من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة.
و الذي انتحر في تونس سن سنة لم تكن في شبابنا ابدا .
اما عن الانتحار فلا عذر فيه نحن مسلمون و لسنا نصارى و الاسلام علمنا الصبر .
اما قول الاخ اننا من تكلم عنهم النبي صلى الله عليه وسلم انهم اذا سرق فيهم الضعيف اقاموا عليه الحد فلا دليل عليه فالحديث في واد و نحن في واد اخر .
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث ما كان عليه أهل الجاهلية من حمية الجاهلية التي يحاولون بها الامتناع عن حدود الله لو استطاعوا ولكونهم لا يستطيعون ذلك فقد توسطوا بالشفاعة من حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن حبه في ترك القطع عنها
ثانياً : أن الناس كلما كانوا ألصق بالدنيا وأنانيتها وعظمتها المزعومة كان الشيطان ينفخ فيهم ويجعلهم يمتنعون عن إقامة حدود الله لو استطاعوا
ثالثاً : أنهم توسطوا بحب رسول الله وابن حبه أسامة بن زيد في ترك ما أمر الله به فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أسامة بن زيد رغم مودته له وأنكر عليه قائلاً ( أتشفع في حد من حدود الله )
رابعاً : أحس أسامة بن زيد بالخطأ والخجل وشعر بإساءته فطلب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستغفر له
خامساً : لم يكتف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتأنيب أسامة بن زيد فقد قام خطيباً وأطلقها صريحة إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد .
سادساً :ينبغي أن نتذكر حديث الزانيين اليهوديين اللذين رجمهما النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل اليهود عن الرجم هل هو في التوراة وأن الله أمرهم به فحاولوا جحده أولاً ولما انكشف الأمر قال له بعض علمائهم بأن الذي نزل في التوراة الرجم ولكنهم كانوا إذا زنا فيهم الضعيف رجموه وإذا زنا فيهم الشريف تركوه كالحال في السرقة فعند ذلك اتفقوا على التسويد والتجبيه بدلاً عن الرجم وبدلوا أمر الله عز وجل فغضب الله عليهم
سابعاً : عند ذلك أقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله أيم الله لو كانت فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها وفي هذا تأييس للذين يحاولون صرف المسئول عن إقامة حد الله عز وجل لكي يعلموا أنه لا نجاة للعباد إلا بإقامة أمر الله عز وجل (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ) [ المائدة : 65 ،66 ]
ثامناً : فاطمة بنت محمد حاشاها من السرقة ولكن هذا مثل ليعلم به القوم الذين أرادوا منع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قطع يد المخزومية ليعلموا بذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يثنيه عن تنفيذ أمر الله شيء .
تاسعاً : يؤخذ منه قطع يد السارق لقول الله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) [ المائدة : 38]
عاشراً : لكون السارق غالباً يسرق باليمين فإنها تقطع يمينه من مفصل الكف
الحادي عشر:أن هذا الحكم من الله عز وجل جزاءً لمن يستعمل يمينه في أخذ حقوق العباد أن تقطع يده اليمنى ويحرم منها ومن منفعتها .
الثاني عشر :لنتذكر قول الله عز وجل ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ ) [ الحجر : 49 ، 50 ] وقوله عز وجل ( حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) [ غافر : 1 - 3 ]
فكما أن رحمته واسعة فإن عذابه أليم ولا يظلم الله أحداً ولكن الناس أنفسهم يظلمون فمن أقيم عليه الحد بسبب سرقته فلا يظن أن الله ظلمه وليعلم أن الذي حصل له إنما هو بسبب جرمه وإسائته .
الثالث عشر :ينبغي أن نعلم حرمة حقوق الناس وأنها حرمة عظيمة فمن سرق مالاً تافهاً لغيره قطعت يده التي تساوي قيمتها نصف دية نفسه وجاء في الحديث (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ )
الرابع عشر: ذهب الإمام أحمد إلى أن من يستعير المتاع ويجحده تقطع يده للرواية التي وردت في هذا الحديث وخالفه في ذلك جماهير أهل العلم واعتبروها رواية شاذة وزعموا أن القطع ليس من أجل جحد العارية ولكن من أجل وجود السرقة كما وردت بذلك روايات
الخامس عشر : أن الشفاعة في الحدود بعد وصولها إلى السلطان لا تجوز لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة الذي سرق رداء صفوان بن أمية فاعترف فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يده فقال صفوان بن أمية دعه يا رسول الله ردائي صدقة عليه فقال رسول الله هلا كان ذلك قبل أن تأتيني به )
السادس عشر: يؤخذ منه جواز الشفاعة في الحدود وغيرها قبل أن تصل إلى السلطان فإن وصلت إليه حرم ذلك
السابع عشر :مفهوم هذا أي مفهوم الحديث أن الشفاعة في غير الحدود جائزة حتى لو بلغت إلى السلطان لكن في الحدود غير جائزة إلا قبل بلوغ السلطان وأيضاً في هذه الحالة إذا كان الذي حصلت منه الجريمة معروف بالشر وبأذية المسلمين فإن الشفاعة في مثل هذا لا تجوز بحال وبالله التوفيق .
تأسيس الأحكام .