منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - خطوة بخطوة نتعرف على التاريخ من بداية التتار إلى عين جالوت بقلم د.راغب السرجاني
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-01-13, 19:20   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
nassima 14
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية nassima 14
 

 

 
إحصائية العضو










Icon24 استمرار القصة و ذريعة جنكيز خان لدخول أرض المسلمين

لقد ذهبت مجموعة من تجار المغول إلى مدينة "أوترار" الإسلامية في مملكة خوارزم شاه.. ولما رآهم حاكم المدينة المسلم أمسك بهم و قتلهم....!
أما عن سبب قتلهم فقد اختلف المؤرخون في تفسير هذه الحادثة:
فمنهم من يقول: إن هؤلاء ما كانوا إلا جواسيس أرسلهم جنكيز خان للتجسس على الدولة الإسلامية أو لاستفزازها ولذلك قتلهم حاكم مدينة أوترار...
ومنهم من يقول: إن هذا كان عمدا كنوع من الرد على عمليات للسلب و النهب قام بها التتار في بلاد ما وراء النهر و هي بلاد خوارزمية مسلمة
ومنهم من يقول: إن هذا كان فعلا متعمدا بقصد استثارة التتار للحرب ليدخل خوارزم شاه بعد ذلك لمنطقة تركمنستان و التي هي ملك التتار آنذاك و إن كان هذا الرأي مستبعدا لأن "محمد بن خوارزم شاه" لم يكن له أطماع في أرض التتار آنذاك و كل ما كان يريده هو العهد على بقاء كل فريق في مملكته دون تعد على الآخر و ليس من المعقول أن يستثير التتار وهو يعلم أعدادهم و جيوشهم وليس من المعقول أيضا أنه لم يدري عن قوتهم شيئا وهو ملاصقون له تماما وقد ذاع صيت زعيمهم "جنكيز خان" في كل مكان..
ومن المؤرخين أيضا من يقول: إنما أرسل جنكيز خان بعضا من رجاله إلى أرض المسلمين ليقتلوا تجار التتار هناك حتى يكون ذلك سببا في غزو البلاد المسلمة و إن كان هذا الرأي لا يقوم عليه دليل..
و منهم من قال: إن خوارزم شاه طمع في أموال التجار فقتلهم لأجلها..
كل هذه احتمالات واردة لكن المهم في النهاية أن التجار أو جواسيس قد قتلوا ووصل النبأ إلى جنكيز خان فأرسل رسالة إلى "محمد بن خوارزم شاه" يطلب منه تسليم القتلة إليه حتى يحاكمهم بنفسه و لكن "محمد بن خوارزم شاه" اعتبر ذلك تعديا على سيادة البلاد المسلمة فهو لا يسلم مجرما مسلما ليحاكم في بلدة أخرى بشريعة أخرى غير أنه قال: إنه سيحاكمهم في بلاده فإن ثبت بعد التحقيق أنهم مخطئون عاقبهم في بلاده بالقانون السائد فيها وهو الشريعة الإسلامية....
وهذا الكلام و إن كان منطقيا و مقبولا في كل بقاع الأرض إلا أنه بالطبع لم يكن مقنعا لجنكيز خان
أو قل: إن جنكيز خان لم يكن يرغب في الاقتناع فليس المجال مجال حجة أو برهان أو دليل... حقيقة الأمر أن جنكيز خان قد أعد لغزو بلاد المسلمين خططا مسبقة ولن يعطلها شيء و إنما كان يبحث عن علة مناسبة وقد وجد في هذا الأمر العلة التي كان يريدها..
و بدأ الإعصار التتري على بلاد المسلمين ..!

بدأت الهجمة الأولى على دولة خوارزم شاه

وجاء جنكيز خان بجيشه الكبير لغزو خوارزم شاه و خرج له "محمد بن خوارزم شاه" بجيشه أيضا..
والتقى الفريقان في موقعة شنيعة استمرت أربعة أيام متصلة و ذلك شرق نهر سيحون (وهو يعرف الآن بنهر "سرداريا" ويقع في
دولة كازاخستان المسلمة) وقتل من الفريقين خلق كثير و لقد استشهد من المسلمين في هذه الموقعة عشرون ألف و مات من التتار أضعاف ذلك ثم تحاجز الفريقان و انسحب "محمد بن خوارزم شاه" بجيشه لأنه وجد أن أعداد التتار هائلة وذهب ليحصن مدنه الكبرى في مملكته الواسعة (وخاصة العاصمة أوجندة) كان هذا اللقاء الدامي في عام 616 هجرية.
انشغل محمد بن خوارزم شاه في تحضير الجيوش من أطراف دولته ولكن لا ننسى أنه كان منفصلا – بل معاديا- للخلافة العباسية في العراق و لغيرها من الممالك الإسلامية فلم يكن على وفاق مع الأتراك السلاجقة ولا مع الغوريين في الهند.. وهكذا كانت مملكة خوارزم شاه منعزلة عن بقية العالم الإسلامي ووقفت وحيدة في مواجهة الغزو التتري المهول..
وهذا المملكة و إن كانت قوية و تمكنت من الثبات في أول اللقاءات فإنها ولاشك لن تصمد بمفردها أمام الضربات المتوالية..
وفي رأيي أنه مع قوة التتار و بأسهم و أعدادهم إلا أن سبب المأساة الإسلامية بعد ذلك لن يكون في الأساس بسبب هذه القوة و إنما سيكون بسبب التشتت و التشرذم بين ممالك المسلمين.. وصدق الله العظيم إذ يقول: "ولا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين"
فجعل الله عز وجل الفشل قرينا للتنازع و المسلمون كانوا في تنازع مستمر وخلاف دائم وعندما كانت تحدث بعض فترات الهدنة في الحروب مع التتار- كما سنرى- كان المسلمون يغيرون على بعضهم و يأسرون بعضهم و يقتلون بعضهم!!! وقد عُلم يقينا أن من كانت صفتهم فلا يكتب لهم النصر أبدا..
روى الإمام مسلم رحمه الله عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
"...و إني سألت ربي أن لا يهلكها بسَنة عامة، و أن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم و إن ربي قال: يا محمد، إني قضيت قضاءً فإنه لا يرد، و إني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها –أو قال من بين أقطارها- حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا."
فالمسلمون كانوا في تلك الآونة يهلكون بعضهم بعضا و يسبي بعضهم بعضا فلا عجب إن غلب عليهم جيش التتار أو غير التتار..
و بالإضافة إلى داء الفرقة فإن هناك خطأ واضحا في إعداد "محمد بن خوارزم" وهو أنه مع اهتمامه بتحصين العاصمة " أورجندة" إلا أنه ترك كل المساحات الشرقية من دولته دون حماية كافية ولكن لماذا يقع قائد محنك خبير بالحروب في مثل هذا الخطأ الساذج؟؟؟؟
الواقع أن الخطأ لم يكن تكتيكيا في المقام الأول ولكنه كان خطأ قلبيا أخلاقيا في الأساس.. لقد اهتم "محمد بن خوارزم" بتأمين نفسه و أسرته و مقربيه و تهاون جدا في تأمين شعبه و حافظ جدا على كنوزه و كنوز آبائه و لكنه أهمل الحفاظ على مقدرات و أملاك شعبه .. و عادة ما تسقط أيضا الشعوب التي تقبل بهذه الأوضاع المقلوبة دون إصلاح ولننظر ماذا تحمل الأيام لمحمد بن خوارزم وشعبه...!!!
ماذا فعل جنكيز خان بعد هذه المعركة الأولى؟
تعالوا نتتبع خطواته في البلاد المسلمة!!

اجتياح بخارى
لقد جهز جنكيز خان جيشه من جديد و أسرع إلى اختراق كل إقليم كازاخستان الكبير ووصل في تقدمه إلى مدينة بخارى المسلمة( في دولة أوزبكستان الآن) وهي بلدة الإمام الجليل و المحدث العظيم " البخاري" رحمه الله وحاصر جنكيز خان البلدة المسلمة في سنة 616 هجرية ثم طلب من أهلها التسليم على التسليم على أن يعطيهم الأمان وكان " محمد بن خوارزم شاه" بعيدا عن بخارى في ذلك الوقت.. فاحتار أهل بخارى: ماذا يفعلون؟؟.. ثم ظهر رأيان:
الأول فقال أصحابه: نقاتل التتار و ندافع عن مدينتنا
و كان الرأي الثاني: نأخذ بالأمان و نفتح الأبواب للتتار لتجنب القتل و ما أدرك هؤلاء أن التتار لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة..
وهكذا انقسم أهل البلد إلى فريقين: فريق من المجاهدين قرر القتال و هؤلاء اعتصموا بالقلعة الكبيرة في المدينة و انضم إليهم فقهاء المدينة وعلماؤها و فريق آخر من المستسلمين وهو الأعظم و الأكبر وهؤلاء قرروا فتح أبواب المدينة و الاعتماد على أمان التتار..!!
و فتحت المدينة المسلمة أبوابها للتتار.. ودخل جنكيز خان إلى المدينة و أعطى أهلها الأمان فعلا.
في أول دخوله خديعة لهم ز ذلك حتى يتمكن من السيطرة على المجاهدين بالقلعة.
و فعلا بدأ جنكيز خان بحصار القلعة بل أمر أهل المدينة من المسلمين أن يساعدوه في ردم الخنادق حول القلعة ليسهل اقتحامها فأطاعوه و فعلوا ذلك!
وحاصر القلعة عشرة أيام... ثم فتح قسرا و لما دخل إليها قاتل من فيها حتى قتلهم جميعا...! ولم يبق بمدينة بخارى مجاهدون..
وهنا بدأ جنكيز خان في خيانة عهده فسأل أهل المدينة عن كنوزها و أموالها و ذهبها و فضتها ثم اصطفى كل ذلك لنفسه ثم أحل المدينة المسلمة لجنده ففعلوا بها ما لا يتخيله عقل..!! وأترك ابن كثير –رحمه الله – يصور لكم هذا الموقف كما جاء في (بداية و النهاية) فيقول:
" فقتلوا من أهلها خلقا لا يعلمهم إلا الله عز وجل و أسروا الذرية و النساء وفعلوا مع النساء الفواحش في حضرة أهلهن...! (ارتكبوا الزنا مع البنت في حضرة أبيها و مع الزوجة في حضرة زوجها) فمن المسلمين من قاتل دون حريمه حتى قتل و منهم من أسر فعذب بأنواع العذاب و كثر البكاء و الضجيج في البلد من النساء و الأطفال و الرجال ثم أشعلت التتار النار في دور بخارى و مدارسها و مساجدها فاحترقت المدينة حتى صارت خاوية على عروشها..."!









رد مع اقتباس