منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الغش في الجمارك
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-02-05, 11:02   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 اضافة

الفـرع الثــاني: المسـؤولية المـؤسسة على أحـكام القـانون المـدني

و تنقسم بدورها إلى مسؤولية مدنية محضة، مستمدة من القانون المدني كالمسؤولية عن فعل الغير و مسؤولية الوالدين على أفعال أولادهما القصر من جهة و مسؤولية مدنية مؤسسة على أحكام قانون الجمارك.

أولا: المـسؤولية المـدنية المحـضة

ونفصلها كالآتي:
- مسؤولية المتبوع عن عمل تابعه.
- مسؤولية الوالدين عن أعمال أولادهم القصر.

1- مسؤولية المتبوع عن عمل تابعه (87) :

تنص المادة 136 من القانون المدني على أنه يكون المتبوع مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها.
فرابطة التبعية مترتبة أصلا عن عقد العمل بمجرد بسط السلطة الفعلية و الرقابة و التوجيه للمتبوع على التابع، فقد قضي في فرنـسا أن مسؤولية المتبوع تقـوم على أساس الإخلال بواجب الرقابة الذي يقع على عاتقه و من ثمة فإنه يكون مسؤولا عن الأفعال الشخصية الصادرة عن تابعيه أو المخالفات التي تضبط في التصريحات التي كلفوا بتحريرها.
أما الشرط الثاني المتعلق بخطأ التابع في حالة تأدية وظيفته أو بسببها فلقد اعتبرت المحكمة العليا أن القضاء بمسؤولية المتبوع – رب العمل- المدنية عن فعل مستخدمه الذي أخذ السيارة في غيابه من المستودع و استعملها لأغراض شخصية؛ لا صلة لها بالوظيفة فإنهم بقضائهم هذا قد أخطأوا في تطبيق القانون (88).
و في فرنسا اعتبـرت شركة النقل بالسكك الحديدية مسؤولة عن أعمال التهريب المرتكبة من قبل موظفيها الذين استغلوا
-----------------------------------------------
(86)- احسن بوسقيعة- الوجيز في القانون الجزائي العام- المرجع السابق- ص 196.
(87)- احسن بوسقيعة- المنازعات الجمركية- المرجع السابق- ص 435.
(88)- ملف رقم 32817 – قرار بتاريخ 25/05/1985- الغرفة المدنية- المجلة القضائية- العدد2 – سنة 1990- ص 41.
- عمر بن سعيد – الاجتهاد القضائي وفقا لأحكام القانون المدني- دار الهدى- عين مليلة- الجزائر- ص 98.
التسهيلات التي توفرها لهم طبيعة الخدمة التي كلفوا بأدائها(89) و في نفس السياق اعتبرت مسؤولة عن الجزاءات المقضي بها على تابعيها و أعوانها من أجل أعمال الغش المرتكبة من قبلهم حال تأدية عملهم طبقا لأحكام المادة 1384 ق م ف (90) .

2- مسؤولية الوالدين عن أعمال أولادهما القصر:

نصت المادة 135/1 من القانون المدني على أنه يكون الأب و بعد وفاته الأم مسؤولين عن الضرر الذي يسببه أولادهما القصر الساكنون معهما... و لتحقق هذه المسؤولية يجب توافر شرطين:
- شرط السكن معهما.
- شرط القصر، و القصر بالمفهوم المدني هم الذين لم يبلغوا سن التاسعة عشرة ، و بالمفهوم الجزائي هم الذين لم يبلغوا سن الثامنة عشرة ، و وفق المادة 49/3 فإن القاصر بين سن 13 و 18 سنة حينما يقـضى عليه بغرامة فإنها تحت مسـؤولية الولي و لقد نقضت المحكمة العليا قرارا قضى بتحميل قاصر دون الثامنة عشرة ؛ الغرامة الجمركية (91).
و تقوم مسؤولية الولي على أساس خطأ مفترض فيه أنه أهمل مراقبة و تربية الولد.

ثـانيا: المسؤولية المدنية المؤسسة على أحكام قانون الجمارك (92):

طبقا للمادة 315/1 ق ج؛ يعتبر أصحاب البضائع مسؤولين مدنيا عن تصرفات مستخدميهم فيما يتعلق بالحقوق و الرسوم و المصادرات و الغرامات و المصاريف، و هذه الفقرة هي التي تهمنا في دراسة المسؤولية عن الاستفادة من الغـش ، لأن الفقرة الثانية تتعلق بالكفالة في إطار بعض النظم الجمركية و التي تستوجب اكتتاب سند بكفالة.
إن مسـؤولية المالك المقررة في قانون الجمارك مطلـقة ، إذ يكفي إقامة الدليل على أنه صاحب البضاعة محل الغش لتحميله المسؤولية المدنية دون حاجة إلى البحث فيما إذا كان الخـادم ارتكب المخالفة أثناء أو بمناسبـة أداء وظيفته ، و هذا خلافـا للمسؤولية عـن فعل الغير التي تشترط لقيامها إثبات خطأ التابع في حالة تأدية وظيفته أو بسببها، لأن قانون الجمارك غالبا مـا يعاقب على الجرائم الجمركية بمصادرة البضائع محل الغش و وسائل النقل و الأشياء التي ساعدت على عملية الغش بغض النظر عن كون هذه الأشياء ملكا لمرتكب المخالفة أو للغير و سواء استعملت هذه الأشياء بمعرفة المالك و إرادته أو بدون علمه.
و لا يهم أن يكون المتهم قد تصرف بدون علم المستخدم أو مخالفة لتعليماته أو لحسابه الشخصي، و يجوز علاوة على ذلك أن تمارس الدعوى المدنية ضد المالك في نفس الوقت الذي تمارس فيه الدعوى الجبائية ضد التابع، كما يجوز أن تمارس لاحقا أمام الجهات التي تفصل في المسائل المدنية.

--------------------------------------------------------------------------------------------
(89)-crim 22-03-1907,D.P.1909,1 ,406.
- نقلا عن احسن بويقيعة- المنازعات الجمركية- المرجع السابق- ص 436
(90) – نفس المرجع أعلاه.
(91)- غ ج م ق 3 ملف 151964 قرار 28/09/1997 – المرجع أعلاه- ص 428.
(92)- نفس المرجع- ص 440.
المطــلب الثـاني: أسبـاب الإعفـاء من المسـؤولية

و نتناول فيها أسباب الإعفاء من المسؤولية الجزائية في الفرع الأول ثم أسباب الإعفاء من المسؤولية المدنية كفرع ثاني.

الفـرع الأول: أسباب الإعفاء من المسؤولية الجزائية

أولا: أسباب الإعفاء في القانون العام:

1- الجنــون:
تنص المادة 47 ق ع أنه لا عقوبة على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة...، و يمكن تحديد المقصود بالجنون على أنه حالة تفقد الوعي و تجعله غير قادر على تمييز الأفعال، و هي مسألة واقعية ترجع إلى ذوي الاختصاص لتقرير ثبوتها من عدمه و تمييز حالة المرء العاقل من المرء المجنون (93) .
و يشمل الجنون بمعناه العام؛ كل نقص في الملكات الذهنية كالعته و البله ، سواء كان وراثيا أو مكتسبا و قد يكون مستمرا أو متقطعا و يشمل كذلك الأمراض العصبية و النفسية التي تجرد الإنسان من الإدراك كالصرع و اليقظة النومية، كما لا يدخل السكر و تناول المخدرات ضمن موانع المسؤولية بسبب فقدان الوعي (94).
و لقد قضت المحكمة العليا بأن جزاء الجرائم الجمركية بتطبيق العقوبات المقررة لها و لا يعفى منها إلا من ثبتت لفائدته إحدى موانع المسؤولية الجزائية كثبوت حالة الجنون وقت ارتكاب الجريمة (95).

2- صـغر السـن:
حسب م 49 ق ع لا توقع على القاصر الذي لم يكمل الثالثة عشرة إلا تدابير الحماية أو التربية و في الفقرة الثالثة ؛ يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 13 إلى 18 إما لتدابير الحماية أو لعقوبات مخففة، فالقاصر دون الثالثة عشرة منعدم المسؤولية و هذا لا يحـول دون متابعته أمام محكمة الأحداث التي تأمر بأحد تدابير الحماية ،أما إذا تجاوزها دون بلوغ سن الثامنة عشرة ؛ فـإن الغرامة الجمركية المحكوم بها تكون تحت مسؤولية الولي كما رأينا في المطلب السابق.

3- الإكــراه:
تنص م 48 ألا عقوبة على من اضطرته إلى ارتكاب الجريمة قوة لا قبل له بدفعها، فالإكراه المادي ؛ كأن يتعرض المرء لقوى مادية خارجية تعدم إرادته و تحمله على القيام بالواقعة الإجرامية ، و قـد يكون الإكراه المادي خارجيا بفعل الطبيعة أو الحيوان
--------------------------------------
(93)- عبد الله سليمان- المرجع السابق- ص 267.
(94)- احسن بوسقيعة- الوجيز في القانون الجزائي العام – المرجع السابق- ص 169.
(95)- قرار بتاريخ 19/12/1993- ملف رقم 101792- أحمد لعور- نبيل صقر- قانون العقوبات طبقا لأحدث التعديلات و مزود بقرارات المحكمة العليا- دار الهلال للخدمات الإعلامية- 2005- ص 34.
أو إنسان آخر و قد يكون داخليا بفعل الإنسان نفسه (96).
أما الإكراه المـعنوي ؛ فهو ضـغط يمارس على إرادة الفاعل بتحريك مشاعره كتخويفه أو تهديده بإلحاق الأذى بنفسه أو بشخص آخر يحبه و لقد ذهب القضاء في فرنسا إلى تبرئة خادم نقل بضائع مهربة بناء على أمر مخدومه على أساس أن الخادم لم يكن في وضع يسمح له بطلب تفصيلات حول طبيعة البضاعة (97).

4- كما يضيـف الأستاذ بوسقيعة أن المسؤولية الجزائية للمتبـوع عن عمل تابعه تنتفي في حـالة تفويض الصلاحيات ، هذا الأسلوب الذي يلجأ إليه رؤسـاء المؤسسات بتفـويض المديرين و رؤساء المصالح بعض الصلاحيات نظرا لصـعوبة الإشراف و الرقابة الكاملة على المؤسسة، بحيث يتحمل كل شخص المسؤولية المباشرة و الشخصية في إدارة ما أوكل إليه.

ثـانيا: أسباب الإعفاء في قانون الجمارك

1- القـوة القـاهرة:
تنص المادة 56 ق ج أنه لا يجـوز للسفن التي تقوم برحلة دولية أن ترسو إلا في الموانئ التي يوجد فيها مكتب للجمارك ماعـدا في حالة القوة القاهرة المثبتة قانونا و في هذه الحالة يجب على ربان السفينة أن يحضر فور الرسو أمام قائد المحطة البحرية لحراس الشواطئ، أو عند عدم وجوده ؛ قائد فرقة الدرك الوطني أو محافظ الشرطة أو رئيس المجلس الشعبي البلدي لمكان الرسو و يقدم له يومية السفينة للتأشير عليها، و التي يجب أن تسجل فيها مسبقا أسباب الرسو.
و تنص المادة 64 على أنه يمنع تفريغ البضائع أو إلقاؤها أثناء الرحلة إلا في حالة وجود أسباب قاهرة أو برخصة خاصة من السلطات المختصة بالنسبة لبعض العمليات.
و لقد أخذ القضاء الجزائري بالقوة القاهرة كسبب للإعفاء من المسؤولية الجزائية في المجال الجمركي بشرط أن تكون غير متوقعة و غير ممكنة الدفع و غير راجع قيامها إلى خطأ المتهم.

2- الغـلط المـبرر:
و قـد عرفته محكمة النقض الفرنسية أنه ذلك الغلط الذي لا يمكن تجنبه بقدر من الفحص و الحذر و فيه يكون الفاعل قد ارتكب فعله و هو يعتقد مشروعيته و يكون اعتقاده مقبولا؛ إذا لم يكن ناشئا عن خطئه أو إهماله.
و قد ذهبت محكمة النقض إلى الإعفاء من المسؤولية عن الجريمة الجمركية في حالة الغلط المبرر،و يتطلب أن يثبت الفاعل أنه قام بكل التحقيقات اللازمة التي كان عليه القيام بها ، و أنه بذل من العـناية التي كان عليه بذلها أي أنه كان في حالة استحالة اكتشاف الغلط (98).

------------------------------------------
(96)- حسن صادق المرصفاوي- قواعد المسؤولية الجنائية في التشريعات العربية- 1972 ص 212 – نقلا عن عبد الله سليمان – المرجع السابق- ص 275.
(97)- احسن بوسقيعة- المنازعات الجمركية- المرجع السابق- ص 427.
(98)- احسن بوسقيعة- المرجع أعلاه- ص 431-432.
الفـرع الثـاني: أسباب الإعفاء من المسؤولية المدنية

و نقسمها إلى أسباب إعفاء الأبوين عن أعمال أبنائهم القصر أولا، ثم أسباب إعفاء المتبوع عن عمل تابعه ثانيا كالآتي

أولا: إعفاء الأبوين من المسؤولية المدنية عن أعمال أبنائهم القصر

تنص المادة 135/2 من ق م " و يستطيع المكلف بالرقابة أن يتخلص من المسؤولية إذا أثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أثبت أن الضرر كان لابد من حدوثه و لو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية."
و كما رأينا سابقا أن أساسها الخطأ المفترض في الرقابة، و هي قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس بإثبات المكلف بالرقابة أنه لم يقصر في رقابته.
و في هذا الاتجاه اعتبرت المحكمة العليا أن مسؤولية الأب تقوم على أساس خطأ مفترض فيه أنه أهمل مراقبة و تربية ولده و لا تسقط هذه القرينة إلا إذا أثبت الأب أنه قام بواجب الرعاية و التوجيه. و ارتكاب هتك العرض من قبل ولد قاصر مميز يثبت بصفة قطعية؛ إهمال الأب تربية ابنه (99).

ثـانيا: إعفاء المتبـوع من المسـؤولية المدنـية عن فعل تابـعه

كـما سلف الذكر أنه يشترط لقيام المسؤولية؛ وجود رابطة التبعية و أن يسبب التابع ضررا للغير في حال تأديته وظيفته أو بسببها فإذا انتفى هذا الشرط انتفت المسؤولية.
و لقد ذهبت المحكمة العليا في هذا الاتجاه فقضت بأن الضرب المتعمد الواقع من العامل أثناء تأديته وظيفته لا يكتسي أي طابع مصلحي و لم يكن بسبب الوظيفة ، فإن قـضاة الموضوع بتحميلهم المسؤولية المدنية للمؤسسة المستخدمة يكونون قد أخطئوا في تطبيق القانون (100) .
و قضي في فرنسا على أن مسؤولية المتبوع تنتفي إذا أثبت أن التابعين تصرفوا خارج وقت أداء وظيفتهم و لا بمناسبة أدائها فقضي بأنه في حالة تفريغ بحارة بضاعة و مؤن السفينة عن طريق الغش و كانت البضاعة ملكا لهم، فلا يكون صاحب الباخرة مسؤولا مدنيا إلا عن مؤن السفينة إذا ثبت أن تابعيه تصرفوا حال ممارسة وظائفهم (101).
هذا فيما يخص أسس قيام المسؤولية و أسباب الإعفاء منها فما هي يا ترى النتائج المترتبة عن قيامها ؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه بشئ من التفصيل في المبحث الموالي.

----------------------------------------------------------------------
(99)- قرار بتاريخ 02/03/1982- ملف رقم 30064- عمر بن سعيد- المرجع السابق- ص 96.
(100)- قرار بتاريخ 16/01/1993- ملف رقم 87411- نشرة القضاة- العدد 50- سنة 1997- ص 55.
(101)- Rouen , 13/11/1947 , Doc. Cont. N 345.
- نقلا عن احسن بوسقيعة- المنازعات الجمركية- المرجع السابق- ص 437.
المبحث الثاني النتـائج المتـرتبة عن قـيام المسـؤولية

إن المسؤولية عند قيامها سواء كانت جزائية أو مدنية فإن لها آثار على المستفيد من الغش سواء بفعله الشخصي أو بفعل تابعـيه أو من هم تحت رقابته، و هذا ما يظهر جليا في جزاء المستفيد من الغش سواء كانت جزاءات أصلية شخصية أو مالية أو جزاءات تكميلية هذا ما سنراه في مطلب أول و كذلك التضامن كوسيلة لتنفيذ الجزاء على عاتق المدينين و المترتب عموما عن المسؤولية كمطلب ثاني.

المـطلب الأول جـزاء المستفـيد من الغـش

تنص المادة 310/2 ق ج على أن يخضع المستفيدون من الغش كما ورد تعريفهم أعلاه، لنفس العقوبات التي تطبق على مرتكبي المخالفة المباشرين.
و العقوبات إما أن تكون أصلية أو تكميلية، و عليه سنتحدث عن كليهما في الفرعين التاليين:

الفـرع الأول: الجـزاءات الأصلـية

بما أن م 310 ق ج تتكلم عن جنح التهريب، و كما هو معلوم فعقوباتها إما الحبس أو الغـرامة و المصادرة حسب طبيعة الفعل ، فيما تخضع المادة 312 ق ج الاستفادة الحكـمية لعقوبة المخالفات و التي تقتصر على الغرامة أو المصادرة أي العقوبات الجبائية، لهذا قسمنا دراسة هذا الفرع إلى الجزاءات الشخصية أولا و ثانيا الجزاءات المالية.

أولا: الجـزاءات الشخصـية
و المقصود بها العقوبات التي تطبق على جسم المستفيد من الغش فتسلبه حريته و نصطلح عليها بالعقوبات السالبة للحرية و هي نـوعان: عقوبة الحبس ، و الإكراه البـدني المسبق ، و نستبعد التكلم عن عقـوبة السجن حسب الأمر 05/06 لأنه لا إستفادة من الغش في جنايات التهريب حسب م 310 ق ج.

1- عقـوبة الحـبس:
نص قانون الجمارك على عقوبة الحبس فقط بالنسبة للجنح، و بما أن الاستفادة من الغش تكون في جنح التهريب فقط لهذا سنرى مدد الحبس في المواد 326-327-328 ق ج قبل إلغائها بموجب الأمر 05/06،ثم سلطة القاضي في تطبيقها.
1-1- مدد الحبس في جنح التهريب:
و الملاحظة الأولى هو أن الجنح بموجب الأمر 05/06 لم تعد فيها درجات بإلغاء المواد المتعلقة بجنح التهريب إذا فبقاء المادة 325 ق ج بصياغتها الحالية – تعد جنحا من الدرجـة الأولى - و باقي الدرجات ملغاة ؛ يجعلها غير منسجمة لأنه لا توجد
درجة بعدها و من الأفضل أن تعدل هذه المادة و تصبح مثلا ... تعد من جنح المكاتب.. بصيغة مجردة من الدرجة.
- الجنحة من الدرجة الثانية: نصت عليها م 326 قبل إلغائها و مدة الحبس فيها تتراوح بين حـدين أدنى و أقصى أي الحبس مـن ستة (06) أشهر إلى اثنى عشر (12) شهرا ، و تقابـلها المادة 10/1 من الأمر 05/06 و مدة الحبس من سنة إلى خمس سنوات عندما لا تكون هناك ظروف واقعية مشددة في أعمال تتعلق بتهريب البضائع.
- الجنحة من الدرجة الثالثة: نصت عليها م 327 قبل إلغائها و مدة الحبس فيها من اثني عشر (12) شهرا إلى أربعة و عشرين (24) شهرا ، و تقابلها م 10/2 من الأمر السابق و تكون العقوبة الحبس من سنتين (2) إلى عشر (10) سنوات عندما يرتكب التهريب من طرف ثلاثة أشخاص فأكثر ، و نفس العقوبة عندما تكتشف البضائع المهربة داخل مخابئ أو تجاويف أو أي أماكن أخرى مهيأة خصيصا لغرض التـهريب، و نفس العقوبة عندما يحوز الشخص داخل النطاق الجمركي مخزنا معدا ليستعمل في التهريب أو وسيلة نقل مهيأة خصيصا للتهريب حسب م 11 من الأمر.
- الجنحة من الدرجة الرابعة: منصوص عليها في أحكام المادة 328 الملغاة و مدة الحبس فيها تتراوح بين أربعة و عشرين(24) شهرا إلى ستين (60) شهرا،تقابلها المادة 12 من الأمر عندما يتعلق الأمـر بالتهريب باستعمال وسائل النقل، أو التهريب مع استعمال سلاح ناري م 13 و مدة الحبس من عشر(10) إلى عشرين(20) سنة.

1-2 سلـطة القـاضي في الحـكم بعقـوبة الحـبس:
إن عقوبة الحبس في المجال الجمركي هي ذات طابع جزائي محض، فإن القواعد المطبقة في قانون العقوبات من تخفيف العقوبة و تشديدها تسري على الجزاءات الجمركية و كذلك القواعد المستمدة من قانون الإجراءات الجزائية كوقف التنفيذ، و كل هذا يخضع لسلطة القاضي المطلقة وفق الحدود المرسومة في القانون.

1-2-1 تطبيق القواعد المقررة في قانون العقوبات:
و يتعلق الأمر هنا بمنح الظروف المخففة و تشديد العقوبة حال توافر ظروفها و شروطها.
أ- الظروف المخففة:
أ-1 الظروف المخففة في قانون الجمارك:
تنص م 281 ق ج في فقرتها الثانية على أنه إذا رأت جهات الحكم إفادة المخالفين بالظروف المخففة يجوز لها أن تحكم ب:
- فيما يخص عقوبات الحبس تخفيف العقوبة وفقا لأحكام المادة 53 من قانون العقوبات.
بالرجوع إلى المادة 53/3 إذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس المؤقت أو الغرامة تعين في جميع الحالات تخفيض مدة الحبس إلى يوم واحد...كما يجوز أن تستبدل بالحبس الغرامة على ألا تقل عن 20دج، و القاضي غير ملزم بتبيان تلك الظروف أو الإشارة إليها بل تفهم ضمنيا بمجرد أن ينزل إلى ما دون الحد الأدنى، مع الإشارة إلى م 53 فلقد قضت المحكمة العليا أن النزول أقل من الحد الأدنى للعقوبة المقررة قانونا يقتضي وجوبا الإشارة إلى أحكام م 53 من ق ع (102).

---------------------------------------
(102)- الغرفة الجزائية- ملف رقم 212841- قرار بتاريخ 27/09/2000- المجلة القضائية- عدد خاص- الجزء 2- سنة 2002- ص 172.
أ-2 الظروف المخففة في ظل الأمر 05/06:
جاءت المادة 22 من الأمر تحت عنوان استبعاد الظروف المخففة بنصها؛ لا يستفيد الشخص المدان لارتكابه أحد الأفعال المجرمة في هذا الأمر من ظروف التخفيف المنصوص عليها في م 53 ق ع :
- إذا كان محرضا على ارتكاب الجريمة.
- إذا كان يمارس وظيفة عمومية أو مهنة ذات صلة بالنشاط المجرم و ارتكب الجريمة أثناء تأدية وظيفته أو بمناسبتها.
- إذا استخدم العنف أو السلاح في ارتكاب الجريمة.
ففي غير هذه الحالات يمكن للقاضي تطبيق الظروف المخففة السابق بيانها، و بالنسبة للحالة الثانية و الثالثة فلا إشكال و إنما يثور فيما يخص المحرض لأنه يمكن تصور إحدى صور المستفيد من الغش المتمثلة في المحرض لعمومية نص المادة 310 ؛ المشاركة بصفة ما مع الاستفادة المباشرة من الغش و استبعاد القصد الجنائي، غير أن المادة 26 من الأمر نصت بتطبيق الأحكام المنصوص عليها في قانون العقوبات بالنسبة للمساهمين في الجريمة، و الذين ينقسمون إلى فاعلين أصليين ماديين أو معنويين كالمحرض م 41 ق ع و إلى شركاء م 42-43 ق ع و بالتالي يجـب مراعاة أركان جريمة التحريض بتوافر إحدى الوسـائل المذكورة في م41 و كذلك القصد الجنائي.
لكن الحكم الذي جاءت به المادة 28 من الأمر تحت عنوان تخفيض العقوبة؛ بأن تخفض العقوبة التي يتعرض لها مرتكب جرائم التهريب أو من شارك في ارتكابها إلى النصف، إذا ساعد السلطات بعد تحريك الدعوى العمومية في القبض على شخص أو أكثر من الأشخاص المبينين في المادة 26 أعلاه- المساهمين و المستفيدين من الغش- و إذا كانت العقوبة المقررة السجن المؤبد تخفض إلى عشر(10) سنوات سجنا.
فهل يفهم من هذا النص استبعاد تطبيق الظروف المخففة الواردة في م 53 ق ع مطلقا ؟ أم أن نص المادة 28 يعتبر استثناء عن المادة 22 التي منعت تطبيق الظروف المخففة في حالات ثلاث سبق تبيانها أعلاه ؟ فإذا كان من يبلغ السلطات بعد تحـريك الدعوى العمومية تخفض عقوبته إلى النصف، فبمفهوم المخالفة من لم يبلغ السلطات لا تخفض عقوبته حتى و لو لم يدخل ضمن حالات المنع المنصوص عليها في م 22 من الأمر.
و مـنه نستنتج أن المادة 22 هي الأصل و استثناؤها حالة وحيدة هي التخفيض إلى النصف و من السجن المؤبد إلى عشر سنوات سجن في حالة مساعدة السلطات في القبض على أحد الفاعلين أو الشركاء أو المستفيدين من الغش، و بالنتيجة فإنه لا جدوى من تحديد حالات المنع الثلاث المنصوص عليها في م 22 من الأمر.

ب- الظـروف المشـددة:
لقد نص قانون الجمارك على ظروف إذا طرأت على الوقائع تشدد العقوبة دون أن يتغير وصف الجريمة، على عكس قانون العقوبات الذي قد يتغير فيه الوصف من جنحة إلى جناية و العقوبة من الحبس إلى السجن ، و هي الظروف التي كان منصوص عليها في المادتين 327-328 ق ج قبل إلغائهما و ضم محتواهما في الأمر 05/06 ، و هي التعدد و التهريب باستعـمال وسائل النقل و إعداد مخـازن لاستعمالها في التهريب و التهريب مع حمل سلاح ناري ، و أضاف الأمر نوعين من الأعمال و اعتبرهما جناية و هما تهريب السلاح و التهريب الذي يشكل تهديدا خطيرا، و هي لا تعتبر ظروف واقعية شددت من وصف الجريمة بقدر ارتباطها بنوع من البضاعة تشكل خطرا على الأمن الوطني أو الاقتصاد أو الصحة العمومية و كذا الأسلحة، لهذا سنركز على الظرف العام المتعلق بالعود.
نص قانون الجمارك 98/10 على العـود دون تحديد أحكامه و حدوده و بالتالي كانت تطبق على العود في جنح التهريب القواعد العامة الواردة في م 56 ق ع هذا ما يستشف من المادة 281/ب ق ج.
لكـن بصدور الأمر 05/06 يبدو أن المشرع تخلى جزئيا عن تطبيق القواعد العامة للعود في جرائم التهريب بنصه في م 29 على أن تضاعف عقوبات السجن المؤقت و الحبس و الغرامة المنـصوص عليها في هذا الأمر في حالة العود ، و يفهم من النص مضاعفة الحدين الأدنى و الأقصى، فمثلا تهريب البضائع عقوبتها الحبس من سنة إلى خمس سنوات و بغرامة تساوي خمس مرات قيمة البضاعة المصادرة، و بتطبيق أحكام العود المنصوص عليها في الأمر تصبح العقوبة في حالة العود هي بين حد أدنى مقدر بسنتين و الحد الأقصى عشر سنوات و غرامة تساوي عش مرات قيمة البضاعة المصادرة.
و لم يبين النص شرط التماثل و المدة الزمنية للعود إلى الجريمة ، و عليه بالرجوع إلى القواعد العامة تنص المادة 56 ق ع أن الأمـر كذلك بالنسبة للمحكوم عليهم لجـنحة بالحبس مدة تزيد عن سنـة إذا ثبتت إدانتهم في نفس الأجل بالجنحة نفسها و المقصود بالأجل هنا هو المنصوص عليه في م 55 لارتباطهما أي خلال خمس (5) سنوات التالية لانقضاء العقوبة أو سقوطها بالتقادم و أن يكون الحكم نهائي.
و بخصوص الجنحة نفسها فيشترط قانون الجمارك أن يكون التماثل حقيقيا و ذلك باتحاد العناصر المكونة للجريمتين، فإذا كان الحكم البات الذي صدر من أجل جنحة تهريب فلا يتحقق العود إلا إذا كانت الجريمة الجديدة جنحة تهريب (103)، و هناك التماثل الحكمي في نص المادة 57 ق ع التي اعتبرت بعض الجرائم من نفس النوع لتحديد العود رغم اختلاف العناصر المكونة لها كالسرقة و إصدار شيك بدون رصيد و القتل الخطأ و الهرب و القيادة في حالة سكر، و على خلاف المشرع الجزائري فإن المشرع الفرنسي نص على التماثل الحكمي باعتباره كل الجرائم الجمركية من نفس النوع لتحديد العود.

1-2-2 تطبيق القواعد المقررة في قانون الإجراءات الجزائية:
و يتعلق الأمر هنا بنظام وقف التنفيذ طبقا لنص المادة 592 ق إ ج التي تجيز للقاضي تعليق تنفيذ العقوبة بتوافر شروط منها:
أ- الشروط المتعلقة بالجريمة:
أن تكون الجريمة جنحة أو مخالفة، أو جناية قضي فيها بعقوبة جنحية- الحبس- و بما أن أحكام الاستفادة من الغش لا تكون إلا في جنح التهريب أصلا، و في حالات تكون في المخالفات فيصلح فيها وقف التنفيذ.
ب- الشروط المتعلقة بالجاني:
فوقف التنفيذ متاح للمتهم الذي لم يسبق الحكم عليه بالحبس لجناية أو جنحة من جرائم القانون العام (104) و عليه لا يعتد بما قضي بـه في المخالفات حتى و لو كانت بالحبس ، و لا بعقوبة الغرامة المقضي بها في الجنح و الجنايات ، و لا بعقوبة الحبس
المقضي بها في الجرائم العسكرية و السياسية.
--------------------------------------------
(103)- احسن بوسقيعة- المنازعات الجمركية- المرجع السابق- ص 366.
(104)- احسن بوسقيعة- الوجيز في القانون الجزائي العام- المرجع السابق- ص 282.
ج- الشرط المتعلق بالعقوبات:
فوقف التنفيذ لا يكون إلا بالنسبة لعقوبات الحبس و الغرامة أي العقوبات الأصلية دون التكميلية، و عليه يجوز تطبيق إجراء
وقف التنفيذ على عقوبة الحبس المقررة للجنح الجمركية دون الغرامات و المصادرات الجمركية التي تمتزج فيها العقوبة بالتعويض المدني، ووقف التنفيذ أمر جوازي متروك لسلطة القاضي (105).

2- الإكــراه البدنـي المسـبق:

تنص المادة 299 ق ج بأنه يحبس كل شـخص حكم عليه لارتكاب عمل تهريب إلى أن يدفع قيمة العقوبات المالية الصادرة ضد ه، و ذلك بغض النظر عن كل استئناف أو طعن بالنقض ، إلا أن مـدة الحبس لا يمكن أن تتجاوز المدة التي حددها التشريع فيما يخص الإكراه البدني.

و بما أن المادة 293 ق ج تضمنت مكـنة تنفيذ الأحكام و القرارات المتضمنة حكما بالإدانـة و الصادرة عن مخالفة جمـركية بالإكراه البدني طبقا لأحكام ق إ ج، و بالرجوع إلى المادة 597 ق إ ج في الفقرة الثانية التي تنص على أن الأداء يكون واجبا بمجرد صيرورة الحكم بالإدانة حائزا لقوة الشيء المقضي به ، فإن نص المادة 299 ق ج يعتبر استثناء إذ يحبس الشخص رغم الاستئناف أو الطعن بالنقض.

و هذا من مميزات التشدد التي تطبع الجزاءات الجمركية ، فالإكراه البدني المسبق هو إجراء إداري يطبق بناء على طلب إدارة الجمارك موجه إلى وكيل الجمهورية المختص بتنفيذ العقوبات ، إضافة إلى عدم تحديد المادة 299 مدة الإكراه البدني هل المقصود بها الحد الأدنى أم الأقصى وفق م 602 ق إ ج (106).
و أضافت المادة 317 ق ج أنه يعتبر مالكو البضائع محل الغش و المستفيدون من الغش متضامنين و خاضعين للإكراه البدني من أجل دفع الغرامات و المبالغ التي تقوم مقام المصادرة.

غيـر أنه لا يجوز الحكم بالإكراه البدني طبقا للمادة 602 ق إ ج حالة الحكم بالسجن المؤبد كما في تهريب الأسلحة طبقا للأمر 05/06 و هذا نستبعده من مجال الاستفادة من الغش المقتصرة على جنح التهريب.
كما لا يطبق على الشخص الذي بلغ الخامسة و الستين من عمره أو إذا كان عمر الفاعل يـوم ارتكاب الجريمة يقل عن الثامنة عشرة .
و تضيف المادة 601 أنه لا يجـوز المطالبة بتطبيق الإكـراه البدني ضد الزوج و زوجته في آن واحد و لو كان ذلك لتغطية وفاء مبالغ متعلقة بأحكام مختلفة.

-------------------------------------------
(105)- احسن بوسقيعة- المنازعات الجمركية- المرجع السابق- ص 369.
(106)- لمزيد من الإيضاح أنظر المرجع أعلاه ص 371-372.
ثــانيا: الجـزاءات المالـية

و تتمثل في الغرامة و المصادرة اللتين نتناولهما بشيء من التفصيل مبرزين في ذلك مقدار كل من الغرامة و المصادرة كل حسب طبيعة الفعل ثم نبين سلطة القاضي في تقدير كل منهما كما يلي.

1- الغـرامة الجـمركية

هي جزاء مالي يوقع على مرتكب المخالفة الجمركية بسبب الضرر الذي أحدثه أو كاد أن يحدثه للخزينة العمومية (107)

أ- مقدار الغرامة الجمركية:

يختلف مقدار الغرامة الجمركية حسب درجة كل فعل من المخالفات إلى الجنح كما سنرى:
فبالنسبة للمخالفات، فمخالفة الدرجة الأولى و الرابعة حسب م 319-322 ق ج قدرها 500 دج، أما مخـالفة الدرجة الثانية فالغرامة تساوي ضعف مبلغ الحقوق و الرسوم المتملص منها أو المتغاضي عنها م 320، و مخالفة الدرجـة الخامسة قدر الغرامة فيها 10000دج حسب م 323.

أما مقدار الغرامة في الجنح فليس ثابتا بل مرتبط بقيمة البضاعة محل الغـش ، فجنحة الدرجة الأولى م 325 الغرامة فيها تساوي قيمة البضائع المصادرة، و التي تخرج من نطاق الاستفادة من الغش باعتبارها من جنح المكاتب.
و جنحة الدرجة الثانية م 326 الملغاة غرامة تساوي مرتين قيمة البضائع المصادرة، و تقابلها جنحة تهريب البضائع المنصوص عليها في م 10 من الأمر 05/06 و الغرامة تساوي خمس مرات قيمة البضائع المصادرة.

و جنحة الدرجة الثالثة م 327 الملغاة فالغرامة كانت تساوي ثلاثة أضعاف قيمة البضائع المصادرة، و أصبحت بموجب م 10 الفقرة الثـانية من الأمر تساوي عشر مرات قيمة البضائع المصادرة ، و نفسها عنـدما تكتشف البضائع المـهربة داخل مخابئ أو تجاويف أو أي أمـاكن أخرى مهيأة خصيصا لغرض التهريب حسب م 10/3 و نفسها في حالة التهريب باستعمال سلاح ناري طبقا للمادة 13 من الأمر السابق الذكر.

أما عن جنحة الدرجة الرابعة م 328 الملغاة كانت الغرامة تساوي أربع مرات القيمة المدمجة للبضائع المصادرة و وسائل النقل و أصبحت بمقتضى م 12 من الأمر عشر (10) مرات مجموع قيمتي البضاعة المصادرة و وسيـلة النقل ، و هي نفسها في حالة حيازة المخازن ووسائل النقل المخصصة للتهريب داخل النطاق الجمركي حسب م 11 من الأمر .
-------------------------------------------
(107)- احسن بوسقيعة- المنازعات الجمركية- المرجع السابق- ص 297.
ب- سلطة القاضي فيما يتعلق بالغرامة الجمركية:

نصت المادة 281 ق ج 79/07 على عدم جواز التخفيض من الحقوق و العقوبات المنصوص عليها في قانون الجمارك و مع تعديلها بمـوجب قانون 1998 نصت بأنه يجوز لجهات الحكم فيما يخص العقوبات الجبائية إعفاء المخالفين من مصادرة وسيلة النقل و بمفهوم المخالفة فإنه لا يجوز التخفيض من الغرامة.
إن المحكمة العليا في كثير من قراراتها نقضت الأحكام و القرارات الصادرة بتخفيض الغرامة الجمركية (108) ، لكن جمـلة الأسباب التي مؤداها أن القضاة لم يقدموا الحجج و لم يبرزوا أسباب تخفيضهم الغرامات الجمركية قد يفتح مجـالا لإمكانية لم تنص عليها م 281 ق ج فالمنع الصريح بمقتضى هذه المادة يكفي لنقض القرار (109).
كما اعتبرت المحكمة العليا من خلال نقضها للكثير من القرارات بأن الطرف المختص بتحديد الغرامات الجمركية هو إدارة الجمارك و القاضي ملزم بأخذ طلباتها بعين الاعتبار ما لم يطعن المتهم (110).
و لقد تضمن التعديل المقترح للمادة 281 قبل الاستقرار على الصياغة الحالية على تخفيض مبلغ الغرامة المقررة قانونا عقابا على الجريمة المرتكبة إلى النصف و لا تطبق هذه الفقرة في حالة العود و كان هذا المسعى بغرض إيجاد التوازنات بين الصلاحيات الممنوحة لأعوان الجمارك و تقدير القضاة في مجال منح الظروف المخففة (111).غير أن التعديل استبعد هذه الفقرة.
.
2- المـصادرة الجـمركية (112)

تخـتلف المصادرة عن الغرامة في كون الأخيرة يتم سدادها نقدا، بينما المصادرة فهي جزاء عيني تنفذ بنقل ملكية الأشياء المصادرة إلى الدولة ، و قد عرفها المشرع الجزائري في م 15 ق ع على أنها الأيلـولة النهائية إلى الدولة ؛ لمال أو لمجموعة أموال معينة.
و قد نص التشريع الجمركي في القسم التاسع المعنون بأحكام جزائية على المصادرة كجزاء أساسي في بعض المخالفات و كل الجنح في الفرع الأول و الثاني من القسم التاسع و كجزاء تكميلي في الفرع الثالث م 329 التي نصت على مصادرة البـضائع التي تستبـدل أو تكون محاولة استبدال أثناء النقل إذا كانت بسند كفالة أو بوثيقة مماثلة، و كذلك أثناء وجود البضاعة في نظام المستودع الخاص أو الصناعي أو المـصنع الموضوع تحت المراقبة الجمركية و في كل أنواع الاستبدال التي تخص البضائع الموجودة تحت مراقبة الجمارك. أما بدل المصادرة فقد ورد في الفرع الرابع من القسم المذكور أعلاه.
و عليه ستكون دراستنا مقتصرة على المصادرة كجزاء أساسي في المخالفات مع التركيز على الجنح لارتباط الاستفادة الفعلية من الغش بها ، ثم بدل المصادرة كالآتي:
--------------------------------------------
(108)- غرفة الجنح و المخالفات- ملف رقم 233415 قرار 25/06/2001 ، ملف رقم 242326 قرار 05/6/2001 – المجلة القضائية- عدد خاص- الجزء الثاني- سنة 2002- ص 166-177.
(109)- عمرو شوقي جبارة- الاقتناع الشخصي للقضاة على محك قانون الجمارك- المرجع السابق- ص 61.
(110)- ملف رقم 196256 قرار 24/04/2000- المجلة القضائية- المرجع أعلاه- ص 170.
(111)- عمرو شوقي جبارة- نفس المصدر أعلاه.
(112)- لمزيد من التفصيل- أنظر احسن بوسقيعة- المنازعات الجمركية- المرجع السابق- ص من 399 إلى 359.
أ- المصادرة في المخالفات الجمركية:

المصادرة في المخالفات منصوص عليها في المواد 321-322-323 أي الدرجة الثالثة و الرابعة و الخامسة.
ففي مخالفة الدرجة الثالثة تصادر البضاعة المتنازع عليها م 321، و في مخالفة الدرجة الرابعة تصادر البضائع محل الغش أو تدفع قيمتها المحسوبة وفق م 16 ق ج هذا حسب م 322، و في مخالفة الدرجة الخامسة تصادر البضائع محل الغش م 323.

ب- المصادرة في الجنح الجمركية:

نص قانون الجمارك على مصادرة البضاعة محل الغش و البضائع التي تخفي الغش في الجنح من الدرجة الأولى إلى الثالثة و نص على مصادرة البضائع محل الغش و وسائل النقل في الجنحة من الدرجة الرابعة، فالجنح المتعلقة بالتهريب نقل محتواها إلى الأمـر 05/06 الذي تنص م 16 منه على أن تصادر لصالح الدولـة ؛ البضائع المهربة و البضائع المستعملة لإخفاء التهريب و وسائل النقل إن وجدت في الحالات المنصوص عليها في م 10-11-12-13-14-15 من الأمر.
و هناك حالات للإعفاء من المصادرة منها ما يتعلق بالبضاعة و منها ما يتعلق بوسيلة النقل كما سنرى.

ب-1 الإعفاء من مصادرة البضاعة:
نصت م 335 ق ج أنه عند إنشاء مكتب جمارك جـديد؛ لا تخضع البضائع غير المحظورة للمصادرة بسبب عدم توجيهها مباشرة إلى هذا المكتب إلا بعد شهرين من تاريخ نشر المقرر المنصوص عليه في م 32 من هذا القانون التي تحدد إنشاء مكـاتب و مراكز الجمارك و كذا اختصاصاتها و تاريخ فتحها بمقرر من المدير العام للجمارك و تنشر هذه المقررات في الجريدة الرسمية.

ب-2 الإعفاء من مصادرة وسيلة النقل:

- حالات المادة 281 ق ج:
نصت م 281 في فقرتها ب أنه فيما يخص العقوبات الجبائية ؛ إعفاء المخالفين من مصادرة وسائل النقل في أعمال التهريب الخاصة ببضائع غير محظورة عند الاستيراد أو التصدير حسب مفهوم م 21/1 و المقصود بها المحظورة حظرا مطلقا (113) ، إذن فمصادرة وسيلة النقل حتى في ظل الأمر 05/06 جوازية ماعدا في حالتي البضاعة المحظورة و في حالة العـود كما رأينا سابقا و العود المقصود هنا هو العود ضمن أعمال التهريب إلى التهريب المعاقب عليه بمصادرة وسيلة النقل.
و في إطار دراسة اللجنة المختصة بتعديل م 281 ق ج قبل الصياغة المستقر عليها فإن إعفاء المخالفين من مصادرة وسيلة النقل يعد نوعا من إعادة التوازن للصلاحيات التي ينطق بها القاضي ضمن الظروف المخففة (114) .
--------------------------------------
(113)- أنظر الهامش رقم 67- ص 31.
(114)- عمرو شوقي جبارة- الاقتناع الشخصي للقضاة على محك قانون الجمارك- المرجع السابق – ص 69.
حالات المادة 340 مكرر:
تنص هذه المادة على ألا تتعرض وسائل النقل المنصوص عليها في هذا القانون للمصادرة:
- في حالة المخالفات المذكورة في م 304 و المقصود بها المخالفات الجمركية المرتكبة على متن السفن و المراكب الجوية.
- في حالة التفريغ أو الشحن غشا في الموانئ أو المطارات المفتوحة للملاحة الدولية.

ت- بـدل المصـادرة

تنص المادة 336 ق ج على أن تصدر المحكمة بناء على طلب إدارة الجمارك؛ الحكم بدفع مبلغ يعادل قيمة الأشياء القابلة للمصادرة ليحل محلها و تحسب هذه القيمة حسب سعر هذه الأشياء في السوق الداخلية اعتبارا من تاريخ إثبات المخالفة.
و المـلاحظ أن هذه المادة لم تذكر الحالات التي يطبق فيها بدل المصادرة، إذن تستشف هذه الحالات من خلال اجتهادات القضاء (115) و هي كما يلي:
- إذا لم تضبط البضائع محل الجريمة ، فلقد قضت المحكمة العليا في عدة قرارات بأنه متى تعذر حجز البضاعة و كانت المخالفة المرتكبة تعرض مرتكبها لمصادرتها، تعين على جهات الحكم أن تصدر بناء على طلب إدارة الجمارك؛ حكما بدفع مبلغ يعادل قيمة تلك البضاعة ليحل محل المصادرة، علاوة على الغرامة الجبائية المقررة جزاء للمخالفة (116)
- إذا كانت وسيلة النقل مملوكة للدولة.
- الحالات المنصوص عليها في م 246 التي تفرض على الأعوان المثبتين للمخالفات الجمركية؛ عرض رفع اليد عن وسائل النقل وجوبا عندما تكون ملكا للغير حسن النية- الذي أبرم عقد نقل أو إيجار أو قرض إيجار– بدون كفالة أو إيداع قيمتها و كذلك عرض رفع اليد عن وسائل النقل القابلة للمصادرة تحت كفالة قابلة للدفع أو إيداع قيمتها.
فإذا ما رفعت إدارة الجمارك اليد عن وسيلة النقل وفق م 246 وتعذر عليها فيما بعد استرجاعها تقضي جهات الحكم بناء على طلب إدارة الجمارك على المخالف بمبلغ مالي يقوم مقام مصادرة وسيلة النقل.

الفــرع الثـاني الجـزاءات التكـميلية

إن العقوبات التكميلية المطبقة على المخالفين منها ما هو منصوص عليه في قانون الجمارك 98/10 ومنها ما هو منصوص عليه في الأمر 05/06 المتعلق بمكافحة التـهريب و المطبق على مرتكبي التهريب وعليه سنعرضها تباعا بدءا بقانون الجمارك ثم نركز على العقوبات التكميلية الواردة في الأمر المتعلق بمكافحة التهريب كما يلي:


---------------------------------------------
(115)- احسن بوسقيعة- المنازعات الجمركية- المرجع السابق- ص 352.
(116)- ملف 119851 قرار 24/03/1996 ، ملف 139467 قرار 27/01/1997 ، ملف 139539 قرار 24/02/1997 – احسن بوسقيعة- التشريع الجمركي مدعم بالاجتهاد القضائي- المرجع السابق- ص 106.
أولا: العقوبات التكميلية في قانون الجمارك 98/10

جاء في م 329 ق ج أنه فضلا عن العقوبات الأخرى المنصوص عليها في القانون تصادر البضائع التي تستبدل أو تكون محـل محاولة استبدال أثناء النقل إذا كانت بسـند كفالة أو بوثيقة مماثلة ، أو أثناء وجود البضاعة في نـظام المستودع الخاص أو المستودع الصناعي أو المصنع الموضوع تحـت المراقبة الجمركية ، و في كل أنواع الاستبدال التي تخص البضائع الموجودة تحت مراقبة الجمارك.
و نصت م 330 على الغرامة التهديدية في نوع معين من المخالفات و هي مخالفة المادة 48 المتعلقة بتسليم بعض الوثائق لأعوان الجمارك، و هي مخالفة من الدرجة الأولى م 319/و. و الرأي الأنسب حول طبيعتها أنها لا تشكل عقوبة جزائية رغم ورودها تحت عنوان العقوبات التكميلية، و إنما هي جزاء ذو طابع مدني تنتسب إلى الغرامة التهديدية المنصوص عليها في القانون المدني أكثر مما تنتسب إلى الغرامة الجزائية في قانون العقوبات(117)
و عليه سنركز بحثنا على العقوبات التكميلية المنصوص عليها في الأمر 05/06 و التي تهم أكثر الاستفادة الفعلية و المباشرة من الغش المرتبطة بجنح التهريب كالآتي:

ثانـيا: العقـوبات التكميلية في الأمـر 05/06 المتعلق بمكـافحة التهريب

و بما أن الاستفادة الفعلية من الغش لا تكون إلا في جنح التهريب، فإن العقوبات التكميلية المطبقة على المستفيدين من الغش عن أعمال التهريب هي الواردة في الأمر 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب في المادة 19 منه التي تنص على ما يلي:
في حـالة الإدانة من أجل إحدى الجـرائم المنصوص عليها في هذا الأمر ، يعاقب الجاني وجوبا بعقوبة تكميلية أو أكثر من العقوبات التالية:
- تحديد الإقامة.
- المنع من الإقامة.
- المنع من مزاولة المهنة أو النشاط.
- إغلاق المؤسسة نهائيا أو مؤقتا.
- الإقصاء من الصفقات العمومية.
- سحب أو توقيف رخصة السياقة أو إلغائها مع المنع من استصدار رخصة جديدة.
- سحب جواز السفر.
و الملاحظة المبداة بشأن هذا النص هو إيراد عدة عقوبات تكميلية وجوبية دون تحديد حدودها و لا المقصود بها على غرار
بعض القوانين، و عليه وجب الرجوع إلى القواعد العامة لتفسير مضامينها كالآتي:

------------------------------------------------
(117)- احسن بوسقيعة – المنازعات الجمركية- المرجع السابق- ص 379.
1- تحديد الإقامة: يجد أصله في القواعد الموضوعية الواردة في قانون العقوبات بخصوص العقوبات التكميلية حيث عرفته المادة
11 منه بأنه إلزام المحكوم عليه بأن يقيم في منطقة يعينها الحكم و لا يجوز أن تجاوز مدة خمس سنوات، و يبدأ تنفيذ تحديد الإقامة من يوم انقضاء العقوبة الأصلية أو الإفراج عن المحكوم عليه.
و يبلغ الحكم إلى وزارة الداخلية التي يمكن لها أن تصدر أذون انتقال مؤقتة داخل المنطقة، كما ويعاقب الشخص المحددة إقامته بالحبس من 03 أشهر إلى 03 سنوات إذا خالف أحد تدابير تحديد الإقامة.

2- المنع من الإقامة: عـرفته المادة 12 من ق ع بأنه الحظر على المحكوم عليه أن يوجد في بعض الأماكن و لا يجوز أن تجاوز مدته خمس سنوات في مواد الجنح و عـشر سنوات في مواد الجنايات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. و آثـار هذا المنع و مدته لا تبدآن إلا من اليوم الذي يفرج فيه عن المحكوم عليه و بعد أن يكون قد بلغ إليه قرار المنع من الإقامة.

3- المنع من مزاولة المهنة أو النشاط: وقد ورد ضمن التـدابير العينية في م 19/3 من قانون العقوبات، و نصت م 23 ق ع على أنه يجوز الحكم بالمنع من مزاولة مهنة أو نشاط أو فن على المحكوم عليه لجناية أو جنحة؛ إذا ثبت للقضاء أن للجريمة التي ارتكبت صلة مباشرة بمزاولة المهنة أو النشاط أو الفن، و أنه يوجد خطر من تركه يمارس أيا منها، و يجوز أن يؤمر بالنفاذ المعجل لهذا الإجراء .
و على العكس من الأمر 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب، فإن الأمر 04/18 المؤرخ في 25/12/2004 المتعلق بالوقاية من المخدرات و المؤثرات العقلية و قمع الاستعمال و الاتجار غير المشروعين بها الذي حدد مدة المنع من مزاولة المهنة أو النشاط في المادة 29 منه بمدة لا تقل عن خمس سنوات.
و كذلك يستمد أصله من جهة أخرى من القواعد الإجرائية الواردة ضمن مستلزمات الرقابة القضائية المنصوص عليها بالمواد 125 مكرر1 رقم 5 من قانون الإجراءات الجـزائية و هي عدم القيام ببعض النشاطات المهنية عندما ترتكب الجريمة إثر ممارسة أو بمناسبة ممارسة هذه النـشاطات و عندما يخشى من ارتكاب جريمة جديدة.

4- إغلاق المؤسسة نهائيا أو مؤقتا: مستمد من التدابير العينة المنصوص عليها بالمادة 20/2 من قانون العقوبات و نصت م 26 منه على أنه يجوز أن يؤمر بإغلاق المؤسسة نهائيا أو مؤقتا في الحالات و بالشروط المنصوص عليها في القانون.
و لقد ورد في الأمر 04/18 المتعلق بالوقاية من المخدرات السالف الذكر، على الغلق المؤقت لمدة لا تزيد عن عشر سنوات بالنسبة للفنـادق و المنازل المفروشة و مراكز الإيـواء و الحانات و المطاعم و النوادي و أماكن العروض أو أي مكان مفتوح للجمهور أو مستعمل من قبل الجمهور، على عكس الأمر 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب الذي لم يحدد مدة الغلق المؤقت.

5- الإقصاء من الصفقات العمومية: و هو تجـريد المحكوم عليه من أهلية إبـرام الصفقات العمومية، و لم يحدد المشرع هذا الإقصاء أهو نهائي أم مؤقت.

6- سحب أو توقيف رخصة السياقة أو إلغائها مع المنع من استصدار رخصة جديدة: و لعل هذه العقـوبة مستوحاة من
القانون 01/14 المؤرخ في 19/08/2001 المعدل بالقانون 04/16 المؤرخ في 10/11/2004 المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق و سلامتها و أمنها الذي نصت م 110 منه على أنه يمكن أن يكون تعليق رخصة السياقة أو إلغاؤها و كذا منع تسليمها من العقوبات التكميلية التي يمكن أن تحكم بها الجهات القضائية المختصة، و يمكن الحكم بالتنفيذ المعجل لهذه العقوبات التكميلية كتدبير وقائي.
زيادة على ذلك يطبق على عدم الامتثال لهذا المنع؛ مقتضيات المادة 105 من القانون المتعلق بتنظيم حركة المرور التي تعاقب بالحـبس من شهرين إلى ستة أشهر و بغرامة من 1500 إلى 5000دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل شخص يستمر في قيادة مركبة ذات محرك يقتضي لأجل قيادتها وثيقة ما رغم تبليغه القرار الصادر بشأنه و المتضمن تعليق أو إلغاء رخصة السياقة أو منع تسليمها، كما وتطبق نفس العقوبات على كل شخص يستلم تبليغ قـرار صادر بشأنه و يتضمن تعليق أو إلغاء رخصة السياقة و يرفض تسليم الرخصة المعلقة أو الملغاة إلى العون التابع للسلطة المكلفة بتنفيذ القرار .
و بخـلاف هذين القانونين المحـدد فيهما مدة السحب أو التوقيف أو المنع من تسليم رخصة السياقة في م 109 من قانون 04/16 و المادة 111 من قانون 01/14 حسب كل حالة و المـنع النهائي في م 113 من هذا الأخـير، فإن المشرع في الأمر 05/06 المتعلق بمكافـحة التهريب لم يحدد مدد السحب أو التوقيف أو المنع المـؤقت عكس ما فعله في الأمر 04/18 المتعلق بالوقاية من المخدرات فقد حددت المادة 29 منه مدة السحب بخمس سنوات.
7- سحب جواز السفر: مستمد من مستلزمات الرقـابة القضائية الواردة بالمادة 125 مكرر رقم 4 من ق إ ج و المتضمنة تسليم كافة الوثائق التي تسمح بمغادرة التراب الوطني، غير أن هذه الأخيرة ينتهي مفعولها برفع الرقابة القضائية سواء بطلب من وكيل الجمهورية أو من المتهم، و قد ورد سحب جواز السفر في الأمر 04/18 السالف الذكر المتعلق بالوقاية من المخدرات في المادة 29 منه بمدة لا تقل عن خمس سنوات.

المـطلب الثـاني التضـامـن

يجد نظام التضامن أصله في القانون المدني و منه انتقل إلى القانون الجزائي و من هذا الأخير إلى قانون الجمارك، و عليه ارتأينا أن نقسم هذه الدراسة بتبيان ماهية التضامن بدءا من أصله في القانون المدني ثم التضامن في قانون الجمارك بشيء من الإيجاز في الفرع الأول ثم نبين شروط التضامن في فرع ثان تباعا كما يلي:

الفـرع الأول ماهـية التضامـن

أولا: التضامـن في القـانون المـدني

التضامـن بين المدينين لا يفترض و إنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون ، هذه القاعدة جاءت بها المادة 217 من القانون المدني ، فإذا تعدد المدينين ؛ يصبح كل مدين مسؤولا نحو الدائن عن كامل الدين و يعد ضمانا للدائن بإمكانية استيفاء كامل الدين منهم جميعا أو من أحدهم و منه فلا يضار من عسر أحدهم ، غير أن وفاء أحد المدينين مبرئ ذمة الباقين ، و على هذا الأخير أن يعـود على كل واحد بمقدار مسؤوليته ، إذ تنص م 234 ق م أنه إذا وفى أحد المدينين المتضامنين كل الدين فلا يرجع على أي من الباقين إلا بقدر حصته في الدين ، و لو كان بدعوى الحلول محل الدائن، و يقسم الدين بالتساوي بين المدينين ما لم يكن هناك اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك.

و إذا أعسر أحد المدينين المتضامنين تحمل هذا الإعسار من وفى الدين و سائر المدينين الموسرين كل بقدره، و لقد قضت المحكمة العليا (118) بأنه لما كانت قواعد المسؤولية التقصيرية تسمح للدائن عند تعدد طرفي الالتزام ؛ مطالبة المدينين المتضامنين مجتمعين
أو منفردين ، فإنه لا يجـوز للمدين المعارضة على الوفاء بكل الدين ما دام القانون قد خـول له حق الرجوع على من شاركه في الضرر بقدر حصته في المسؤولية.

ثـانيا: التضـامن في قـانون الجمـارك (119)

بمقتضى القاعدة التي وردت في م 217 من القانون المدني أن التضامن بين المدينين لا يفترض و إنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون، انتقل نظام التضامن إلى القانون الجـزائي فقد نصت م 4 ق ع في فقرتها الخـامسة على اعتبار الأشخاص المحكوم عليهم بنفس الجريمة متضامنين في الغرامة و رد الأشياء و الضرر و المصاريف مع مراعاة بعض القواعد الإجرائية في حالة إعفاء أحد المحكوم عليهم من جزء من المصاريف وجعله على عاتق الخزينة العمومية.

و منه انتقـل إلى قانون الجمارك الذي بدوره نص على نوعين من التضامن في م 316 منه المتعلقة بتضامن المحكوم عليهم لارتكابهم الغش نفسه بالنسبة للعقوبات المالية التي تقوم مقام المصادرة و بالنسبة للغرامات و المصاريف على حد سواء .
أما المادة 317 فقد نصت على تضامن مالكي البـضائع محل الغش و المستفيدين من الغش و خضوعهم للإكراه البدني من أجل دفع الغرامات و المبالغ التي تقوم مقام المصادرة.

و يجد التضامن أساسه في الطابع التعويضي الذي تشتمله الغرامات و المصادرة الجمركية باعتباره يضمن حماية مصالح الخزينة العامة ، و يحقق لإدارة الجمارك غرضها الأساسي المتمثل في حمايتها كدائن ضد خطر إعسار أحد المحكوم عليهم.

و هو لا يعـدو أن يكون مجرد وسيلة لتنفيذ العقوبات المالية الجمـركية كضمانة لتحصيل تلك الغـرامات و عليه فمن غير الضروري تصريح القضاة في حكمهم على التضامن، و يشمل التضامن كذلك؛ بدل المصادرة و المصاريف القضائية.



------------------------------------------
(118)- الغرفة المدنية- ملف رقم 26330 قرار 30/03/1983- المجلة القضائية – العدد 4/1989- ص 42- عمر بن سعيد- المرجع السابق- ص 141.
(119)- لمزيد من الإيضاح- أنظر احسن بوسقيعة- المنازعات الجمركية- المرجع السابق- ص 442 و ما يليها.
الفـرع الثـاني شـروط التضـامن

أولا: الشروط المتعلقة بالفعل:

الشرط الأساسي لقيام التضامن هو وحدة فعل الغش، أي أن يتعلق الأمر بنفس الجريمة، و تقدير الارتباط مسألة موضوعية تعود للقضاة ، فلقد قضت المحكمة العليا في عدة قرارات بأنه تكون الأحكام الصادرة في مواد المخالفات الجمركية على العديد من الأشخاص لارتكابهم الغش نفسه و قضت بأنـه مادامت المتهمات قد ضبطت وهن يحـزن مفرقعات مستوردة عن طريق التهريب، فإن الغرامة الجمركية المحكوم بها تكون بالتضامن فيما بينهن ، و قضت كذلك أنه طالما أن المتهمين ضبطوا في سيارة واحدة و كل منهم يحمل بضاعة من صنف البضائع الحساسة القابلة للتهريب بدون وثائـق تثبت حيازتها الشرعية إزاء التنظيم الجمركي فإن الغرامة الجمركية تكون بالتضامن فيما بينهم (120).

ثـانيا: الشروط المتعلقة بالأشخاص

يجب أن يتعلق الأمر بذات المشاركين في الجريمة ، سواء كانوا فاعلين حسب المادة 316 من قانون الجمارك ، أو كانوا مالكين للبضائع حمل الغش أو مستفيدين من الغش حسب مقتضيات المادة 317 من نفس القانون.
و لقد قضت المحكـمة العليا أنه طالما أن صاحب الشاحنة لم يضبط و هـو يحوز البضاعة محل الغش ، كما أنه لم يثبت من أوراق الدعوى أنه ساهم بأي شكل من الأشكال في ارتكاب المخالفة الجمركية ، أو أنه استفاد منها مباشرة فإن أحكام المادتين 303 و 310 لا تنطبق عليه ، غير أنه يبقى متضامنا مع المتهمين لدفع الغـرامات الجمركية طبقا لأحكام م 317 ق ج (121)،
أي على أساس أنه مالك للبضاعة محل الغش.
و بمفهوم المخالفة لما قضت به المحكمة العليا ، فإن المستفيد من الغش كي يكون متضامنا ؛ يجب أن تتوافر فيه أحكام المادة 310 من قانون الجمارك على أساس الاستفادة الفعلية المباشرة من الغش و هي المشاركة بصفة ما في جنحة تهريب و الاستفادة مباشرة من الغش.
كذلك يجب تـوافر أحكام المادة 312 من نفس القانون على أساس الاستفادة الحكمية بسبب الحيازة بمكان ما أو شراء بضائع مستوردة عن طريق التهريب أو بدون التصريح بها بكمية تفوق الحاجيات العائلية.
هذه الشروط التي سبق تبيانها بشئ من التفصيل في المبحث الثاني من الفصل الأول.




----------------------------------------------
(120)- ملف رقم 152787 قرار 22/12/1997، ملف رقم 156676 قرار 22/12/1997، ملف رقم 161986 قرار 27/12/1997.
- احسن بوسقيعة- التشريع الجمركي مدعم بالاجتهاد القضائي- المرجع السابق- ص 97.
(121)- ملف رقم 156703 قرار 22/12/1997- نفس المصدر اعلاه.
الخــاتمـــــــة

هذه مجمل الدراسة المتعلقة بنظام الاستفادة من الغش ، التي حاولنا من خلالها الإسهام في توضيح معالمه و خطوطه العريضة متبعين في ذلك ، التدرج المنهجي في الطرح بدءا بالقـواعد العامة للاشتراك ، ثم التطور الزمني لهذا المفهوم مـن خلال تأصيله وبيان أسباب ظهوره في القانون الفرنسي ، لننتهي بعد ذلك إلى نطاقه ضمن المسؤولية عن الجرائم الجمركية في التشيع الجمركي الجزائري.

و لقد راعينا في هذه الدراسة توضيح كل ما يهم الجانب القضائي من فهم بالدرجة الأولى لهذا النظام و مبرزين حدوده و أسس قيام المسؤولية عن الاستفادة من الغش و أسباب الإعفاء منها ، و ما يترتب عن قيام هذه المسؤولية من جزاء و تضامن لتنفيذ هذا الجزاء ، بدرجة ثانية عند تطبيق أحكام قانون الجمارك على المستفيدين من الغش.

و توخينا جانب الدقة في محاولة للإلمام بكل ما يحتمل أن يثور من إشكالات عند تطبيق أحكام الاستفادة من الغش فيما يخـص جانب تطبيق الجزاءات الجـمركية الجبائية منها و الجزائية المحضة ، محاولين في ذلك إجلاء الغموض حول حدود سلطة القضاء عند توفرها ، للحفاظ على الموازنة بين جانبي المعادلة التي تعمل السلطة القضائية على إرساء دعائمها و المتمثلة في حق المجتمع في ردع الخارجين عن القانون و جبر الضـرر الحاصل بالخزينة العامة من جهة ، و من جـهة أخرى الحفاظ على حرية الأشخاص و حماية أملاكهم و أموالهم من كل تعسف خارج عن حدود القانون.

و لقد اعتمدنا في كل هذا على المؤلفات الجزائرية لذوي الاختصاص و الدراية في هذا المجال ، و الذين كان لهم الدور البارز في توضيح المفاهيم الغامضة و ملاحظاتهم القيمة بخصوص الفراغات القانونية ، سواء منهم ذوي الاختصاص في الشؤون القانونية و بالموازاة من ذلك ؛ المختصين في المجال الجمركي كل هذا ليصب في مصب واحد هو خدمة العدالة.

و لقد ارتأينا تدعيم هذه الدراسة بالاجتهادات القضائية على أعلى مستوياتها لإضفاء الطابع التطبيقي و تغليبه على الجانب النظري ، و لقد تسنا لنا إبداء بعض الملاحظات حول الأمر 05/06 المتعلق بمكافحة التهريب ، بإبراز جوانب تأثيره على المواد التي من المفروض أن تعدل و التي تأثرت بإلغاء جنح التهريب و التوسيع من دائرته خاصة المادة 323 ، و بصـفة أخص المادة 310 المتعلقة بالاستفادة الفعلية من الغش و ضرورة تعديلها لتشمل كافة أعمال التهريب و منها الجنايات المستحدثة بمـوجب الأمر السالف الذكر و عدم قصرها على جنح التهريب لتحقيق الغاية المرجوة في إطار مكافحة التهريب، و نفس الشيء يقال بخصوص المادة 312 لتأثر مخالفات التهريب بمقتضيات الأمر 05/06 ، السالف الذكر.




قائــمة المراجــع

أولا القــوانين
- الأمر رقم 66/155 مؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق 08 يونيو سنة 1966 يتضمن قانون الإجراءات الجزائية معدل و متمم................... مختصر ق إ ج.
- الأمر رقم 66/156 مؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق 08 يونيو سنة 1966 يتضمن قانون العقوبات معدل و متمم ....................... مختصر ق ع.
- الأمر رقم 75/58 مؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق 26 سبتمبر سنة 1975 يتضمن القانون المدني معدل و متمم ............................. مختصر ق م.
- قانون رقم 79/07 مؤرخ في 26 شعبان عام 1399 الموافق 21 يوليو سنة 1979 يتضمن قانون الجمارك المعدل بالقـانون رقم 98/10 مؤرخ في 29 ربيع الثاني عام 1419 الموافق 22 غشت 1998 ...... مختصر ق ج.
- الأمر 05/06 مـؤرخ في 18 رجب عام 1426 الموافق 23 غشت سنة 2005 الجريدة الرسمية رقم 59.

ثـانيا المــؤلفات
- الدكتور احسن بوسقيعة - المنازعات الجمركية - الطبعة الثانية - 2001.
- الوجيز في القانون الجزائي العام - الديوان الوطني للأشغال التـربوية طبعة 2002.
- التشريع الجمركي مدعم بالاجتهاد القضائي- الديوان الوطني للأشغال التربوية- الطبعة الثانية- 2001.
- الدكتور عبد الله سليمان – شرح قانون العقوبات القسم العام- الجزء الأول الجريمة- دار الهدى عين مليلة- الجزائر.
- عمر بن سعيد – الاجـتهاد القضائي وفقا لأحكام القانون المدني - دار الهدى - عين مليلة - الجزائر.
- نبيل صقر و أحمد لعور- قانون العقوبات طبقا لأحدث التعديلات و مـزود بقرارات المحكمة العليا - دار الهلال للخدمات الإعلامية- سنة 2005.

ثـالثا الأطـروحات
- الدكتور عبد المجيد زعلاني- خصوصية قانون العقوبات الجمركي- أطروحة دكتوراه - جامعة الحقوق بن عكنون- الجزائر- سنة 1998.
رابـعا البحوث و الدراسات
- الدكتور احسن بوسقيعة - خصوصيات المنازعات الجمركية - دراسة منشورة- المجـلة القـضائية العدد الثاني سنة 2000 - قسم الوثائق للمحكمة العليا - 2001.
- المخالفات الضريبية ( الغش الضريبي )- دراسة منشورة- المجلة القضائية العدد الأول- سنة 1998.
- الدكتور عبد المجيد زعلاني- الاتجاهات الحديثة لتشريع جرائم الصرف- محاضرة ألقيت بالمحكمة العليا يوم الاثنين12 ماي 1997- المجلة القضائية – العـدد الأول – سـنة 1996 قسم الوثائق للمحكمة العليا- 1999.
- الأستاذ عمرو شوقي جبارة – الاقتناع الشخصي للقضاة على محك القانون الجمركي - ترجمة قسم الوثائق للمحكمة العليا - المجلة القضائية - عدد خاص – الجـزء الثاني سنة 2002.
- محاضرات ألقيت في المدرسة العليا للقضاء - طلبة الدفعة 14 – السـنة الأولى- سنة 2003/2004.
- يوسف ابرادشة- نظرية الاستفادة من الغش - مذكرة السنة الرابعة – المـدرسة الـوطنية للإدارة فرع إدارة الجـمارك - تأطير الأستاذ عمرو شوقي جبارة - سنة 2001.
- بلال مروش – المستفيد من الغش مميزاته و تأثيراته على القمع - مذكرة السنة الثالثة – المـدرسة الوطنية للإدارة- فرع إدارة الجمارك- تأطير الأستاذ سعادة إبراهيم- سنة 2003.

خـامسا المجـلات القـضائية
- نشرة القضاة – العـدد 50 - سنة 1997.
- العدد الثاني 2000- قسـم الوثائق 2001.
- عدد خاص- الجـزء الثاني - سنة 2002.
- العدد الثاني 2002 - قسم الوثائق 2004.
- العدد الأول 2003 - قسم الوثائق 2004.
- العدد الثاني 2003 - قسم الوثائق 2004.