السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فلسفة الرياضيات
- تعتمد الرياضيات في برهنتها على مجموعة من المبادئ أهمها البديهيات والمصادرات - المسّلمات-.فما الفرق بينهما ؟
- طريقة: المقارنة
المقدمة :
الرياضيات من بين العلوم المميزة موضوعا ومنهجا ذلك أنها تحتل مكانة عالية بين العلوم الأخرى فهي ذلك العلم الذي يدرس المفاهيم العقلية المجردة القابلة للقياس ويضم موضوعها الكم بنوعية المتصل ويدرس الهندسة والمنفصل ويدرس الجبر والحساب ومن مبادئ الرياضيات الأساسية البديهيات والمسلمات والتي تعرف بالمصادرات فما الفرق بين البديهية و المصادرة ؟
أوجه الاتفاق :
البديهيات والمصادرات أحد المبادئ المعتمدة في البرهنة الرياضية والهدف منهما هو الوصول إلى حقائق تركيبية جديدة والرياضيات المعاصرة التي يعود تأسيسها إلى ريمان ولوبا تشيفسكي لا تميز بين البديهية والمصادرة فكلاهما مشوكوك في صحته ويحتاج إلى برهان .
بين روبيربلانشي أن الرياضيات لم تعد تميز بين بديهية ومصادرة واعتبرهما في مستوى واحد من الحقيقة يقول بلانشى: "الرياضيات المعاصرة ترتكز على فكرة الاتساق المنطقي أكبر من اعتمادها على فكرة الحقيقة المطلقة " كما بين ديفيد هيلبرت أن الرياضيات لم تعد تؤمن ببديهيات ومصادرات فكل القضايا الرياضية مجرد فرضيات قابلة للإثبات والنفي " ، إذن الرياضيات المعاصرة تطابق كليا بين البديهية والمصادرة ولم يعد الكل أعظم من الجزء بالحقيقة المطلقة .
أوجه الاختلاف :
ميز إقليدس بين البديهية والمصادرة فالمصادرة في نظره قضية صادقة ضروريّا أي نسلم بصحتها إلى حين برهنتها بينما البديهيات قضايا صادقة صدقا مطلقا لا يمكن التشكيك فيها فهي تفرض نفسها على العقل دون برهان يثبت صحتها وهذا ما عبّر عنه كانط بقوله :" البديهيات تفرض نفسها علينا بالقوة بحيث لا يكون بإمكاننا أن نتصور للقضية نقيضا ". فالبديهيات قضايا واضحة بذاتها في حين المصادرات مبرهنة وعبّر ديكارت عن هذا قائلا : " إن البديهيات موجودات بسيطة تدركها بواسطة الحدس العقلي لأنها تمتاز بالوضوح المطلق كقولنا : "الكل أعظم من الجزء " أمّا المصادرات فهي قضايا صحيحة إلا أن العقل بإمكانه البرهنة عليها كمصادرة إقليدس القائلة بأن مجموع زوايا المثلث يساوي 180 ْ وبين عبد الرحمان بدوي الفرق بينهما بقوله : "بين البديهية والمصادرة عدّة فروق فالبديهيات بينة بينما المصادرات فليست كذلك " يضاف إلى هذا أنه يمكن إنكار المسلمات أو الاستغناء عنها دون الوقوع في التناقص لكن إنكار البديهية يوقعنا حتما في التناقص .
أوجه التداخل :
رغم الاختلاف الوارد بين المسلمة والبديهية إلا إن التكامل بينهما قائم ، فنحن نستخدم البديهيات في البرهنة على صحة المصادرات كما أن المسلمات إذا تكرّرت وشاع استخدامها تحوّلت إلى بديهيات .
الخاتمة :
الفرق بين البديهية والمسلمة هو أن الأولى صادقة صدقا مطلقا تفرض نفسها على العقل في حين الثانية صادقة صدقا ضروريا بقبلها العقل ببرهان يثبت صحتها .