منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الرشوة
الموضوع: الرشوة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-02-05, 16:38   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 اضافة

المطلب الثاني : عقوبة الرشوة السلبية
بادئ بدء يجب علينا ملاحظة أن الشريعة الاسلامية تعتبر الرشوة من جرائم القزيز ( ), وهي الجرائم التي لم يقرر لها الاسلام عقوبات مقدرة ومحددة كالحد والقصاص , بل يترك تقدير عقوبتها لولي الأمر أو القاضي المجتهد . يتقرر في شأنها عقوبة جنايات أو جنح أو مخالفات وذلك حسب كل زمان ومكان وحسب تغير وتبدل مصالح الناس وأحكامهم التي يسيرون عليها فيضع لها العقوبة المناسبة والرادعة .
أما المشرع الجزائري فقد قسم العقوبات على جريمة الرشوة الى أصلية وتكميلية دون الاخلال بالعقوبات التأديبية التي توقع على الموطن في قطاع وظيفته .
الفرع الثالث : العقوبات الأصلية
اذا ارتكب الموظف العام أم من في حكمه المذكورين في م 126 قانون العقوبات جريمة الرشوة مستكملة لبنياتها القانوني على النحو الذي أوضحناه في ما سلف . كل مستحق للعقوبة الأصلية التي قررتهعا المادة نفسها والمتمثلة في الحبس من نستين الى عشر سنوات . ونلاحظ أنم هذه العقوبة تفوق العقوبة التي قررها المشرع اللبناني والمقدرة بالحبس من ثلاث أشهر الى ثلاث سنوات . كما أنها تقل عن العقوبة التي قررها المشرع المصري والمتمثلة في الأشغال الشاقة المؤبدة. وتتساوى مع العقوبة المقررة في التنشريع الفرنسي .
1-تشديد العقوبة الأصلية
تشدد عقوبة الرشوة في ق العقوبات الجزائري بالنظر الى صفة الجاني أو الغرض من الرشوة أو نتيجتها التشديد اذا كان الجاني قاضيا أو كاتب ضبط.
فنظرا لخطورة دور القاضي شدد قانون العقوبات العقوبة في م 126 مكرر 1 والمضافة بموجب القانون رقم 90-15 المؤرخ في 14 يوليو 1990 فهنا يعاقب القاضي بالسجن المؤقت من 5 سنوات الى 20 سنة وغرامة من 3000 الى 30.000 أما اذا كان مرتكب الرشوة كاتب ضبط فيعاقب بالسجن المؤقت من 5 سنوات الى 10 سنوات وغرامة من 3000 الى 30.000 م 126 مكرر 2.
أما في حالة ما اذا كان غرض الرشوة ارتكاب جناية فقد نصت م 130 ق ع على أنه في حالة ما اذا كان الغرض من الرشوة أو استغلال النفوذ هو أداء فعل بصفة القانون بأنه جناية فان العقوبة المقررة لهذه الجناية هي التي تطبق على مرتكب الرشوة أو لاستغلال النفوذ .
واذا ارتكب موظف جريمة رشوة من أجل ارتكاب الجناية التي يعاقب عليها م 61 ق ع بالاعدام فتكون العقوبة الاعدام هذه هي التي تطبق على هذا الموظف.
أما اذا ترتب على الرشوة الحكم بعقوبة جناية فقرر المشرع في م 131 من ق ع تشديد العقوبة على القاضي أو العضو المحلف أو عضوان لهيئة قضائية الذي يرتكب جريمة الرشوة ويترتب على ذلك الحكم بعقوبة جناية ضد أحد المتهمين فيطبق العقوبة المقررة لهذه الجناية على مرتكب الرشوة.
2-تخفيف العقوبة
لا تطبق العقوبة الأصلية المقررة على الموظف العام أو من في حكمه على مرتكب الرشوة في القطاع الخاص وذلك لأن الرشوة في هذا القطاع نقل خطورة عن الرشوة في القطاع العام فقرر لها المشرع في م 127 عقوبة الحبس من سنة الى 5 سنوات.
الفرع الثاني : العقوبات التكميلية:

الى جانب العقوبة الأصلية قرر المشرع عقوبات تكميلية هي الغرامة والمصادرة والحرمان من الحقوق الوطنية.
1-الغرامة : الغرامة عقوبة تكميلية وجوبية يقضي بها في جميع الأحوال ولهذه الغرامة كما تقتضي م 126 من ق ع حد أدنى ثابت خمسمائة (500)دينار جزائري أيضا يقدر بـ خمسة آلاف (5000 ) دينار جزائري وتطبق هذه الغرامة أيضا على المرتشي من القطاع الخاص .
أما عن تشديد عقوبة الغرامة فحسب نص م 126 مكرر ا ق عقوبات تشدد الغرامة لتصبح 5000 دج كحد أدنى و خمسون ألف (50.000) دينار جزائري كحد أقصىاذا كان مرتكب الرشوة قاضيا . كما تشدد الغرامة لتصل الى قيمة ثلاثة آلاف 3000دج كحد أدنى وثلاثون ألف 30.000 دج كحد أقصى اذا كان مرتكب الرشوة كاتب ضبط.
والملاحظة أن تشديد الغرامة متعلق بصفة الجاني وخطورة المهام المناطة بكل من القاضي وكاتب الضبط , وحسن فعل المشرع الجزائري رغم أن مقدار الغرامة المشدد لم يفرق بعد الى الحد الذي يردع المرتشين.
2-المصادر
وهي عقوبة تكميلية يجب على القاضي الحكم بها في جميع الأحوال وتنص م 133 عقوبات بأنه << لا يقضي مطلقا بأن ترد الى الراشي الأشياء التي يسلمها أو تؤدي له قيمتها بل يجب أن يقضي في الحكم بمصادرتها وباعتبارها حقا مكتسبا للخزينة >>.
وتقع المصادرة كعقوبة تكميلية على ما دفعه الراشي أو الوسيط الى المرتشي من فائدة مادية تقبل الحكم بمصادرتها كالنقود أو المجوهرات أو غير ذلك. وبصفة عامة تشتمل المصادرة كافة صور الأموال << أيا كان نوعها أو طبيعتها >> التي يكون الراشي قد سلمها الى المرتشي يسوي في ذلك أن يكون التسليم قد تم للموظف المرتشي نفسه أم شخص آخر عينه لذلك أو اذا كان التسليم قد تم حقيقة أم بصورة رمزية , وجاء على ذلك فلا محل للمصادرة في الأحوال التالية :
*/ اذا كانت الرشوة محض فائدة يصعب تقويمها بالمال أو اذا كانت ذات طبيعة مادية لكنها استهلكت أو هلكت.
*/ لا محل للمصادرة منطقا ان لم يكن ثمة شيء الى الموظف . كقبول الأخير بوعد عطية أو طلبه شيئا كذلك.
*/ لا مجال للمصادرة اذا كان الحكم بها يشكل اخلالا محقوق الغيرب حسني النية . كأن يكون موضوع الرشوة سيارة مسروقة قدمت الى المراشي لا تصح مصادرتها . بل يكون لمالكها حق استرادها حتى اعتبر من قبيل الغير حسن النية . وهو يكون كذلك حتى كان أجنبيا عن مشروع الرشوة ولم يساهم فيه ( ).
3-الحرمان من الحقوق الوطنية
تنص المادة 134 عقوبات على أنه في حالة التي يقضي فيها بعقوبة جنحة فقط بمقتضى احدى مواد هذا القسم فانه يجوز علاوة على ذلك أن يحكم على الجاني بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في م 14 من هذا القانون لمدة سنة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر.
فعقوبة الحرمان من الحقوق الوطنية في جريمة الرشوة هي عقوبة تكميلية لعقوبة أصلية هي عقوبة الجنحة فقط فلا يمكن تطبيقها في الحالات التي يقضي فيها بعقوبة جناية.
واذا عدنا للمادة 14 نجدها تنص على أنه يجوز للمحكمة عند قضائها في الجنحة وفي الحالات التي يحددها القانون أن تخطر على المحكوم عليه ممارسة حق أو أكثر من الحقوق المشار اليها في م 08 لمدة لا تتجاوز 5 سنوات.
فالمادة 14 تحيلنا الى م 08 والتي تنص على أن : الحرمان من الحقوق الوطنية ينحصر في : عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف والمناصب السامية في الحزب أو الدولة وكذا جميع الخدمات التي لها علاقة بالجريمة , الحرمان من حق الانتخابات والترشيح وعلى العموم كل الحقوق الوطنية وفق حمل أي وسام.
المطلب الثاني : عقوبة الرشوة الايجابية
تنص م 129 عقوبات على أنه كل من يلجأ الى التعدي أو التهديد أو الى الوعد أو العطايا أو الهبات أو الهديا ...يعاقب بذات العقوبات المقررة في تلك المواد ضد المرتشي المشرع الجزائري اذا قرر الرشوة الايجابية نفس العقوبة التي قررها للرشوة السلبية لهذا سوف تتم الاشارة الى العقوبة بايجاز لسبق تناولها في جريمة الرشوة السلبية ( ).
الفرع الأول : العقوبة الأصلية
اذا ارتكب صاحب المصلحة أو الراشي جريمة الرشوة الايجابية مستكملة لأركانها على النحو الذي أوضحناه سلفا . كان مستحقا للعقوبة الأصلية التي أشارت اليها م 129 عقوبات والتي هي عقوبة المرتشي نفسها . وبالرجوع الى عقوبة المرتشي نفسها و وبالرجوع الى عقوبة المرتشي الأصلية نجد م 126 تنص على أنها الحبس من سنتين الى عشر سنوات.
1-تشديد العقوبة الأصلية
تشدد العقوبة الأصلية للرشوة الايجابية للأسباب نفسها التي تشدد بها العقوبة الأصلية للرشوة السلبية وهي :
أولا : اذا كان الراشي قبل أو هدف الى رشوة قاضي أو كاتب ضبط فيعاقب بنفس العقوبة المقررة على القاضي المرتشي وكاتب الضبط المرتشي بموجب م 126 مكرر وهي السجن من خمس سنوات الى عشرين سنة اذا كان من عرضت عليه الرشوة أو من قبل الراشي عرضة للرشوة قاضيا
أما اذا كان كاتب الضبط فيعاقب الراشي بالسجن من خمس سنوات الى عشر سنوات.
ثانيا : اذا كان الغرض من الرشوة هو أداء فعل بصيغة القانون بأنه جناية فان العقوبة المقررة لهذه الجناية هي التي تطبق على الراشي وهذا ما قضت به م 130 ق ع .
ثالث : اذا ترتب على الرشوة القاضي أو العضو المحلف أو عضو هيئة قضائية صدور حكم بعقوبة جناية هذا أحد المتهمين فان هذه العقوبة تطبق على الراشي أنظر م 131 ق ع .2-تخفيف العقوبة الأصلية
اذا هدف الراشي الى رشوة عامل أو مستخدم أو مندوب بأجر أو راتب أو قبل عرض هذا الأخير برشوة يعاقب بذات العقوبة على المرتشي وهي الحبس من سنة الى خمس سنوات .
الفرغ الثاني : العقوبات التكميلية :
هي ذاتها المطبقة على المرتشي وهي الغرامة والمصادرة الا أن العقوبة التأديبية التي يتعرض لها الموظف المرتشي أو من قطاع عمله لا تلحق الراشي.
أ-الغرامة :اذا كان المرتشي او من قبل الراشي عرضه للرشوة من الاشخاص المذكورين بالمادة 126 كانت المقدرة على الراشي تتراوح بين خمسمائة 500 دينار جزائري و خمسة الاف 5000 دج .
تشديد عقوبة الغرامة :تشدد الغرامة لتصل الى خمسة الاف 5000 دينارج لحد ادنى و خمسين الاف 50000 دينار جزائري لحد اقصى اذا كان من عرضت عليه الرشوة او من قبل الراشي عرضه للرشوة اعتبر من قبيل الغير حسن النية. و هو يكون كذلك حتى قاضيا .
واذا كان كاتب ضبط تشدد العقوبة ايضا لتصل الى قيمة ثلاث الاف 3000دج لحد اقصى .
ب-المصادرة :نصت م 133 من ق العقوبات :لا يقضي مطلقا بان ترد الى الراشي الاشياء التي سلمها او تؤدى لها قيمتها بل يجب ان يقضى في الحكم بمصادرتها و اعتبارها حقا مكتسبا للخزينة و ينطبق على المصادرة هنا ما قيل عنها عند الحديث عن عقوبة المرتشي .
ج-الحرمان من الحقوق الوطنية :تنص م134 ق ع في الحالة التي يقضي فيها بعقوبة جنحة فقط لمقتضى احدى مواد هاذا القسم فانه يجوز علاوة على ذلك ان يحكم على الجاني بالحرمان من حق او اكثر من الحقوق الواردة في م 14 من هاذا القانون لمدة سنة على الاقل و خمس سنوات على الاكثر و يطبق في هاذا الشان ما قيل عن المرتشي .
مطلب 3: العقوبات التاديبية :
جريمة الرشوة هي جريمة جنائية و جريمة تاديبية في الوقت نفسه فقد نص عليها ق العقوبات كما انها تمثل اخلالا بواجبات الوظيفة وينطوي عليه من سلوك مخالف للفعاليات الواجب مراعاتها .وما تجدر الاشارة اليه ان الجرائم التاديبية لا يمكن حصرها و تحديدها لكن لها ركنان :سنلاحظ انهما ينطبقان على جريمة الرشوة
الركن المادي :و يظهر في العمل الذي يرتكبه الموظف او الامتناع من جانبه عن اداء العمل الذي يدخل في اطار وظيفته و يجب ان يكون لهاذا السلوك ظاهر ملموس لا مجرد تفكير و النوايا و الملاحظ ان هاذا الركن ينطبق على الركن المادي لجريمة الرشوة
الركن المعنوي :و يتمثل الادارة الائمة و ادراك الخطا او المخالفة و القصد بين (التعمد في احداث الفعل )و هو قصد عام فيكفي ان يتم العمل الموجب للمسؤولية عن ادارة واعية يصرف النظر عما اذل كان الفاعل قد قصد ما ترتب على هذا العمل من نتائج و بصرف النظر عما اذا كانت نيته اتجهت الي الاضرار والاساءة و هذا ينطبق على جريمة الرشوة .
العقوبة التاديبية :
لقد حصر المشرع الاداري العقوبات التاديبية و ترك السلطة المختصة لتوقيع الجزاء تقدير ملائمة الجزاء المناسب على الفعل المكون للجريمة التأديبية و هذه العقوبات :
1- عقوبات من الدرجة الأولى ك الانذار والتوبيخ.
2-عقوبات من الدرجة الثانية : الشطب من قائمة الترقية , التنزيل من درجة الى ثلاث درجات , النقل التلقائي , التنزيل في الرتبة الاحالة على التقاعد تلقائيا , العزل دون الغاء الحقوق في المعاش.
وعقوبات الدرجة الأولى يتم اتخاذها بموجب قرار مسبب دون استشارة اللجنة متساوية الأعضاء.
وعقوبات الدرجة الثانية : تتخذ بموجب قرار مسبب بعد أخذ اللجنة المذكورة . أما العزل فلا يمكن أن يقرر البناء على رأي موافق من تلك اللجنة أي أن العزل لا يتم الا اذا وافقت اللجنة متساوية الأعضاء عليه فاذا رفضت فلا يجوز عزل الموظف . وقد أصدر الوزير المشرف على ادارة الوظيفة العامة . وزير الداخلية – القرار رقم 08 لسنة 1969 الصادر في 01 مايو 1969 تضمن بعض الأفعال التي ارتكبها الموظف لسلطته , اختلاس الأموال العامة , القيام بأعمال تجارية غير مشروعة , التزوير في الأوراق الرسمية , الاحصول على الرشوة , و أي فعل يكون جريمة جنائية بمفهوم قانون العقوبات.

فاذا كان الفعل الذي أوقف الموظف من أجله يكون جريمة جنائية تمتد مدة الوقف الى أن يفصل القضاء في الموضوع.
فاذا فصل بادانة الموظف بهذه الجريمة يتم عزله نهائيا عن العمل.
المطلب الثالث: رشوة الوسيط و المستفيد الى القواعد العامة ولم يخصص لها نصا ضمن أحكام الرشوة المصورة في م (126-134 ق ع ج) فجريمة الرشوة تتحقق أيضا عن طريق أطراف أخرى الى جانب الراشي والمرتشي كالوسيط الذي يلعب دور الرسول لأحد الأطراف أو للطرفين الاثنين معا. من أجل تقريب وجهات نظر كل من الراشي والمرتشي فيقوم بهذا الدور مقابل منفعة أو خدمة أو عمولة يتقاضاها باتفاق من يخدم مصلحته.
الفرع الأول : دفتر الشروط:
يعد الوسيط رسولا في جريمة الرشوة فيتدخل اما لصالح المرتشي أو الراشي أو كلاهما معا ويطلق عليه لفظ " الرائش " أحيانا.
وقد ورد اسم الوسيط عرضا في م 127 مما يحملنا التساؤل : جعل أغفل قانون العقوبات جريمة الوسيط في الرشوة ؟ علما أن دور الوسيط في الحياة في الحياة العملية أصبح اليوم خطيرا جدا لما له من تأثير مباشر على عقد صفقات الرشوة وتقريب وجهات النظر بين الجناة كما وقد يتخذه الموظف العام ستارا له يتعامل باسمه ولحسابه مع الراشين فاذا لم تسعفنا النصوص بهذا الشأن ولابد من تطبيق المبادئ العامة.
فطبقا للمبادئ العامة والاجتهادات الفقهية يعتبر الوسيط شريكا لمن تعامل مع , فهو شريك للمرتشي اذا كان تعامله مع الراشي ( ). ولقد أحسن صنعا في ذلك اذ أن الوسيط في الواقع ليس من عمل مستقل فهو شريك لمن كلفه بالوساطة وبالتالي يخضع لأحكام الاشتراك طبقا للمادة 42 ع ج و 127 ع ج . وفي نفس الوقت تطبيق لمسلك المشرع فيما يتعلق بالاشتراك كاحدى النتائج المترتبة عن عدم أخذه بنظرية استعارة التجريم , فدور الوسيط في الواقع هو القيام بدور المساعدة أو المعاونة لأحد أطراف الجريمة سواء كان الراشي أو المرتشي وبمعنى آخر يعد شريك بالمساعدة.
وقد عرفت الفقرة الثالثة من المادة 42 ع ج الشريك بالمساعدة بأنه كل من ساعد بكافة الطرق أو عاون أو الفاعلين على ارتكاب الأفعال التحضيرية او المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك.
ولم تحدد الفقرة الثالثة من م المذكورة طرق المساعدة وهذا يعني أنا تقع بأية طريقة من طرف المساعدة أو المعاونة.
ويترتب على ذلك ليصح تجريم الوسيط بعقوبة الرشوة أن يقوم : بفعل ايجابي يتمثل في العمل على التوفيق بين الطرفين بغرض تنفيذ الرشوة.
ويثور التساؤل حول ما اذا كان الوسيط رسولا صاحب الحاجة الى الموظف عارضا عليه العطية أو الهبة أو الهدية أو أية منفعة أخرى ورفض الموظف هذا العرض بعد عملية التبليغ فما هو الأساس الذي بموجبه يتحدد به عقاب الوسيط في هذه الحالة؟
لقد اختلفت وجهات نظر الفقهاء نظر الفقهاء في ذلك وانقسموا الى قسمين فالبعض يعتبره فاعلا أصليا . والبعض الآخر يرى أنه ماهو الا شريك بالمساعدة . وأساس الاختلاف يمكن من حيث أن الوسيط لا يمكن القول بأنه فاعل أصلي استنادا الى حجتين اثنين هما :
أ-أن جريمة الرشوة لم تقم في الوجود برفض الموظف قبول الهدية أو الهبة ...الخ.
ب-لايمكن القول بأنه فاعل أصلي في جريمة تحريض موظف على الرشوة لأن الفعل الوحيد المكون للجريمة وهو عرض أو اعطاء الهدية أو العطية صدر من الراشي وانحصر دور الوسيط في تبليغ هذا العرض فحسب.
وتأسيسا على ذلك اعتبر البعض عمل الوسيط اشتراكا في الجريمة بالمساعدة ومن ثم يتعين عقابه وفقا للقواعد العامة في الاشتراك . في حين اعتبر البعض الآخر عمل الوسيط فاعلا أصليا في هذه الحالة وتثور هذه المسألة في ظل قانون العقوبات الجزائري بصورة خاصة نظر المضمون م 42/2 التي تقتصر على أن الشروع في الاشتراك معاقب عليه في حالة التحريض فقط دون الصور الأخرى بمعنى دون الاشتراك الوارد في الفقرة الثانية من م 42 ع ج
ولم ينشأ المشرع الجزائري أن يفرق أثناء تقريره للعقوبة المقررة للوسيط ما اذا كان وسيط للمرتشي أو للراشي . اذ أحال م 129 ع ج والمتعلقة بالرشوة الايجابية الى العقوبة الواردة في م 126 ع ج
لكن تختلف العقوبة المقررة للوسيط في جريمة الرشوة ما اذا كان توسط في رشوة ضمن نطاق الوظيفة العامة أو ضمن نطاق الرشوة في القطاع الخاص . ففي الحالة الأخيرة يعاقب بعقوبة جنحة مخففة (بخلاف الأولى ) وهي الحبس من سنة الى 5 سنوات وبغرامة من 500 الى 50.000دج هذا فضلا عن عقةوبة المصادرة التي يجب الحكم بها طبقا للمادة 132 وبعقوبة تكميلية تتمثل بحرمانه من أحد الحقوق الواردة في م14ع ج طبقا لنص م 134 ع ج.
الفرع الثاني : رشوة المستفيد :
جاء ق العقوبات الجزائري من النص على جريمة المستفيد من الرشوة على غرار جريمة الوسيط ويستفاد من ذلك ان المشرع ترك أمر إجرامه الى القواعد العامة ويعد المستفيد طبقا للقواعد العامة شريكا بالمساعدة أو المعاونة طبقا لنص فقرة 2 من م 42 ق ع . وقد سبق أن أوضحنا قصور المادة 46 ع ج والى ما انتهينا اليه من تحليل فقرة 2 من م 42 ع ج , بأن الشروع في الاشتراك معاقب عليه الى جانب الشروع في التحريض الذي نص عليه قانون العقوبات صراحة.
ويتحقق الركن المادي في هذه الجريمة بمجرد أخذ الفائدة أو الدية التي قدمها الراشي اليه بحيث يستوي أن يكون المرتشي قد عين المستفيد باتفاق مع الراشي , وهي الصورة الغالية عملا.
وتحقق جريمة رشوة المستفيد دون الموظف كأخذ زوجة الموظف الفائدة وهو يجهل فعل زوجته أو يعلم به ولكنه لا يقره . فان تلقت الزوجة الهدية عالمة بسببها ولم تخبر زوجها بذلك أو أخبرته فلم يوافق على تصرفها . فتعاقب الزوجة وحدها بعقوبة الرشوة في هذه الحالة في حين لا يعاقب زوجها لأنه لم يصدر منه أو يقع فعل الارتشاء فلا يسند اليه أي تصرف اجرامي وعليه يمكن تصور قيام اجرام المستفيد مستقلا بمجرد تسلمه العطية أو الفائدة من الراشي مع علمه بالسبب.
ويتعين لقيام جريمة المستفيد\ توافر القصد الجنائي لديه . والقصد المطلوب هو القصد العام بحيث يكون المستفيد قد أخذ الفائدة عالما بالسبب الذي من أجله بذلت وهو شراء ذمة الأشخاص الواردين في م 126 ع ج ومن في حكمهم على الاتجار بأعمال الوظيفة أو الخدمة.
وان اثبات هذا القصد مسألة موضوعية متعلقة بالوقائع فان جهل المستفيد بالسبب الذي من أجله قدمت له الفائدة أو العطية فلا يعاقب لو عوقب الموظف اذا كانت جميع أركان جريمته متوافرة.
ونفس العقوبة المقررة للوسيط هي ذاتها مقررة له طبقا لنص م 44 ع ج فضلا عن المصادرة أن كان محل لذلك م 133 ع ج والحرمان من التمتع بحق أو أكثر من الحقوق الواردة في م 14 عملا بالمادة 134 ع ج.
المبحث الثالث : عقوبات التشريع اللبناني :
ويقضي بيان عقوبة الرشوة أن نتعرض لعقوبة الرشوة في صورها البسيط ثم لعقوباتا في صورتها المشددة وقد يتداخل جريمة الرشوة في حق الراشي او الوسيط مما يستدعي التعرض لعقوبة المتدخل في جريمة الرشوة.
المطلب الأول : عقوبة الرشوة البسيطة
لقد نص المشرع اللبناني في عقوبة الرشوة البسيطة الى عقوبات أصلية وأخرى اضافية وعقوبات فرعية وهي التي تقررها القواعد العامة.
الفرع الأول ك العقوبة الأصلية
حددت المادة 301 ع لبناني هذه العقوبة بالحبس من ثلاثة أشهر الى ثلاثة سنوات ويستحق هذه العقوبة الموظف المرتشي الذي يقوم بعمل شرعي من أعمال وظيفته وهي تطبق على المرتشي فاعل الجريمة سواء كان واحد أو متعددا فمن المتصور أن يتعدد الفاعلون في مقابل قيامة بالعمل , وفي هذه الحالة توقع على كل منهم عقوبة المرتشي . أي الحبس من ثلاثة أشهر الى ثلاث سنوات.
ويلاحظ أن المشرع لم يجعل من ذلك التعداد ظرفا مشددا وعقوبة الرشوة في مجال القطاع الخاص هي الحبس من شهرين الى سنتين والغرامة من ألف الى مائتين ألف ليرة ويجوز للقاضي أن يستخدم السلطة التقديرية المخولة له في حالة توافر طرف مخفف للعقاب المادة 203 عقوبات ذلك أن المشرع لم يخطر عليه تطبيق الأسباب المخففة بصدد جريمة الرشوة.
وبالنظر الى العقوبة المقررة لجريمة الرشوة في صورتها البسيطة فانها توصف بوصف الجنحة.
الفرع الثاني : العقوبات الاضافية لجريمة الرشوة
وهذه العقوبة النسبية وهي عقوبة اضافية وجوبية فهي اضافية أي أنها ثانوية لا توقع بمفردها وانما مع العقوبة الأصلية وترتبط بجريمة الرشوة وهي وجوبية اذ يجب على القاضي أن ينطق بها في حكم والا كان الحكم غير صحيح مما يوجب تصحيحه بالنص عليها فيه.
وقد بينت المادة 301 ع لبناني مقدرا هذه الغرامة بألا يقل مقدارها عن :
<< ضعف قيمة ما أخذ أو قبل به >> ويطلق على الغرامة التي قررها المشرع هنا بالغرامة النسبية وذلك لتناسبها مع الفائدة أو المقابل الذي يحصل عليه المرتشي أو الذي كان محتملا أن يحصل عليه عن طريق الوعد به . ولكنها غرامة نسبية ناقصة لأن المشرع قيد حدها الأدنى بضعفي ما أخذ الموظف المرتشي أو قبل به . وهي في كل الأحوال لها صفة العقوبة لا صفة التعويض وهذه الغرامة قاصرة على رشوة الموظف العام أو من في حكمه فلا يخضع لها عمال ومستخدمي القطاع الخاص.
الفرع الثالث : العقوبات الاضافية والفرعية الأخرى التي تقررها القواعد العامة
وهي لم ينص عليها الشارع اللبناني صراحة وانما تقررها القواعد العامة كعقوبة المصادرة وقد نصت المادة 29 عقوبات على مصادرة جميع الأشياء التي نتجت عن جناية أو جنحة مقصودة أو التي استعملت أو كانت معدة للاقترافها أما العقوبات الفرعية كعقوبة الحرمان من بعض الحقوق المدنية وهذا ما جاء في المادة 25 كل محكوم << عليه بالحبس أو الاقامة الجبرية في قضايا الجنح يحرم طوال تنفيذ عقوبته من ممارسة حقوقه المدنية...>>
المطلب الثاني : عقوبة الرشوة المشددةك
وهو ما جاء في نص المادة 302 ع لبناني أي وجود التشديد المرتبط بالخروج عن الحدود الشرعية للوظيفة أي اذا كان العمل الوظيفي غير شرعي أي مخالف لواجبات ومقتضيات الوظيفة أو تمثل في اهمال أو تأخير ما كان يجب عمله على الموظف تصبح الجريمة جناية . وتشدد العقوبة ويكون الجزاء الأشغال الشاقة المؤقتة وكذلك الغرامة التي لا تقل عن ثلاثة أضعاف قيمة ما أخذه الموظف أو قبل به وهي عقوبة اضافية وجوبية.
وبالاضافة الى العقوبات السابة للحرية والغرامة النسبية فان هناك عقوبات أخرى يمكن تطبيقها بمقتضى القواعد كعقوبة المصادرة التي تنص عليها م 29 ق ع لبناني وعقوبة الحرمان من بعض الحقوق المدنية التي تقررها م 25 ع لبناني .
أما عن عقوبة الراشي باعتباره فاعلا آخر في الرشوة نصت لمادة 303 ع عقاب الراشي بذات عقوبة المرتشي.
ولقد حرص المشرع اللبناني في نص المادة 302 فقرة 02 على تطبيق المرتشي على المحامي الذي يطلب أو يقبل فائدة لأداء عمل مخالف بمقتضيات المهمة أو ليهمل أو يؤخر ما كان عمله واجبا عليه وهو تشديد قائم على نوع العمل المطلوب منه. ونفس المادة 303 ق 2 ع لبناني تنص على اعفاء الراشي أو المتدخل من العقوبة اذا اباح بالأمر للسلطة ذات الصلاحية أو اعترف به قبل احالة القضية للمحكمة و الموظف لا يجوز أبدا اعفاؤه من العقوبة لأنه قد يستجمع سلوكه كامل الجرم في مشروع الرشوة ( ).
ويتحقق اعفاء الراشي أو الوسيط من العقاب في حالتين
1-الاخبار عن الجريمة للسلطات العامة ويؤدي بالأخبار عنها الى كشفها وضبط مرتكبها ولا يستفيد الراشي أو الوسيط من الاعفاء اذا وصل العلم لجريمة الرشوة لعلم السلطات من جهة أخرى ويشترط أن يكون الراشي أو الوسيط صادقا وشاملا مختلفا عناصر الجريمة . على النحو الذي يحدد الأشخاص من المساهمين فيها . ولم يحدد المشرع اللبناني للسلطات الواجب الأخبار فيها عن الجريمة وذلك لفتح المجال أمام المبلغ عن الجريمة في اية مرحلة من مراحل الاجراءات ليستفيد من الاعفاء ويكفي أن يتقدم بالبلاغ أمام السلطة المختصة أي كل جهة يمكنها إجراءالضبط أو التحقيق أو رفع الدعوى الجنائية وغيرها.
2- الاعتراف بالجريمة : أي يكون صادقا كاملا يعطي جميع وقائع الرشوة التي ارتكبها الراشي الوسيط .دون نقص أو تحريف وأن يكون حاصلا لد\ى جهة الحكم حتى يتحقق فائدته فان حصل الاعتراف أو لدى جهة تم عدل عنه لجى المحكمة . فلا يمكن أن ينتج عنه الاعفاء , ويكون أثر الاعتراف منتجا بصرف النظر عن قوته كدليل من أدلة الاثبات ويستوي في هذا أن يكون الاعتراف تلقائيا من جانب الراشي أو الوسيط أو بعد تضيق الخناق عليه بالأسئلة .
ويعد كل من الأخبار أو البوح في جريمة الرشوة سببان للاعفاء من العقوبة في العقوبات السالبة للحرية والغرامة دون أن يمتد أثره الى الاعفاء من عقوبة المصادرة لأن حيازة مقابل الرشوة يعد مخالفا للنظام العام.
الفصل الثالث: الجرائم الملحقة بالرشوة
إن جريمة الرشوة في صورتها العادية تفترض وجود طرفين هما:
الموظف المرتشي و صاحب المصلحة الراشي, و بالإضافة إلى ذلك, يجب لقيام هذه الصورة من الرشوة توافر أركان معينة, إذا تخلف إحداها امتنع العقاب على الرشوة, و رغم ما قد يمثله السلوك من إخلال بالثقة في الوظيفة العامة و المساس بنزاهتها و وحدة من يقومون عليها. من أجل لك نص القانون على تجدي صور أخرى للرشوة بجانب الصورة الأساسية لها. كما ألحق بجريمة الرشوة بعض الجرائم التي تشبه بها و تشكل مثلها عدوانا على نزهة الوظيفة و أمانتها. و هذه الجرائم هي: استغلال النفوذ, و عرض الرشوة, المكافأة اللاحقة, الرجاء أو التوصية أو الوساطة, التوسط في أخذ العطية أو الفائدة, و عرض أو قبول الوساطة في الرشوة يضاف على ذلك أن المشرع عاقب على الرشوة في نطاق المشروعات الخاصة.
المبحث الأول: رشوة المستخدمين في المشاريع الخاصة
علة تجريم رشوة المستخدمين في المشروعات الخاصة هي للأهمية الاقتصادية و الاجتماعية الكبة التي بلغتها هاته المشروعات الخاصة أو بعضها على الأقل في المجتمع الحديث, و هذه الأهمية فرضت على المشرعين الحرص على نزاهة أعمالها و عمالها تمكينا لها من أداء دورها الاجتماعي الحيوي و تشترك هذه الرشوة مع الرشوة العادية في أغلب أركانها و لهذا فسوف تدرس رشوة المستخدمين في المشروعات الخاصة بشيء من التفصيل في التشريعات محل المقارنة و تبيان أهم نقاط الاختلاف بين هاته الرشوة و الرشوة العامة.
المطلب الأول: الصفة المفترضة للجاني
لقد جرم كل من القوانين و نصت على هذه الجريمة فالمشرع المصري نص في مادته 106" كل مستخدم طلب لنفسه..." و المادة 177ع المتعلقة بالرشوة السلبية و المشرع الجزائري خصص لجريمة الرشوة في القطاع الخاص بنص خاص مستقل عن الجريمة الواردة في المادة 126ع و مختلف في ذلك عن مصدره التاريخي القانون الفرنسي الذي نص على الجريمة ضمن المادة 177 كما ذكرنا سالفا و المادة 127 نصت " يعد مرتشيا و يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و بغرامة من 500 إلى 5000 دج كل عامل أو مستخدم أو مندوب بأجر أو مرتب على أية صورة كانت..."
أو بطريق مباشر أو عن طريق وسيط وبغير علم مخدوميه أو رضائه وذلك للقيام بأداء عمل من أعمال وظيفته أو بالامتناع عنه أو بأداء عمل و إن كان خارجا عن اختصاصه الشخصية إلا أن من شأن وظيفته أن تستعمل له أداء أدائه أو كان من الممكن تسهيله له.
و لقد استخدم كل من المشرعين السالفي الذكر لفظ مستخدم بحيث أن مدلول العبارة الأخيرة يتسع ليشمل كل شخص تربطه بصاحب رب العمل علاقة تبعية قانونية للعمل في مشروع خاص و لا يصدق وصف المشروع الخاص على المشاريع التي تساهم الدولة بنصيب في رأسمالها بأية صفة كانت فمثل هذه المشروعات بغي العمال فيها من قبيل الموظفين العموميين الذي تسري عليهم أحكام الرشوة العادية.
و بمجرد انعقاد علاقة العمل تتولد حالة من التبعية بين العامل و صاحب العمل.
و المشرع المصري اشترط شرطان أساسيان لتوافر صفة المستخدم في مشروع خاص. و الأول هو قيام علاقة تبعية بين المستخدم وصاحب العمل و لا عبرة أن تكون هذه العلاقة دائمة أو مؤقتة كما لا أهمية لطبيعة نوع العمل الذي يؤديه المستخدم. فاللفظ عام يتسع لكبار المستخدمين و لصغارهم و هذا ما أكده أيضا المشرع الجزائري أن تكون الصلة التبعية مستمرة إذ قد تكون مؤقتة لبضع ساعات أو يومية فمتى ثبت ذلك فالعلاقة قائمة و الجريمة ثابتة. كما أن جارسون أكد على أنه ليس من الضروري أن تكون بين المرتشي و التاجر أو جل الصناعة أو الأعمال في شكل عقد إيجار أو خدمات بل يكفي مجرد وكالة ما دامت بمقابل و على أي شكل كانت و لقد قضت الغرفة المدنية بمحكمة النقض الفرنسية بتوافر صفة الجاني في عدة قرارات و في قضايا مختلفة على مستخدمين في شركات متنوعة.
و الشرط الثاني أن يكون العمل الذي يؤديه المستخدم مأجورا عنه فإن كان العمل تطوعيا بالتالي تنتفي صفة المستخدم و هذا ما أخذ به المشرع إذ بتوافر صفة المستخدم فلا أهمية بعد ذلك بنوع أو شكل الأجر الذي يتقاضاه الأخير فقد يكون مرتبا يدفع شهريا أو يوميا أو نصيبا من الأرباح و سواء كانت نقودا أو أشياء عينية و هذا يعني أنه قد يكون غير محدد المقدار و هو ما يعنيه المشرع الجزائري في م 127 بقوله:".. مندوب بأجر أو مرتب على أية صورة كانت..."
و منه جب توافر هذه الصفة حتى تقوم جريمة الرشوة في المشروعات الخاصة .
المطلب الثاني: الركن المادي و المعنوي لجريمة الرشوة في المشروعات الخاصة
لا تختلف الأركان المادية و المعنوية في هذه الجريمة عنه في جريمة الرشوة العادية للموظف العام و من في حكمه فلا تزيد و لا تقل.
الفرع الأول: الركن المادي
لا تزيد صور الركن المادي و لا تقل في جريمة الرشوة في المشروعات الخاصة عن أركن جريمة الرشوة العادية فقوام الركن المادي هو طلب المستخدم أو قبوله أو أخذه عطية أو وعدا لأداء عمل من العمال المكلف بها أو للامتناع عنه بغير علم و رضاء رب العمل و نلاحظ بعض الفروق بين الجريمتين:
1- ضرورة توافر اختصاص المستخدم الحقيقي بالعمل مقابل الرشوة و هو ما يستفاد من قول المشرع المصري:"... لأداء عمل من الأعمال المكلف بها..." و مؤدى ذلك استبعاد حالة الاختصاص المزعوم و المتوهم من نطا ق التجريم.
2- أن يتم طلب المستخدم او قبوله أو أخذه الفائدة غير المستحقة دون علم رب العمل و دون رضاه فإن وافر علم رب العمل بذلك انتفت الجريمة في حق المستخدم و يصبح المقابل و كأن العطية أو المكافأة في هذه الحالة تصبح نوعا من الهبات التي تعطى للمستخدم و ما يسميها العامة و المصريين أكثر بالبقشيش و لكن يشرط في علم المستخدم أن يكون معاصر الفعل المستخدم المرتشي بالطلب أو القبول أو غير ذلك,. إذ لا عبرة بفعله اللاحق بعد تمام الفعل المقترن بهذا الطرف لأن الجريمة تكون قد تمت حينئذ و هذا ماجاء في عبارة " بمجرد الأخذ" في المادة 127 ع جزائري و ليس بعد ذلك. و يجب لقيام هاته الرشوة أن تكون المكافأة التي يتحصل عليها المستخدم لها صفة الخفاء "occulte" .
و لقد قضي في فرنسا بتطبيق الفقرة 2 من المادة 177 على مستخدم في محل لبيع الألبان اتفق مع زبائن على تسلم عمولة بدون علم و رضاء رب العمل مع العلم أن هاته العمولة ليست مقررة لهم لنصيب من أجورهم و هي زيادة على الهبة التي تقدم على سبيل الامتنان من قبل الزبائن
و منه فهذه الرشوة بمعناها الدقيق تستوجب أن يكون المستخدم أو العامل المرتشي قد قام بعمل أو امتنع عن عمل يدخل في نطاق عمله إلا أن هذا المعنى من شأنه أن يبرر عدم معاقبة الأخير إن قام بتصرف لا يحمل أصلا ضمن الأعمال الموكولة له في حين أنها سهلت له القيام بذلك و لهذا رؤى معاقبته في الحالة الأخيرة لمحاربة هذا النوع من الاتجار الذي يضر بالمخدوم أو رب العمل حماية لمصالحه.
و هذا يدل على أن التشريعات قد توسعت في نطاق الرشوة في المشاريع الخاصة و اختلفت عقوباتهم.
و انطلاقا من هذا المبدأ في توسيع دائرة تجريم الفعل و المستخدم فإن من بين الأعمال التي تدخل ضمن واجبات الأخير أثناء مدة التعاقد ما دامت الرابطة قائمة عدم إفشاء أسرار المهنة و بهذا قضت محكمة النقض الفرنسية في حكم لها ضد مستخدم تقاضى رشوة من أجل إعطاء معلومات تتعلق بمهنته إلى محل منافس للمحل الذي يزاول فيه عمله و لا يهم بعد ذلك أن يسبب العمل أو الامتناع عنه ضررا للمخدوم إن القانون لم يتطلب توافر ركن الضرر الذي يحدث لرب العمل أو المستخدم من أفعال المرتشي حتى يمكن مساءلته جنائيا و الواقع أنه في جميع الحالات لا بد أن يحدث ضرر للمخدوم أو على الأقل تحقق ضررا معنويا له.
و يجب دائما أن نذكر أن التشريع المصري في هذه الرشوة ميز بين الرشوة في المشروعات الخاصة البسيطة و أخرى جريمة مشددة و التشديد واردة في م 06 مكرر (م) ق ع مصر " كل عضو بمجلس المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقا للقواعد المقررة قانونا بإحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانونا ذات نفع عام. و كذلك كل مدير أو مستخدم في إحداها طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من اعمال وظيفية أو يزعم أنه من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها يعد مرتشيا و يعاقب بالسجن لمدة لا تزيد على 7 سنين و غرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه و لا تزيد على ما أعطى أو وعد به و لو كان الجاني يقصد عدم القيام بالعمل للامتناع عنه أو عدم الإخلال بواجبات الوظيفة و يعاقب الجاني بالعقوبة دائما إذا كان الطلب أو القبول أو الأخذ لاحقا لأداء العمل أو بالامتناع عنه للإخلال بواجبات الوظيفة و كان يقصد المكافأة علم ذلك و بغير اتفاق ذلك".
و علة التشديد هي أن هذه الهيئات التي أشار إليها المشرع في هذا النص هي أشخاص معنوية خاصة و لا تخضع لوصايتها الإدارية و هي من ناحية ثانية لست من هيئات القطاع العام إذ لا تساهم الدولة في رأسمالها بنصيب ما أي أناه لم تخضع لتأميم كلي أو جزئي و لولا هذا النص لاعتبرت مشروعات خاصة و طبقت عليها المادة 12 ق ع لكن التنازع أعطى أهمية لهذه لهيئات و ذلك لما تلعبه من دور أساسي في بناء المجتمع و أركان هذه الجريمة أقرب إلى أركان الرشوة العادية منها إلى أركان رشوة المستخدمين في المشروعات الخاصة. فيتعين أن تتوافر صفة خاصة للجاني إذ يجب أن يكون موظفا مختصا في إحدى الهيئات التي أشار النص إليها كما يتبين أن يكون مختصا بالعمل أو بالامتناع الذي يتلقى مقابل الرشوة نظيرة و تتطلب هذه الجريمة ركنا ماديا تتحدد عناصره وفقا لذات القواعد التي تخضع لها في الرشوة العادية و بهذا تتوصل أن الركن المادي في جريمة رشوة المشروعات الخاصة هي نفسها في الجريمة العادية
الفرع الثاني: الركن المعنوي
إن هذه الجريمة عملية يتطلب قيامها توافر القصد الجنائي لدى المستخدم فلا بد من إرادية السلوك أي اتجاه إرادة المستخدم إلى طلب الرشوة أو قبولها أو أخذها و لا بد ان يكون عالما بأن ذلك مقابل العمل أو الامتناع عن العمل دون علم أو رضاء رب العمل.
و يتطلب الركن المعنوي بالإضافة إلى ذلك نية خاصة (القصد الخاص) أي علم المستخدم بأنه يتلقى الفائدة أو يطلبها أو يقبلها بهدف الاتجار بأعمال خدمته المكلف بها. فلا بد إذن لقيام القصد الجنائي أن يكون منتوبا إلى تنفيذ ما يطلب لها. و هذا أيضا مظهر آخر لتميز هذه الجريمة عن جريمة رشوة الموظف و لو كان الأخير لا ينوي حقيقة تنفيذ العمل و علة ذلك أن نص التحريم يساوي بين الاختصاص الحقيقي و الاختصاص المزعوم أو المتوهم من جانب الموظف أم فيما يتعلق برشوة المستخدم في المشروع الخاص فلأنه لا بد من اختصاصه الحقيقي بالعمل المكلف به كان منطقيا اشتراط قصد الاتجار بهذا العمل
و هذا ما أخذ به المشرع المصري في المادة 06 . أما في كل من التشريع الجزائري و الفرنسي أن القصد في الرشوة في المشاريع الخاصة لا يخرج عن القصد في الرشوة السلبية في نطاق الوظيفة العامة في المادتين 126ع جزائري و المادة 177 فقرة 1 ع فرنسي فتقوم جريمة المستخدم إن كان قصده من الطلب أو القبول أو الوعد... لأداء عمل من الأعمال المكلف القيام بها أو الامتناع عنها.
فمتى توافرت النية الإجرامية المعنية أي قصد الجاني إذا كان مرتشيا للاتجار بأعمال وظيفته و إذا كان مرتشيا انطوت نيته إلى شراء ذمة المستخدم و هو ما يسمىبالقصد الجنائي الخاص الذي يتعين توافره لدى كليهما.
و هنا يمكن إثبات الرشوة بكافة وسائل الإثبات و من بينها البينة و القرائن.

المطلب الثالث: عقوبات الرشوة في المشروعات الخاصة
لم تختلف التشريعات في تكيف هذه الرشوة على انها جنحة و لكنها اختلفت في العقوبات المقدرة من تشري لآخر. فالمشرع المصري نصت في 110 ع علىأن جريمة الرشوة المستخدمين ف المشروعات الخاصة الفردية جنحة عقوبتها الحبس مدة لا تزيد على عامين و غرامة لا تقل عن 200 جنيه و لا تزيد على 500 جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين فضلا عن وجوب مصادرة ما دفعه الراشي أو الوسيط و يستفيدان من الإعفاء بالاعتراف أو الإخبار تطبيقا للمادة 107 مكرر فرعمصري. و لا يعاقب على الشروع هنا لأننا بصدد جنحة ولم يرد نص يقرر العقاب على الشروع فيها.
- كما أنه سيري على هذه الجريمة عند المشرع المصري ظرف التشديد المنصوص عليه في م 108 أي إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد عوقب المستخدم بالعقوبة المقررة لهذا الفعل غرامة لا تفل عن ألف جنيه و لا تزيد على قيمة ما أعطى أو وعد.
و المشرع المصري يعاقب كل من الراشي و الوسيط باعتبارهما شريكين للمستخدم طبقا للقواعد العامة للاشتراك المادة 41 ع و يعفي كل منهما من العقاب بالإخبار أو الاعتراف و الشروع في هذه الرشوة المشددة معاقب عليه لأننا بصدد جناية
أما عقوبات هذه الجريمة في الق الجزائري حددت في المادة سالفة الذكر 127 ق ع " عقوبة رشوة العامل أو المستخدم بالحبس من سنة إلى 5 سنوات و غرامة من 500 إلى 1000 دج..." و بقليل من التمعن نلاحظ أن هذه العقوبة مختلفة عن عقوبة الجريمة في م 126 فهنا هي جنحة مخففة و لكن مبلغ الغرامة واحد للجريمتين.
و التخفيف له ما يبرره إذ المصلحة المعتدي عليها تختلف عن المصلحة المحمية التي تقع في دائرة جريمة الرشوة في إطار الوظيفة العامة.
و قد جعل المشرع الجزائري عقوبة الحبس و الغرامة وجوبيتين و لم يتبع طريقة المشرع الفرنسي في المادة 177 ف2 و المصري في م 110 في جعلهما العقوبتين تقديريتين تخضعان لسلطة القاضي الذي يملك الخيار في تقدير العقوبة إن شاء قررهما معا أو حكم بعقوبة واحدة دون الأخرى و حدد ق العقوبات في نص المادة 127 ع ج على قرار العقوبة الواردة في كل من المادتين 126 و 128 ع ج سواء قام العامل أو المستخدم المرتشي بعمل يدخل ضمن وظيفته أو امتنع عن القيام بها أو كان العمل خارجا عن اختصاصه إلا أن من شأن وظيفته أن سهلت له أداء حاجة الراشي في حين أن القانون الفرنسي خفف عقوبة الغرامة في الحالة الخيرة بالنسبة للعامل المرتشي على غرار العقوبة المقررة في نطاق الوظيفة العامة.
فهنا التشديد عند المشرع الجزائري هو كضمان كافي لأرباب العمل غير المستغلين من أجل توظيف أموالهم في النشاطات الاقتصادية المختلفة و حماية لمصالحهم من عبث عمالهم و مخدوميهم.
و يطبق الظرف المشدد الوارد في المادة 13 ع جزائري بدوره بالنسبة لرشوة المستخدم أو العامل على غرار الموظف العمومي و من في حكمه فإذا كان الغرض من الرشوة هو أداء فعل بصفة القانون بأنه جناية فإن العقوبة المقررة لهذه الجناية هي التي تطبق على مرتكب الرشوة.
و تتبع هذه العقوبات مصادرة الأنباء التي ما زالت في عهذه المرتشي و لا ترد إلى الراشي و اعتبارها حقا مكتبيا للخزينة العامة المادة 133 ع ج.
و لا يتصور المشرع الجزائري حدوث الشروع لأن اعتبر مجرد حصول الطلب من المرتشي أو العامل جريمة تامة و المادة 128 ع جزائري صؤيحة في ذلك " يعد مرتشيا كل عامل أو مستخدم أو مندوب بأجر أو مرتب على أية صورة كانت طلب..." و هذا أيضا على غرار م 126 ق ع ج.
و عقوبات المشرع الفرنسي جاءت في م 177 ف 1 و التي تعاقب العامل بالحبس من عام إلى 3 سنوات و بغرامة مالية من 900 إلى 9000 فرنك أو بإحدى هاتين العقوبتين و إذا كان الغرض من الجريمة هو أداء فعل يسهل أعمال وظيفته يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى عامين و بغرامة من 300 إلى 6000 فرنك أو بإحدى العقوبتين المادة127ف3.
و في كلتا الحالتين يجوز منع المتهم من ممارسة حقوقه المنصوص عليها في المادة 42 لمدة من 5 سنوات إلى 10 سنوات و مع مصادرة الأشياء المادة 180 فقرة 3 و 4 و المشرع الفرنسي وضع أيضا على غرار التشريعات الأخرى ظرف التشديد الذي مؤداه إذا كان الغرض من الرشوة أداء فعل إجرامي هنا يحكم عليه بعقوبة الجناية لهاته الجريمة.
المادة 180 ق1




المبحث الثاني: جريمة استغلال النفوذ
لقد نصت على جريمة استغلال النفوذ المادة 106 مكرر من قانون العقوبات المصري التي تنص:" كل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو محاولة الحصول من أية سلطة عامة على أعمال او أوامر أو أحكام أو قرارات أو بناشين أو التزام أو تراخيص أو اتفاق على توريد أو مقاولة أو على وظيفة أو خدمة أ وأية مزية من أية نوع يعد في حكم المرتشي و يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 104 من هذا القانون أن كان موظفا عموميا و الحبس بغرامة مالية لا تقل عن مائتي جنه و لا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط في الأحوال الأخرى و يعتبر في حكم السلطة العامة كل جهة خاضعة لإشرافها".
و بهذا النص نلاحظ أن المشرع المصري أخذ هذه الجريمة على أنها صورة من الرشوة الحكمية و لذلك اعتبر المشرع الموظف المستغل لنفوذه في حكم المرتشي و إن كان قد قرر له عقوبة الرشوة في صورتها المشددة المنصوص عليها في م 104 ق ع مصري.
أما المشرع الجزائري فلقد اعتبر جريمة استغلال النفوذ في حكم الرشوة و نص على عقابها في المادة 128 ع ج و هذا نظرا لما يلحق نزاهة الوظيفة من مضار.
إن استعمل الشخص نفوذه الحقيقي أو المفترض و المشرع الفرنسي نص على جريمة استغلال النفوذ ضمن نفس المادة التي تنص فيها على جريمة الرشوة المادة 177 و فصل فيها أكثر في م 177 يجدر بنا الإشارة إلى لافرق بين الرشوة العادية و استغلال النفوذ عموما هو من حيث ناحيتين:
الحالة1: أن الفاعل في جريمة استغلال النفوذ لا يهدف من وراء تلقيه الفائدة غير المستحقة إلى القيام بنفسه بعمل أو الامتناع عن عمل أو الإخلال بأحد واجبات وظيفته كما يقرضه نموذج جريمة الرشوة و لذلك لا تشار في جريمة استغلال النفوذ. يهدف مستغل النفوذ إلى استعمال نفوذ الحقيقي أو المزعوم لكي يحمل الموظف العام أو السلطات العامة على القيام بعمل معين لصالح المصلحة.
الحالة2: إن جريمة استغلال النفوذ ليست من جرائم ذوي الصفة كالرشوة فيجوز بالتالي أن يكون مستغل النفوذ فردا عاديا من احاد الناس و مع ذلك فقد جعل المشرع من صفة الموظف العام طرفا مشددا لجريمة استغلال النفوذ يترتب عليه تشديد عقوبة الفاعل و تغييره وصف الفعل من جنحة إلى جناية.
و فيما عدا هذين الفارقين فإن الجريمتين تشتركان في سائر الأركان من حيث صور الفعل المادي كما أنهما جريمتان عمديتان فضلا عن اتحادهما من حيث خطورتهما على سمعة الإدارة العامة لدى الأفراد.
و من هنا سوف نقوم بدراسة تحليلية لهذه الجريمة و نبين فيها نقاط الاختلاف أكثر في التشريعات.
و يجب أن نقول أولا أن جريمة استغلال النفوذ ليست من جرائم ذو الصفة و منها هذه الجريمة تقوم على ركنين ركن مادي و ركن معنوي.
المطلب الأول: الركن المادي لجريمة استغلال النفوذ
لا يختلف الفعل المادي في جريمة الرشوة سواء بالنسبة للمتجر بنفوذه أو بالنسبة لصاحب الحاجة أو الضحية.
و يتحقق الركن المادي إذا قام الجاني بطلب أو قبول عطية او وعدا أو يطلب أو يتلقى هدية أو أية منافع أخرى مقابل استعماله النفوذ الحقيقي أو المفترض لدى السلطات العامة أو الجهة الخاضعة لإشرافها للحصول أو محاولة الحصول على مزية من أي نوع فمجرد طلب الشخص وعدا أو عطية لاستغلال نفوذ و رفض صاحب الحاجة طلبه تقوم به جريمة تامة لا مجرد شروع.
و يلاحظ انه لا قيام لجريمة استغلال النفوذ إذا كان مقابل الفائدة حصل عليها الجاني هو استعمال نفوذه لدى هيأة خاصة لا تخضع لإشراف السلطة العامة.
و يجب كذلك أن تكون صور الركن المادي (الطلب- القبول..) بقصد تحقيق غرض من الأغراض التي نصت عليها مختلف التشريعات و الجزائري في م 128و م 106 مكرر من ق العقوبات المصري والمادة 177 ق ع فرنسي و هو الحصول على أوسمة او ميزات أو مكافآت أو مركز أو خدمات أو بناشين كما ذكرت المادة المصرية أو تراخيص أو اتفاقت توريد أو مقاولات... أو أي ميزة من أي نوع يعد في حكم المرتشي.
و معظم هذه النصوص وضعت عبارات عامة موسعة كالوظائف الخدمات و المراكز و يجب عند تفسيرها التوسع في مدلولها و هي تغيير في نفس الوقت عن إرادة المشرع بأنه يعاقب الجاني و لو استغل نفوذه في وظائف وضيعة.
و كذلك التوسع في مدلول عبارة مزايا الواردة تتضمن كل قرار إيجاني من السلطة العمومية يحصل عليها صاحب الحاجة عن طريق نفوذ الجاني بدلا من حصولها بالطرق المشروعة أو القانونية. و هو ما استقر عليه قضاء محكمة النقض الفرنسية إذ فسرت لفظ بناشين و أنواط تفسيرا موسعا و أدخلت ضمن مدلولها البناشين الأجنبية كنيشان الافتخار تدخل ضمن عبارة المزايا العفو الذي يصدره رئيس الجمهورية بصدد الحكم و بهذا فإن كل هاته الأفعال في الركن المادي هي واردة في كل التشريعات على سبيل المثال لا على سبيل الحصر.
و رغم التوسع في تحديد معنى المزية فثمة قيدان يردان عليها فيشرط ان تكون سلطته وطينة بحيث يخرج من نطاق النص استغلال النفوذ للحصول عل مزية من سلطة أجنبية
فهذا الشرط يقتضي إذن أن تكون السلطة التي تعهد الجاني بال لديها سلطة وطنية و لا يكون هناك جريمة إذا كان مقابل الفائدة التي تلقاها الجاني هو التذرع بنفوذه لحصول على مزية من سلطة أجنبية كإحدى السفارات و ليس بشرط ان تكون السلطة جزءا من الحكومة المركزية و إنما يجوز أن تكون "جهة خاضعة لإشرافها".
أما الشرط الثاني و هو أن تكون المزية التي يستهدفها الزاعم بالنفوذ هي مزية ممكنة التحقيق و ان تكون للسلطة التي يفترض فيها تحويل هذه المزية وجود حقيقي بحيث يخرج من نطاق النص كل من يوهم آخر بأنه ارتكب جريمة و أنه يستعمل على حفظ التحقيق فيها مثلا إذ تدخل هذه الجريمة و مساببها إذا توافرت أركانها تحت جريمة النصب لا استغلال النفوذ .
و لا يشترط لتحقيق هذه الجريمة أن يكون الجاني قد قام بمساعيه لدى الجهة التي ادعى بأن له نفوذ فيها . و ذلك ليبعث في اعتقاد صاحب المصلحة ان له نفوذا إذ لا يلزم لتوافر الجريمة أن يتذرع الفاعل بنفوذه لدى السلطة العامة نفسها بل يكفي أن ينسب لنفسه نوفذا لدى جهة خاضعة لإشراف السلطة العامة متى كانت المزية مطلوبا الحصول عليها من هذه الجهة.
و بهذا فمتى توافرت هذه الشروط كلها تمت الجريمة سواء تحقق الغرض المطلوب أو لم يتحقق و سواء حاول الفاعل الحصول على المزيد المطلوب أو لم يحاول على المزيد المطلوب .
المطلب الثاني: الركن المعنوي
جريمة استغلال النفوذ هي جريمة عمدية لا بد لقيامها من توفر القصد الجنائي و القصد المتطلب لقيامها هو القصد العام الذي يتحقق بالعلم و الإرادة و بتوافر العلم إذا كان المتهم يعلم بوجود النفوذ الحقيقي أو كذب الإدعاء بالنفوذ و يعلم بنوع المزية التي يعد صاحب الحاجة بالحصول عليها. و يعد كذلك بأنها من سلطة عامة وطنية كما ينبغي اتجاه إرادة المتهم إلى طلب أو أخذ العطية أو قبول الوعد بها و يقع العبء في الإثبات توافر القصد بعنصريه على سلطة الاتهام تطبيقا للقواعد العامة.
و إذا توافر القصد الجنائي فلا غيره بنية المتهم تجاه ما وعد به صاحب المصلحة على ما وعد به أو أن تكون متجهة منذ البداية إلى عدم بذل أي جهد في سبيل ذلك. و إنما كان يستهدف فقط مجرد الاستيلاء على مال من بعد, باستغلال نفوذه لتحقيق مصلحته و تقترب جريمة استغلال النفوذ في هذا الخصوص من جريمة الرشوة التي تقوم رغم اتجاه قصد الموظف إلى عدم القيام بما وعد به صاحي المصلحة .
و قد قضى في فرنسا بتطبيق جريمة استغلال النفوذ على أحد الأعضاء بمجلس الشيوخ الفرنسي كان يجمع إلى جانب صفته النيابية صفته كمحامي ينتمي إلى نقابة المحامين بباريس تسلم مبلغا من المال من نصاب شهير لكي يتوصل إلى الحصول له على أمر بالإفراج المؤقت من وكيل الجمهورية و قد دفع المتهم بأنه قبل هذا المبلغ الذي تسلمه يتجاوز مستوى الاتعاب المقررة في التسعيرة الخاصة المحددة لأتعاب المحامين ومن بين ما أوردته المحكمة لتعليل الحكم أن القصد الجنائي بتدخله هذا لم يكن إلا بقصد استعمال نفوذه كعضو بمجلس الشيوخ و كوزير سابق
و استنادا إلى ذلك فإن التصرف الذي يعاقب عليه القانون هو إذا ما قدم أو أنجز الشخص العمل بمقابل.
فإذا كانت المساعي التي لجا إليها الموظف لتحقيق حاجة أحد الأفراد مجانا و قام بها على سبيل الامتنان أو اعتقد أن في إمكانه مساعدته نظرا لأنها قضية عادلة و بدون مساعيه لن يتحصل الأخير عن مطلوبه من الجهة الإدارية بسبب الروتين الإداري ... الخ في مثل هذه الحالة لا تتحقق جريمة النفوذ مطلقا.
و كذلك لا تتحقق جريمة استغلال النفوذ إذا تحققت النتيجة التي اتبعاها الشخص و اعترافا منه بالجميل قدم هدية لشخص الذي استخدم نفوذه فإن تصرفه غي معاقب عليه قانونا بشرط ألا يكون ثمة اتفاق مسبق بين الطرفين.
المطلب الثالث: عقوبات استغلال النفوذ
لقد قرر المشرع المصري في صدد تحديد عقوبة جريمة استغلال النفوذ بين فرضين:
الأولى: أن يكون مستغل النفوذ موظفا عاما و تطبق عليه العقوبة المنصوص عليها م 104 ق ع و هي الاستغلال المؤبد و ضعف الغرامة المقررة لجريمة الرشوة.
و هذه التفرقة في العقاب لأن الموظف العام يحمل أمانة السهر على ثقة الجمهور في الوظيفة العامة فإن صدر الإخلال منه كان وزره أشد.
الثانية: أن يكون غير الموظف, و في هذه الحالة فتعتبر جريمته جنحة يعاقب عليها بالحبس و بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه و لا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط و عله التخفيف هنا لأن غير الموظف لا يحمل أمانة وظيفة عامة و لا يلزم بما يلتزم به الموظف العام من واجبات. و من ثم كان جرمه أخف و أقل في خطورته على المجتمع و يضاف إلى هذه العقوبات الأصلية عقوبات تكميلية و هي مصادرة ما يدفع لمستغل النفوذ لأن نص م 110 قررت لذلك و يعاقب الموظف العام المستغل للنفوذ بالعقوبات النيعية المنصوص عليها في م 25 لأن الجريمة له هي جناية و يعاقب أيضا صاحب المصلحة باعتباره شريكا بالعقوبات ذاتها و يمكن الإعفاء من هذه العقوبات عند الإخبار أو الاعتراف .
أما المشرع الجزائري فلقد نص على عقوبات هاته الجريمة في م 128 بعقوبة الحبس من سنة إلى 5 سنوات و بغرامة من 500 إلى 5000 كعقوبة اصلية.
و تضمنت الفقرة الثانية من نفس المادة ظرفا مشددا فنصت " إذا كان الجاني قاضيا أو موظفا عموميا أو ذا وكالة نيابية تضاعف العقوبات المقررة". و هذا النفوذ ينطوي على خطورة أكبر من الشخص العادي بسبب الصفة التي يتمتع بها أو بحكم الوظيفة التي يشغلها ويجب أن يكون الشخص موظفا أو من في حكمه عند اقترافه لجرمه بحيث تصبح العقوبة ذاتها الواردة في م 126 ع ج أي الحبس من سنتين إلى 10 سنوات و هذا الظرف يمتد حتى بعد إحالة الموظف على المعاش.
و إلى جانب هذه العقوبة فإنه يحكم على الجاني بعقوبة أخرى تكميلية وجوبية هي مصادرة الأنباء أو المبالغ مهما كان نوعها أو شكلها إلى الخزينة العامة طبقا لنص م 124 ع ج.
بينما في القانون الفرنسي فلقد عاقب على جريمة استغلال النفوذ بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و بغرامة مالية لا تتعدى 1500 فرنك و الجريمة تصبح مشددة بالحبس من سنتين إلى 10 سنوات إذا كان من الأشخاص المنصوص عليها في م 177 فقرة 1 و يعاقب في كلتا الحالتين بالعقوبات التكميلية المنصوص عليها في م 180 ع ج الفقرتين 3و 4
المبحث الثالث:
لقد نصت على هاته الجريمة المادة 108 مكرر 109 من ق العقوبات المصري أم المشرع الجزائري فلقد نص على هاتين الجريمتين ضمن الرشوة العادية و لم يخص لهما نصا خاصا ضمن أحكام الرشوة المحصورة في المواد (126-134ع) فالرشوة يمكن ان تتحقق عن طريق أطراف أخرى إلى جانب الأطراف الأصليين الراشي و المرتشي كالوسيط الذي يلعب دور الرسول لأحد الأطراف أو للطرفين الاثنين معا. من أجل تقريب وجهات نظر كل من الراشي و المرتشي فيقوم بهذا الدور مقابل منفعة أو خدمة أو عمولة يتقاضاها باتفاق من يخدم مصلحته.
و يزداد دور الوسطاء كلما كان موضوع الرشوة ذات اهمية خاصة أو متميزة أو ذات خطورة.
و علة تجريم فعل المستفيد من الرشوة الذي يعين لأخذ العطية أو الفائدة سواء باتفاق بين المرتشي و الراشي باختيار من الأخير يوافق عليه المرتشي بعد ان يعلم به فقد يسهل مشروع الرشوة و يزيل عقبة من العقبات التي تعترض تنفيذها و قد تحول دون وقوعها.
المطلب الأول: رشوة الوسيط
تمكين أن يتوسط بين الموظف و المرتشي و بين صاحب المصلحة الراشي شخص ثالث يضطلع بدور الممثل لأحد الطرفين أو المقاوض عن كليهما معا يسمى الوسيط أو الرائس و دور هذا الشخص في غاية الأهمية إذ أنه قد يزيل الكثير من العقبات.
و المشرع المصري نص على هاته الجريمة في المادة 109 مكرر أما المشرع الجزائري فلم ينص عليها كجريمة بل ذكره عند تعرضه لجريمة الرشوة في القطاع الخاص المادة 127 " يعد مرتشيا... كل من طلب أو قبل عطية أو وعدا أو طلب أن يتلقى هبة أو هدية أو حجلا أو خصما أو مكافأة بطريق مباشر أو عن طريق وسيط" و يفهم من هذا أن المشرع الجزائري قد أحال فيما يتعلق بإجرام الوسيط إلى القواعد العامة في ق العقوبات فهو شريك لمن كلفه بالوساطة.
و هكذا أراد المشرع بهذه الجريمة ملاحقة الرشوة في مهدها و قطع الطريق على دابر كل من سهل مشروع الرشوة. فالجريمة ليس معاقب عليها لذاتها و إنما باعتبارها وسيلة قد تؤدي إلى ارتكاب جريمة ارشوة الأصلية و هي على هذا النحو تعد من قبيل جرائم الوسيلة un défit d obstacleالتي تهدف إلى الوقاية من ارتكاب جريمة أخرى.

الفرع الأول: الركن المادي يتحقق الركن المادي لهذه الجريمة بأحد المسلكين عرض الوساطة في رشوة قبول الوساطة عند عرضها من الغير.
1- عرض الوساطة في رشوة: يكون عرض الوساطة في الرشوة بتعبير إرادي يصدر عن الوسيط يبدي فيه استعداده للقيام بدور الوساطة و لا أهمية لما إذا كانت الوساطة لحساب الموظف أم لحساب صاحب المصلحة. كما قد تكون الوساطة موجهة إلى شخص ثالث على اتصال بأحدهما.
و لذلك يجب أن يقال أن العرض في هذه الجريمة ينصب على الوساطة دائما لا على الرشوة و تتحقق هذه الجريمة بتقدم الجاني إلى صاحب الحاجة عارضا عليه التوسط لمصلحة لدى الغر في الارتشاء.
و لقد عرفت الفقرة الثالثة من المادة 42 ع جزائري الشريك بالمساعدة بأنه كل من " ساعد بكافة الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب الأفعال التحضيرية أو المسماة أو المنفذة لها مع علمه بذلك" و لم تحدد الفقرة 3 م المادة طرق المساعدة و هذا لا يعني أنها تقع بأية طريقة من طرق المساعدة أو المعاونة و يجب أن يقوم بفعل الجاني يتمثل في التوفيق بين الطرفين بغرض تنفيذ الرشوة.
و بهذا نلاحظ ان هناك اختلاف فقهي و قانوني في اعتبار الوسيط فاعلا اصليا أو شريكا.
2- قبول الوساطة عند عرضها من الغير: تتحقق هذه الصورة الثابتة للركن المادي للجريمة حين يعرض أحد الطرفين على الجاني أن يتوسط باسمه لدى الطرف الآخر لإتمام الرشوة فيقبل الوسيط و في هذه الحالة تقع الجريمة بمجرد هذا القبول و لو لم يتبعه الوسط نشاط إجرامي آخر.
و تتحقق جريمة قبول الوساطة حتى و لو لم يقم الجاني بعد ذلك بأي عمل إيجابي إضافي لتنفيذ ما قبل الوساطة بشأنه بل إن الجريمة تقوم على هذا النحو و لو عدل المتهم عن قبوله السابق. فالعدول في هذا الفرض يكون جريمة في حالة طلب الوساطة من قبل صاحب المصلحة أو الموظف حين لا يصادف ذلك الطلب قبولا من الوسيط؟.
و يتفق الفقه و القضاء على أنه يجب تحديد الركن المادي لعرض الوساطة أو قبولها في ضوء التنظيم القانوني لجريمة الرشوة مع الأخذ بعين الاعتبار كافة النصوص المحرمة في هذا الصدد و بالتالي فإذا عرضت الوساطة على موظف عام أو قبلت الوساطة منه وجب أن يكون مختصا بالعمل أو الامتناع عنه أو قد زعم الاختصاص أو اعتقد خطأ توافره.
و كل القوانين لم تتطلب صفة خاصة في مرتكب هذه الجريمة فقد يكون موظفا عاما و كما قد يكون فردا عاديا. و بالرغم من ذلك فإن صفة مرتكب الجريمة تجعل لها القوانين دورا في تحديد العقوبة التي سوف تشدد إن كان الجاني موظفا عاما و لا يتطلب تحقق الركن المادي للجريمة اكثر من عرض أو قبول الوساطة و من ثم لا أهمية للوسيلة التي يتم بها العرض أو القبول طالما ثبت صدور أحد الفعلين عن المتهم.
الفرع الثاني: الركن المعنوي
جريمة الوساطة هي من الجرائم العمدية , يتخذ ركنها المعنوي صوره القصد الجنائي و طبيعة هذه الجريمة نشر التساؤل عن نوع القصد المتطلب لقيامها. و نعتقد أن القصد اللازم هنا هو القصد الخاص. إذ الجريمة تفترض أن هناك رشوة إجمالية تستهدف الجاني بعرضه أو قبوله الوساطة فيها إتمامها. و لو لم يتعد عمله بالفعل مجرد العرض أو القبول فالنية منعقدة لدى الجاني عند عرض الوساطة أو قبولها على الاستمرار في مشروع الرشوة و لا يهم بعد ذلك إن كان قد واصل مسيرته أو توقف عمله عند مجرد العرض أو القبول و من ثم لزم في الأقل أن تتوافر لديه نية خاصة عند عرض الوساطة أو قبولها. و هي نية بذل المساعي المساهمة في إتمام جريمة الرشوة التي عرض الوساطة فيها أو قبل طلب اضطر فيها بالوساطة .
و منه يجب توفر قصد عام يقوم بالعلم و الإرادة و قصد خاص بتحقق انعقاد نية من يعرض أو يقبل الوساطة في رشوة على القيام بدور الوسيط.
و بهذا تنتفي جريمة الوساطة لانتفاء القصد الجنائي في حق من يعرض أو يقبل الوساطة على سبيل الهزل.
الفرع الثالث: العقوبة في جريمة الوساطة
المشرع المصري أدرج عقوبة هذه الجريمة مراحل ثلاث. فالجريمة في أبسط صورها يعاقب عليها بالسجن و بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه و لا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين و هنا الوسيط هو شخص عادي. أما إذا كان الوسيط موظف عام أو من في حكمه فيعاقب الجاني في هذه الحالة العقوبة المنصوص عليها في المادة 104 عقوبات و هي الأشغال الشاقة المؤبدة و الغرامة التي لا تقل عن ألفي جنيه و لا تزيد على قيمة ما أعطى أو وعد بإعطائه.
- و هناك ظرف مشدد ثاني هو عند عرض أو قبول الوساطة يقصد التوسط لدى موظف عام و في هذه الحالة يعاقب الجاني بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 105 مكرر من ق العقوبات و هي السجن و الغرامة التي لا تقل عن مائتي جنيه و لا تزيد على خمسمائة جنيه.
أما المشرع الجزائري: فيعاقب الوسيط باعتباره شريكا بالمساعدة بالعقوبة المقررة في المادة 126 أي الحبس من سنتين على 10 سنوات و بغرامة من 500 إلى 5000 دج تطبيقا لنص المادة 44 فقرة 1 ق ع ج " يعاقب الشريك في جناية أو جنحة بالعقوبة المقررة للجناية أو الجنحة".
و يجب التنبيه إلى أن هذا لا عني وجود استعارة في التجريم التي لم يأخذ بها قانون العقوبات الجزائري فيعاقب الوسيط بنفس عقوبة المرتشي (الفاعل الأصلي) يعد تطبيقا لنظرية استعارة العقوبة لا استعارة التحريم.
و لم يشأ المشرع الجزائري أن يفرق أثناء تقريره للعقوبة المقرة للوسيط ما إذا كان وسيط للمرتشي أو للراشي إذ أحال في المادة 129 ع ج و المتعلقة بالرشوة الإيجابية إلى العقوبة الواردةفي المادة 126 ع ج.
و لكن تختلف العقوبة المقررة للوسيط في جريمة الرشوة ما إذا كان توسط في رشوة ضمن نطاق الوظيفة العامة أو ضمن نطاق الرشوة في القطاع الخاص في الحالة الأخيرة يعاقب بعقوبة جنحة مخففة بخلاف الحالة الأولى و هي الحبس من سنة إلى 5 سنوات و بغرامة من 500 إلى 5000 دج. هذا فضلا عن عقوبة المصادرة التي يجب الحكم بها طبقا للمادة 133 و بعقوبة تكميلية بحرمانه من الحقوق الواردة في المادة 14 ع ج طبقا للمادة 134 ع ج

المطلب الثاني: جريمة الاستفادة من الرشوة
كما سلف الإشارة إليه أن جريمة الاستفادة من الرشوة في القانون المصري نص عليها صراحة في المادة 108 مكرر من ق العقوبات و جاء مضمونها " كل شخص عين لأخذ العطية أو الفائدة أو علم به و وافق عليه المرتشي أو أخذا أو قبل من ذلك مع علمه بسببه يعاقب..."
أما ق العقوبات الجزائري فقد خلى من النص على جريمة المستفيد من الرشوة على غرار جريمة الوسيط و يستفاد من ذلك أن المشرع ترك أمر إجرامه إلى القواعد العامة.
و لقد قصد بتجريم فعل المستفيد تفادي إفلات المستفيد من الرشوة من العقاب حين لا يكون ممكنا ملاحقته يوصف الشريك مع فاعل الرشوة الأصلي. ذلك أننا عرضنا في صدد جريمة الرشوة الأصلية لإمكانية معاقبة الشخص الذي يتلقى الفائدة من صاحب الحاجة باعتباره شريكا في الجريمة متى كان هناك اتفاق بينه و بين الموظف يعاقب المستفيد من هذه الحالة على هذا النحو إذا كان الموظف قد عينه لتلقي الرشوة أو إذا كان هو نفسه قد تلقى الرشوة الأصلية ستحق عقوبة الفاعل الأصلي و هذا طبقا للقواعد العامة .
فالمستفيد من الرشوة هو الشخص الذي عينه المرتشي ابتداء للحصول الفائدة أو هو الشخص الذي يكون الراشي قد اختاره لتلقي الفائدة ثم علم به المرتشي و وافق عليه فإن لم يتحقق شيء من ذلك فلا عقاب على من تلقى الفائدة و لو كان عالما بسببها و بالتالي فإذا علم الموظف بتقاضي المستفيد للرشوة فلم يقر الراشي على ذلك فلا تقع أي من جريمتي الرشوة أو الاستفادة . و تتحقق جريمة رشوة المستفيد دون الموظف كأخذ زوجة الموظف المذكور الفائدة و هو يجهل فعل زوجته أو يعلم به و لكن لا يقره. فإن تلقت الزوجة هدية عالمة بسببها و لم تخبر زوجها بذلك أو اخبرته فلم وافق على تصرفها فتعقب الزوجة وحدها بعقوبة الشوة في هذه الحالة في حين لا يعاقب زوجها لأنه لم يصدر منه أو يقع فعل الارتشاء فلا يسند إليه أي تصرف إجرامي و هذا يندرج بتفصيل هذه الجريمة.
الفرع الأول: الركن المادي
قوام الركن المادي لجريمة الاستفادة من الرشوة تتمثل في أخذ المستفيد العطية أو قبول الوعد بها و بالتالي فإن اقتصر دوره على طلب هذه العطية فلا يكفي هذا لتحقيق الركن المادي إن لم يصادف هذا الطلب قبولا من صاحب الحاجة و من غير الممكن اعتبار صورة الطلب في هذا الفرض شروعا في جريمة الاستفادة من الرشوة إذ أن وصف هذه الجريمة جنحة و القاعدة أنه لا عقاب على الشروع في الجنح ما لم يقرر المشرع ذلك صراحة بنص خاص.
و الاختلاف الواضح بين التشريعات في الركن المادي فهناك من يأخذ جريمة المستفيد كجريمة مستقلة و لا يعتبر المستفيد فاعلا أصليا و هذا كالمشرع المصري كما سلف الذكر و في المقابل المشرع الجزائري يأخذ على أن المستفيد هو شريك لمن توسط إليه.
و لا بد أن ينصب الأخذ أو القبول على عطية أو وعد بها فالرشوة هنا هي الفائدة غير المستحقة التي يحصل عليها المستفيد أو يوعد بها و يستوي ان تكون هذه الفائدة مادية أو معنوية و لا يختلف تفصيل ذلك عما سبق أن تعرضنا له عند دراسة جريمة الرشوة .
الفرع الثاني: الركن المعنوي
يتعين لقيام جريمة المستفيد توافر القصد الجنائي لديه و القصد المطلوب هو القصد العام . بحيث يكون المستفيد قد اخذ الفائدة عالما بالسبب الذي من أجله بذلت و هو شراء ذمة الأشخاص الواردين في المادة 126 ع ج و من في حكمهم على الاتجار باعمال الوظيفة أو الخدمة و المادة و يترتب على ذلك أنه إذا وقع المستفيد في غلط يتعلق بسبب الفائدة التي يحصل عليها لا تقوم الجريمة في حقه و مثال ذلك أن تتلقى زوجة الموظف هدية معتقدة أنها لسبب آخر غير الاتجار بعمل وظيفة زوجها.
كما يلزم أن تنصرف إرادة المستفيد إلى فعل الأخذ أو القبول.
و إن إثبات هذا القصد مسألة موضوعية متعلقة بالوقائع فإن جهل المستفيد بالسبب الذي من أجله قدمت له الفائدة أو العطية فلا يعاقب لو عوقب الموظف إذا كانت جميع أركان جريمته متوافرة.
و مثال ذلك أن يكون الموظف قد اتفق مع الراشي على العمل المطلوب و كلفه مقابل ذلك أن يشتري آلة تصوير لا نية لديه فيأخذ الخير الآلة معتقدا أنها هدية فالابن لا يعاقب لانتفاء القصد الجنائي لديه في حين يعاقب والده بجريمة الرشوة السلبية .
الفرع الثالث: عقوبة جريمة الاستفادة من الرشوة
العقوبات المقررة لهذه الجريمة في ق المصري هي الحبس مدة لا تقل عن سنة و الغرامة المساوية هي ما أعطي أو وعد به المستفيد بالإضافة إلى عقوبة المصادرة وفقا لنص المادة 110 ق ع مصري.
و يشترط لتطبيق هذه العقوبة أن يقتصر مسلك الجاني على تلقي الفائدة أو قبولها فإن تجاوز ذلك إلى القيام بدور الوسيط تغير وصف فعله إلى عرض أو قبول الوساطة في رشوة و عوقب بالعقوبة المقررة لهذه الجريمة و هذا ما نصت عليه المادة 109 مكرر فقرة 2 ع مصري.
أما العقوبات التي قررها المشرع الجزائري هي ذاتها المقررة للوسيط طبقا لنص المادة 44 ق ع ج فضلا عن المصادرة إن كان محل لذلك المادة 133 ع ج و الحرمان من التمتع بحق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 14 عملا بالمادة 134 ع ج.


الخاتمة:
بعد هذه الجولة الطويـــــــــــــــــــــلة في البحث حول موضوع الرشوة في كافة ورها حول التشريعات نستطيع الخروج باستنتاج و نقد لما سبق أن تناولناه . على أننا نلخص بعضا من الشيء إلى ما توصلنا إليه .
و من بين ما توصلنا إليه من استنتاجات أن هناك عدة عوامل في جميع التشريعات و بالرغم من اختلافها الجذري و النوعي و في المصدر ساعدت على انتشار الرشوة بين الموظفين و من في حكمهم فالجانب الاقتصادي يلعب دورا رئيسيا في هذا الموضوع ذلك أن ارتفاع تكاليف المعيشة و اظطرابه بالمقارنة مع عدم زيادة أو تجميد مرتبات الموظفين أو أجو ر المستخدمين من العوامل الأساسية التي يلجا إليها هؤلاء إلى طلب أو أخذ الرشوة.
لكن هذا لا يعني أن أصحاب الدخول المحدودة هم أكثر الفئات التي ترتشي بل العكس صحيح على ما نعتقد في معظم الحالات و هو العامل النفسي كالطمع و حب المال.
و تعتبر البيروقراطية و الروتين الإداري من الحوافز المشجعة التي تساعد على انتشار الرشوة . حيث يضفي عليها البيروقراطي صفة المشروعية و بهذا يصل بنا المطاف إلى إلزامية الإجابة على التساؤل و الإشكال المطروح في المقدمة ألا و هو الوسيلة التي يمكن عن طريقها محاربة الرشوة؟ و هل العقاب كافي لتأصيل هذ الجريمة لدى الموظفين خاصة و المجتمع عامة؟
نرى نحن الدارسين لهذه الجريمة أنه لا فائدة ترجى من تشديد و قسوة العقاب لمحاربة الرشوة بل الأمر لا يعدو عن كونه مسألة تنظيمية و اقتصادية و أخلاقية. تتطلب سياسة وقائية جماعية و عالمية أكثر للقضاء عليها.
و أول هذه السبل هي القضاء على البيروقراطية عن طريق التنظيم للجهاز الإداري و هذا بتجسد اللامركزية أكثر لأنها تقرب الإدارة بالمواطن و البت في الأمور في مكانها و وقتها. و لا يسمح هذا الأمر للموظفين أن يستغلوا ظروف التباطؤ الإداري فيتاجرون بوظائفهم نظرا للإجراءات التي تتطلبها المركزية الإدارية و على الدولة أن تعمل على رفع مرتبات الموظفين و زيادة أجور العمال و محاربة ارتفاع الأسعار بالقدر الذي يضمن مستوى معيشة كريمة لموظفيها في ظل استقرار وظيفي حتى يمكنهم أن يستغنوا عن الرشوة. و يحافظوا على كرامتهم الاجتماعية و الوظيفية بدون مراقب و لا رقيب.
و لا تقل النواحي الأخلاقية في نظرنا عن النواحي السالفة الذكر لمحاربة هذه الآفة في المجتمع في إطار التعليم يجب تكثيف الجهود بإعلان حملة قوية ضد الجهل مصدر معظم الأمراض التي يعاني منها المجتمع.
- تقديم د المساعدة للسلطات لخلق ضغينة و شن حرب عدوانية إن صح التعبير لدى الرأي العام ضد الرشوة.
و لهذه الأسباب تتكاتف كل الدول و قوانينها إلى تأصيل هذه الآفة القانونية و الاجتماعية بتعاونها في إطار الاتفاقيات و المعاهدات الدولية على محاربة هذا النوع من الجرائم خاصة و بعد دخول مصطلح الرشوة في إطار الجريمة المنظمة التي تمس العالم كله و تهدده و لهذا تناسق الدول بين تشريعاتها حتى لا يفلت الجاني من جريمته بإفلاته إلى دول لا يوجد مع دولته معاهدة تسليم المجرمين و هذا ما نوقش أخيرا في الجزائر.
و هذا لخطورة الجريمة , إضافة إلى هذا فالجزائر على المستوى الداخلي تشهد منذ 5 سنوات حركية كبيرة و جهود مكثفة حول هذا المشكل المطروح و قد أنشأت المرصد الوطني لمراقبة الرشوة و الوقاية منها الصادر بالمرسوم الرئاسي رقم 96-233 المؤرخ في 16 صفر عام 1417هـ الموافق 2 يوليو 1996 المحرر بالجزائر تحت فخامة رئيس الجمهورية السابق اليمين زروال المتضمن على 21 مادة.
و لقد تم أيضا إصدار القانون رقم 04-14 المؤرخ في 27 رمضان 1425 الموافق 10 نوفمبر 2004 يعدل و يتمم المر رقم 66-155 المؤرخ في 18 صفر 1386 الموافق 6 يونيو 1966 و المتضمن قانون الإجراءات الجزائية. بعد مصادقة البرلمان ف الجريدة الرسمية 71
المادة 8 مكرر: لا تنقضي الدعوى العمومية بالتقادم في الجنايات و الجنح الموصوفة بأفعال إرهابية و تخريبية و تلك المتعلقة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية أو الرشوة أو اختلاس الأموال العمومية..." و بهذا فالمشرع يحذو نحو القضاء على هذه الجريمة بعدم إفلات الجاني حتى بعد مرور فترة طويلة من ارتكاب جريمته.
المراجع:
1- د. محمد زكي أبو عامر و د. سليمان عبد المنعم : قانون العقوبات الخاص. المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع. ط 1999.
2- د. سليمان عبد المنعم: قانون العقوبات الخاص (الجرائم الماسة بالمصلحة العامة). الجامعة الجديدة للنشر. 1993.
3- د.محمد زكي أبو عامر و د.سليمان عبد المنعم: قانون العقوبات الخاص 2003 منشورات الحلبي الحقوقية.
4- حيذي عبد الملك: الموسوعة الجنائية (رشوة ظروف). الطبعة الثانية. الجزء الرابع.دار العلم للجميع. بيروت.لبنان.
5- د. لحسن بوسقيعة: الوجيز في الجنائي الخاص. الجزء الثاني.2003.دار هومه للنشر و التوزيع الجزائر.
6- المستشار الدكتور عبد الحكم فودة: الموسوعة الجنائية الحديثة. التعليق على قانون العقوبات.المجلد الأول من المادة الأولى 113. دار الفكر و القانون المصورة.
7- علي عبد القادر القهوجي: قانون العقوبات. القسم الخاص 2002.منشورات الحلبي الحقوقية. بيروت.لبنان.
8- عبد الله سليمان: دروس في شرح قانون العقوبات الجزائري.قسم خاص. ديوان المطبوعات الجامعية. ط1998.
9- عبد الغني بسيوني عبد الله: القانون الإداري دراسة مقارنة. منشأة المعارف. الاسكندرية. ط 1990
10- د. محمود نجيب حسني: شرح قانون العقوبات قسم خاص (الرشوة و اختلاس الأموال....).دار النهضة العربية 1972. القاهرة. مصر.
11- Michel Veron : droit penal (imprimerie de l’independant 53.200 château. Gontier.masson. paris. 1976)
12- شكري تليلي و محمد خليفة: مذكرة نخرج في جريمة الرشوة في التشريع الجزائري. 2001-2002 تحت إشراف الأستاذ محمد الطاهر. جامعة باجي مختار. عنابة.
13- عبد الرزاق زونية: مذكرة لنيل الدراسات العليا. فرع العلوم الجنائية في جريمة الرشوة في قانون العقوبات الجزائري. الأستاذ المشرف د. أحمد مطاطلة. جامعة الجزائر معهد الحقوق.
- كل القوانين
- الجريد الرسمية 71 المنظمة الأمر 04-14 المعدل و المتمم. المتضمن الإجراءات الجزائرية + قانون العقوبات.