الفعل الماضي قد يأتي في التركيب ليدل على المستقبل، ليفيد فائدة قد لا يصل إليها الفعل المضارع، حين نريد التأكيد على وقوع الفعل في المستقبل أو نقصد غرضا معينا، فيحل الماضي بدلا عنه لفظا وينزل منزلته؛ ليفيد التحقق، ويتجلى ذلك كثيرا في الجملة الشرطية كقولك إن مت على الإسلام دخلت الجنة) والأصل إن تمت على الإسلام تدخل الجنة؛ فغير لفظ المضارع إلى الماضي تنزيلا له منزلة المحقق، ويصرف الماضي إلى الاستقبال بعد أدوات الشرط وفي الوعد والإنشاء ويصرف إلى المستقبل بقرينة الدعاء كقولك: (غفر الله لك وأدخلك الجنة وأعاذك من النار) وبقرينة الطلب كقولك عزمت عليك إلا فعلت) ويتصرف إليه بالوعد عند بعض العلماء مستشهدا بقوله تعالى:{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] وقوله تعالى: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الزمر: 69] و قوله تعالى:{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1] وهناك الكثير من الأغراض التي يناسبها الفعل الماضي عوضا عن المضارع وهذا ما يوافق تصرف العرب في إقامتها الماضي مقام المستقبل.
وقد أورد ابن القيم تفصيل ذلك في كتابه (بدائع الفوائد) تحت عنوان (فائدة الروابط بين جملتين) في الصفحة ( 47) من الجزء الأول
و تحت عنوان (فائدة أفعال الماضي والمضارع والأمر) في الصفحة (994) من الجزء الرابع.
عنوان الكتاب: بدائع الفوائد
المؤلف : محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى : 751هـ)
الناشر : مكتبة نزار مصطفى الباز - مكة المكرمة
الطبعة الأولى ، 1416 - 1996
تحقيق : هشام عبد العزيز عطا - عادل عبد الحميد العدوي - أشرف أحمد الج
والكتاب يقع في أربعة أجزاء
ويمكن تتبع الموضوع والوصول إليه من خلال العنوانين المذكورين في حالة ما إذا اختلفت الطبعات.