منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - لماذا ذكر العرض دون الطول في القرآن الكريم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-01-18, 22:46   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ايمن جابر أحمد
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










Bounce لماذا ذكر العرض دون الطول في القرآن الكريم


سم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمدا خاتم النبيين و على آله و صحبه أجمعين ، و أما بعد
:



يقول الله تعالى : (( سارعوا إلى مغفرة من ربكم و جنة عرضها السماوات و الأرض أعدت للمتقين)) [ آل عمران 133 ].

بين الله تعالى أنه كما تجب المسارعة إلى المغفرة فكذلك تجب المسارعة إلى الجنة ، و إنما فصل بين بينهما لأن الغفران معناه إزالة العقاب ، و الجنة معناها إيصال الثواب ، فجمع بينهما للإشعار بأنه لا بد للمكلف من تحصيل أمرين ، فأما وصف الجنة بأنها عرض السماوات و الأرض ، فمعلوم أن ذلك ليس بحقيقة لأن نفس السماوات لا تكون عرضا للجنة ، فالمراد كعرض السماوات و الأرضsize] "] قال أبو حيان الأندلسي (عرضها السماوات و الأرض) يدل على ذلك قوله تعالى (عرضها كعرض السماء و الأرض) ) .

و إختلف العلماء في تأويله فقال ابن عباس : (تقرن السماوات و الأرض بعضها إلى بعض كما تقرن الثياب بعضها إلى بعض ، فذلك عرض الجنة)
و هذا هو القول المنصور المشهور عن جمهور العلماء ، و ذلك لا ينكر فإن حديث أبا ذر عن النبي - صلى الله عليه و سلم- ما السماوات و الأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، و إن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة) .
وفي الصحيح : ( إن أدنى أهل الجنة منزلة من يتمنى و يتمنى حتى إذا إنقطعت به الأماني قال الله تعالى لك ذلك و عشرة أمثاله ) ، و روي أن
هرقل عظيم الروم كتب إلى النبي - صلى الله عليه و سلم- : ( إنك دعوتني إلى جنةعرضها السماوات و الأرض فأين النار ؟!! فقال النبي -صلى الله عليه و سلم-:
(سبحان الله ، فأين اليل إذا جاء النهار؟
) ).


و أما وجه الإعجاز في هذه الآية فهو أن الله تعالى نبه بالعرض على الطول لأن الغالب أن الطول يكون أكثر من العرض ، و الطول إذا ذكر لا يدل على قدر العرض و هذه من المسلمات عند علماء الهندسة.

قال الفخر الرازي : ( إنه لما كان العرض ذلك فالظاهر أن الطول يكون أعظم و نظيره قوله تعالى بطائنها من إستبرق) ، و إنما ذكر البطائن لأن من المعلوم أنها تكون أقل حالا من الظهارة ، فإذا كانت البطائن هكذا فكيف الظهارة، فكذا ها هنا إذا كان العرض هكذا فكيف الطول؟ ). و قيل :" ليس المراد بالعرض ها هنا ما هو خلاف الطول ، بل هو عبارة عن السعة، كما تقول بلاد العرب بلاد عريضة ، و يقال هذه دعوى عريضةأي واسعة عريضة ، و الأصل فيه أن ما إتسع عرضه لم يدق و ما ضاق عرضه دق ، فجعل العرض كناية عن السعة " . و قال الزمخشري : ( المراد وصفها بالسعة و البسطة ، فشبهت بأوسع ما علمه الناس من خلقه و أبسطه) . و قال قوم : الكلام جار على مقطع العرب من الإستعارة ، فلما كانت الجنة من الإتساع و الإنفساح في غاية قصوى حسنت العبارة بعرض السماوات و الأرض ، كما تقول للرجل : هذا بحر و لحيوان كبير
: هذا جبل، و لم تقصد الآية تحديد العرض و لكن أراد بذلك أنها أوسع شيء رأيتموه
.


و عامة العلماء على أن الجنة مخلوقة موجودة لقوله تعالى أعدت للمتقين)
وهو نص حديث الإسراء و غيره في الصحيحين و غيرهما ، و قيل : إن الجنة يزاد
فيها يوم القيامة ، قال ابن عطية يزاد فيها إشارة إلى موجود لكنه يحتاج
إلى سند يقطع العذر في الزيادة
).

قال القرطبي صدق ابن عطية -رضي الله عنه- فيما قال ، و إذا كانت السموات السبع و الأرضون السبع بالنسبة إلى الكرسي كدراهم ألقيت في فلاة من الأرض و الكرسي بالنسبة إلى العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، فالجنة الآن على ما هي عليه في الآخرة عرضها كعرض السماوات و الأرض إذ العرش سقفها ، حسب ما ورد في صحيح مسلم ، و معلوم أن السقف يحتوي على ما تحته و يزيد. و إذا كانت المخلوقات كلها بالنسبة إليه كالحلقة فمن ذا الذي يقدره و يعلم طوله و عرضه إلا الله خالقة لا نهاية لقدرته ، و لا غاية لسعة مملكته سبحانه و تعالى).

و قيل : بل عرضها لأنها فيه تحت العرش ، و الشيء المقبب و المستدير عرضه كطوله ، وقد دل على ذلك الحديث المشار إليه آنفا: ( إذا سألتم الله الجنة فسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة و أوسط الجنة و منه تفجر أنهار الجنة و سقفهاعرش الرحمن) .

وقد إستهل بهذا الحديث الإمام الفخر الرازي بأن الجنة فوق السماوات و تحت العرش ، و حديث رسول هرقل الذي سأل النبي _ صلى الله عليه و سلم _ قال : إنك تدعوني إلى جنة عرضها السماوات و الأرض أعدت للمتقين فأين النار؟.