المحور الأول: ما وظيفة النظرية ؟ وظيفة النظرية الفيزيائية بين وظيفتي الوصفي أو التفسير .
تهدف الفيزياء إلى معرفة الواقع المادي معرفة علمية من خلال تحويل الواقع المادي الخام إلى واقع معرفة، من خلال استخلاص القوانين المتحكمة في الظواهر الطبيعية، وذلك اعتمادا على منهج علمي دقيق اصطلح عليه بالمنهج التجريبي الذي حدد خطواته العالم الفرنسي كلـود برنار حيث يقـول
" الحادث يوحي بالفكرة والفكرة تقود إلى التجربة وتوجهها، والتجربة تحكم بدورها على الفكرة "
لذا فالخطوط الأساسي للمنهج التجريبي تتحدد على الشكل التالي :
· الملاحظة العلمية : وهي مشاهدة الحوادث ومراقبتها بغية تحويلها إلى حوادث علمية ، وهي نور يسلطه الباحث على معرفة الواقع ، وهي ليست معرفة عفوية إنها هي ملاحظة موجهة وقصدية، يلتزم فيها الملاحظ بمبدأ الحياد دوره يشبه عمل آلة التصوير .
· الفرضية : وهي أطروحة مازالت لم تتأكد بعد، هي إجابة مؤقتة لتفسير ظاهرة ما من خلال استحضار كل الأسباب الممكنة لوقوع الظاهرة ونشوئها، هي مشروع قانون وليس قانون بعد. ولصياغة الفرضية شروط منها أن تكون نابعة من صلب الواقع المدروس، وأن تكون قابلة للتحقق وألا تحتوي على تناقض داخلي ومنطقي .
· التجريب : وهو إحداث ظاهرة معينة داخل شروط يصنعها العالم، هي إعادة بناء الظاهر ضمن مجال مختبري متحكم فيه يتيح للباحث رؤية جيدة للظاهرة مع إمكانية إعادتها، ويقوم العالم بدور استنطاق الظاهرة المدروسة إرغامها على الإفصاح عن قانونها، ويتيح فعل التجريب إمكانات منها صناعة الظاهرة المدروسة داخل مجال مختبري مراقب، مراقبة الظاهرة بشكل جيد ودقيق تكرار الحادثة، إمكانية تغيير شرط التجربة، إمكانية التحكم في ثوابت ومتغيرات التجربة، عزل الحوادث ، مع اعتماد المنهج الاستقرائي لقراءة وتحليل نتائج التجربة .
· القانون : يؤكد أجيست كونت أن القانون هو العلاقة الثابتة بين حادثتين أو أكثر مثلا الماء يتبخر في مائة درجة حرارية في ضغط جوي 76 يشكل قانونا عاما يحكم العلاقة بين التبخر والحرارة، فالقانون هو دراسة العلاقة بين المتغيرات والتوابع، وقد حدد لالاند ثلاث صور للقانون العلمي منها: قانون يدل على التركيب مثلا الماء مركب من الهيدروجين وذرتي أوكسجين. وقانون يدل على ثوابت عددية سرعة الضوء هي 3.10 8 m/s قانون يفيد علاقة ثابتة خصائص الكبريت في الطبيعة أصفر في درجة حرارية 120 يصبح لونه أصفر ، في 200 درجة حرارية يصبح لزجا، هذه هي الخطوات المنهجية المعتمدة لدراسة الظواهر الفيزيائية دراسة مختبرية بالنسبة للتصور الوضعي بشقيه الكلاسيكي كونت والمعاصر بييردوهايم .
غير أن وظيفة النظرية خضعت لنقاش وسجال علمي حول طبيعتها هل هي وصفية أم تفسيرية وهو سجال بين تصورين ورؤيتين مغايرتين التجريبية والعقلانية .