لا أحد ينكر أن الأصل في المرأة الوفاء وإن كان المتنبي قد أخطأ في الوصف لكني أنكر على من يصفونه بعدو المرأة ولنتأمل باقي الأبيات:
لقد حازني وجد بمن حازه بعد ** فيا ليتني بعد ويا ليته وجد
أسرّ بتجديد الهوى ذكر ما مضى ** وإن كان لا يبقى له الحجر الصلد
سهاد أتانا منك في العين عندنا ** رقاد وقلّام رعى سربكم ورد
ممثّلة حتّى كأن لم تفارقي ** وحتّى كأنّ اليأس من وصلك الوعد
وحتّى تكادي تمسحين مدامعي ** ويعبق في ثوبيّ من ريحك الندّ
إذا غدرت حسناء وفّت بعهدها ** فمن عهدها أن لا يدوم لها عهد
وإن عشقت كانت أشدّ صبابة ** وإن فركت فاذهب فما فركها قصد
وإن حقدت لم يبق في قلبها رضى ** وإن رضيت لم يبق في قلبها حقد
كذلك أخلاق النساء وربّما ** يضلّ بها الهادي ويخفى بها الرشد
ففي البيت الأول يقول:
قد ملكني الوجد والحزن، بمن استولى عليه البعد، فيا ليتني البعد؛ لأكون معه، ويا ليته الوجد ليكون معي أبداً
وفي البيت الثاني يقول:
أنا أسر إذا جدد لي الشوق ذكر الشدائد التي سرت على في الهوى، وإن كان مما لا يطيق الحجر الصلد احتماله.
فالمتنبي يسر عندما يجدد الهوى ذكر أيام الوصال ، وان كانت تلك الذكرى تقطع قلبه حزنا وأسى، بل يذوب لها الحجر الصلد أسفا وحنينا. فهل ألذي يقول هذا عدو للمرأة،
وفي البيت الثالث يقول:
إني أستلذ الألم فيما ينالني من أجلك! وأستحسن القبيح في حبك، فالسهر في عيني ألذ من النوم، والقلام إذا رعت إبلكم أطيب عندي من الورد!
القلام: نبت خبيث الرائحة. والسرب: الإبل.
وفي البيت الثالث يقول :
أنت مصورة في قلبي، حتى كأنك لم تفارقيني، وإن بعدت عني حتى كأن يأسي منك وعدٌ بلقائك
وشعر المتنبي فيه الكثير من الأمثلة التي لا يتسع المجال لذكرها فلا تعتبوا عليه كثيرا
تقبل الله صيامكم وقيامكم