADN و بالضبط خلال سنة 1985 من طرف البروفيسور « Alec Jeffreys » ، فإن الشرطة البريطانية لديها أكبر بنك للبصمة الوراثية في العالم فهو يتضمن صفات أكثر من (02)مليون شخص، وتم تجسيد هذا البنك من طرف الشرطة العلمية البريطانية سنة 1995 بدعم من وزارة الداخلية البريطانية بنسبة نجاح تقدر بـ40% من نسبة المجتمع البريطاني(3)
وسوف نتناول هذا التشريع بنوع من التدقيق:
إن التطرق إلى النظام القانوني و العلمي السائد في بريطانيا وبلاد الغال يستدعي التنويه إلى القول بأنه لا يوجد هناك قانون عقوبات أو قانون إجراءات جزائية مدون ولكن هناك مجموعة من النصوص مبعثرة مما يترك المجال للقضاء لسد الفراغ كما أنه للشرطة دور جوهري في سير التحقيقات القضائية لما لها من استقلالية في إعداد وسيلة الإثبات من دون رقابة من السلطة القضائية، وترجع سلطة المتابعة إلى (rouwn prosecution service) (cps), والتى هي هيأة عمومية تم إحداثها مؤخرا وهي تختلف عن مهام وكيل الجمهورية في الأنظمة الأوروبية الأخرى، ومنه فهو لا يشارك في المحاكمة وإنما يعين محاميا ليمثله.
و في جميع الحالات عندما تحتاج الشرطة لخبير فإنها تقدم طلبا إلى « Forensic Sciences Service (Fss) (4).
(1)-les limites des fichiers génétiques de la police jean-mark manach 23.12.2003-le Monde
(2)- compte rendu de la réunion de synthèse du 29.02.2000- rapport des équipes de travail sur l’ADN.
- Ecole nationale de la magistrature française.
- www.enm.justice.fr
(3)- Jean-Marc Manach, les limites des fichiers génétiques de la police-le monde 23.12.2003.
(4)-Ingvar KOOP –sciences légales l’informatique dans les laboratoires de police scientifiques Revue Internationale de police criminelle INTERPOL l’an1999 N° 474/475.
و في الحالات الخطيرة يمكنها الاستفادة من خدمات الكلية الوطنية الجنائية « National Crime Faculty » .
كما أن القضاة غائبون تماما عن مجريات التحقيق وإنما يتم الرجوع لهم فقط لأخذ رخص بالتفتيش، الوقف تحت النظر، الحبس الاحتياطي و القيام بتحاليل الـADN .
ولأجل إتمام مهامها على الوجه الصحيح فإن الشرطة البريطانية تخص بميزانية سنوية لمواجهة التحقيقات التقنية.
وتلعب البحوث في مجال الـADN دورا هاما في نشاط الشرطة البريطانية التي تعتمد في مهامها على بنك المعلومات المعد من قبل هيئة الـ « FSS »والتي يمكن أن تغطي جميع أنواع الجرائم بطاقة استيعاب 700.000 سبعمائة ألف معطية بحيث مكن هذا البحث من إيجاد الحل للعديد من القضايا التي مست الرأي العام بشكل جلي وتبعا للمبدأ السائد في بريطانيا بخصوص الإجراءات فإن الخبرة المعدة في مجال الـADN تتم مناقشتها في معرض المرافعات (أثناء جلسة المحاكمة) وهو ما يعرف في الجزائر بمبدأ المواجهة (Cross Examination).
وأن دور القاضي ما هو إلا ضمان حسن سير المرافعات وتقديم ملخص إلى هيأة المحلفين، وما تجدر الإشارة إليه أن نجاعة استعمال هيئة عمومية لتقييم نتائج خبرات الـADN مثل هيئة « FSS » هو استعمال معايير أوربية لاعتماد الخبراء في هذا المجال التقني الدقيق وهو ما تم اقتراحه من طرف « European network of forensic science institut » « ENFSI » لأجل حسن ضبط العينات المأخوذة من مسرح الجريمة (1).
يتضمن القانون البريطاني لسنة:1984 Exidence Criminal and Police إجراءات تنظيمية خاصة بالفحص الجسدي corpre-in للأشخاص المحبوسين من أجل أخذ بعض من عتادهم الخلوي لفائدة الفحص الطبي القضائي، فأجاز القانون رفع عينة من جسم الإنسان مفرقا بين العينات الحميمةsamples-intimate مثل: الدم و السائل المنوي و الوسائل المهبلية و السوائل الجسدية الأخرى كالبول و العرق و اللعاب، وبين العينات السطحية غير الحميمة مثل الشعر، والرواسب الموجودة تحت الأظافر.
ولا يسمح القانون بأخذ العينات الحميمة سوى بعد إذن من أحد موظفي الشرطة من رتبة لا تقل عن رتبةSuperintendant *.
* Superintendant :عميد عسكري.
(1)- compte rendu de la réunion de synthèse du 29 février et 1er Mars 2000- rapport complets des équipes de travail sur l’ADN- l’Ecole Nationale de la Magistrature Française–www.enm.justice.fr
ويعطي موظف الشرطة إذنا في شكل أمر مسبب يوضح فيه لماذا يعتقد أن الشخص المسجون قد ارتكب إحدى الجرائم أو ساهم في ارتكابها، و لا يمكن أن يجري رفع العتاد الخلوي من جسم الشخص سوى في الحدود التي يساعد فيها على كشف الجريمة وبعد الرضا المكتوب لذلك الشخص، وهناك عينات يمكن أخذها من طرف رجال الشرطة كالبول و اللعاب، بينما العتاد لا يتم رفعه سوى من طرف أحد الأطباء أو أطباء الأسنان.
وإذا كان القانون البريطاني لا يجيز رفع العينة من جسم الإنسان بالقوة، فإنه يوجب على الشرطة أن تخبر المعني بأن رفضه يمكن أن يستعمل كدليل ضده، وهذا ما نصت عليه المادة 11 من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي التي تجيز للمحكمة في حال رفض المدعى عليه الامتثال لأوامرها تمسكا بمبدأ حرمة الجسد، أن تستخلص ما تراه من نتائج (1)
ومفهوم هذه النتائج أنه يمكن للمحكمة أن تتخذ من موقف الأب المدعى عليه برفض الخضوع لتحليل البصمة الوراثية دليلا على أنه الأب الحقيقي، أي أن رفضه قرينة تدعم بأدلة أخرى.
و القانون البريطاني قد خول لقاضي الحكم أن يستخلص من رفض الشخص ما يراه مناسبا في تكوين قناعته لإدانة المتهم أو تبرئة ساحته. وقد لعبت تحقيقات مادة الـADN في انجلترا أدوارا في قضايا الاغتصاب، مثل التحقيق الذي وقع 1986 في مقاطعة Leicester عندما تم اغتصاب فتاتين ثم قتلهما، فقد استدعت الشرطة أكثر من 5500 شخص وقبلوا الخضوع لفحص ألـADN وخلص التحقيق إلى اتهام شخص مشتبه فيه وجرت محاكمته وإدانته بالسجن المؤبد سنة 1988.
وكذلك تم الحكم على مواطن بريطاني بالسجن لمدة 8 سنوات باتهامه بالسرقة والاغتصاب. ومن خلال هذا يتضح لنا نسبة النجاح الذي حققته البصمة الوراثية في جميع الجرائم فبواسطتها تم التوصل إلى المجرمين بعد أن كان استعمالها في بريطانيا محصورا على إثبات شخصية الفرد فقط سنة 1985، واستعملت لأول مرة في القضايا سنة 1987.
وأنشئ للبصمة بنك خاص سمي ببنك المعلومات حيث جمعت فيه البصمات و اتسع مجالها أي أنها أصبحت تستعمل في كل الجرائم ووصل عدد البصمات الوراثية إلى مليون (2)
(1)- د/ محمد محمد أبو زيد: المرجع السابق، ص 307.
(2)-المرجع السابق (2)- Raphael coquoz :
الجدول الذي يلي: يسمح بتلخيص تطور التشريع الذي ينضم LE FNAEG الذي ذكر سابقا و كذا مقارنتها بتلك الموجودة في بريطانيا العظمى.
تطور مجال اتساع LE Fnaeg:
قانون 17جوان 1998 قانون 15 نوفمبر 2001 مشروع قانون الأمن الداخلي بريطانياالعظمى
(للتذكير)
طبيعة المخالفات ذات طابع جنسي +جرائم المساس العمدي لحياة الآخرين
+ جرائم السرقة ، تدمير ... + جنح تدخل قي الأطر السابقة
+ المتاجرة بالمخدرات... جرائم أو جنح المعاقب عليهم بالحبس
الأشخاص المعنيون المتهمون المتهمون المحكوم عليهم
و المتهمون مشتبه فيهم
رفض أخذ عينات غير معاقب يعاقب عليه سوى بالنسبة للمحكوم عليه يعاقب عليه بالنسبة للمحكوم عليهم
و المتهمين الموافقة غير مطلوبة
دراسة مقارنة بين FNAEG و FAED
البطاقية الآلية لبصمات الإصبع
(FAED ) البطاقية الوطنية الآلية للبصمات (FNAEG )
تاريخ الإنشاء مرسوم 08أفريل 1987 قانون 17 جوان 1998
تسيير مرسوم 08أفريل 1987 مرسوم 18 ماي 2000
المخالفات كل الجرائم و الجنح الجرائم و الجنح المذكورة في المادة 55-706 من قانون الإجراءات الجنائية
المعطيات المدخلة -الآثار الموجودة " المستسقاة "
-بصمات مأخوذة من أشخاص موقوفين
-بصمات مأخوذة من متهمين أثناء الإجراء -الآثار البيولوجية المأخوذة
-بصمات جينية لأشخاص متهمين
-بصمات جينية لأشخاص محكوم عليهم نهائيا
مدة الاحتفاظ بالمعطيات -25 سنة بعد تحرير آخر بطاقة معلومات
-10 سنوات بالنسبة للشخص الذي وصل عمره إلى 70 سنة -40 سنة ابتداء من تاريخ إجراء التحليل للآثار و تاريخ الحكم بالنسبة للأشخاص( محدد حتى 80 سنة )
المراقبة النائب العام لمدينة باريس القاضي – خارج السلم الإداري – لمحكمة الاستئناف بمساعدة لجنة فنية من3 أشخاص
الهندسة التقنية - موقع (01) مركزي للإعلام الآلي
- 03 مواقع مركزية لجمع المعلومات
(و الإطلاع )
- 14 موقع جهوي للإطلاع (مصالح جهوية للهوية القضائية لدى المصالح الجهوية للشرطة القضائية (SRPJ) موقع (01) مركزي وحيد للتزويد
و الإطلاع .
تحليل البصمات مصلحة الهوية القضائية للشرطة أم المباحث الجنائية للدرك الخبراء المعتمدون
لا نعم ، لكن الرفض يعد جنحة بالنسبة للأشخاص المحكوم عليهم أو المتهمون
نعم نعم
3- التشريع السويدي:
أجاز القانون السويدي إجراء الفحص الجسدي بغرض الكشف عن ألـADN فيعطي الإذن من طرف النيابة أو القاضي أو في حالة رفع عينة من دم شخص فهي لا تجري سوى من طرف طبيب أو ممرض.
أما في الاختبارات الأكثر صرامة مثلا أخذ إحدى الأنسجة الخلوية، فهي لا تتم إلا بواسطة طبيب.
و هذا ما قضت به محكمة النقض السويدية سنة 1986 بأنه لا يجوز أن تتم عملية الفحص سوى بمساعدة أحد المخابر و بالعكس من ذلك قضت المحكمة العليا بأنه لا يشكل أخذ عينة من الدم من طرف شخص غير الطبيب أو الممرض عيبا شكليا في الإجراءات يؤدي إلى استبعاد الدليل الحاسم.
و مبدأ حرية الإثبات في المادة الجزائية يؤدي إلى أن القاضي يبقي حرا في تقديره للدليل يوم الجلسة عند محاكمة المتهم حتى ولو أن جمع ذلك الدليل لم يخضع للإجراءات القانونية المطلوبة (1)
4- التشريع الهولندي: يخول القانون الهولندي لقاضي التحقيق سلطة تعيين خبير من أجل فحص و تحديد ألـ ADN، و قبل أن يأمر القاضي المحقق بهذا التعيين الذي أوجبه القانون أن يحيط المتهم علما بذلك كتابة، و بموعده و ساعة إجراءه و المخبر الذي سيجري فيه و كذلك الشأن بالنسبة لتبليغه بنتيجة الفحص ويسمح القانون للمتهم أو محاميه أو أحد الخبراء الذين يعينهم المتهم أن يحضروا الاختبار، ويحق للمتهم أن يطلب من القاضي بإجراء يخص فحص مضاد في أجل 15 يوما من تاريخ الفحص الأول، وفي حالة رفض المتهم أخذ عينة خلوية منه أجاز القانون لقاضي التحقيق إصدار أمر يجعل المتهم خاضعا لأخذ عينة من طرف طبيب، وعن طريق القوة العمومية، ولا يصدر مثل هذا الأمر سوى بعد سماع المتهم و التحقق من رفضه وسوى بين الجريمة المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية لمدة06 سنوات فأكثر.
و في الحالة التي يبدو فيها أن أخذ العينة يلحق ضررا بالمعني من الناحية الطبية يمكن للقاضي أن يأمر بأخذ السائل المنوي للمتهم أو شعره أو عتاد خلوي آخر يخصه ويمكن للمتهم أن يطعن بالاستئناف في أمر قاضي التحقيق المتضمن إخضاعه للفحص الجسدي في أجل 15 يوم من تاريخ تبليغه وعند ذلك يتوقف تنفيذ الأمر إلى غاية الفصل في الاستئناف أمام الهيئة القضائية المتابع أمامها المتهم.
(1) أ. نويري عبد العزيز، المرجع السابق. ص 48 .
5- التشريع الدانمركي:
يعرف القانون الدانمركي لسنة 1989 إمكانية إخضاع المتهم إلى محضر جسماني، متى
وجدت أسباب مؤسسة حول وقوع شبهة يمكن أن تؤدي إلى إدانته على جريمة معاقب عليها سالبة للحرية لمدة لا تقل عن 18 شهرا.
وأن أي تدخل للمساس بالسلامة الجسدية كما في رفع عينة من الدم أو أخذ أي عتاد خلوي يكون ممكنا إلاعندما يمثل هذا التدخل ضرورة حاسمة للتحقيق الأولي ولا يتم التدخل سوى بناء على إذن مسبق يقرره القاضي، وينبغي أن يكون قراره في هذا الشأن مؤسسا على وجود ضرورة تستدعي ذلك التدخل ويقوم الطبيب بعملية الفحص حيث يقرر بدوره ما إذا كان أخذ تلك العينة ممكنا من الناحية العملية طبيا أم لا، ورغم أن القانون الدانمركي لم يقم في الأصل على فكرة فحص الحمض النووي فإن التطبيق الميداني كيف هذا القانون مع الواقع بجعله يسمح بأخذ العينات الجسدية من أجل توظيفه في فحص الحمض النووي « ADN ».
6- التشريع الألماني:
يسمح القانون الألماني لسنة 1933 بإمكانية خضوع المتهم إلى المساس بسلامة جسده بمناسبة التصدي لأية واقعة تعاقب عليها المادة 81 منه.فيأمر القاضي بذلك الإجراء بناء على طلب من وكيل الجمهورية في الحالة التي يرى فيها هذا الأخير ضرورة الحصول على معلومات يمكنها أن تساعد الإجراءات الجزائية وعندما يقرر القاضي الفحص فإن المتهم يجبر على الخضوع إليه ولا يحتاج الأمر إلى رضاه ومتى اعترض على ذلك وقاومه فإن الفحص المأمور به يجرى عليه رغم إرادته أي باستعمال القوة إن تطلبها الوضع، ويعود هذا التنظيم في ألمانيا إلى 1933 عندما كان الفحص النووي غير معروفا آنذاك. وبعد تطوير هذا الفحص أصبح القضاء يتساهل في المادة81"أ " و مع ذلك أوصى القضاء في تقرير أعدته لجنة تحقيق برلمانية سنة 1987 على وجوب إسناد فحص الحمض النووي إلى أساس قانوني صريح من أجل استبعاد إمكانية استعمال العينة المأخوذة لأغراض وظيفية. وأوصت اللجنة البرلمانية على وجوب وضع تدابير ضد التعسف و في هذا الصدد نصت اللجنة على الضمانات التالية:
1- لا يجوز لغير القضاء أن يأمر بإجراء الخضوع لعملية الفحص.
2- أن لا يجري الفحص سوى انطلاقا من عينة خلوية معينة للمتهم
3- أن لا يأمر بهذا الإجراء سوى عندما تتطلبه ضرورة الكشف عن الحقيقة وإنارة العدالة.
4- أن لا يجري هذا الفحص سوى في مخابر الشرطة العلمية و الفنية وبناء على هذه التوصيات أصدر البرلمان في منتصف التسعينات قانون سمح فيه لوكيل الجمهورية في حالة الاستعجال، أن يأمر بإجراء عملية الفحص، وتبقى مشروعية أمر عضو النيابة العامة مؤقتة حيث يتقادم أثرها إذا لم يؤكد بقرار من القاضي خلال الثلاثة أيام الموالية.
7- التشريع الإيرلندي:
أجاز القانون الايرلندي لسنة 1989 إجراء الاختبار الجسماني على المتهم عندما تكون الوقائع المنسوبة إليه معاقب عليها بالحبس مدة05 سنوات على الأقل، أو عندما يأمر بوضعه رهن الحبس الاحتياطي مهما كانت العقوبة المقررة للجريمة، التي توبع المتهم من اجلها، ويوجب القانون على أن يؤسس أخذ العينات من الجسد على جرائم خطيرة، وأن ينحصر في الدم و البول و اللعاب، ولا يسمح القانون بإجبار المتهم على ذلك بل أنه يوجب أن يعبر المعني صراحة على رضاه كتابة.
و متى امتنع المتهم عن تقديم رضاه لمساعدة العدالة، يبقى لقاضي الحكم سلطة تقدير استخلاص قرينة إدانته، فيعتبر القانون الايرلندي ضمنيا أن الامتناع كأنه عنصر مدعم لدليل الإدانة، وهو ما يعرف بالدليل المدعم.
فإذا كان القانون الايرلندي لا يعترف إذن بالإكراه، فإنه مقابل ذلك لا يعتبر رفض المتهم وحده قرينة على إدانته.
8-التشريع النرويجي:
يعرف قانون الإجراءات الجزائية النرويجي الذي دخل حيز التطبيق في سنة 1986 تنظيما للفحص الجسدي، فيمكن إخضاع أي شخص لهذا الفحص متى تم الاشتباه فيه، بناء على أعباء مؤسسة تورطه في ارتكاب الجريمة المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية، يشترط القانون أن يكون هذا الفحص ضروريا لعملية البحث و التحقيق من جهة، ومتناسبا مع خطورة الجريمة المرتكبة و حل القضية من جهة أخرى.
و ينبغي أن يجري الفحص بالطريقة الأقل ألما بالنسبة للشخص الخاضع له، ومتى رفض الشخص المشبوه أن يعطي موافقته على الفحص يمكن أن يعوض ذلك بأمر من أحد القضاة، و في حالة الاستعجال يتولى أحد أعضاء النيابة العامة إصدار مثل هذا الأمر، ويتم الفحص عمليا من قبل أحد أعضاء القطاع الصحي مثل الأطباء و الممرضين و تقنيي الصحة.
9) التشريع الكندي:
في بداية التسعينات ورغم التطورات التكنولوجية الحاصلة في مجال التشخيص بواسطة البصمة الوراثية فإن قانون العقوبات لا يسمح بالحصول عليها إلا بالموافقة الصريحة من الشخص المعني كما أن الشرطة لا تتمتع بالإطار التشريعي الذي يحميها من حيث القيام بأخذ عينة من جسم الشخص فما كان عليه إلا أن تقوم بأخذ العينة بالقبول الصريح للشخص أو أن تأخذ العينة التي توجد منفصلة بمسرح الجريمة.
ففي سنة 1994 أصدرت المحكمة العليا قرارا هاما عندما قبلت الإثبات الجيني في المجال الجنائي.
و في سنة 1995 وبعد القيام بعملية استشارة واسعة، قام البرلمان الفدرالي بالمصادقة على مشروع القانونC104، هذا القانون المعدل لقانون العقوبات وكذا القانون الخاص بالشباب الجانح وقد حصل على الموافقة الملكية في 13 جويلية 1995منذ ذلك التاريخ أصبح بالإمكان القيام بفحوصات جينية ضد الأشخاص في الجرائم بناء على أمر أو مذكرة. و منذ سنة 1995 قامت وزارة الداخلية بإعداد بنك وطني للمعلومات الجينية وهذا إقتداء بالمثال الإنجليزي و الأمريكي اللتان تتوفران على مثل هذا السجل وقد عرضت الوزارة الوصية بأخذ رأي رجال القانون الذين صرحوا أن مثل هذا الإجراء دستوري بشرط أن يتم بعد الاتهام وبناء على أمر من السلطة القضائية، كما تم تعديل قانون الدفاع الوطني فيما يخص القضاء العسكري الذي كان يمنح الخيار للمتهم في أخذ العينة.
فمن وجهة نظر الإجراءات فإن العملية تتم وفق مذكرة MANDAT تسمح أخذ عينة للتحليل الجيني وهذا بموجب المادة 487/04 حتى المادة 487/09 من قانون العقوبات، أي أنه يمكن للشرطة أن يطلبوا من قضاة المقاطعة-Le Province- في إطار التحقيق وهذا يجب التأكيد عليه لأنه في كندا لا يمنح تحليل الجينات من جميع القضايا من طرف القضاة فهي مقصورة حسب النص القانوني على جرائم العنف أو الجرائم الجنسية.
فهذا الفحص يتم من طرف شخص مؤهل لذلك تحت رقابة هيئة تسمى "المكلف بالسلم" –Agent de la paix- حسب نص المادة 487/06 من قانون العقوبات، و في غالب الأحيان يقوم هذا الموظف بإعلام الشخص المراد أخذ عينة منه بواسطة مذكرة mandat مرخصة لذلك حسب المادة 487/07 و قد تشدد القضاء في هذا الإجراء إذ قام القاضي Macaulay في المحكمة العليا لكولومبيا البريطانية الذي تستبعد الإثبات بالعينة الجينية بالإستناد إلي كون الشرطة لم تقم بالإجراء المنصوص عليه في المادة 427/07، حيث لم يقوموا بإعلام المتهم.إذ أن أخذ عينة كما هو واضح آنفا يتم مع احترام شرف و اعتبار الإنسان كما هو وارد في نص المادة 487/07.
و في مجال تفسير النصوص القانونية السابقة من طرف المحاكم الكندية فإن القاضي CORY يسرد لذلك أن:
«... فإن النصوص القانونية المستحدثة في قانون العقوبات تتماشى مع الدستور فالإجراء يتم فرض الرقابة عليه من طرف المحاكم فيما يخص السبب الخاص لأحكامها لأن القاضي الذي يصدر المذكرة بإجراء الخبرة يجب أن يكون له اقتناع من أن ذلك لا يمس بكرامة الإنسان إلا بالقدر القليل الذي يبرر الوصول إلي البراءة أو الإدانة.
وعند التطرق إلى حق الدفاع في هذا المجال، فإنه حقيقة أن تنفيذ المذكرة تتم في سرية من طرف الشرطة إلا أن الميثاق الكندي للحقوق و الحرياتLa charte canadienne des droits et libretées تؤكد هذا الحق في استعانة الشخص بمحامي عند إيقافه و أخذ عينة من جسمه.
The detention of the suspect oblige the authorises to inform the suspect of the charter right the attorneys general agreed with this necessity accordingly the detainee has the right to consult counsel
تطرح إشكالية أخذ العينة بالقوة من طرف المكلف بالسلم agent de paix فإن المادة 25 من قانون العقوبات تسمح استعمال القوة المعقولة في تنفيذ المذكرة، كما أن المادة 487/07 تنص كذلك أنه يتم إعلام الشخص بأنه في حالة رفضه يتم استعمال القوة اتجاهه.
و خلاصة القول فإن كندا خطت خطوة كبيرة في هذا المجال و تلي المثال البارع البريطاني، إذ الفرق بينهما أن بريطانيا قد أعدت المعطيات مسبقا أما كندا فيتم تحديدها بعد ارتكاب الجريمة و هذا ما يدفع كندا إلى مصف الدول الرائدة في هذا المجال. Today, law Enforcement officials in Canada and around the world are increasingly relying on DNA-typing in the fight against crime (1)
وعلى العكس فإن القانون السويدي نجده مشابها للقانون البريطاني، فهو يسمح بإجراء الفحص الجسدي، وهذا الإجراء في كلا القانونين لا يتم إلا من طرف طبيب أو ممرض، ولكن الاختلاف بينهما كان من ناحية إعطاء الإذن حول إجراء البصمة الوراثية، ففي القانون البريطاني يكون من أحد موظفي الشرطة-كما عرفنا سابقا- أما القانون السويدي فيكون الإذن من طرف النيابة أو القاضي، وفي حالة عدم رفع عينة من دم شخص فهي لا تجري سوى من طبيب أو ممرض.
المطلب الثاني: التشريعات العربية
1- التشريع العراقي:
لقد نظم القانون العراقي في المادة 70من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن حكام التحقيق أو المحاكم أن يرغم المتهم أو المجني عليه في جناية أو جنحة على التمكين من الكشف على جسمه أو قليل من دمه أو أظافره أو غير ذلك مما يفيد التحقيق لإجراء الفحص اللازم، ومفاد كل ذلك أن المشرع العراقي أجاز تحليل الدم.
2-التشريع الكويتي:
إن المتتبع للقانون الكويتي لا يكتشف من النص صراحة على وجوب الخضوع لعملية التحليل و الخاصة بالبصمة الوراثية، إلا أنه و بالرجوع إلى قانون الخبرة لاسيما في مادته 11 التي تنص على" إن تخلف الخصم على تنفيذ قرارات الخبير بغير عذر لجأ الخبير إلى المحكمة التي تسلط عقوبة مالية تتمثل في غرامة لا تقل عن 5دنانير و لا تزيد عن 20دينارا" وذلك بقرار يثبت في محضر الجلسة له نفس القوة التنفيذية للأحكام، ولا يقبل الطعن بأي طريقة ولكن للمحكمة أن تعفي المحكوم عليه من الغرامة أو بعضها إذا أبدى عذرا مقبولا.
(1)- Joanne marceau, la mise en œuvre de la banque d’empreintes substitut du procure
général des affaires criminelle du ministère de la Tunisie du Québec P.13
3- التشريع الجزائري:
نظرا للحداثة النسبية لطريقة فحص ال ADN واعتبارها وسيلة إثبات في النظم القضائية والإدارية المقارنة، فإنه لا يوجد نص خاص في الجزائر بتشريع أو بتنظيم هذه الوسيلة العصرية والجديدة في الإثبات، ومع ذلك يمكننا أن نجد إجابة عامة عن الموضوع في قانون الصحة(1).
فعن كيفية انتزاع العتاد الخلوي، يمكننا الرجوع إلى المادة 168 من القانون رقم 85/05 المؤرخ في 16/04/1985المتضمن حماية الصحة وترقيتها المعدل و المتمم بالقانون رقم 88/15 المؤرخ في03/05/1988 و الذي نص صراحة على أنه " لا يجوز انتزاع الأنسجة أو الأعضاء البشرية من أشخاص أحياء إلا إذا لم تتعرض حياة المتبرع إلى الخطر، ويشترط الموافقة الكتابية من المتبرع بإحدى أعضائه وتحرير هذه الموافقة بحضور شاهدين اثنين وتودع لدى مدير المؤسسة و الطبيب رئيس المؤسسة".
المادة 163 " يمنع انتزاع الأعضاء و الأنسجة من القصر فاقدي التمييز و المصابين بأمراض من طبيعتها أن تضر بصحة المتبرع و موافقة أحد أقاربه بعد الوفاة ".
و نصت المادة 167 على أنه لا ينزع الأطباء الأنسجة أو الأعضاء البشرية ولا يزرعون إلا في المستشفيات التي يرخص لها بذلك الوزير المكلف بالصحة.
وبشأن احترام حرمة الأشخاص الحميمة لهذا الغرض نصت المادة 99من المرسوم التنفيذي رقم 92/276 المؤرخ في 06/06/1992 المتضمن أخلاقيات الطب، قائلة:" إنه يجب على الطبيب الخبير وعلى جراح الأسنان الخبير عند صياغة تقريره أن لا يكشف إلا العناصر التي في شأنها أن تقدم الإجابة عن الأسئلة المطروحة في قرار تعيينه، وفيما عدا هذه الحدود يجب على الطبيب الخبير أو جراح الأسنان الخبير أن يكتم كل ما يكون قد اطلع عليه خلال مهمته ".
ونجد أن القانون الجزائري ساير توافق القوانين التي تجيز عمليات أخذ الدم وأجاز صراحة الأخذ بهذه العمليات واعتبارها كدليل إثبات في المسائل الجنائية.
كما نجد أن القانون الجزائري خصص قسما للبيولوجيا الشرعية فتم تدشين مخبر الـADN بمناسبة عيد الشرطة بتاريخ 22/07/2004 وهذا الإنجاز يعد خطوة هامة في تكريس وتشجيع العمل بالبصمة الوراثية في مجال الإثبات الجنائي لمسايرة تطور الدول الغربية السابقة في هذا المجال.
(1)- د.نويري عبد العزيز، المرجع السابق، ص49.
ويشرف على هذا القسم تقنيين وباحثين مختصين في علم البيولوجيا والوراثة، وتتجلى مهمة هذا المخبر في البحث عن الأدلة عن طريق التحاليل المخبرية والتي يتركها الجاني في مسرح الجريمة. وبتعبير آخر يقوم المخبر كذلك بتحليل عينات الدم كما نصت عليه المادة 25 من قانون تنظيم حركة المرور بالإضافة إلى المني ، والشعر والبول واللعاب.
ويتم هذا التحليل بواسطة مناهج وعمليات مخبرية متطورة، وهناك آفاق مستقبلية تدور حول إنشاء بنك معلوماتي لذلك، مع العلم أنه يوجد بنك خاص لبصمات الأصابع في أي مركز للشرطة مثلما هو معمول به في الولايات المتحدة الأمريكية (1).
كما نجد أن القانون الجزائري جعل مهمة جلب عينات للمخبر من الدم، البول، اللعاب أو الشعر...الخ من أجل تحليلها من قبل مصالح الشرطة التي تقوم عن طريق مختصين في مسرح الجريمة.
والقانون الجزائري مشابه للقانون الألماني في أن الفحص لا يجرى إلا في مخابر الشرطة الفنية العلمية. ولم ينص القانون الجزائري على مجالات استعمال البصمة الوراثية مقارنة بالقانون الفرنسي الذي نص في قانون 98/468 المؤرخ في 17/06/1998 على إجراء تحليل البصمة الوراثية في الجرائم الجنسية. وهذا لوقاية القاصر وعدل هذا الأخير بقانون 2001/1062 المؤرخ في15 نوفمبر 2001 الذي يسمح بتوسيع ملفات البصمة الوراثية (2)
ففي حقيقة الأمر إن المشرع لم يتحدث عن البصمة الوراثية و لكن داخل المخبر نجد أن كل المهندسين على دراية بكل تطورات و متيقنين بضرورة مسايرة هذا التطور، غير أنه توجد مسائل قانونية تفترض هذه الطريقة ( طريقة فحص البصمة الجينية ) و نذكر منها:
أ)- السلامة الجسدية: كما هو معلوم أن فحص البصمات الجينية يجرى على العتاد المأخوذ من جسم الإنسان، غير أن الوضعية الحالية للعلوم لا تسمح في الوقت الحاضر سوى إجراء الفحص على الدم و السائل المنوي و الشعر.
و في الحالات التي لا يمكن الحصول فيها على العتاد الجسدي المرغوب بغرض إجراء الفحص النووي، ينبغي اللجوء إلى المساس بالسلامة الجسدية للفرد المشبوه أو المتهم، وهي سلامة مضمونة دستوريا، حيث نصت المادة 35 من دستور 1996 على أنه " يعاقب القانون المخالفات المرتكبة ضد الحقوق و الحريات و على ما يمس سلامة الإنسان ". فيبقى الحق في السلامة الجسدية حقا مطلقا يحميه قانون الإجراءات الجزائية، وكذا قانون العقوبات عن طريق القضاء الجزائي وحده الذي يقرر ما إذا كان ينبغي إكراه الشخص على أخذ عتاد من جسمه.
(1)- مجلة الشرطة عدد خاص، جويلية2003، ص29.
(2)- مخبر الشرطة العلمية والفنية، قسم البيولوجيا الشرعية.مركز الجزائر
وهو الذي يذكر الحدود والمواضيع الحساسة التي لا يجوز المساس بها، وهي حدود السلامة الجسمية وحرمة الحياة الخاصة (1).
ب- حرمة الحياة الخاصة:
تعد حرمة الحياة الخاصة ثاني حق يمكن أن يتأثر بفحص الحمض النووي لأن التساؤل المطروح يكمن في القول إلى أي مستوى يمكن للفحص أن يشكل تدخلا في الحياة الخاصة للفرد التي يحميها الدستور، حيث نصت المادة 34 منه على أنه " تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة الإنسان، يحضر أي عنف بدني أو معنوي أو أي مساس بالكرامة " وتظهر إحدى الاعتراضات الأساسية على المساس بحرمة الحياة الخاصة في كون فحص البصمة الجينية يفتح المجال للبحث عن الخصائص الوراثية، وهذا الاعتراض مستمد من فكرة مفادها أن معرفة خصائص تكوين الحمض النووي للفرد يكشف عن الاستعداد الإجرامي للمتهم.
إذن يتجلى في أن فحص الحمض النووي الـADN يمكن أن يمد الغير بمعلومات عن المتهم أكثر من المعلومات التي يحتاجها للتحقق من العينات المفحوصة للمقارنة.
و الملاحظ أن البصمة الجينية المتحصل عليها من خلال هذه الطريقة لا تعطي أي معلومة عن شخصية متهم (طول، قصر، رجل، امرأة ) ولهذا يجب على المشرع أن يضع ضمانات صارمة حول كيفية توسيع فحص الأعمدة المشفرة في الإجراءات الجزائية.
وقد نصت المادة 45 من الدستور الجزائري لسنة 1996 " كل شخص متهم يعتبر بريء حتى تثبت جهة قضائية نظامية إدانته " وهذا المبدأ لا يتعارض مع تطبيق الوسائل الزجرية، مثل التوقيف للنظر و الحبس المؤقت، رغم أن تطبيق هذه التدابير يمكن أن يكون مطلقا لتأسيس أية إدانة محتملة، ولذلك كفل المشرع تلك التدابير الردعية بضمانات عديدة من حيث الأشخاص الذين يقومون بها.
وخلاصة القول أن معظم الدول المعاصرة التي أدخلت فكرة تحليل البصمة الوراثية في نظمها قد أجازت بعض أشكال القوة والإكراه الممارسين على المتهم في حالة رفضه تحت ضوابط ضمانات قانونية مدققة، وهذه الأخيرة نجدها في الدستور لاعتباره القانون الأسمى للبلاد وكذا في الاتفاقيات الموقع عليها وهذه الضمانات ترتكز على شقين اثنين أحدهما تقني والآخر إنساني ونقصد بالأول وجوب توخي الدقة في أخذ العينات وكذا في إجراء العينات المخبرية وأما الثاني فيكمن جزء كبير منها في مراقبة الفحص، حماية لحقوق المتهم باعتباره كائنا بشريا فكان أولى على المشرع الجزائري أن يأخذ بهذه التقنية الحديثة وأن يضع ضمانات كافية حتى يتمكن من مسايرة التطورات الحاصلة في الدول و التشريعات المعاصرة و من بين الضمانات التي يمكن أن نقترحها في التشريع هي كالآتي:
(1)- د. نويري عبد العزيز، المرجع السابق.ص 46.
1- وجوب الإخطار كتابة بساعة الفحص وبالمخبر الذي يجري فيه هذا الفحص(1)
2-أن يحضر عملية الفحص الخبير الذي يختاره المتهم.
3- أن يتم الإخطار كتابة بنتائج الفحص.
4- أن يمنح الحق للمتهم بإجراء خبرة مضادة في أجل قدره 15يوما من تاريخ الفحص الأول.
5- أن يتم إتلاف العتاد الخلوي بموجب محضر يحرر في الشأن .و كما نذكر الضمانات الواجب مراعاتها في حالة امتناع المتهم ورفضه أخذ العتاد من جسمه (2)
1)- أن يصدر الإكراه من طرف أحد القضاة.
2)- أن يكون الأمر مسببا
3)- أن لا يأمر سوى بالنسبة لعدد محدد من الجرائم " الجرائم الأخلاقية و جرائم القتل "
4)- أن يتم أخذ العتاد من طرف أحد الأطباء كما اتفقت عليه جميع القوانين التي سبق التطرق إليها.
5)- أن لا يأمر به سوى بعد دعوة المتهم كتابة إلى إتباع طريقة الفحص الطوعي (الإرادي)
بخصوص المجهودات العربية يمكن لنا أن نستشف الرغبة و التوجه نحو البدء بالعمل بإجراءات التحاليل الخاصة بالبصمة الوراثية في جميع الدول العربية المسايرة في التطور الذي عرفته جل الدول السباقة في هذا المجال، و لاسيما الإعلانات المتوالية بفتح مخابر التحاليل الخاصة بالبصمة الوراثية في العديد منها نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر،الجزائر، الكويت، السعودية، العراق، مصر، لبنان، في انتظار أن يتجسد عمل هذه المخابر ميدانيا انطلاقا من نصوص تشريعية تدعم ضرورة أجراء هذه التحاليل، و اعتبارها كدليل إثبات سواء في المسائل المدنية أو الجزائية، وهذا يأتي من خلال التعجيل في إدخال تعديلات على قوانينها في هذا الشأن.
و في هذا الصدد و كمثال حي تجدر الإشارة إلى فتح مركز خاص بالبصمة الوراثية للتحاليل الطبية بالعاصمة السعودية " الرياض " و يقدم هذا الأخير خدماته المخبرية بأحدث الأجهزة و التقنيات المتطورة و بأفضل الكوادر الوطنية و العربية المتخصصة و تضم خدمات هذا المركز فحوصات طبية شاملة و كذا برامج فحوصات مخبرية لجميع الأغراض
(1)- د.نويري عبد العزيز، المرجع السابق ، ص48.
(2)- نفس المرجع ص 50.
الطبية المتاح إجراءها داخل و خارج المملكة العربية السعودية و بتعاون سعودي – أوروبي – و تحتوى هذه الفحوصات على عدد كبير يصل إلى ألف خمسمائة (1500) تحليلا شاملا لكل البرامج الطبية المخبرية المعروفة..
و يوفر المركز بعض الخدمات المساندة مثل نقل العينات و استخراج الدم في أماكن تواجد المستفيدين من الخدمات.(1)
و بمناسبة الافتتاح قال غسان عبد الله الغويري، مدير العمليات و التسويق، أن المركز يقدم خصما قدره 25 بالمئة على الروتينية و 50 بالمئة على تحاليل السكر و الحمل مدة شهرين
إن الأبعاد الجديدة لاستعمال المعطيات الجينية البشرية في الأغراض العلمية، الطبية و الشرعية، و كذا احتمالات أن تكون محل استعمالات غير شرعية، جعلت من الأهمية القصوى وضع مبادئ و ضوابط مبنية على احترام شرف الإنسان و احترام التراث الجيني.
و مما سلف نجد لهذه المبادئ محلا في التشريعات، ولم يقتصر هذا على الدول بل إن التفكير في وضع ضوابط و مبادئ جاوزها ليشمل اليونيسكو UNESCO التي من خلال اللجنة الدولية للأخلاقيات البيولوجيةCIB(2) كرست عدة مواد في المشروع المبدئي لوضع آلية دولية حول المعطيات الجينية البشرية (3)
مما جاء فيه كل شخص مادام مالكا لجسده، فإن احترام الإنسان يؤدي بالضرورة إلي احترام حماية تراثه الجيني.
و تقترح المادة 56 أن يكون رضاء خالص و حر وواضح معتمد، وفي تسيير هذه المادة فالرضا يجب الحصول عليه كتابيا، مصحوبا بشروحات لفظية ( orale)، و أما في الحالات التي يتعسر فيها على الشخص التعبير عن رضاه ( الحدث و الإعاقة الذهنية، الحجر القانوني) فإن المشرع اشترط الحصول على رخصة من العدالة مطابقة للتشريع الداخلي و لا تقر المحكمة العليا للشخص المعني كما يمكن للشخص أن يسحب رضاه خلال الآجال دون أن يتعرض للقوة.
و أضافت المادة 8 أن الرضاء يتضمن أيضا الخيار بين التعرف على النتائج من دونه و أخيرا فإنه لا يمكن طلب أخذ العينة إلا بقرار من العدالة ( in vivo ou post ) دون أن يتعارض ذلك مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
(1)- w.w.w. Islam .com.
(2)- cib : comité international de Bioéthique de L’UNESCO.
(3)- Barreau, q.cc A.myriam jezequel
المبحث الثاني: البصمة الوراثية في الاجتهاد القضائي
تعتبر مسألة البصمة الوراثية ومدى الاحتجاج بها من القضايا المستجدة التي اختلف فيها فقهاء العصر وتنازعوا في المجالات التي يستفاد منها ومدى اعتبارها حجة يعتمد عليها كليا أو جزئيا، وقد شاع استعمال البصمة الوراثية في الدول الغربية و قبلت بها جل محاكمها.
و بدأ الاعتماد عليها مؤخرا في البلدان العربية و نسبة أعمال الإجرام لأصحابها من خلالها، لذا كان من ألأمور المهمة للقضاة معرفة حقيقة البصمة الوراثية و مدى صحتها في إثبات الأنساب و تمييز المجرمين و توقيع العقاب.
المطلب الأول: في قضاء الدول الغربية:
1- الولايات المتحدة الأمريكية:
في أواسط الثمانينيات أسست بعض الشركات الخاصة بعملية تحديد بصمة الـ ADN لتعيين هوية المتهمين و لعل أبرز شركة هي " سيلمارك دياجنوستيك " و في ولاية ماريلاند و شركة "لايف كوذر كوربورايشن " في ولاية نيويورك.
و في عام 1988 أدخلت بصمة ألـ ADN لأول مرة للمحاكم لتستخدم كدليل في قضية بفلوريدا ضد " توم لي اندروز" و في جانفي1989 بدأت "C.I.A " وكالة الاستخبارات الأمريكية بعد دراسة متأنية للتكنولوجية في معاملها الخاصة في قبول تقصي السيرة من مؤسسات الطب الشرعي للولايات المتحدة، ومنذ ذلك التاريخ استخدمت تقنية ألـ ADN في مئات القضايا بالولايات المتحدة الأمريكية و أختبرت رسميا في عدة دوائر قضائية(1) و تعتبر قضية " سام شيبرد" الذي أدين بضرب زوجته حتى الموت عام 1955 ، و ذلك بموجب حكم صادر عن محكمة أهايو بالولايات المتحدة الأمريكية، و في فترة وجيزة تحولت القضية إلى قضية رأي عام، و نظرا للضغط الإعلامي أغلق الملف و ذكر أن هناك احتمال وجود شخص ثالث وجدت أثار دمائه على سرير المجني عليها في أثناء مقاومتها، و قضي" سام شيبرد" 10 سنوات في السجن، ثم أعيدت محاكمته عام 1965 و حصل على براءته التي لم يقتنع بها الكثيرون إلا بحلول سنة 1993حينها طلب الابن الأوحد للمتهم فتح القضية من جديد و تطبيق فحص البصمة الوراثية(ADN).
(1)-دانيال كيقلس ولييروني هود/ترجمة : الدكتورأحمد ستجير "الشفرة الوراثية للإنسان"القضايا العلمية والإجتماعية لمشروع الجينوم البشري"
سلسلة عالم المعرفة، ص 213/214، عدد217.
و أمرت المحكمة في مارس 1998 بأخذ عينة من جثة "شييرد سام " و اثبت الطب الشرعي أن الدماء التي وجدت على سرير المجني عليها ليست دماء ""شييرد سام " بل دماء صديق العائلة، و الذي أدانته البصمة الوراثية و اسدل الستار على واحدة من أطول محاكمات التاريخ في جانفي 2000 (1).
- في قضية شارلزفاين:
الذي حكم عليه بالإعدام في سنة 1982 بتهمة اغتصاب و قتل طفلة في التاسعة من العمر، و الذي تم تبرئته مؤخرا بعد أن قضى 18 سنة في السجن، و أطلق سراحه بعد إجراء تحاليل ألـ ADN و تجدر الإشارة إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالية وجد على الضحية بعض الشعيرات أعتبرت أنها له، كما أضاف المتحدث باسم ادارة السجون في ايداهومارك كرنويس أن تحاليل مادة ألـ ADN أثبتت براءة " شارلز" و قد تم إطلاق سراحه مباشرة بعد تلقي القاضي نتائج التحاليل، وهذا بعد إجراء مقارنة شعر شارلز بالشعيرات التي عثر عليها على الضحية. و أضاف أن الإثبات الأساسي ضد شارلز كان الشبه بين شعره و الشعر الذي عثر عليه على الضحية (2).
- قضية بتلر: Buttler:
هذا الشخص الذي أنقذته التحاليل المخبرية من السجن حيث تم إخلاء سبيله في 07جانفي 1999 و هذا بعد أن قضى 16 سنة في سجن " تيلر" بمقاطعة " تيكساس "، هذا الأمريكي ذو البشرة السوداء حكم عليه لمدة 99 سنة بعد إدانته بجنايتي الاغتصاب و اختطاف امرأة بيضاء البشرة في سنة 1983 و قد أجريت عليه تحاليل ألـ ADN من بقايا مني المغتصب و في سنة 1999 أثبتت نتائج التحاليل لثلاثة مخابر أن البصمة الجينية ليست لها علاقة بالمحكوم عليه (بتلر) (3).
وتجدر الإشارة أن الأبحاث التي أجريت من طرف مكتب التحقيقات الفيدرالي ألأمريكي(FBI) على ADN استطاعت تبرئة 54 مسجون كانوا محل عقوبات ثقيلة و هذه التحاليل التي أجريت من طرف مخابر متخصصة و أخرى أكاديمية.
وإبتداءا من شهر أكتوبر 1998 استطاعت وضع بطاقية وطنية مشفرة و هدفها توحيد الإجراءات البيولوجية و المعلوماتية التي تم ربطها ببعضها البعض و هذا عبر 50 ولاية أمريكية.
و نذكر على سبيل المثال، تم اكتشاف الجناة، لحوالي 200 جريمة و هذا ضمن 260.000 ألف بطاقية وتتعلق مجمل هذه الجرائم الأخلاقية بصفة خاصة(4)
(1)-البصمة الوراثية تكشف المستور بتاريخ:24/10/2004.www.khayma.com.
(2)- شبكة النبأ المعلوماتية – الثلاثاء:24/04/2003 www.anabaa.org.
(3)- ماريتيند جاكو، صحفي بجريدة اليونسكو، مقال بعنوان (ADN في قفص الإتهام)، أفريل 2000.
(4)-نفس المرجع السابق.
وقضت المحكمة العليا الأمريكية بأنه في الحالات التي يجيز فيها القانون تحليل الدم في قضايا قيادة السيارات، فإنه يتعين إجراء ذلك بواسطة طبيب أو شخص مؤهل لذلك، ويجب إجراء التحليل بطريقة معقولة.
كما ذهبت المحكمة العليا إلى أن تحليل الدم الذي يجري رغم اعتراض المتهم الذي كان مريضا يعالج في المستشفى من إصابات لا ينطوي على الاعتداء على التعديل الرابع عشر للدستور الأمريكي و في ذلك تقول المحكمة: " أن الاختبار الذي يجري لقياس نسبة الكحول في دم الطاعن كان اختبار معقول و أجري بطريقة معقولة ".
هذا و قد ذهبت نفس المحكمة في حكم لها عام 1966 إلى ما يؤكد هذا المعنى حين أعلنت أن القاعدة القائلة بأنه " لا يجوز إجبار الشخص على اتهام نفسه"، و لا يتضمن إلا حق المتهم في أن لا يكون مكرها على الشهادة ضد نفسه، و هو الأمر الذي لم يحقق في واقعة أخذ عينة من الدم، و استخدام نتائج التحليل في القضية، ثم أضافت المحكمة قائلة:" أننا لا نعتبر في وقتنا الحاضر أن الدستور لا يمنع ذلك التدخل الطفيف في جسم الإنسان في ظروف واضحة محددة إلا أن ذلك لا يعني مطلقا أن الدستور يسمح بتدخلات أكثر خطورة..."
يتضح مما سبق أن المحكمة العليا تقيد إمكان استخدامها من قبل طبيب متخصص وأن يكون من شأن ذلك الإفادة في التحقيق، وألا يكون الاعتداء الذي تمثله هذه الوسيلة خطيرا.
ومع ذلك فإن هناك حالات ذهبت فيها المحكمة العليا إلى عدم استخدام هذه الطريقة فمثلا في قضية "بيدونك" والتي تتلخص وقائعها:
في أن زوجا كان قد أقام دعوى لتطليق زوجته بسبب الزنا طالبا من المحكمة تحليل دم زوجته وولدها، غير أن المحكمة رفضت طلبه، مقررة أن إخضاع الشخص لهذه الاختبارات ضد إرادته يعد اعتداء، وإخلالا بالحصانة التي يقررها القانون العام لحماية الشخص، وتنطوي كذلك على اعتداء على ألفة الحياة الخاصة للإنسان. وفي قضية مماثلة ذهبت المحكمة العليا لولاية "نيوجرسي" إلى "أن التحليل الإجباري للدم لا ينطوي على اعتداء على حرمة الحياة الخاصة للإنسان".
كما عنيت المؤتمرات الدولية بعلاج هذه المسألة، ففي مؤتمر الأمم المتحدة المنعقدة في " فيينا " عام 1960، أوصى المؤتمرين بإمكانية استخدامها، وكما نوقشت هذه المسالة في مؤتمر الأمم المتحدة المنعقد في نيوزيلندا عام 1961. و بصفة خاصة من ناحية استخدامها في الإثبات في حالة قيادة السيارات، تحت تأثير الكحول، وفي قضايا إثبات البنوة، وقد اتجهت غالبية المشتركين في المؤتمرات إلى قبول استخدام هذه الفحوص في البحث الجنائي بصفة عامة و أن استخدام هذه الفحوصات لا يعد اعتداء على حقوق الإنسان، لأن المصلحة العامة أعلى من مصلحة الفرد بل استحسن بعضهم أن تكون هذه الفحوص إجبارية.
وعلى عكس هذا فقد اتجه المجتمعون في مؤتمر الشمال إلى أن الفحوصات الطبية و الفحوصات الجسمانية من شأنها أن تمثل ضررا على حرية الإنسان و يعد اعتداءا على حرية الفرد .
و الدليل على أخذ قضاء الدول الغربية بتحليل البصمة الوراثية القضية التالية: "أن شخصا كان يقوم بجرائم متعددة من اغتصاب وقتل لحوالي 60 فتاة، وإثر التحقيقات المتواصلة استطاعت FBI "المكتب الفيدرالي للتحقيقات" التوصل إلى الجاني، وقامت بالتحقيق معه ومع إبنه الذي كان برفقته في جميع جرائمه، تم إجراء تحليل الـADN. بالنسبة للجاني و المجني عليهن و بذلك أعطت نتائج تحاليل ألـADN الكلمة الفاصلة في القضية ثم طرحت القضية على الرأي العام و على الضحايا ليبدي كل بطلبه، وفي الأخير اعترف الجاني بجرائمه وتم الحكم عليه بـ: 476 سنة مع العلم أن الجاني كان يرتكب جرائم بلا وعي ولا يتفطن إلى جرائمه الوحشية إلا بعد انتهائه منها(1)
2) في القضاء الكندي: